منزل مصممة الديكور سارة لافوان مغامرة زخرفية أبطالها خشب ونجومها حجارة!

منزل,مصممة الديكور سارة لافوان,أنماط زخرفية,المنزل,الديكور,غرف المنزل,الصالونات,غ,خشب,حجارة,غرفة ا,قاعة /صالة / غرفة إستقبال,قاعة /صالة / غرفة جلوس,قاعة /صالة / غرفة نوم,قاعة /صالة / غرفة طعام,قاعة

نجاة شحادة (باريس) 17 يناير 2015

كان من الضروري اتخاذ قرارات بهدم جدران، وإعادة رسم مناظر، من أجل توليد فضاءات جديدة أو إعادة استثمار فضاءات موجودة، في ورشة امتدت سنتين ونصف سنة من أجل تجسيد فكرة الطبيعة والنقاء.
وفي إطار هذه الفكرة الرائدة، كان لا بد من الاستعانة بمواد طبيعية خالصة كالأحجار وخشب السنديان والجوز، ومواد مشغولة أو بشكلها البدائي الخام. من دون أن ننسى الفولاذ  أيضاً.


وقد جاءت النتائج باهرة، بيد أن الواقع لا يمكن اختصاره بعبارة. فهذا المكان الذي لا يشبه إلا نفسه، يشكل لفتة فريدة في مجال الإبداع الزخرفي، من حيث مفرداته الجمالية وخصائصه الوظيفية.
وهو يؤكد أهمية الموهبة في اختيار المواد والأشكال والألوان، ويثمن المهارة في استعمالها والعدالة في توزيعها الى حد يصعب معه الجزم بأنها لم تكن منذ بداية وجودها على هذا الشكل.

تحدٍ جديد مكن مكتب المهندسة سارة لافوان من تبني هذه العملية المليئة بالمغامرات الزخرفية، الى جانب شخصية متطلبة لا تقبل بغير التفرد.   
ففي وسط باريس، وتحديداً في حيّ الأنفاليد الراقي، يشغل هذا المنزل الجميل (أو الفندق الخاص كما يسمونه هنا) مساحة 700 متر مربع.

وأكثر ما يلفت النظر في هذا المكان هو تطويعه لكل النظريات الزخرفية، التقليدية منها والطليعية. فهنا التناقض يتجاور مع التناغم. إنه زواج مدهش للمواد الطبيعية، فالخشب يظهر في منتهى الألفة مع الأحجار، ثم يشكلان صداقة عضوية مع المعدن، من دون أن ينسينا الزجاج بحضوره القوي في كل الأركان

ونرى الأبواب بأخشابها الخام أو المعالجة يؤطرها الفولاذ، ليضفي عليها طابعاً مميزاً يحيلنا الى حقب سابقة ولكن بوجه حداثي ملحوظ. ولا بد من ملاحظة تراجع الألوان الصاخبة لصالح ألوان المواد الطبيعية، مما يمنح المكان طابعاً حيادياً ولكنه مضياف بمساحاته الرحبة والمتعددة الاستخدامات من أجل توفير رفاهية مؤكدة.

ورغم النجاح الكامل في أسر الإضاءة الطبيعية عبر واجهات الزجاج الكبيرة، فإن توزيع عناصر الإضاءة جاء ليضيف الى فضاءات المكان غموضاً أليفاً تندر حيازته من دون تصور مسبق بالغ الحساسية والدقة الى جانب التجربة.

ولعل المغامرة الزخرفية تبلغ ذروتها في محاكاة الأسقف للأرضيات من خلال خيارات بالغة الجرأة والجسارة، فكأن ثمة حواراً دائماً يدور تحت أعيننا، بين عوارض خشبية، تلك التي تغطي الأسقف وتلك التي تغطي الأرضيات.
وإذا كان القرميد يتدخل في بعض المساحات لتلطيف الحوار، فإنه يبدو زائراً محبباً يضيف من الخارج الى المشهد الداخلي لمسة غرائبية لا تخلو من جاذبية وأناقة.


طبيعة ومعاصَرة

ومن دون أي مبالغة أو تكلّف، أثبتت سارة لافوان أن حضور الطبيعة بكل عناصرها لا يتناقض مع المعاصَرة. فهنا نستطيع أن نلمس الوجه المعاصر لعناصر طبيعية، كانت دائماً ومنذ القديم، تشكل عناصر أساسية في الهندسة الخارجية كما في الهندسة الداخلية.
لقد أنتج التصور الذي وضع ضمن هذه المعايير، جواً بالغ الرفاهية والراحة، تخيم عليه حرارةذكورية، كما أراد صاحب المكان.

ومنذ الخطوة الأولى، سنجد أن المدخل يعكس بأمانة ما ينتظرنا في الداخل. ولقد لعبت رحابة المكان دوراً أساسياً في منح هذا المنزل جواً مضيافاً، ففي الصالون، مثلاً، سنجد أن اختيار قطع الأثاث الكبيرة والوثيرة، لم يؤثر في المساحات المتبقة للتنقل والعبور، بل على العكس، فما تبقى من مساحة لا يؤمن فقط إمكان الحركة الإنسيابية الحرة والمريحة، بل يعكس في مكان ما روح الكرم والضيافة.
كما أن الكثير من الأكسسوارات التي يزخر بها المكان لا تبدو دخيلة أو مفتعلة، بل بدت منذ الوهلة الأولى، وكأنها وجدت مكانها المناسب الأصيل.

ومثل هذا الأمر ينسحب على بقية غرف المنزل وأركانه، من غرف النوم الى الحمامات، الى غرف الطعام. أماكن وأركان تنبض بالمفاجأة، ولكنها مفاجأة رزينة، تحمل مفارقاتها في تفاصيل لا تتوانى عن بث الدهشة، بجرعات هي نفسها مكمن الأعجاب، حيث الدقة في الخيارات دوت تكلف، تبرز الميول لأناقة تبدو حيادية بقدر ما هي ملتزمة.
فالألوان الرمادية التي تسيطر على مساحات ليست صغيرة، تتيح مجالاً رحباً لإظهار ألوان المواد الطبيعية (من أحجار وأخشاب) فالألوان هنا تتشارك بأدوار متوازنة، من دون أن نهمل تدخلات الأكسسوارات التي جاءت متلائمة مع مشهد لا تشوبه مبالغات.

ولعل الميزة الأبرز لهذا الداخل المميز، هو الجو الهادئ الذي يخيم على كل فضاءاته الرحبة، والذي يعكس فخامة ورفاهية موجهة، ومن جهة ثانية يشكل مدخلاً لفهم شخصية المكان بكل طبائعه ومتطلباته.

ومن أجل تأمين كل المتطلبات العملانية لمنزل بالغ الفخامة، جاءت صالة السينما والمسبح وحمام السونا وصالة الألعاب الرائعة، لتكمل المشهد وتثبت أصالته، وتمنحه قيماً جمالية ووظيفية يندر وجودها في مكان واحد في وسط مدينة مثل باريس.

و سيكون من المهم أيضاً التوقف عند التراسات البديعة التي تمنح المشهد الزخرفي روحاً نباتية تجعل منه  واحة للراحة والاستجمام في وسط المدينة الصاخبة. ففي رحاب  هذه التراسات، يمكننا أن نتحقق من صداقة الطبيعة وتواصلها مع كل معاني الرفاهية والحداثة.