مجموعة ما قبل خريف 2015 Christian Dior

Christian Dior,Dior,ديور,اليابان,عرض الأزياء,النمسا,كريستيان ديور

ليلى حمداوي - طوكيو 07 فبراير 2015

عندما نفكر في دار ديور، نتصور أسلوباً فرنسياً بامتياز. فالدمج بين القصة المتكلفة، والتصميم، والأناقة والأقمشة يعني تربع مجموعات الدار بفخامة على عرش باريسي. لا شك في أن أسلوب ديور انتشر في كل أرجاء المعمورة ولفتت مجموعات الدار من دون ريب انتباه أصقاع العالم كله. فلمَ لا يكون عرض الأزياء هذه المرة في اليابان؟

بات مفهوم تنقل عرض الأزياء في جولة عالمية أمراً شائعاً في الآونة الأخيرة. ولعل دار شانيل هي المثل الأبرز على ذلك، بحيث أطلقت مجموعتيها من دبي ومن سالزبورغ، النمسا.
إلا أن الرابط بين ديور واليابان ليس جديداً. فعشق كريستيان ديور لليابان بدأ في طفولته، إذ أشار في سيرته الذاتية إلى الشاشات اليابانية في منزله في غرانفيل، وقارنها بحزن مع كنيسة سيستينا. وفي خمسينيات القرن الماضي، ظهرت أقمشة الكيمونو الفاخرة، الآتية من محترف تاتسومارا الشهير في كيوتو، في العديد من تصاميم ديور، وتولت الدار تصميم ثلاثة فساتين لحفل زفاف الامبراطورة ميتشيكو. كما أن المدير الإبداعي الحالي في دار ديور، راف سيمونز، يملك علاقة قوية مع اليابان إذ كان اليابانيون أول من اختار تصاميمه الخاصة بالرجال قبل عشرين عاماً. وابتكر غاليانو أيضاًَ مجموعة ديور للأزياء الراقية لربيع 2007 التي ركزت على الملابس اليابانية التقليدية.
وعند السؤال لماذا طوكيو، أجاب سيدني توليدانو، المدير العام التنفيذي لدار ديور: «نعتقد أن اليابان هي بلد أساسي للفخامة والأزياء. لقد جددنا للتو متجرنا في أوموتيساندو، ونملك العديد من المتاجر الأخرى هنا».
أقيم العرض في حلبة مصارعة السومو الوطنية في كوكوجيكان التي تتسع لنحو 10 آلاف شخص، وقد امتلأت عُشر المساحة تقريباً بعشاق الموضة مثل هايلي ستاينفيلد وأودري توتو، إضافة إلى بعض المشاهير اليابانيين، الذين أدركوا جميعاً أنهم يشهدون حدثاً عظيماً في تاريخ الأزياء. تساقط الثلج الاصطناعي الرقيق من مصبّع حديدي معلّق حاكى الهندسة المعمارية في طوكيو، مما أضاف إحساساً شتوياً إلى المكان ووفر ستارة خلفية بسيطة جعلت المجموعة تتحدث عن نفسها.
برز العنصر الياباني بشكل لافت في المجموعة. وقد يخيل للبعض أن راف سيمونز اختار العناصر التقليدية في أسلوب الكيمونو، والأحزمة القماشية العريضة الخاصة بالفنون القتالية، والأكمام الواسعة والفساتين الملتفة. إلا أنه غاص بدل ذلك في العالم المميز للأزياء اليابانية العصرية، والذي تعتبر طوكيو محوره الأساسي. بالفعل، يمكننا ملاحظة تأثيرات مصممين يابانيين بارزين مثل إيسيه مياكي، وراي كاواكوبو، ويوجي ياماموتو، إضافة إلى أسلوب الشوارع المميز المتدفق في هذه المدينة الدينامية والصاخبة. يتحدث سيمونز عن التركيبة الهندسية للتصاميم، والتي كشفت بشكل لافت عن لمسة أنثوية في المجموعة كاملة. تابع سيمونز القول: «نحن لسنا داخل بوتيك أو في حفلة كوكتيل. وإنما نتواجد في العالم كله». وعند تأمل التصاميم المعدّة بدقة رائعة، نتذكر أن سيمونز كان مهندساً معمارياً قبل أن يخوض عالم الموضة، وجاء الدمج بين المهارتين خاطفاً للأنفاس.
المجموعة نفسها تعدّت الفساتين الأنيقة وفساتين السجادة الحمراء التي أصبحت مرادفة لماركة ديور. فقد انطوت على عدد من التصاميم الفاتنة والمذهلة ذات الجاذبية القوية وقابلية الاستعمال. بالفعل، ترافقت السراويل العريضة الساقين باللون الأبيض الساطع مع سترات محبوكة وطريقة منظمة في تعدد الطبقات يمكن القول عنها إنها يابانية بامتياز وفاتنة على نحو لا يوصف. كما أن تناقض الأقمشة والأساليب والألوان هو ميزة يابانية رائعة. فمجموعة الألوان كانت فخمة ولافتة مع الظلال الصفراء الغنية، إضافة إلى الخوخي، والقرمزي، وأخضر الأدغال، فيما ترافقت ظلال العنبر المتوهجة مع الظلال القرمزية الساطعة والظلال البنية الغنية. وصلت الفساتين الضيقة إلى منتصف ربلة الساق، لكننا لاحظنا أيضاً حواشي أكثر عفوية وحيوية في سلسلة من الفساتين القصيرة المطبعة بالمربعات مع جزمات مسطحة مستوحاة بلا شك من ثقافة الشباب الياباني والأزياء المتمردة التي يحتفلون بها. أما الجزمات ذات الأرضيات الضخمة فجعلت الطلات مهيبة وأضافت طابعاً مرحاً على الأجواء. من جهتها، أضافت المعاطف المشمعة الواقية من الأمطار عنصراً عملياً من دون التخلي أبداً عن الجاذبية. الكنزات ذات الياقات المبرومة والمزينة بالبرق اللماع التصقت بالأجسام وشكّلت الركيزة الأساسية للعديد من الطلات، وأضفت جاذبية جميلة ولمسة فخمة على التصاميم الجذابة العملية. فساتين على شكل كنزات محبوكة متعددة الألوان، صدارات من الفرو الزائف، ضفائر محيطة بفروة الرأس وأصابع مزينة بأكسسوارات ضخمة كمّلت الطلة المليئة بالعصرية. أما التصميم الأبرز في المجموعة فكان سترة بار (Bar jacket) التي استمرت في الظهور ويفترض أن تكون تصميماً رئيسياً في الموسم المقبل.
يفترض بأي شخص تسوّق في حي شيبويا في طوكيو أن يتعرف فوراً إلى المشية الواثقة للعارضات وهنّ يختلن على المنصة. حتى حركات العارضات حاكت البيئة المدينية السريعة الوتيرة.
بالإضافة إلى العرض نفسه، أقامت دار ديور معرضاً للاحتفال بكتاب الصور المشتمل على أعمال مصور الأزياء باتريك دومارشولييه. يحمل هذا الكتاب عنوان «أزياء ديور الراقية» Dior Couture ويشتمل على صور بعض أجمل النساء اللواتي ارتدين أروع تصاميم ديور الراقية من أولى المجموعات وحتى أحدث التصاميم المعاصرة. جيزيل بوندشن، تشارليز ثيرون، ساشا بيفوفاروفا وكارلي كلوس هنّ بين الجميلات اللواتي ظهرن على الصفحات. والواقع أن تقديم هذا الكتاب المترف الذي يحتفل بتاريخ ديور إضافة إلى المستقبل الواعد، كان بمثابة المتمم المثالي لعرض مجموعة ما قبل الخريف الذي عانق أيضاً المستقبل مع الاحتفاظ بتاريخ ديور العريق والمتجذر.
قال باتريك دومارشولييه ذات مرة: «عندما تكون مصوراً فوتوغرافياً، عليك أن تلهم حلماً. ومع أزياء ديور الراقية، الحلم موجود أصلاً».