فرنسوا شامبسور يوقع شقة في مرسيليا

فرنسوا شامبسور, مرسيليا, فرنسا, منزل, الديكور

03 أغسطس 2013

أجواء من البساطة والراحة فيها هدوء الـ «زان» البعيدة، وفيها حيوية المتوسط القريبة، كأنها مغزولة بالضوء ومنسوجة بالنقاء...  هذه الشقة التي جدّدها المهندس فرنسوا شامبسور في حي لاجولييات الراقي وسط مدينة مرسيليا في جنوب فرنسا، تعكس حساسية هذا المهندس وبراعته، وأيضاً إخلاصه لهذه المدينة التي عاش فيها سنوات طويلة، قبل أن يلتحق بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الزخرفية في باريس وينال منها ديبلومه.

الحياة الباريسية فتّحت عينيه على آفاق هذه المهنة ورسّخت قدميه فيها، ليفتتح عام 1996 - و بعد سنوات من التدريب - مكتبه الخاص للدراسات الهندسية والتصميم الزخرفي، ويحصد العديد من المشاريع المرموقة في هذا المجال، ويصنع لنفسه شهرة لم تغيّبه عن جذوره المتوسطية ولم تنسه شيئاً من تلك المناخات الجميلة لمدينة تعانق البحر وتشاركه طبيعته الجميلة وغموض أسراره.

كل تلك المناخات الجميلة تحضر في أعمال فرنسوا شامبسور فتمنحها أبعاداً جديدة أكثر بهجة وفرحا وجاذبية، فهي تتسلل بين خطوطه السلسة وإيقاعات ألوانه بلمسات حسّية ناعمة، تخلو من الافتعال، كما تمنح مشاهده الزخرفية نفحة الحداثة والأصالة.

عمد شامبسور في مقارباته الهندسية والزخرفية لمشروع شقة حي لاجوليات المنبسطة فوق مساحة 150 متراً مربعاً الى ابراز طابعها الهندسي الأصيل واعادة تشكيل فضاءاتها الداخلية وتحويلها إلى مساحات مفتوحة ومشرقة تنبض بالحياة.

وضوح فكرة التصميم وسلاسة خطوطه ساهما في رسم ملامح المكان وطبع مناخاته بالأناقة والرفاهية، أناقة تطرّزها لمسات من إيقاعات البوب الساطعة التي تتقاطع مع الألوان الحيادية في المكان، مما يضفي على الأجواء مزيداً من الرونق والجاذبية.

وباستخدام فرنسوا تلبيسا موحداً لأرضيات الشقة وشرفاتها من خشب الجوز الداكن، تمكّن من تحقيق تناغم موحد بين أرجاء المكان ساهمت في تثمين مشاهده الزخرفية.

من المعروف عن هذا المهندس البارع قدرته على المواءمة بين نشاطه الهندسي والديزاين، واهتمامه البالغ بالتفاصيل الهندسية، الأمر الذي ساهم إلى حد بعيد في اثراء فضاءاته بطابع متناغم آسر. فهو في هذه الشقة يتلاعب بالضوء والأحجام ويدخل الى تصاميمه نماذج مبتكرة من قطع الأثاث المتنوعة الطرز، يدعمها بتنوعات غير منتظرة من الأقمشة الكلاسيكية والحديثة المعاصرة ليمنح مناخاته الزخرفية طابعاً مميزاً دون أن يفقدها شيئا من خصوصيتها.

الفضاءات الداخلية
عمل شامبسور على تحديث الفضاءات الداخلية للشقة المؤلفة من صالون، وصالة للطعام ومطبخ، وغرفتين للنوم وحمام مع شرفات نصف مسقوفة دُمجت في وقت سابق للبناء خلال ترميمه، مما اكسب هذه الشقة مزيداً من الإشراق والرحابة اللذين ساهم الديكور في تحسين شروطهما واعطائهما بعداً مدهشاً، وذلك بمعالجات رشيقة بارعة تناولت السقف والممرات الداخلية ذات الجدران العالية والممتدة على طول مساحة الشقة، مما حجب عن فضاءاتها النور الآتي من الشرفات المحيطة.


بساطة ونقاء

غرفة الطعام تميزت باجوائها البسيطة والنقية، وزُيّن أحد أركانها المجاورة للشرفة بطاولة مبتكرة بقاعدة من الألومنيوم المطلي باللون الأبيض اللامع مع سطح مستدير من الرمادي الداكن، وقد نُسقت حول هذه الطاولة الخاصة عادة بالهواء الطلق، مجموعة من الكراسي المعدنية المخرمة والمطلية بالأبيض.
المطبخ يتميز بخزائن تمتد مع طول الجدار المقابل لواجهات الشرفة وقد نفذت تلك الخزائن من خشب السنديان المصقول والمطلي بلون من الرمادي الناعم مع سطح من الحجر الرمادي المصقول.

يتدلى من السقف عنصر للأضاءة من ابتكار فرانك جيري. وفي المكان طاولة مستديرة من الخشب المطلي باللون الأسود اللامع تزين سطحها مجموعة من الأواني الخزفية الملونة وهي من ابتكار مارسيل وندرز.
أما الكراسي المحيطة بالطاولة، فهي من الأحمر العميق تحمل توقيع نورمان شيرمين.
ولمواجهة إرتفاع السقف، عمد شامبسور إلى أكثر من حيلة، في طليعتها تعديل أحجام المساحات بإلغاء بعض اجزاء جدران الممر الطويل فيها واستبدالها بسلسلة من الخزائن والمكتبات والرفوف المنفّذة من خشب الجوز المطلي باللون الأسود اللامع، مع ابتكار أركان لنشاطات مختلفة حولها تتيح الاستفادة منها.

ساهم هذا الحل الهندسي الجميل في انفتاح الفضاءات على الممر الفاصل بينها وبين الشرفات التي غطّى أرضياتها خشب الجوز المطلي بلون داكن تماشياً مع أرضيات الداخل.

الجدران اكتست باللون الأبيض الناصع، كذلك أطر النوافذ والأبواب والعوارض الخشبية في السقوف، مما أتاح تحضير المكان لاستقبال عناصر مختلفة من الأثاث والأكسسوارات الزخرفية، والتي راعى التصميم اختيار أحجامها بشكل مدروس، يتماشى مع بعض القطع الكبيرة.

الصالون وهو أكبر الفضاءات في الشقة، تم تنسيقه بأسلوب عملي مميز، بألوان محايدة، يتخللها بعض اللمسات الساطعة، والتي تبررها أهداف زخرفية مدروسة، لتوليد المزيد من التأثيرات المفرحة، وذلك من خلال التلاعب بتكثيف المساحات اللونية، مثل ذلك الجدار الفاصل بين الصالون وغرفة النوم والذي طلي باللون الأزرق الساطع الذي يشكل خلفية مدهشة لركن الجلوس.
وقد نسقت عند هذا الجدار طاولة طريفة الشكل مبتكرة، بهيكل من خشب الجوز المطلي باللون الأسود اللامع وسطح على شكل ثمرة الفليفلة، منفذ من الألومنيوم المطلي باللون الأزرق الساطع والمزيّن ببعض الأكسسوارات الخزفية الملونة. ويتكامل مع هذه الطاولة الطريفة، كرسي مغطى بقماش من المخمل الأسود.

تتواصل جلسات الصالون وأركانه المختلفة، مع مساحات الممرات التي أعاد التصميم ابتكارها باسلوب غير تقليدي، لتبدو اكثر انصهاراً مع روحية المكان الذي يتزاوج فيه الداخل مع الخارج بأناقة وانسجام.

انفتاح جلسات الصالون على الممرات المجاورة لها والشرفات ساهم في اضفاء المزيد من الأشراق على أجوائها، خصوصاً بعد تلبيس كوادر فتحاتها الجدارية الواسعة بأطر من الخشب المطلي باللون الأسود اللامع، والتي نسق فيها العديد من الرفوف المطلة على الجانبين لتحمل بعض الكتب وعناصر الزينة.

ففي الركن المواجه لهذه المساحات المفتوحة، وضع شامبسور أريكة وثيرة من تصميمه، منجّدة بقماش من اللون الأبيض الطبشوري المزيّن بغطاء ووسائد ملونة.

وتتقدم الأريكة طاولة للقهوة من خشب الجوز المصقول، تزين سطحها مربعات من الخشب المطلي بالأسود والأبيض. وهي من تصميم انديا مهدافي.

تقابل هذه الجلسة في الجانب الآخر من الصالون، مرآة عملاقة بجسم دائري محاط باطار من خشب الجوز الفاتح، ساهمت في تكثيف الضوء في الصالون بانعكاسات مختلفة.
وتجاور هذه المرآة خزانة منخفضة مصنوعة من خشب الجوز الفاتح، تزينها جوانب وأبواب قابلة للانزلاق من اللون الأسود.

ووُضع فوق سطح هذه الخزانة جهاز تلفزيون مع بعض الأكسسوارات الطريفة.

ويلفت الأنظار في الصالون ركن طريف يحتله مقعد مصوغ بشكل مثنى من ابتكار المصمم فرانك جيري في السبعينات من القرن الماضي. وهو مصنوع من الورق المقوّى ومدعوم بألياف صناعية متينة.

يجاور المقعد ويجاور نماذج من الأكسسوارات على شكل حاويات انيقة مطلية باللون الأبيض اللامع.

لم ينس شامبسور، هذا المصمم العاشق للحداثة، أن يطعّم أجواء فضاءاته ببعض التفاصيل اللافتة التي عمد إلى استثمارها وتوظيفها بأشكال بارعة تخدم فكرة الديكور وترفد أجواءه بمزيد من الحيوية. لذا توزّعت في الأركان اشكال من الكراسي الساطعة الألوان والتي اضفت على الأجواء لمسة من الطرافة والجسارة.

غرفة النوم غارقة قي جو من البساطة ولطافة الألوان، تتقاسمها نغمات من اللون الأبيض ومشتقاته الناعمة، واللون الأسود الداكن الذي يطرز أغطية السرير ويكسو أعمدة الإضاءة المجاورة له، وتلك الطاولة الخشبية المربعة التي تتقدم السرير والتي تحمل توقيع شامبسور.

الحمام يختفي خلف أبواب جرارة في الغرفة، تزينه خزائن من الخشب المطلي باللون الأسود تندمج فيها المغسلة ورفوف التخزين، بينما تزين الجدار فوقها مرآة بسيطة.