الأطفال الانتقائيون بالغذاء عادة منتشرة تقلق الأمهات

الأطفال,الأطفال الانتقائيون,عادة,تقلق الأمهات,النمط الغذائي,الأمهات,التغذية السليمة,جوع الأبناء,النمو الأولى,الغذاء,نصائح للوقاية,انتقاء الغذاء

عزيزة نوفل (جدة ) 26 أبريل 2015

تعاني الكثيرات من الأمهات تبعات النمط الغذائي السيئ الذي يصر عليه أبناؤهن حين ينتقون أصنافاً غذائية غير صحية مثل الحلويات ورقائق البطاطس المقلية والمأكولات السريعة، ويتناولون أحياناً أكلات معينة وفي شكل يومي، رافضين أي طعام بديل قد يفيدهم.
لذا تعجز هؤلاء الأمهات عن حل تلك المشكلة التي تقلقهن لناحية عدم حصول أطفالهن على التغذية السليمة المهمة لتكوينهم الجسدي والعقلي، وقد تبوء بالفشل محاولاتهن التي تتراوح بين الشدة واللين والتحايل ربما، مع أطفال عنيدين متشبثين بتناول ما يحلو لهم من أطباق... إنهم «الأطفال الانتقائيون بالغذاء» الذين نجدهم في كل بيت وتعاني معهم كل أم. في هذا التحقيق تجارب أمهات مع الانتقائية في الغذاء لدى الأطفال تتبعها حلول من وجهة نظر اختصاصيين في التغذية وعلم النفس...


جوع الأبناء يدفع الأم الى تلبية رغباتهم
منال فواز (47 عاماً) أم لثلاثة أبناء، باءت كل محاولاتها بالفشل مع ابنتها الكبرى التي كانت تفضل تناول أنواع معينة من الطعام. ورغم محاولاتها الدؤوبة وتجربتها الكثير من الطرق، استسلمت للأمر الواقع وقررت أن تعد صنفين فقط على المائدة كل يوم، وذلك لضعفها أمام بقاء ابنتها من دون طعام، لمدة طويلة غير مهتمة أو مبالية بالجوع، ما جعلها ترضخ لرغبتها مدة تجاوزت 17 عاماً.
لكن الغريب في الأمر، أن بعد زواج ابنتها، تغيرت عاداتها الغذائية كلياً وأصبحت تتناول الكثير من الأصناف التي لم تكن تحبها. لذا ترى منال أن لا مانع من المحاولة، لكن أيضاً لا داعي الى القلق، لأن الأبناء قد يغيّرون أنماطهم الغذائية وفق الظروف التي تفرضها الغربة والسفر والزواج والاختلاط ربما بأشخاص آخرين... فيضطرون إلى تذوق وصفات جديدة كانوا يرفضونها في السابق.

تفادي المشكلة في مراحل النمو الأولى
ترى سحر محمد (27 عاماً)، أن على الأم البدء بالتنويع الغذائي لأطفالها في مراحل نموهم الأولى، حيث إنها خلال تربيتها لأطفالها الثلاثة كانت تحاول بدءاً من عمر الستة أشهر إطعامهم أصنافاً كثيرة للاعتياد عليها، كالفواكه والخضار واللحوم والرز، وتقوم بدمجها وإضافة بعض المنكهات إليها لتصبح مقبولة ولذيذة، إلى جانب عدم تعويدهم على الانصياع لرغبتهم في تبديل صنف الطعام الموجود على المائدة... ما جعلهم يتناولون أطباقاً كثيرة ومفيدة من دون مماطلة أو عناد.

من يأكل على ضرسه ينفع نفسه...
أما ريم زياد (31 عاماً)، أم لطفلين، فلطالما كانت سياستها في إطعام أبنائها تعتمد على مقولة: «من يأكل على ضرسه ينفع نفسه»، ومن دون إلحاح، يأكل أبناؤها طعامهم وإن مرغمين، كونها لا ترضخ الى عنادهم أو تذمرهم من تناول نوع معين، وكانت على الدوام تعوّدهم على تناول الطعام في وقت محدد وبحضور الجميع من دون استثناء... لكن في الوقت نفسه، كانت ريم تنزعج عندما يزور أطفالها منزل جدّتهم التي تفرط في تدليلهم فيأكلون كل ما يفضلونه من دون رقيب أو حسيب.

قلق من فقدان الشهية
وتعتقد أم مهند (27 عاماً) أم لطفل واحد، أن المشكلة تتعدى أحياناً العناد أو الدلال، كونها تعاني مع طفلها منذ بداية تناوله المأكولات الصلبة، فيُفرغ كل ما لا يستسيغه من طعام، رغم محاولاتها تقليل عدد زجاجات الحليب وتجويعه ودمج أنواع مختلفة من الطعام حتى يأكل، لكن من دون فائدة. ورغم قلقها الشديد وخوفها من سوء تغذيته، كان وزنه وطوله ينموان بشكل سليم.

عادة انتقاء الغذاء وأسباب انتشارها
وتعقيباً على ما ذُكر، تعرّف اختصاصية التغذية ألاء صالح الرشيد مفهوم التغذية الانتقائية عند الأطفال، بكونها إحدى الصعوبات الشائعة التي تواجه أي أم عند تغذية طفلها، وهي أن يقتصر طعامه على أنواع محددة ويرفض أطباقاً أخرى سواء كانت جديدة أم تذوّقها سابقاً.
وتبدأ هذه العادة في أي مرحلة من عمر الطفل، ولكنها تنتشر بصورة بارزة من عمر السنة ونصف السنة إلى الخمس سنوات، أي بنسبة تعادل الـ 50 في المئة من الأطفال من كلا الجنسين، وتقل تدريجاً بعد سن الخامسة.
وأسباب انتشار هذه العادة مردها الى طبيعة المرحلة التي يعيشها الطفل، حيث يميل الى الاستقلالية وحرية الرأي واتخاذ قرار حازم في ما يتعلق بمأكله وملبسه... وهناك أطفال يعانون حساسية عالية تجاه النكهة والرائحة والملمس، وتختلف بالتالي نسبة تقبلهم أو رفضهم أنواعاً معينة من الطعام عن أقرانهم. كما يؤثر مزاج الطفل في استساغته الطعام أو رفضه بشدة.


خطورة انتقاء الغذاء على الأطفال دون سن الخامسة
ولفتت الرشيد إلى خطورة الانتقائية التي تبدأ في مرحلة عمرية تراوح ما بين السنة والخمس سنوات، وهي فترة نمو حرجة يحتاج فيها الطفل الى مغذيات لنمو العظام والأسنان وتقوية العضلات وخلايا الدماغ. ولأن الطفل الانتقائي لا يتناول الكميات الضرورية من البروتين الذي يعد وحدة البناء في الجسم، ما يعرضه الى ضعف في معدل النمو ومشاكل في الإدراك والتعلم. كما أن عدم تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن الأساسية والألياف يؤثر في نمو الطفل الذهني والجسدي وحتى النفسي... ويصعب بالتالي تعويضها لاعتبار هذه المرحلة من نمو الطفل ضرورية يجب عدم التهاون بها.

أساليب خاطئة في التعامل مع الطفل الانتقائي
أما عن أكثر الأخطاء شيوعاً في تدارك هذه العادة الانتقائية في الغذاء، فتؤكد الرشيد أن الأهل يلعبون دوراً بارزاً في تعديل سلوك طفلهم أو استمراره.
وتجاهل تلك المشكلة من خلال رضوخ الأهل لرغبة الطفل سيجعله بلا شك لا يفكر بتجربة أنواع جديدة من الطعام. كما أن إجبار الطفل على الأكل وإنهاء طبقه يزيد الوضع سوءاً، كون هذه الخطوة تشكل رابطاً سلبياً بين الطفل والطعام.
إضافة إلى أن إظهار الطفل أمام إخوته أو جيرانه أنه لا يحب نوعاً معيناً من الطعام سيجعله يصر على عدم تناوله تدعيماً لثقته بنفسه.

الأم أكثر دراية بطريقة علاج هذه المشكلة
وتشير اختصاصية تعديل السلوك وتنمية المهارات ليلى الحسيني، إلى أن مشكلة انتقاء الطعام تعود بالأساس الى الأم التي تعرف الطرق التي تستطيع التحايل بها وإقناع طفلها، كأن تتبع أسلوب الإلهاء بالرسوم المتحركة أو الدمى التي تقوم بإطعامها وتشجيعها لأنها أكلت طبقاً معيناً، وقد لا تجدي هذه الحيلة مع الأطفال العنيدين وذوي الشخصيات المستقلة، لذا من الممكن دمج الطعام الذي يفضلونه مع آخر يرفضونه لتدفعهم الى تذوق الصنف الجديد بأسلوب التحايل والترغيب. ويلعب شكل الطبق المُعدّ دوراً مهماً في فتح شهية الطفل على تناول الطعام.


نصائح للوقاية من سلوك انتقاء الغذاء لدى الأطفال
أما عن سبل الوقاية من انتقاء الغذاء، فتسدي لنا اختصاصية التغذية ألاء صالح الرشيد مجموعة من النصائح التي تساعد الأمهات على تجاوز تلك المشكلة:

1 لا بد من أن يدرك الوالدان طبيعة المرحلة التي يرفض فيها الطفل نوعاً معيناً من الطعام بسبب رائحته ولونه أو لتعكر مزاجه.

2 من الضروري عدم إجبار الطفل على تناول طعام لا يستسيغه، ما يزيد من عناده فيكره موعد تناول الطعام الذي يشكل عبئاً على الأم والطفل في آن واحد.

3 يجب عدم الرضوخ لرفض الطفل تناول طعامه، وإذا طلب صنفاً آخر فيجب إقناعه بتناول الطبق المتوافر، وعدم السماح له بمغادرة المائدة حتى وإن لم يأكل، وذلك ليعتاد الطفل على احترام موعد الطعام مع عائلته.

4 لا بد للأم من التحلي بالصبر وهدوء الأعصاب، وعدم مجاراة طفلها والخضوع لمزاجه في تناول الطعام لتعويده على الإقبال على الصنف المعد له.

5 من المهم جداً إقناع الطفل بأهمية تناول الألوان والأنواع المختلفة من الطعام بعيداً من صيغة الأمر، كأن نحدّثه عن فوائد نوع من الخضار بأنه يقوّي العضلات أو يزيد طول الشعر.

6 مشاركة الطفل في إعداد الطعام والتسوق لأن ذلك يخلق رابطاً إيجابياً بينه وبين الطعام، ويحفزه على تذوّق أنواع جديدة.

7 على الأم أن تكون قدوة لطفلها فتتناول أطعمة مختلفة أمامه حتى وإن كانت لا تحبذها لتعويده على تذوق كل أنواع الأطعمة.

8 ضرورة الابتكار والإبداع لجلب مزيد من المرح. فتقطيع الفواكه والخضار بأشكال مختلفة مع إضافة مكونات محببة لطفل كالشوكولا مثلاً ستدفعه بلا شك الى تناول الكثير من هذه الأنواع.

9 استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية في حال لاحظت الأم أعراض سوء تغذية على طفلها، حيث من الممكن اعطاؤه مكملات غذائية تعدّل سلوكه الانتقائي في الطعام.

10 الابتعاد عن فواتح الشهية لأنها لا تعدل السلوك الانتقائي، بل قد تكون سبباً من أسباب سمنة الطفل مستقبلاً.

11 وأخيراً، عدم الاستسلام لرغبة الطفل في انتقاء طعامه، لأنه مهما بدا عنيداً، يمكن الأم تطويعه بالصبر وابتكار الحيل بغية الوصول الى طريقة التغذية الفضلى.