هاني سلامة: توقعت الاغتيال أو السجن بسبب 'الداعية'

هاني سلامة, مصر, فنانون مصريّون, مسلسلات

16 أغسطس 2013

نجح هاني سلامة في جذب الأضواء وتحقيق نسبة مشاهدة عالية من خلال مسلسله «الداعية»، أول تجربة له في الدراما المصرية، وحقّق ردود فعل نقدية متميزة، خاصة أن العمل هو الأول من نوعه الذي يهاجم «بيزنس» الدعاة الذي انتشر خلال السنوات الأخيرة.
هاني يعتبر هذا المسلسل نقطة تحوّل في حياته الفنية، مؤكداً أنه قبله ليحاول به كشف الغمامة عن أعين الناس الذين تعرضوا لغسل دماغ بسبب بعض تجار الدين.
عن كواليس هذه التجربة، وما تعرّض له من أخطار بسببها، وحقيقة تقليده لبعض الدعاة الجدد، يتحدث إلى «لها» بصراحة شديدة.

- البعض ردد أنك في «الداعية» تنتقد دعاة مثل عمرو خالد وعبد المعز مسعود ومصطفى حسني، فما تعليقك؟
لم أقصد إطلاقاً الهجوم على أي من هؤلاء في هذا الدور، ولم أقصد تقليدهم أيضاً، لأن شخصية يوسف تمر بمرحلة تشدد وأخرى وسطية، وقد تقترب الشخصية منهم في المرحلة الوسطية والمعتدلة، وليس في مرحلة التشدد.
لكن البعض أشار إلى هذه الشخصيات تحديداً، لأن «يوسف» في المسلسل يرتدي ملابسهم ويخرج بشكلهم، لذلك ربط البعض بين الشخصية وهؤلاء المشاهير.
لكني لا أرى هؤلاء بالطبع من المتاجرين بالدين، ويجب التنبيه في هذا الإطار إلى أن الزي ليس هو المهم، لكن الأفكار التي تبث لنا، لأن بعض المشايخ يبثون سموماً علينا ليل نهار.

- ولماذا اخترت هذا الزي تحديداً؟
لأنه الاقرب إلى الشباب الآن، ولم أكن أرغب في ارتداء زي الأزهر المعروف بالجبة والقفطان، حتى لا تحسب الشخصية على أي اتجاه، سواء الأزهري أو السلفي أو حتى الإخواني، فشخصية يوسف غير محسوبة على أي تيار، وهو يقدّم الدور بشكل مجرد.

- لكنك اخترت بذلك شكلاً معتدلاً حتى في مرحلة التشدد!
هذا صحيح، لأنني لم أكن أريد أن أقدّم الشخصية في شكل متشدد أو بطريقة فيها «قلة أدب»، مثلما كنا نرى من بعضهم على الفضائيات. أنا تعمدت أن أركز على الفكر وليس الشكل، لأن ظهوري بشكل ما في مرحلة التشدد ثم تغييره في مرحلة الاعتدال يمكن أن يتحول إلى اتهام ثابت لأصحاب الشكل الأول، لكنني كما قلت كنت حريصاً على الاهتمام بالفكر، فمن حقك أن تكون متشدداً وليس من حقك أن تكفّر الآخرين و تسبهم وتلعنهم، فهذا ليس من واجبك، والدليل أن بعض هؤلاء المشايخ يواجهون مصائرهم الآن في السجون، وهذا النموذج غير صحي.
كما إنني أريد أن أؤكد أن المسلسل لا ينتقد كل الدعاة، لأن هناك رجالاً محترمين ويعرفون قيمة رسالتهم، لكن هناك قلة أفسدت الدين على الناس. ولا أنكر أن هناك فئة من الشباب تغيّرت نظرتها إلى الدين بسبب بعض دعاة الدين السياسي الذين ظهروا مع حكومات كانت تستخدمهم كنوع من التخدير للعقول.

- هل حصلت على موافقة من الأزهر قبل تقديم هذا الدور؟
لم أكن أحتاج إليها، لأننا لم نقدّم شخصية تاريخية لها علاقة بالدين الإسلامي، ولا قضية تخص الأزهر، إنما شخصيات درامية عادية لداعية متشدد وآخر وسطي.

- هل تعرضت لتهديدات من بعض الدعاة بعد الإعلان عن هذا المسلسل؟
كان هناك بعض المناوشات والمشاكسات من البعض، فمثلاً سمعت أن عبد الله بدر قال في برنامجه «إبعد عننا يا هاني يا سلامة أحسن لك».
سمعت كلاماً أيضاً بأنهم سيمنعون عرض المسلسل. لكني بصراحة لم أهتم بمثل هذه الأقاويل، وكنت أعتبرها كلاماً في الهواء لا قيمة له، لأني لو وضعت هذا الكلام في الحسبان لما خرج هذا المسلسل إلى النور أبداً.
وهذا الكلام لم يكن مؤثراً، خاصة أن المسلسل كان قيد التنفيذ، والغريب أنهم هاجموا العمل قبل أن يعرفوا شيئاً عن أحداثه.

- ألم تخف من ردود فعل قد تتعرض لها خاصة أن المسلسل يهاجم فترة حكم الإخوان بشكل صريح؟
لم أحسبها إطلاقاً، وكنت أرى منذ اليوم الأول من قبولي العمل أنني أمام مهمة وطنية، فأنا أريد أن أخرج غيظي من هذا التيار المتأسلم الذي دمّر البلاد مهما كانت الكلفة، وكان إحساسي ببلدي ووطنيتي أكثر ما أجبرني على قبول هذه المهمة، مهما كانت الأخطار.
وكنت أرى أن دور الفنان الحقيقي أن يقاوم ما يحدث في هذا البلد من خلال عمله، ووجدت أن هذا العمل ضرورة ملحّة لي في هذا التوقيت،

وربما لو عرض عليَّ قبل عامين لما كنت فكرت في تقديمه، لأن ظاهرة المتاجرة بالدين لم تكن منتشرة وقتها مثلما هو الحال الآن. لذلك على كل مصري وطني أن يقاوم بطريقته، وأن يناضل من خلال عمله.

- حتى لو كان ذلك سيعرّضك للخطر، خاصةً أنك قدمت العمل والتيار الديني كان في الحكم؟
كنت أتوقع أن أغتال أو أسجن، وتتعرض حياة أسرتي للخطر، لكن ليس لدي أي مانع من أن أكون شهيد عملي وبلدي، ولست أفضل من الشهداء الذين زهقت أرواحهم خلال الفترة الماضية. وكنت أتوكل دائماً على الله وأقول: «إذا كتب لي أن أموت أو أسجن فهذا قدر من عند الله، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

- هل ترى أن عرضه الآن بعد خروج الإخوان المسلمين من الحياة السياسية في صالح المسلسل؟
بالتأكيد وأرى أن هناك توفيقاً كبيراً من ربنا في ذلك، لأنه لو لم يحدث ذلك لتعرضت أسرة المسلسل الآن للخطر، خاصة أننا انتقدنا هذا النظام بشدة مع عرض حلقاته الأولى، ورفعنا شعارات «يسقط حكم المرشد».
وبصراحة كان يجب أن نكون مسجونين أو مخطوفين الآن ولا يعرف أحد مكاننا، فلا أنكر أن هناك جرأة في هذا العمل ومغامرة لكل العاملين فيه.

- هناك أعمال كان من المقرر أن تنتج لانتقاد الإخوان ثم تراجعت في اللحظات الأخيرة ما رأيك في ذلك؟
كان هناك بالفعل ثلاثة أعمال أخرى أو أكثر تجهز، لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة دون أن أعرف أسباب ذلك، وكان من الممكن أيضاً أن أفعل ذلك وأسير «جنب الحائط» ولا أخوض هذه المغامرة، لكني كما قلت لم أفكر في أي رد فعل مهما كان سيحدث، لأنه كان أمامي أكثر من  مسلسل آخر لكني رفضتها كلها.

- لماذا أخّرت تجربتك التلفزيونية كل هذا الوقت؟
لأنني لم أعثر على العمل المتكامل الذي يشجعني على خوض التجربة. كل الأعمال التي عرضت عليَّ لم تتوافق مع اهتماماتي ولم تجذبني إليها بالشكل الذي يجعلني أخوض التجربة التي أراها مسؤولية كبيرة جداً، خاصة أنك تدخل بها كل البيوت المصرية والعربية.

- ما الذي فعلته هذه التجربة في هاني سلامة؟
بصراحة «عجزتني» قبل الأوان، لأنه فجأة وأثناء التصوير فوجئ الكوافير بأن هناك ظهوراً لعدد كبير من الشعر الأبيض في رأسي، إلى درجة أنه قال لي بأن شكل شعري بدأ يختلف مع مرور الحلقات ويجب أن أصبغه، لكني رفضت.

- هل التلفزيون كان أصعب من السينما؟
هذا ليس له علاقة بالتمثيل أو الإحساس، لأن تقنيات التلفزيون هي نفسها الموجودة في السينما، ولا يوجد أي اختلاف تقريباً.
لكن أصعب ما في التجربة أنك تجد نفسك أمام ألف مشهد وليس مئة مشهد، كما يحدث في السينما، مما يضطرك لأن تتحول إلى آلة عمل متحركة وتصوير ساعات عمل خيالية، وكأنك في حالة «أشغال شاقة» وطوارئ طوال التصوير.

-  ما هي أصعب المشاهد في المسلسل؟
كان هناك كثير من المشاهد الصعبة التي كانت تصيبني دائماً بالتوتر، وهي المشاهد الخاصة بالخطب الطويلة.
كذلك معظم مشاهد البرنامج الذي كنت أقدمه في المسلسل، لأنها كانت تضم حوارات طويلة، وكانت تتطلب مني تركيزاً كبيراً.
كذلك أيضاً النقلة بين الشخص المتشدد والوسطي، وكنت أريد أن أفصل بينهما في التمثيل، سواء على مستوى الأداء أو الشكل، حتى تكون النقلة واضحة، وهذا أيضاً كان من الصعاب الموجودة في الشخصية.

- هل من الممكن أن تكرر التجربة العام المقبل؟
لم أتخذ قراراً نهائياً في ذلك، لأنه سيتوقف على طبيعة المرحلة وما سيحدث فيها، لأن الفنان لا يستطيع أن ينفصل عن الواقع الذي يعيشه، فأنا لا أعرف ما الذي سيحدث غداً، لكني في النهاية لن أقبل عملاً إلا إذا كانت عناصره متكاملة، كما حدث في «الداعية».
وفي الأساس وجود سيناريو يجذبني إليه، لأنني لا أعمل لمجرد الوجود، وقد عرض عليَّ شيك على بياض أضع فيه الأجر الذي أريده لتنفيذ مسلسلات خلال السنوات الماضية، لكني رفضتها كلها، لأنني لم أكن مهيأً نفسياً لذلك.

- كيف وجدت المنافسة مع بقية المسلسلات المعروضة؟
لم أجد أي منافسة لأننا مختلفون تماماً، ونغرد في سرب وحدنا بعيداً عن الآخرين، وهذا ما كان واضحاً من البداية، لذلك تصعب المقارنة بين المسلسل وأي مسلسل آخر بشهادة الجميع. حتى أنني سعدت للغاية من الآراء التي كانت تقول بأن العمل مختلف ومعاصر ومتماشٍ مع الفترة التي نعيشها.

- هل شاهدت الأعمال الأخرى؟
شاهدت حلقات متقطعة من بعض المسلسلات بسبب ضيق الوقت، ومن المسلسلات التي شاهدتها «حكاية حياة» لغادة عبد الرازق، «نيران صديقة» لمنة شلبي ورانيا يوسف، كما أنني سمعت كلاماً جيداً عن مسلسل «موجة حارة»، لكني أشاهد مسلسل «الكبير 3» لأحمد مكي لأنه يضحكني.

- بماذا تفسر الرواج الذي تشهده الدراما التلفزيونية؟
ما يحدث في الدراما التلفزيونية مجرد موضة، مثلما كان يحدث مع الأفلام في السينما. لكن استمرار الدراما التلفزيونية أصبح متوقفاً على الإعلانات، لأن الإعلانات أصبحت هي التي تقدم المسلسلات وليس العكس، وصارت أهمية العمل مرتبطة باسم النجم ومدى قوته في جذب الإعلانات، وتحول الأمر إلى بيزنس.

- ما هي آخر أخبار فيلم «الراهب»؟
حتى الآن الفيلم معطل، والموقف كله مرتبط بشركة الإنتاج. ومن المقرر أن نعقد اجتماعاً بعد انتهاء شهر رمضان للتعرف على الموعد الجديد لاستئناف التصوير.

- هل هناك علاقة بين هذا الفيلم وقصة «الراهبة» التي قدمتها هند رستم؟
لا، هناك اختلاف كبير بين العملين، لأن معظم أحداث فيلمنا ستدور داخل دير، عن قصة حب بين شاب وفتاة تضطره لترك الرهبنة والخروج إلى العالم.

- ما حقيقة وجود أزمة في العثور على دير مناسب للتصوير؟
وقع اختيارنا على دير محدد، لكنَّ المسؤولين عنه رفضوا التصوير داخله. وقد نجحت المخرجة هالة خليل في العثور على أكثر من دير سيتم الاختيار بينها خلال الفترة المقبلة بما يتناسب مع أحداث الفيلم.

- ما هو سبب تراجع الإنتاج السينمائي؟
فضلاً عن الأزمة والارتباك وعدم الاستقرار التي تمر بها البلاد، فإن لدينا إهمالاً كبيراً في عملية التسويق، وبصراحة لسنا شطاراً في دعم صناعتنا وتطويرها.
وكانت الصناعة تتوقف طوال تاريخها على المستثمر الخليجي، بعد أن اختفى المنتج الفرد وتحولت إلى بيزنس فقط، كما أن مقياس النجومية اختلف، وأصبح مقياس السوبر ستار متوقفاً على دخل أفلامه وليس على قيمة ما يقدمه.
أيضاً قيام المنتج بدور الموزع أدخل الصناعة في فخ الاحتكار، وكان لذلك تأثير سلبي على الصناعة بشكل عام. والغريب أن معظم المنتجين الكبار لا يقرأون السيناريوهات ولا حتى المعالجة، ويقبلون على إنتاج فيلم لمجرد أنهم عرفوا جزءاً من الحدوتة وضمنوا وجود نجم معه، مما جعل الصناعة تتحول إلى صفقة مانغو، فأين الاهتمام وأين الهدف؟

- هل شاهدت ابنتك مريم «الداعية»؟
بالتأكيد، فهي متابعة جيدة له، وكانت تشاهده يومياً وتسألني عن الأحداث وما سيحدث للشخصيات، وأسئلة أخرى متعلقة بقضايا المسلسل، لكنها معجبة بشخصية «الشيخ حسن» التي يقدمها أحمد فهمي، وتحبه جداً و«تراه جميلاً».

- وهل ورثت مريم بعض الصفات الخاصة بك؟
أكثر ما ورثته العناد، لأنها عنيدة جداً، بالإضافة إلى أنها نشيطة وذكية، تريد أن تسأل عن كل شيء لا تعرفه. وهي حنونة جداً، وبصراحة هي «حبيبة أبيها»، كذلك أيضاً شقيقتها مليكة، فهما هديتان من عند الله.

- هل تغضب من لقب «أبو البنات»؟
إطلاقاً بل يسعدني، فلا يوجد أحن من البنت على أبويها، ويا بخت الرجل الذي يرزق ببنت، فهي تعشق أباها وتكون حماة لوالدتها، وتغار عليه أكثر من أي شخص. لذلك أرى نفسي أعيش مع ثلاث نساء، فما أعظم ذلك!

- هل نجحت ابنتاك في تغيير حياتك؟
لا أنكر ذلك، وأهم تغيير أنني أصبحت مدركاً مدى المسؤولية التي أتحمّلها، وهذا ما يجعلني أفكر مليون مرة قبل خوض أي مغامرة، لأنني أصبحت مسؤولا عن أسرة تحتاج إلي. وابنتاي تعتبرانني قدوتهما وسندهما، لذلك لا بد أن أعي ذلك وأتعامل معه بشكل يختلف عما كنت عليه في البداية.

- هل يمكن أن تترك الفن يوماً؟
طوال عمري لم أقدم عملاً غصباً عني، وأرى أنني الوحيد الذي لم تحتكره شركة إنتاج حتى الآن، لأنني أصر على توقيع كل فيلم على حدة، وكنت أفعل ذلك حتى أعطي نفسي فرصة لتقديم أي عمل يعجبني مع أي جهة، بالإضافة إلى أنني أفضل أن أكون حراً دائماً، ولا أكون تحت رحمة أي شخص أو أي شركة حتى لا أكون مجبراً على تقديم عمل لا يعجبني.
ولديَّ استعداد لأن أتوقف عن التمثيل عندما أرى أن المناخ أصبح أسوأ مما عليه، وعندما أرى أن الأعمال المعروضة لا تناسبني، ووقتها سأتجه إلى البيزنس وأفتح سوبر ماركت، ويكفيني فخراً ما قدمته، لأنني راضٍ تماماً عن أعمالي، ولا يوجد عمل واحد أندم عليه. وإذا عاد بي الزمن سأفعل ما فعلته، لأنني أتشرف بها جميعاً.