بين تحديد الميول والمساندة الأكاديمية والإرشادية: الجامعات السعودية تخفف عبء متغيرات المرحلة الانتقالية على الطالبات

الحرم الجامعي,المرشدين الأكاديميين,توعية,الطالبات الجديدات,جامعة «دار الحكمة»,الميول,القدرات,الرهاب الاجتماعي

ميس حمّاد (جدة) 14 يونيو 2015

الحياة في الحرم الجامعي مختلفة عنها في أي مرحلة دراسية أخرى، ويجب على المرشدين الأكاديميين توعية الطالبات الجديدات على سبل التعامل مع متغيرات هذه المرحلة، وإعطاؤهن فرصة للتعود عليها. من هنا، يعتبر دور الجامعة كبيراً جداً في مراعاة طالباتها، وتقديم كل ما يحتجن إليه من خدمات. والواقع أن الجامعات السعودية تسعى جاهدة لتقديم خدمات مساندة أكاديمياً وإرشادياً ونفسياً، للتخلص من مشكلة كانت تعانيها الطالبة، وقد تزيد مع بداية المرحلة الجديدة من حياتها وتؤثر على تحصيلها العلمي، واختياراتها المهنية مستقبلاً. «لها» التقت صاحبات اختصاص من جامعة «دار الحكمة» تحدثن عن هذه المسألة وعمل الجامعة في هذا الإطار.

اختبار الميول والقدرات يساعد الطالبة على تحديد ميولها الدراسية والمهنية
قالت عميدة شؤون الطالبات في جامعة «دار الحكمة» الدكتورة سناء صالح عسكول إن «اختبار الميول، والقدرات هو اختبار علمي متخصص، يساعد الطالبة على تحديد الميول الدراسية والمهنية التي تناسبها، ومعرفة جوانب القوة والضعف في شخصيتها، ومعرفة الاضطرابات النفسية إن وجدت. ويقوم هذا الاختبار على أساس منهج عملي، ونظريات معروفة في هذا المجال، وتحرص الجامعة على توفير اختبار الميول والقدرات للمتقدمات للدراسة فيها، وتقوم به الدكتورة فوزية أشماخ».
ولفتت إلى أن أهمية هذا الاختبار تظهر عندما «تدخل المتخرجات من المرحلة الثانوية دوامة اختيار التخصص الجامعي الملائم، الأمر الذي يشكل لهن قلقاً وتوتراً وخوفاً من المستقبل، خاصة عند التقدّم للمرحلة الجامعية التي تعتبر بمثابة مفترق طرق يضعهن أمام العديد من التساؤلات: ما هو التخصص الذي يناسبني؟ ما هو إمكان نجاحي في الدراسة الجامعية، ومن ثم العمل في مجال تخصصي؟ هل هذا التخصص مطلوب في سوق العمل؟ هل سأجد الوظيفة المناسبة بعد التخرج؟ هل التخصص سيحقق طموحي؟  الاختبار من شأنه مساعدة الطالبات على الإجابة عن كل تلك الأسئلة، ويوجههنّ لاتخاذ القرار الصحيح».
وأوضحت عسكول أن الجامعة لا ترغم الطالبات على «الالتحاق بتخصص معين بل نشدد على أن اختيار الطالبة للتخصص المناسب سيجعلها تستمتع بالدارسة، وبالتالي ستتميز خلال فترة دراستها، وفي حياتها المهنيّة في المستقبل».
وعن الأسلوب المتبع لإجراء الاختبار أوضحت أن الطالبة تجيب عن أسئلة اختبار الميول والقدرات المعدة من قبل متخصصين في هذا المجال. من ثم يجري تحديد موعد لإجراء مقابلة شخصية مع الطالبة، للتعرف عليها عن كثب، ومناقشتها في نتيجة الاختبار، ومن ثم إرشادها، وتوجيهها بناء على نتيجة الاختبار.

قزاز: الرهاب الاجتماعي واضطراب القلق العام والخوف من الامتحانات مشاكل المرحلة الانتقالية
ترى المرشدة النفسية للطالبات في كلية «دار الحكمة» بسمة قزاز أن «تهيئة الطالبة خلال هذه المرحلة الانتقالية أمر مهم للغاية. لذلك يهتم قسم شؤون الطالبات باللواتي يواجهن صعوبات في التأقلم مع البيئة الجديدة في المرحلة الانتقالية، خاصة إن كنّ يعانين مشاكل عائلية أو نفسية، متمثلة بالخوف الزائد من الامتحانات، أو الرهاب الاجتماعي. لذلك نعمل على مساعدتهن في كل المشاكل بدءاً بالإرشاد، ووصولاً إلى علاج بعض الحالات التي تعاني اضطراباً. وإذا احتاجت الحالة إلى تدخل طبي تحال على طبيب اختصاصي بحسب حالتها. ونحن نتعاون مع أطباء نفسيين، خارج أسوار الجامعة، ونبقى معهم على تواصل لمتابعة الحالات التي نرسلها إليهم. وبالطبع هذه الخدمات تُقدم مجاناً لطالبات الجامعة، وقد تكون موجودة في جامعات أخرى، لكن المهم التعامل معهن بأسلوب وآليات حديثة تتناسب مع مراحلهن العمرية وخلفياتهن الاجتماعية».
وتلفت قزاز إلى أن «الانتقال إلى هذه المرحلة الجامعية يتطلب معالجة تربوية لا بد أن تشارك فيها أطراف عدة من أجل جعل النقلة النوعية الكبرى أكثر سلاسة، وجعل الفجوة بين المرحلتين أقل اتساعاً، وجعل الطالبات الجامعيات المستجدات أكثر جاهزية لخوض غمار حياة جامعية مآلها النجاح والتوفيق. لكننا نواجه معضلة، وهي حياء الطالبة في كشف مشكلة لديها، وهي مسألة موجودة في المجتمع، فالخوف من اللجوء إلى الاختصاصي أو المرشد النفسي، أمر وارد. لذلك نحرص مع بداية كل فصل دراسي في الجامعة على تقديم عرض وتوعية للمعلمات، حول كيفية التعرف على الطالبات الجديدات، ومساعدتهن لتحويلهن إلى الإرشاد النفسي، أو من هي بحاجة للدعم والمساندة في الدراسة، أو من تواجه صعوبة أو ضعفاً في مجال أو مادة معينة».
وعن أبرز المشاكل التي تواجه طالبات الجامعة، قالت: «من خلال الحالات التي تصل إلى المكتب، أجد أن أبرز المشاكل التي تعاني منها طالبات الجامعة هي الرهاب الاجتماعي، واضطراب القلق العام، والخوف من الامتحانات، والمشاكل العائلية التي تحتاج فيها الطالبة للإرشاد لا أكثر. وفي بعض الأحيان تصلني حالات تحتاج إلى تدخل اختصاصي متدرب نتعاون معه، وإن لم يجدِ الأمر نفعاً، نحوّلها إلى اختصاصي خارج الجامعة».
وحول السمّات الشخصية التي يجب أن تتوافر في المرشد النفسي، لتتمكن الطالبة من التحدث مع الاختصاصي بإيجابية، ذكرت قزاز: «المرشد النفسي يجب أن يكون متعاطفاً ولا يُصدر أحكاماً مسبقةً، فنحن نستمع إلى الطالبة أثناء شرحها للمشكلة التي تواجهها لكننا نستمع بطريقة فعّالة، وهذا ما يعزز إيجابية الطالبة وثقتها بالمرشدة النفسية أيضا».

مشموشي: الطالبة تعي أنها بحاجة إلى من يساندها ويدعمها للتخلص من المشكلة
من جانبها، قالت الأستاذة المساعدة ومديرة الخدمات الأكاديمية المساندة الدكتورة رشا مشموشي إن هذا القسم يهتم بالصعوبات التي تواجه الطالبات في التعليم، أو صعوبات في التركيز، وهذه المشاكل لا تأتي وليدة اللحظة، بل تراكم مشاكل موجودة لدى الطالبة منذ أن كانت في المدرسة، إلا أنها لم تحصل على هذا الدعم. وبعد الانتقال إلى الجامعة، تعي الطالبة أنها بحاجة إلى من يساندها للتخلص من المشكلة التي تعانيها، والتي قد تؤثر في تحصيلها العلمي».
وعن الآلية تقول: «تأتي الطالبة إلى القسم فتخضع للتقويم بغية الوقوف على المشكلة الأساسية، سواء في التركيز، أو  في اللغة خاصة الإنكليزية، ومدى قابليتها لتلقي المعلومات وتحليلها. وعلى هذا الأساس يتم تقديم الدعم لها بحسب المشكلة التي تعانيها. كما أننا نقدم الدعم في مواد معينة، مثل الرياضيات، واللغة الإنكليزية. وهناك بعض الطالبات مشكلتهن في تنظيم الوقت، لذلك نعطيهنّ حصصاً عن تنظيم الوقت لمدة أسبوع كامل، وكيفية تحديد الأولويات، والطريقة الصحيحة لتنظيم أفكارهن».
وفي ما يخص الإنكليزية، ذكرت مشموشي أن «التعليم في الجامعة هو بالإنكليزية التي تواجه الكثير من الطالبات صعوبة في التعامل معها، خاصة إن كنّ آتيات من مدارس حكومية أو عربية، أو أن خلفياتهن في اللغة ضعيفة نوعاً ما. وهنا يحاول القسم مساعدة الطالبة في هذا المجال».

CREDITS

تصوير : محمد يحيى