إنه رمضان وطفلي يصوم للمرّة الأولى!

رمضان,يصوم,الإفطار,الطعام الفائض,الصيام,الصيام المتدرّج,الطفل,صيام الطفل

21 يونيو 2015

بلغ هاني السابعة وكله حماسة لمشاركة أهله الصيام، غير أن اليوم الرمضاني الصيفي طويل جدًا، فهل يتحمل هاني الصيام؟ العطش والجوع قد يُشعران هاني بالإرهاق، وقد يسأل والديه عن مغزى الامتناع عن الطعام والشراب... وغالبًا وعن غير قصد يأكل خلسة كما يفعل الكثير من الأطفال الصائمين عندما يرون مائدة الإفطار وقد فُرشت بما لذّ وطاب... فهل يجدر بالأم نهر طفلها عندما تضبطه يأكل خلسة؟ كيف يمكن جعل الصيام الأوّل للطفل ذكرى جميلة لا تخلو من الطرافة يتذكرها مدى الحياة.


يتفق اختصاصيو التغذية وعلم نفس الطفل على أن صيام الطفل يجب أن يأخذ في الاعتبار سنّه واستعداده الجسدي والنفسي، والأجدر بالأهل أن يعوّدوا الطفل على الصيام تدريجًا، ويوفّروا له الحوافز النفسية والجسدية ليشعر بالأجر العظيم لصيام هذا الشهر الفضيل.


وهذه الخطوات التي يجدر بالأهل اتباعها لتحفيز الطفل على الصيام

استقبال الشهر بزينة رمضانية تزيّن المنزل
من الجميل أن يستقبل الأهل شهر رمضان بزينة يضعونها ليلة الإعلان عن الشهر الفضيل. لذا ليس خطأ إذا زُين البيت لمناسبة شهر رمضان بفوانيس وهلال أو زُيّنت غرفة الطفل، فهذا يمنح الشهر الرهجة والفرحة، وفي الوقت نفسه يدخل البهجة إلى قلب الطفل. كما من الجميل أن يحيي الأهل بعض عادات رمضان القديمة.

الصيام المتدرّج 
عندما يبلغ الطفل سن السابعة ويبدي رغبته في الصيام، يمكن الأم السماح له بالصيام 3 ساعات في اليوم. فمن الضروري ألا تقول له إنك لا تزال صغيرًا ولن تتحمّل، بل تشجعه على الصيام  في آخر النهار، أي الساعات الثلاث الأخيرة قبل الإفطار، فالجلوس إلى مائدة الإفطار يحمل سعادة ومعنى جميلاً.
أما الصوم في ساعات النهار الأولى فلا يشعره برهجة رمضان. كما يشدّد اختصاصيو التغذية على أهمية أن يتناول الطفل في هذه السن فطوره وغداءه، فهو في طور نموه الجسدي، والصيام في هذه السن يؤثر في نموّه، ذلك أنها السن التي يكون فيها نمو العظام سريعًا، ويلاحظ بين أسبوع وآخر.
لذا يمكن السماح للطفل بالصيام في الساعات الثلاث التي تسبق موعد الإفطار فتقول له والدته «صار في إمكانك الصوم حتى ساعة الإفطار لنفرح معًا». طبعًا في السابعة يمكن أن تكون 4 ساعات صيام، ونزيد كل سنة ساعة وفق قدرة الطفل، وهذا يعود إلى رغبته وقدرته الجسدية. ومن الضروري أن يترافق ذلك مع عبارات المدح وشرح معنى الصيام، أي أننا نصوم لله ونطيعه وهو يرضى عنا.
شرط أن يكون السحور ملازمًا للصوم. أما إذا كانت لدى الطفل فعلاً مشكلة صحية ويصرّ على الصوم، يمكن الأهل أن يسمحوا له بالصوم مدة ساعة قبل الإفطار. وهكذا يشعرونه بفرح الصوم، ومشاركة بقية أفراد العائلة.

شرح معنى الصيام من دون مبالغة
من الضروري أن يشرح الأهل لطفلهم أن الصوم يعلّم الصبر وقوة الإرادة والشعور مع الآخرين، لا سيما الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه، وأن كل طاعات الله لها مكافأة محدودة ما عدا الصيام فليس له حدود «إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به» ومكافأته كبيرة جدًا.
ولكن المبالغة في الشرح تجعل الطفل يملّ، ويمكن مثلاً إذا أراد الأهل ترسيخ معنى الشهر في عقل طفلهم أن يطلبوا من أحد الأبناء سرد حديث ديني لرياض الصالحين قرأه في كتاب معين، فهذه تكون أجمل رسالة، وبطريقة غير مباشرة وسلسة وتتحوّل مائدة الإفطار إلى غذاء للجسم والروح معًا.

أن يكون الأهل نموذج الصيام الجميل بالتزامهم ما يقولونه عن الصيام
على الأهل الالتزام بما يقولونه عن أهمية الصيام وفضائله وحسناته، وأن تكون أفعالهم تطبيقًا لأقوالهم، كي لا يشعر الطفل بالتشوّش، ويفكر في نفسه: «كيف يقولون لي إن الصوم يعلّم الصبر، وهم سريعو الغضب لأنهم صائمون»؟! الصيام ليس عن الطعام والشراب فحسب، بل هو التحكم في الغرائز والابتعاد عن العصبية والكذب والصراخ أو الشتم.
هذا ما يحتاج الطفل إلى فهمه، علمًا أن هذا لا يجوز أن يكون مقتصرًا على شهر رمضان فقط. رب العالمين يدعونا إلى الصوم بكل جوارحنا.
لذا على الأهل أن يكونوا النموذج السليم للصيام، فكثيرًا ما نسمع عبارة «أنا صائم دعني وشأني»، أي يبررون غضبهم السريع وعصبيتهم بأنهم صائمون، وهذا خطأ لأن هذه العبارة تعطي الطفل انطباعًا سيئًا عن معنى الصوم. لذا على الراشدين أن يقتنعوا بأن الصيام لله ويحاولوا قدر المستطاع ألا يتفوّهوا بهذه العبارات. فنحن نصوم طاعة لله «سمعنا وأطعنا» هكذا ذُكر في القرآن.

غضّ النظر عندما يأكل الطفل خلسة 
هناك أحيانًا أطفال ينسون أنهم صائمون أو يأكلون خلسة رغم أنهم غير مرغمين على الصيام. لذا على الأم في الفترة الأولى غضّ النظر، فالنسيان شيء والتصرّف المقصود شيء آخر.
وإذا قصد الطفل «اللقمشة»، يمكن الأم أن تقول له: «الله يعرف كل شيء فأنت تصوم له وليس لي، هذا يعود إليك». في البداية، عليها ألا تكون قاسية معه، خصوصًا إذا كان دون سن التكليف، فهناك أطفال لا يستطيعون مقاومة مشهد مائدة الإفطار الجميلة ويفقدون صبرهم ويلقمشون، هنا على الأم أن تشغلهم، بأن يساعدوها في تحضير مائدة الطعام، كأن تطلب مثلاً ترتيب الأطباق أو توزيع الملاعق أو غسل الخضار. بذلك لن يشعر الطفل بالوقت.

عدم الإسراف في مائدة الإفطار
الإسراف في المائدة وتحضير ما لذّ وطاب، وأحيانًا قد يُرمى الطعام الفائض، أمور قد تؤدي إلى تشوّش تفكير الطفل، فهو سوف يسأل نفسه «كيف يقول لي أهلي إن من أهم معاني الصيام الشعور مع الفقراء، وها هم يرمون الطعام الفائض؟» فالطفل ذكي ولا يمكن الاستخفاف بقدراته الذهنية.
لذا إذا كانت سيدة المنزل متأكدة من أنها لن ترمي الطعام «فصحتين» على قلوب الصائمين. والشرط الوحيد لإثراء المائدة بالأطباق، توزيع الطعام وإعطاء الفائض للمحتاجين. من المهم أن يرى كيف توزّع أمه طبق «أول سكبة» على أحد الفقراء، ويجب أن يعرف أن التبرّع يكون من أجمل وأجود ما لدينا.

البدء بالبسملة والحمدلة عند ضرب المدفع
أي أن يكون الأهل قد علّموا أطفالهم طاعات الله، أي البسملة والحمدلة عند البدء بتناول الوجبة، سواء في رمضان أو غيره من أيام العام. ولكن من الجميل أن يُتلى دعاء الإفطار والكل يسمع

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة