مع انتشار السرقة وغياب الابتكار: أفيشات أفلام الأبيض والأسود تكسب

أفيشات الأفلام,الابتكار,فخ الاستسهال,السرقة,طارق الشناوي,الغرافيك,التكنولوجيا,محمد العدل

يارا علي (القاهرة) 20 يونيو 2015

«أفيشات الأفلام الآن تفتقد الابتكار»، هذا ما يؤكده المتخصصون الذين يرون أن صناع الأفيشات سقطوا في فخ الاستسهال وأحياناً كثيرة السرقة. أما إذا عدنا إلى الوراء ونظرنا إلى أفيشات أفلام الأبيض والأسود التي كانت تعتمد على الرسم أكثر، فنرى فيها فناً ومحاولات للابتكار. هذه السطور ترصد آراء متخصصين في المقارنة بين أفيشات الماضي والآن.

يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي: «أفيشات الأفلام المصرية، سواء أيام الأبيض والأسود أو الآن، لا تزال متأثرة بالأفلام الأجنبية، فلم يعد هناك أي نوع من الابتكار. لكنني أذكر من بين الأفيشات الجيدة أفيش فيلم «زوجتي والكلب»، لأن المخرج الراحل سعيد مرزوق كان يتدخل بفكره حتى يوحي بملامح ما متعلقة بالأفيش. نحن نفتقد مع الأسف فكرة المخرج الذي يفكر في ملامح الأفيش. لاحظت أيضا ظهور أفيشات عليها صور لفنانين غير معروفين بالنسبة إلى الناس دون وضع أسمائهم عليها، فما قيمتها؟ فهم لا يضعون أسماء هذه الوجوه الجديدة الذين هم في حاجة إلى تسليط الضوء عليهم. في كل الأحوال لا أشعر أن فن صناعة الأفيش تتطور في مصر، أو أن هناك مختصين يفكرون في إضافة ما».
ويكمل: «من المفترض أن يلعب الغرافيك دوراً في الإضافة إلى الأفيشات، لكننا غالباً ما نستخدم ظاهر الشيء وليس عمقه، فيبدو كأن التكنولوجيا عدو للإبداع فيما من المفترض أنها عامل مساعد وحيوي في تحقيق خيال المبدع، لكننا هنا نتعامل معها على أنها لعبة، فيظهر الغرافيك وكأنه مأخوذ لذاته وليس لما يقدمه كوسيلة لتحقيق فكرة أفيش ممتع.
وعن متطلبات الفنانين في الأفيشات أيام الماضي والآن يقول طارق الشناوي إن «متطلبات الفنانين لم تختلف وتظل كما هي في كل العصور، ويظل الفنان يطلب أن ينفرد بالأفيش وأن يأتي اسمه في مقدم الممثلين معه في الفيلم وألا يكون هناك اسم آخر إلى جانبه. لذلك تنشب العديد من الخلافات بين الممثلين منذ أيام عبد الحليم حافظ وشادية، بل أذكر أنه في الثلاثينات كان من المفترض أن يجتمع محمد عبد الوهاب في فيلم غنائي مع أم كلثوم ولم يتم، وقطعا لو كان قدّر لهذا المشروع أن يتم لوقعت العديد من الخلافات بينهما بسبب وضع الاسم في المقدم.
وأذكر أيضاً أنه في فيلم «الكيت كات»، كان الفنان ممدوح عبد العليم مرشحاً لدور ما في الفيلم، لكنه اشترط أن يكون اسمه بحجم الخط المكتوب به اسم بطل الفيلم محمود عبد العزيز، لكن الإنتاج اعترض، لذلك وقع الاختيار على الفنان شريف منير للقيام بهذا الدور. والفنانة هند رستم كانت مرشحة لفيلم «الكرنك»، وطلبت أن يكتب اسمها قبل اسم سعاد حسني، ولم يحدث فاعتذرت عن الفيلم. أيضاً كان هناك خلاف شهير بين النجم فريد شوقي والفنان نور الشريف عندما تحرك شوقي لإقامة دعوى ضد الشريف لوضع اسمه على أفيش أحد الأفلام قبله، وحدث هذا الخلاف رغم أن نور الشريف كان يرفع شعار: من يأخذ أجراً أكبر مني فليسبقني ماعدا فريد شوقي يسبقنا جميعاً».

اجتهادات
أما الفنان التشكيلي الدكتور إبراهيم غزالة فيرى أن الغرافيك والتكنولوجيا الحديثة «طوّرا صناعة الأفيشات من ناحية الجودة والتقنيات، ومن حيث إمكان طباعة مليون أفيش بالجودة نفسها. أفيشات الماضي كان يرسمها فنانون بأيديهم، أي فنان تشكيلي بدرجة «صنايعي» يرسم ويلون الأفيش، ففي ذاك الوقت لم تكن هناك فكرة المصمم أو الـDesigner بقدر ما كان الاعتماد على الرسام الذي يأخذ كادراً من صور الفيلم ليكبرها ويضع عليها الأسماء. كان العامل اليدوي هو السائد، أما الآن الأفيش تأثر بلا شك بالتكنولوجيا وأصبح يعتمد في معظمه على فن الفوتوغرافيا لا الرسم. ولا شك أن معظم الأفيشات المصرية متأثرة بالأفلام الأجنبية، إلى درجة أننا أصبحنا نرى حالات من التطابق مع أفيشات الأفلام الأجنبية. ونحن في مصر لا يوجد لدينا مصممون متخصصون في تصميم أفيشات الأفلام، على عكس أميركا وأوروبا، فهناك غزارة في الإنتاج السينمائي، ومصممون مشهورون ومتخصصون في هذه الصناعة. أما الأفيشات التي تصنع في مصر فهي إما من اقتراح المخرج أو أحد الهواة يتطوع باقتراح فكرة للأفيش... كلها اجتهادات!».

ضغوط النجوم
يرى المنتج محمد العدل أنه في أفلام زمان كان هناك تقنية أقل، لكن كان هناك بشكل أو بآخر أفكار يبتكرها الرسام، أما الآن فتوجد تقنية عالية لكن تصاحبها سرقة للأفيشات من الخارج بصورة تزيد عن الحد.
 وعن اتهام الكثيرين بعدم وجود مصممي أفيشات متخصصين، يقول العدل: «لدينا مصممو أفيشات محترفون، لكنهم يستسهلون ويلجأون إلى أفكار أفيشات الأفلام الأوروبية والأميركية. ومن المفترض أنه عند الاستعانة بمصمم أفيش فهذا يعني أنه سيتقاضى أجراً عالياً، لكن هؤلاء المصممين ورغم حسهم الإبداعي والابتكاري العال، لا يودون أن يتحملوا عناء التفكير طويلاً، فيقلدون أفيشات الأفلام الأجنبية. لكن هناك عدة أسباب أيضاً تجعلهم يلجأون إلى هذا الحل السهل، وهو تحكم بعض المنتجين أو ظروف العمل في مصر، مثل ضغوط بعض النجوم والنجمات بضرورة تصدّر الأفيش. أعتقد أننا لو أعطينا مصممي الأفيش حرية اختيار التصميم دون ممارسة النجوم ضغوطاً عليهم يستطيعون إنتاج أفيش مختلف».