مفتي مصر الدكتور شوقي علام في حوار رمضاني عن أخطر مبطلات الصوم

مفتي مصر,الدكتور شوقي علام,حوار رمضاني,مبطلات الصوم

أحمد جمال (القاهرة) 21 يونيو 2015

يعد الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، من العلماء الذين لهم مكانة كبيرة في نفوس المسلمات والمسلمين في مصر وخارجها، نظراً إلى دقة فتواه التي يطلقون عليها «السهل الممتنع» ليسرها ومباشرتها، مما يدخل الطمأنينة إلى قلوب السائلين والسائلات... من هنا تأتي أهمية ما طرحناه عليه من أسئلة تتعلق  بأمور مرتبطة بشهر رمضان الفضيل.

-في بداية الشهر الفضيل، ينسى الصائمون والصائمات فيأكلون أو يشربون لعدم اعتيادهم على الصيام، فماذا يفعلون للخروج من هذا المأزق؟
يراعي الإسلام هذه الحالات التي يسببها النسيان أو الاعتياد على الأكل والشرب، لأن الإنسان بطبيعته كثير النسيان، خاصةً في العادات، ولهذا قال الرسول (صلّى الله عليه وسلّم): «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه». وقال في حديث آخر موضحاً الحكم الشرعي الذي يجب أن يلتزم به الصائم الناسي: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».

-هل هناك إجماع على هذا الحكم الشرعي؟
نعم هو مذهب جمهور الفقهاء، أما عند غير مالك، فإن الأكل أو الشرب نسياناً لا يبطل الصوم وليس فيه قضاء وصيامه صحيح وهو الراجح عندنا. أما مذهب الإمام مالك فيرى أن صوم من أكل أو شرب نسياناً يبطل ويجب عليه إمساكُ بقية يومه والقضاء فقط.
مبطلات الصيام

-نود التعرف على أهم مبطلات الصوم حتى يمكن تجنّبها، خاصةً أن البعض لا يعرفها ، خصوصاً الصائمات والصائمين الحديثي السن؟
اتفق الفقهاء على أن مبطلات الصوم عديدة، لكن أخطرها أربعة هي:
● الجُماع عمداً في نهار رمضان، ومن يفعل ذلك فعليه القضاء والكفارة في جميع المذاهب، لكن هل الكفارة على الزوج والزوجة معاً؟ بعض المذاهب يرى ذلك، وبعضها يرى الكفارة على الزوج، أما الزوجة فعليها القضاء فقط، وإن كان الاثنان شريكين في الإثم والمعصية.
● تعمّد القيء وكل ما يصل إلى الجوف من السوائل أو حتى المواد الصلبة، هو مبطل للصوم، وإن اشترطت الحنفية والمالكية في المواد الصلبة الاستقرار في الجوف.
● الكحل إذا وُضِع نهاراً ووُجِد أثرُه أو طعمُه في الحلق أبطل الصوم عند بعض الأئمة، إلا أن الكحل عند أبي حنيفة والشافعي لا يفطر حتى لو وُضِع في نهار رمضان، ويستدلان بما رُوِيَ عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم ) من أنه كان يكتحل في رمضان وهو الراجح عندنا.
● الحيض والنفاس،  فلا يجوز للحائض والنفساء الصوم.
اختلاف النية

-ما زال الجدل مستمراً سنوياً بين الناس حول «النية في الصيام» ، فهناك من يشترطها يومياً وهناك من يراها نية واحدة في بداية الشهر تكفي حتى نهايته، فماذا نفعل؟
الاختلاف في ما يتعلق بنية الصوم يرجع إلى العديد من الأحاديث التي اختلف الفقهاء في فهمها، من أهمها قول رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم): «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له». وهنا يرى غالبية الفقهاء أن المقصود بلفظ «يجمع» هو الإحكام والعزيمة. لهذا،  فإن النية محلّها القلب ولا يشترط النطق فيها باللسان، في حين يرى بعض الفقهاء أن النية واجبة التجديد لكل يوم، ولا بد من تبييتها ليلاً قبل الفجر. وأقول إذا استطاع الإنسان أن يعقد النية كل ليلة من ليالي رمضان ، فهذا هو الأصل والأفضل. وفي ظل هذا الاختلاف،  فإذا خاف أن ينسى أو يسهو فلينوِ في أول ليلة من رمضان أنه سيصوم بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الحاضر لوجه الله، ويسأل الله أن يتقبّل نيته، لأن الأعمال بالنيات كما أخبرنا بذلك رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم).

الشات

-غزت تكنولوجيا الاتصال جوانب حياتنا كلها حتى أصبح «الشات» بين الجنسين من ضرورات الحياة المعاصرة، فهل يمكن أن تُبطل هذه الوسائل صيام المشتركين فيها؟
من الخطأ تعميم الحكم الشرعي على كل وسائل الاتصال والتواصل بأنها حلال أو حرام. ولهذا فإن حكمها يتوقف على طبيعة ما يقال أو يكتب من خلالها. فإذا كان استخدام هذه الوسائل الحديثة في التواصل لمصلحة أو لعمل من  دون أي تعدٍ للضوابط الشرعية، فلا يؤثر هذا في صحة الصيام، وهنا تكون هذه الوسائل «نعمة». أما إذا كان فيه من الكلام أو الكتابة ما يحتوي على الفحش الذي يؤدي إلى تحريك الغرائز بل إلى الإثارة،  فهذا حرام قطعاً، بل إنه يبطل الصيام، في هذه الحالة تكون وسائل التواصل «نقمة»، أي أنها سلاح ذو حدّين ويتوقف الأمر على طريقة استخدامها وتكون المسؤولية الشرعية على مستخدمها في الطاعة أو المعصية.

المصحف الإلكتروني

-إذا كان يشترط لقراءة القرآن من المصحف الطهارة، فهل يجوز للحائض والنفساء والجنب خلال رمضان أن يقرأن القرآن من على شاشة المحمول أم إنه يعد في حكم المصحف كما أفتى البعض؟

 هذه قضية خلافية بين من يعطي المحمول الذي عليه القرآن حكم المصحف الورقي، ومن يعترض على هذا القياس، لكنني أقول لمن لديها مانع شرعي من المساس أو الإمساك بالمصحف وللخروج من هذا الخلاف، إن لا مانع من الاستماع إلى القرآن من خلال المحمول أو الفضائيات أو المذياع، ففي الحالتين للمرأة الثواب من الله، وفي هذه الحالة لا ينطبق عليها قوله تعالى: «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» (آية79) سورة «الواقعة».

تراويح الفضائيات

-يتواكب مع حرص الفضائيات على نقل صلاة التراويح من المسجد الحرام في مكة أو المسجد النبوي في المدينة، حرمان بعض الأزواج زوجاتهم من صلاة التراويح في المسجد، فهل يجوز للزوجات أن يصلّين التراويح من خلال الفضائيات وراء أئمة الحرمين لنيل أجر صلاة الجماعة؟
 هذه العاطفة الطيبة والحرص على الطاعة من جانب هؤلاء الزوجات أمر محمود شرعاً، وجزاهن الله خيراً عليه، إلا أن للمرأة أن تتعبّد وتصلّي التراويح وقيام الليل بمفردها في بيتها، ولها الأجر العظيم من الله مثل الرجال الذين يصلّون الجماعة والتراويح في المساجد، لأن صلاة الجماعة ليست واجبة عليها مثل الرجل. ولهذا، فإن بعض الفقهاء أفتوا بأن صلاتها في بيتها أفضل من ذهابها إلى المسجد، لكن في كل الأحوال لا يجوز لها شرعاً أن تصلّي خلف أئمة الحرم، وإن فعلت هذا فليست هذه صلاة جماعة ولا يكون لها أجر أفضل.

السهرات الرمضانية

-في السهرات الرمضانية يحلو الخروج مع «الشلة» التي يجد فيها الشبان و البنات فرصة للترفيه بعد عناء الصيام في حر النهار، هل «الشلّة» حرام كما يدّعي بعض المتعصبين؟
الإنسان اجتماعي بطبعه، ويحب التواصل مع غيره من البشر، ومن حيث المبدأ، فإن ما يطلق عليه الشبان أو الفتيات «الشلة» ليس حراماً، إلا إذا تم اتخاذها وسيلة لارتكاب المخالفات الشرعية.

-إذاً ما هي مواصفات الشلة من الناحية الشرعية طالما أن بعضها حلال وبعضها الآخر حرام؟
الشلّة الحلال هي التجمع البشري الذي يعين الإنسان على الطاعة ويبعده عن المعصية، والشلّة الحرام هي التي يقوم أفرادها بمعصية الله بحجة الترفيه والضحك، ولهذا يقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلم): «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل».

-هل تختلف أحكام الشلة الرمضانية عن غيرها من الشلل في بقية شهور السنة؟
 إذا أجزنا قبول تسمية «الشلة الرمضانية» ، فإن الحلال منها هو ما يعين أفرادها على الطاعات من العبادات، مثل صلاة التراويح والاعتكاف، أو السعي إلى عمل الخير في رمضان مثل إفطار الصائمين الفقراء وعابري السبيل ومساعدة المحتاجين وزيارة المسنين ورعاية الأيتام مادياً أو معنوياً، وغيرها من أبواب التعاون على البِّر والتقوى امتثالاً لقول الله تعالى: «...وَتَعَاوَنُواْ على الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ على الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»  (آية 2 ) سورة «المائدة».

-هل معنى هذا أن الشلة الرمضانية التي لا تتوافر فيها هذه المواصفات تكون مرفوضة شرعاً؟
الشلة إذا أدت إلى ارتكاب المعاصي ومحاربة أهل الطاعات أو السخرية منهم فلا تكون عندها شلة رمضانية، بل «شلة شيطانية»، لأن أفرادها اجتمعوا على طاعة الشيطان ومعصية الرحمن، ومن المؤسف أن بعض شياطين الإنس قد يكونون أكثر تفنناً في المعصية من شياطين الجن الذين يمكن صرفهم والتخلص من وسوستهم بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

الإنس والجن

-هل معنى هذا أنكم تحذّرون من خطورة شياطين الإنس في رمضان أكثر من شياطين الجن؟
بالتأكيد، لأن شيطان الإنس يدخل معك في حوار وتراه بعينك، ولهذا فتأثيره أكبر من شيطان الجن، الذي وصف الله كيده بأنه ضعيف في قوله تعالى: «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً «  (آية 76 ) سورة «النساء»، في حين وصف كيد النساء في قصة يوسف عليه السلام، وهن يمثلن نصف الإنس بقوله تعالى: «إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ»، ولا يمكن الفصل بين شياطين الإنس والجن لأن هدفهم جميعاً معصية الله وإضلال الخلق، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ»  (آية 112) سورة «الأنعام».

اختيار الرفيق

-كيف يختار الصائم أو الصائمة رفيقه في الشلّة  عامة وفي رمضان خاصة؟
عليهم الابتعاد عن رفقاء السوء الذين يستهينون بالمحرّمات، حتى أنهم يفسدون الصيام، وفي الوقت نفسه على الصائمة والصائم اختيار الشلّة الحسنة التي تقوم بالترفيه الحلال. لهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنّما مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحاً طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحاً خبيثَة».

العرق والتعطّر

-رمضان يأتي في أجواء حارة مع ما يستتبع ذلك من كثرة التعرق، فما حكم استخدام العطور في نهار رمضان للتطيب؟
لا شك في أن حب التعطّر صفة يتميز بها البشر في كل زمان ومكان، ويراعي الإسلام تلك الفطرة، وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن تعطر الرجل في نهار رمضان لا تأثير له. أما بالنسبة إلى المرأة، فإن تعطّرها لا يفسد الصيام لأنه ليس بأكل أو شرب، ولكن ممنوع على المرأة استخدام العطور النفّاذة التي تلفت نظر الرجال إليها، في حين يباح لها التطيّب غير النفاذ لئلا تكون رائحتها كريهة، كما عليها الاهتمام بالنظافة الشخصية ومزيلات العرق.

صيام المجاملة

-غالبية النساء يصمن أثناء دورتهن الشهرية أو في حالة النفاس مجاملة للصائمين وكي لا يتعرضن للسخرية، فما الحكم؟
هو أمر مخالف لحكمة الله في التخفيف عليهن والحفاظ على صحتهن الجسدية والنفسية. ولهذا، فإن المطلوب منهن أن يفطرن بشكل طبيعي في فترة الحيض أو النفاس، ولا حرج عليهن ولا لوم ، لأنهن سيقضين هذه الأيام لاحقاً، بل عليهن الامتثال لقول الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً»  (آية 36 ) سورة «الأحزاب».

خروج المخطوبَين

-هل خروج المخطوبَين وحدهما معاً في نهار رمضان يؤثر في أجر الصيام؟
من الممنوع شرعاً خروج المخطوبين معاً من دون محرم مع المرأة حماية وصيانة لها، لكن لا تأثير لهذا الخروج إذا تم على صحة الصيام، إلا إذا حدث ما يؤدي إلى إفساد الصيام. ولهذا نحذر من تساهل الأسر التي تسمح بخروج المخطوبين وحدهما، سواء في رمضان أو غيره، لأنه تساهل قد تدفع الفتاة وأسرتها ثمنه غالياً ولا ينفع الندم، ولهذا فإن الالتزام بأحكام الشرع حماية ووقاية.

الملتحي والمنتقبة

-لكن قد يقال إن هذا الخروج بريء كأن تكون المخطوبة منتقبة والخاطب ملتزماً دينياً أو ملتحياً؟
لا قيمة للمظهر الخارجي هنا بكونها محجبة أو حتى منتقبة أو كونه ملتحياً، لأنهما في النهاية أجنبيان عن بعضهما بعضاً، والخروج معاً يعتبر بمثابة الخلوة المحرّمة شرعاً، ولهذا اشترط الإسلام وجود محرم معهما مهما كانت درجة تدين المخطوبين، لقوله (صلّى الله عليه وسلّم): «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». وقال (صلّى الله عليه وسلّم) أيضاً: «لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»، الحكمة في ذلك سد أبواب الفتنة وتزيين الشيطان للحرام مهما كانت درجة الصلاح أو التدين، لأنهما في النهاية بشر ويمكن أن يقعا في المحرم، ولهذا يعمل الشرع على حماية البشر من النفس الأمّارة بالسوء باشتراط وجود محرم معهما.

الامتحانات الرمضانية

-يأتي رمضان هذا العام والأسر مشغولة بالامتحانات ، كما تعاني الطالبات من حر الصيف وقد لا يستطعن المذاكرة بتركيز في الصيام، فهل يعد هذا مبرراً للفطر وتعويض ذلك بعد رمضان؟
الامتحانات في حد ذاتها ليست مبرراً للفطر، لكن العبرة بالقدرة على التحمل، فإذا كان الصوم يمثل خطراً شديداً عليها، بعد أن تبذل أقصى جهد في التحمل ولم تستطع، وقرر الأطباء أن الصوم خطر عليها، فإنه يتم قياسها على المريض في عدم القدرة على التحمل، لكن لا ينبغي أن يتخذ من ذلك وسيلة للتهاون والتساهل في أداء الفريضة، كأن يقوم الطبيب بالمجاملة وتدّعي الطالبات عدم القدرة على الصيام.

سن التكليف

-في أي سن يجب على البنات الصوم كفريضة يحاسبن عليها،  أم أن الأمر مرتبط بالقدرة الجسدية على التحمل؟
الإسلام فرض الصيام على كل المسلمين، ذكوراً أو إناثاً، في السن التي يطيقون فيها ذلك، وهي سن البلوغ، حيث يكون الجسم قد اكتمل وأصبح قادراً على تحمل التكاليف الشرعية. ولهذا يجب على الفتاة الصوم متى بلغت سن التكليف، وهو يختلف من فتاة لأخرى، لكنه في المتوسط 14أو  15سنة، قد تزيد أو تنقص من فتاة لأخرى، وعلامات البلوغ معروفة وأهمها نزول الحيض.

-لكن هذه السن قد تكون عند فتاة عشر سنوات وعند أخرى عشرين عاماً، فهل هناك حد أدنى وحد أقصى للبلوغ؟
ليست هناك سن محددة توجب على الفتاة الصوم، وإنما ربط الشرع ذلك ببلوغ الفتاة، ولا قيمة لاختلاف السن من واحدة لأخرى، فإذا كان التأخر مثلاً غير طبيعي، كأن تصل إلى سن العشرين، فإنه يمكن قياس أمرها بسن مثيلاتها، وهي السن التي ذكرناها سابقاً والإسلام دين يسر لا عسر.

تأخر البلوغ

-إذا افترضنا جدلاً وجود سبب مرضي أو وراثي منع نزول الدورة الشهرية نهائياً، فهل معنى هذا أن لا صيام على الفتاة؟
إذا افترضنا جدلاً إمكانية ذلك، تكون هذه حالة نادرة والنوادر لا يقاس عليها، لكن الإسلام وضع لها ضابطاً آخر ، هو سن الفتيات مثيلاتها، وهي في المتوسط 15 سنة، فلا أتصور فتاة تخطت الـ 15 سنة من دون أن تحيض.. . وبالتالي لا مهرب من التكاليف الشرعية المرتبطة بسن البلوغ، ويجب سؤال الأطباء عن تلك الحالات النادرة باعتبارهم أهل الاختصاص والعلاج، لقوله تعالى « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»  (آية 43 ) سورة «النحل».

الدلع ممنوع

-ولكن قد يتساهل الأهل مع الفتيات اللواتي بلغن بحجة أنهن صغيرات ولا يتحملن الصيام في الحر الشديد والنهار الطويل صيفاً؟
تساهل الأهل وظنّهم أن ابنتهم صغيرة فلا يلزمونها بالصيام يُعتبر خطأ شرعاً، ويجعلهم آثمين، لأن من واجبهم تدريبها على الصيام قبل سن البلوغ لتعرف أن هناك فريضة شرعية ستكون واجبة عليها شرعاً عندما تبلغ. و التساهل في هذه المسألة يُعد دلعا مرفوضاً شرعاً ويأثم المتساهل في أداء الفريضة، سواء الفتاة أو أهلها، لأن الفتاة، وكما أسلفنا، إذا حاضت فقد بلغت مبلغ النساء ووجب عليها التكليف.

-إذا تساهلوا سنوات عدة مضت، فما الحل الشرعي في السنوات التي أفطرتها؟
من المقرر شرعاً أن تكون المرأة مكلفة بشروط: الإسلام والعقل والبلوغ، ومتى توافرت فيها الشروط، وجب التكليف بالصيام. ولهذا يجب عليها قضاء ما تركته من الصيام منذ وقت تكليفها مهما بلغ عدد السنوات، وعلى أهلها مساعدتها في ذلك واستغفار ربهم، لأنهم آثمون شرعاً لسماحهم بهذا التساهل المرفوض شرعاً.

-هل يجوز لرجال الأعمال إخراج القيمة المادية لزكاة الفطر من إنتاج مصانعهم؟
 هذا غير جائز شرعاً، بل أراه نوعاً من التحايل المرفوض، لأن زكاة الفطر إما حبوب من قوت البلد أو القيمة المادية لتلك الحبوب، حتى يشتري بها الفقير ما يحتاج  اليه أولاده في العيد. أما أن يتم إخراج زكاة الفطر من إنتاج المصانع حتى يقوم رجل الأعمال بالتوفير وتوزيع منتجاته، فهذا لا يجوز شرعاً، حتى وإن أخرج بقيمة أكبر من قيمة زكاة الفطر، ولهذا يجب على رجال الأعمال أو أصحاب المصانع بيع منتجاتهم وإخراج زكاة الفطر نقوداً، أو شراء حبوب وتوزيعها قبل صلاة عيد الفطر.

الأنسولين لا يفطر

-السكر مرض العصر، فما حكم إبر الأنسولين خلال الصوم بأمر الطبيب المعالج؟
لا مانع شرعاً من حقن الأنسولين تحت الجلد أثناء الصيام، لأنه وإن وصل إلى الجوف فلا يصل إليه من المنفذ الطبيعي، ومن ثمَّ يكون الصوم صحيحاً.

بدايات الشهور

-في الختام، هل يمكن الحلم بأن ينتهي خلاف الدول العربية والإسلامية سنوياً على الاحتفال ببدء الشهر الفضيل وكذلك عيد الفطر المبارك؟ وما الحل؟
 الحل الذي نسعى إليه هو إنشاء قمر اصطناعي إسلامي لاستطلاع الأهلّة وتوحيدها بين دول العالم الإسلامي، سواء في رمضان أو شوال، ونحلم بأن نصل إلى اليوم الذي يحتفل فيه كل المسلمين حول العالم بأول صوم في رمضان وأول يوم من شوال، حتى نطبّق عملياً قول رسول الله (صلّى الله عليه وسلم): «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». وحتى يتم هذا، فلا داعي أبداً لأن تبقى هذه المسألة مثار خلاف ونزاع بين المسلمين في الوقت الحالي، حرصاً على وحدة كلمتهم وجمع صفهم وعدم الشقاق في ما بينهم، امتثالاً لقوله تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ»  (آية 46) سورة «الأنفال». ولهذا، يجب على أهل كل دولة اتباع بيان المفتي الرسمي لها، وهو ليس مكلفاً شرعاً بأن يتبع بداية رمضان أو نهايته في دول أخرى.