ميلاد يوسف: «باب الحارة» حكاية شعبية لا يمكن تحميلها وزناً تاريخياً

ميلاد يوسف,باب الحارة,حكاية شعبية,الشاشة الصغيرة,الشوائب,الداخل السوري,الأعمال الدرامية,الأعمال المشتركة

28 يونيو 2015

منذ 23 أيلول/سبتمبر 2006، تاريخ عرض الحلقة الأولى من «باب الحارة»، تحوّل النجم السوري ميلاد يوسف إلى «عصام»، الشخصية التي تخطت الحدود المحلية إلى العربية، واستمرت حتى الجزء السابع الذي يعرض في رمضان الجاري.
يحفل هذا الموسم بأعمال أخرى ليوسف، يكشف خباياها، بالإضافة إلى تصوير أول عمل له خارج بلده منذ اندلاع الأزمة فيه عام 2011 في هذا الحوار.


- ما هي مفاجأت «عصام» في «باب الحارة - الجزء السابع»؟
تحمل شخصية «عصام» مفاجآت جديدة وطريفة منذ المشهد الأول من العمل، فتكمل البنية الدرامية للشخصية على هذا الأساس. نرى عائلة عصام في حالة جديدة، لكن من دون زوجة رابعة، وتظهر شخصية «عصام» بشكل مختلف في خضم الأزمات التي تصيب بيت «أبو عصام»، حيث نشهد تماسك العائلة أمام المصاعب، وتلك هي الفكرة التي أسس عليها «باب الحارة».


عصام «سُكّرة باب الحارة»

- لماذا اتخذ الخط الدرامي في علاقة «عصام» بزوجاته صبغة كوميدية؟
الشخصية تحمل على الورق مفاتيح الكوميديا، «عصام هو سُكّرة باب الحارة» وفق قول المخرج بسّام الملاّ، لذا قاربنا موضوع تعدّد الزوجات من ناحية طريفة، لئلا تكون الفكرة أو المشهدية مزعجة للجمهور. أجد أن من المهم لعصام أن يُظهر الجوانب المختلفة من شخصيته... تلك التفاصيل والملامح الدرامية هي التي تولد التفاعل بين الممثل والنص في المشهد، وبالتالي مع المشاهد.

- أحب الجمهور ثنائية «عصاممعتز» مع الممثل وائل شرف، لماذا لم ترسخاها في عمل آخر؟
أنا أشجع الفكرة، وائل شرف صديق وزميل عزيز، أرتاح للعمل معه ولنا تجربة طويلة أحبنا الجمهور من خلالها. إذا عُرض علينا نص جميل فسنقدّمه، وليس بالضرورة أن يتناول سيناريو أو قصة تدور في بيئة شامية. أرى أن تكريس الحالة الثنائية مهم جداً.

- تعرض «باب الحارة» إلى انتقادات عديدة، بعضها حاد، ما رأيك بها؟
أنظر الى الانتقاد بشكل إيجابيّ. أي عمل فنيّ إن لم يشكل آراء متعددة وإشكالية، لا أراه عملاً ناجحاً، لذلك نجاح «باب الحارة» يعود إلى ذلك بنظري.
هو قصة، حكاية شعبية، لا يمكنك تحميلها صبغة تاريخية، لكنه طرح شخصيات مختلفة في الأجزاء الأخيرة، وفي الجزء السابع هناك حدث موثق تاريخياً له علاقة بوفاة توفيق هنانو وتوحيد كل الشاميين معاً. وبسبب هذه الانتقادات، وجدنا تطوّراً في نص «باب الحارة» من الجزء الأوّل إلى الأخير.


بيني وبين نسرين طافش

- تُشارك في رمضان 2015 في أعمال عدة، ما هي الخطوط والملامح الدرامية للشخصيات التي أديتها؟
صوّرت أخيراً المسلسل العربي المشترك «سبعة» في لبنان، من إخراج عامر الحمود، سيناريو هوزان عكو، عن رواية غازي القصيبي. أؤدي شخصية الطبيب النفسي «أنور»، إحدى الشخصيات السبع الرئيسة.
يعتبر «أنور» شخصية مركبة تتضمن مستويات متعددة، تعيش علاقة حب تتطوّر إلى أن تنتهي بمأساة، إلى جانب إخفائها الكثير من الشر في غضون مهنتها الإنسانية، كاستغلال المرضى.
ومن جهة أخرى، أُحل ضيف شرف في مسلسل «حارة المشرقة» للمخرج ناجي طعمة، وأشارك أيضاً في بطولة مسلسل «ظروف غامضة» من إخراج المثنى صبح وكتابة فادي قوشقجي، بشخصية «مازن» الشاب الدمشقيّ الفقير، والمغرم بفتاة (نسرين طافش)، فتنشأ علاقة حب مميزة بينهما يظهر فيها الجنون والجمال والشغف، بعد مرحلة من الصدام. وأراهن على أن «ظروف غامضة» سيكون من أهمّ الأعمال هذا الموسم لأنه يحيي الجوانب الجميلة في سورية، وقد بذلت فيه جهداً وأملي فيه كبير جداً، خاصة أن نسرين طافش أدت دوراً صعباً على الورق بشكل جميل أمام الكاميرا.

- لماذا كنت بعيداً عن المشاركة في الأعمال المشتركة؟
شجعني النص الجميل على التمثيل في هذا العمل المشترك، بعدما كنت مبتعداً عن الأعمال المشتركة لأنها لم تكن تحمل مبرّرات درامية مقنعة، علماً أنني شاركت في هذا النوع من المسلسلات مثل «ليل السرار» للراحل عدنان ابراهيم و «رجال الحسم» لنجدة أنزور... فالأعمال المشتركة كانت موجودة دائماً، لكنها اتخذت أخيراً صبغةً ترويجية تحمل إقحاماً وأموراً غير منطقية لإدخال خطوط من جنسيات مختلفة من أجل تسويق العمل، لذلك كنت مصرّاً على البقاء في الدراما السورية فقط.

- هل صحيح أنك لن تقدم شخصية «فايز» في «دنيا 2015»؟
عُرض عليّ الدور أثناء التصوير، وتأنّيت في قراءة الحلقة التي كان من المفترض أن أحل ضيفاً فيها، خصوصاً أنه يجب عليّ أن أسترجع الشخصية التي أديتها في العمل منذ 15 سنة. ولكن المساحة التي خصّصت للدور لم تكن كافية لإظهاره كما يجب أو لمقاربة «فايز» في الجزء الأول، لذا آثرت عدم الاشتراك والمحافظة على الملامح الجميلة للشخصية، وحصل ذلك بالاتفاق مع المخرج زهير قنوع، لأن «فايز» كان يتمتع بحضور درامي أقوى لا يمكن ارتجاله أو إقحامه.

- هل تجد أن الدراما اللبنانية استفادت من الوجود الدرامي السوري في لبنان؟
لا يمكن الحديث دائماً من جهة الفائدة في الموضوع، أنا أجدها حالة فنيّة، فكلما كان المستوى مرتفعاً من ناحية الحالة الدرامية والفنية، يكون الأمر أفضل، فكيف إذا جمعت جنسيات عدة وخبرات مختلفة؟ أظن أن الدراما اللبنانية والسورية استفادتا من العمل المشترك، وما حصل هو حالة فنية طبيعية، لكن لكل دراما أساسها وخصوصيتها، وفي هذا الإطار أرى أن أسس الدراما اللبنانية متينة.

- لماذا تأخرت في الالتحاق بالأعمال الدرامية التي تصوّر خارج سورية وما هي ميزة التصوير داخلها حالياً؟
في البدء، يجب أن نكون أوفياء للدراما السورية، لأنها قدمت لنا الكثير، وأعطتنا على مدى سنوات طويلة حالة من الأمان وقدّمتنا لكل العالم العربي، إضافة إلى وجود حالة فنية خاصة، مثلاً بعض الأعمال السوريّة اعتمدت مؤثرات صوتية «لايف»، هذه حالة فنيّة مميزة شئنا أم أبينا، كنّا نصوّر في جوّ الحرب وسنستمر، كل ذلك جعلني أصرّ على البقاء في سورية، الحالة الفنيّة هذه تستفزني كثيراً، لا تفوّت، أنا عشت ذلك، لم أخرج من سورية مدة ثلاث سنوات، عشت كل المراحل وقرأتها وأحسست بها.
أنا على يقين بأن سورية دائماً تنبض بالحياة، الشعب السوري قادر على صناعة العجائب، وقادر على الصبر، هذه الحالة التي نعيشها هي نوع من التجربة المأسوية، لكن الشعوب تصنع نفسها في الحروب وستنتهي هذه الأزمة يوماً ما.

- ما رأيك بوضع الدراما في الداخل السوري؟
نحن مررنا بحالة من التكرار والاسترخاء قبل الأزمة، والآن ورغم كل شيء، تمرّ سورية بمرحلة فنية من نوع آخر، إذ نجد حالات مسرحية جديدة وعروضاً جديدة ومواهب جديدة، ونشهد ولادة فرق مسرحية وموسيقية شبابية مبدعة، وهناك أيضاً تطوّر في حالة السينما والدراما، غالبية الأعمال كانت جريئة ورفعت سقف الحريّة، مثل «بقعة ضوء»، و «ضبّوا الشناتي»، و «حائرات». حالياً، ينتج في سورية بين 15 و25 عملاً بحالة سوية ومتقاربة المستوى، أرجو أن تستمر هذه الحالة.

- هل صحيح ان بعض الشوائب تسلقتها خلال الأزمة؟                                                  
أولاً أنا أقدّر كل من مثّل داخل سورية وخارجها، فمن جهة أعتبر أن كل انسان يعرف مصلحته ويدرك أين وكيف يعمل. كما أقارب الموضوع من زاوية وجود دمّ جديد وأساليب جديدة بثّت في الدراما السورية، وهناك ممثلون ومخرجون وكتّاب جدد موهوبون وتغيّر في النصوص، ومن المؤكد أن في أي وقت أو ظرف سيفرض الممثل الجيّد نفسه.


ظهوري الأول على الشاشة الصغيرة كان مع دريد لحّام

- ما هي طبيعة ميلاد يوسف في العمل؟
ظهوري الأول على الشاشة الصغيرة كان في مسلسل «عودة غوّار» مع الأستاذ الكبير دريد لحّام، كان الدرس الأوّل لي على جميع الصعد: الالتزام، طبيعة العمل، طريقة القراءة، تناول الشخصية.
أتذكر الكادر الفنيّ بكل أفراده، ومن حسن حظي أن كبار الدراما السورية وأعمدتها كانوا معلمين لي، عشت في جوّ من الحرفية العالية وهذا الدرس حاولت تكريسه في كل أعمالي الأخرى.
كما أن كل شخصياتي التي أختارها تؤسس لشيء جديد بالنسبة إليّ، كل مسلسل هو مرحلة انتقالية، شخصية نوّار في «أبناء القهر» شكّلت نقلة نوعية لي، ومن ثم «باب الحارة»، و«سكر وسط» و «جلسات نسائية» أيضاً، لذا أصر على الاستمرارية والحضور الدائم والتميّز وعدم التكرار وعدم الاستغلال من جانب أي طرف. وأخيراً أشعر بالنجاح لمجرد أن يناديني الجمهور باسم شخصية أديتها.