أعباء «رمضان» ومصروفاته صداع الزوجة السنوي!

شهر رمضان المبارك,إدارة شؤون الأسرة,تخطيط مالي,المصروفات والمدخرات,مريم زهواني,شركة الصكوك الوطنية

لها (دبي) 28 يونيو 2015

يمنح شهر رمضان المبارك سيدة البيت فرصة التعبير عن جدارتها بإدارة شؤون أسرتها لما يحتاج اليه هذا الشهر الفضيل من تدبير وتخطيط مالي لإدارة المصروفات. ففي مجتمعاتنا العربية، تبقى للمرأة مكانتها ودورها الأساسي في تدبير شؤون العائلة والحفاظ على أمنها واستقرارها المادي والاجتماعي... فهي صاحبة النصيب الأكبر في التربية وإدارة الموازنة وتحديد نسبة المصروفات والمدخرات، وعليها يتوقف مصير كل المناسبات وشكلها وفي مقدمها المناسبات الدينية.  

لكن، هل بإمكاننا استعادة أجواء الفرح النقية لشهر رمضان من دون مشاكل مادية، أم أننا نغرق تدريجاً في سلوكيات وعادات ترهق هذا الفرح وتغيّبه وتجعل مشاعر القلق والخوف من الأعباء المالية سيدة الموقف؟
مريم زهواني المستشار المالي الأول في شركة الصكوك الوطنية في الإمارات، تؤكد أن في يد المرأة العربية مفاتيح أكثر أهمية مما في يد الرجل، وأهم تلك المفاتيح هو تأثيرها الكبير في سلوك أبنائها وبناتها، لأنها الأكثر قدرة على تعزيز الوعي السلوكي المالي لديهم. ومن خلال دورها اليومي «البسيط» في التعامل مع بيتها، تتحول المرأة إلى أكثر من شريكة للرجل، لتتسنّم مركزاً قيادياً رئيسياً في العائلة.
ولأن الفوضى تحرق الدخل وتطيح المدخرات وتسبب كل الكوارث المادية، والفوضى هنا بكل بساطة تعني دخول شهر رمضان من دون وضع الخطة المناسبة للمصروفات... لهذا وضعت مريم زهواني ملامح تلك الخطة للشهر الكريم والتي تبدأ بتحديد المبلغ الذي تود المرأة إنفاقه على ما يحتاج إليه البيت من طعام وشراب يكفي أهل البيت والضيوف، وأمور أخرى مثل مواد التنظيف أو منتجات العناية الشخصية او الصدقة والزكاة. وعند وضع هذه الخطة يجب مراعاة الأمور الآتية:
● الدخل الشهري للأسرة.
● المبلغ الذي تودين ادخاره لهذا الشهر والذي يجب اقتطاعه قبل صرف أي مبلغ آخر.
● تحديد الأولويات للصرف، أي البدء بالأمور اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها مثل المأكولات والمشروبات الاساسية.  

تحديد الأولويات في الصرف، لا يعني أن توضع الأمور بترتيب معين في قائمة المصروفات، بل تحديد الأمور التي يجب أن تكون على رأس القائمة، وتلك التي يمكن أن تؤجّل الى أشهر أخرى. فإذا كانت الأمور المؤجلة من الكماليات، فمن الضروري توفير ثمن هذه الكماليات من موازنة الأشهر السابقة، وهكذا تستطيع ربّة المنزل تلبية احتياجات عائلتها من دون المساس بالمبلغ الشهري المحدد للمصروفات.

يمكنك استخدام خطة الظرف لتقسيم المبلغ الشهري للمصروفات على أربعة أظرف تحتوي على المبلغ نفسه والالتزام به تجنباً لمفاجآت أسبوع العيد.

أما التسوق فله قواعده وأصوله التي تحمي موازنة الأسرة وهي كالآتي:
● يفضل التسوق بشكل دوري، كل أسبوع أو أسبوعين على سبيل المثال، فقد ثبت أن التسوق شبه اليومي يضاعف حجم المصروفات من دون إضافة حقيقية على احتياجات البيت.
● أفضل وقت للتسوق في رمضان هو بعد الإفطار، لأن التسوق وقت الصوم، أي عندما يكون المتسوق جائعاً، يجعله يشتهي كل ما يراه فيشتريه. وبما أن الشراء وحده لا يقضي على الجوع في تلك اللحظة، يبالغ المتسوق في كمية المشتريات، لأن التسوق في هذه الحالة يكون بمثابة تعويض عن الشعور بالجوع وليس توفيراً لمستلزمات الأسرة.
●  احملي دائماً أموالاً نقدية وتجنبي الدفع بواسطة بطاقة الخصم أو البطاقة الائتمانية لئلا تميلي إلى تجاوز الموازنة المحددة.
● تابعي التنزيلات والتخفيضات، لكن تأكدي من أنها حقيقية وابتعدي عن شراء بضائع بحجة انها أسعارها مخفّضة رغم عدم الحاجة اليها.
● تذكري دائماً أن عملية التسوق هذه - على بساطتها في نظرتنا اليها - ستحدد أسعار السلع في الأسواق. ومن الطبيعي أن يؤدي الإسراف في التسوق الى زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية، ويرفع بالتالي أسعارها، مما يرتب أعباءً إضافية على الأسر من ذوي الدخل المحدود. تذكري هذه الحقيقة بينما تتسوقين، وتذكري كم هو مهم وكبير دورك في الحفاظ على توازن الأسعار ومعقوليتها.
● القاعدة العلمية تقول إن الوفرة تقتل الرغبة، ولعل المبالغة في عدد الأصناف التي نضعها على موائدنا في شهر رمضان المبارك خير دليل على صحة هذه المقولة. فكلما زادت الأصناف ضعُفت في المقابل متعتنا في تناول صنف بعينه، وكلما قلّت كانت الحالة على العكس تماماً.
● يشكل المطبخ لنا نحن الشرقيين جزءاً أساسياً من هويتنا ومكوننا الثقافي، إذ تربطنا ببعض الأصناف من الطعام وخصوصاً طبخاتنا التقليدية علاقة مميزة لا تقبل الشراكة، ولكننا نقتل هذه العلاقة بتهميش هذه الأصناف عندما نخلطها بالكثير من الأطباق على المائدة.
● المبالغة في عدد الأصناف تضعف خياراتنا للأيام المقبلة، ماذا سنحضّر لمائدتنا غداً وبعد غد إذا وضعنا كل ما نشتهيه مرة واحدة؟ تخيلي كم الاشتياق الى اجتماع الأسرة حول المائدة والجميع في انتظار صنف جديد! لذا، فإن التقليل من عدد الأصناف المعدّة لوجبة واحدة يتجاوز منطق الإدارة المالية السليمة، فهو يهدف أيضاً الى الحفاظ على رغبتنا في الأكل واشتياقنا الى الأصناف التي نحبها.
● يمكن التنويع بالأصناف في الأوقات التي ندعو فيها عائلاتنا وأصدقاءنا لمشاركتنا الإفطار في رمضان، وليكن التنوع وقتها معقولاً من حيث الكم والنوع من دون مبالغة أو تقتير.
● عدم المبالغة في كسوة العيد، حيث نجد أحياناً طلبات أسرة واحدة تكفي كسوة فريق بكامله، ولماذا لا نتبضع للعيد قبل رمضان تفادياً لمغالات التجار في هذه المناسبات؟            
● لنجعل من رمضان فرصة للمّ شمل العائلة، وإعادة الأجواء الجميلة الى البيت والعلاقات الطيبة داخل الأسرة. فعندما نتذكر رمضان، تتوارد ذكرياتنا الجميلة عن اجتماع العائلة حول المائدة والسهرات الرمضانية حيث الأحاديث المتبادلة بين الجميع والتي كانت تعبر عن لُحمة العائلة ومكانتها عند أفرادها كافة... هذه الذكريات جزء أصيل من وجداننا وثقافتنا، فلنصنع مثلها لأبنائنا ونحرص على ألا نحرمهم منها.
● اليوم دخلت عادات جديدة على أجواء رمضان وطقوسه، الجميع يُسرع في إنهاء طعامه لينفضّ شمل العائلة ويذهب كل منهم  الى سبيله أو لتمضية الليل مع أصدقائه خارج المنزل. وأقل ما يمكن أن يقال عن هذا النمط الجديد إنه مكلف مادياً، لأن كل فرد في العائلة يحتاج في هذه الحال الى موازنة إضافية للسهرات، هذا الى جانب تكريس حال العزلة بين أفراد الأسرة والتي عززتها أنماط جديدة من الحياة.
● بات الحديث شبه معدوم بين الأم والأب وبين أبنائهما. في الأيام العادية كل فرد مشغول بجهازه النقال أو حاسوبه الشخصي أو مخططاته الخاصة. ما من أحد في العائلة يطّلع على مشاكل الآخر وهمومه، مما بات يهدد لحمة الأسرة وأواصر المجتمع بأكمله.
● طقوس رمضان تمنحك الفرصة لتهيئة الأجواء للسهرات العائلية، انتهزي هذه الفرصة لتأسيس علاقة جديدة تستردين فيها دفء عائلتك، وتصنعين لأبنائك ذكريات جميلة عن رمضان كتلك التي تحملينها في وجدانك.
● رمضان فرصة المرأة كي تثبت جدارتها وأنها قادرة على استعادة بهجة الحياة وأمنها واستقرارها. عودي إلى أصالة هذه الثقافة وأبرزي مواهبك كأم وزوجة وسيدة منزل بكل المقاييس.

مؤشرات وأرقام
● يعتبر 84% من الإماراتيين و 88% من الوافدين العرب الى الإمارات أن مدخراتهم الحالية غير كافية للمستقبل.
● إن ارتفاع تكاليف المعيشة هو السبب الرئيس الذي يمنع غالبية الناس من الالتزام بالادخار المنتظم، وذلك وفق مؤشر الادخار الذي أجرته شركة الصكوك الوطنية عام 2014 (54%) فيما أشار 48% ممن شملتهم الدراسة الى «أن النفقات غير المتوقعة» تؤثر في خططهم للادخار.
● السبب الأول للادخار في الإمارات العربية المتحدة هو الأمان المالي، يليه تعليم الأطفال والحالات الطارئة، مرتّبة وفق الأهمية.
● دوافع الادخار بشكل منتظم: عدم الاستقرار الوظيفي في المستقبل، ونفقات تعليم الأبناء يشكلان أهم الدوافع للادخار بشكل منتظم.