في الدراما المصرية: الفنانات يتفوقن وزحف مكثّف للنجوم العرب

دراما مصرية, مسلسل, شاشة رمضان, إلهام شاهين, طارق الشناوي, ماجدة خير الله, وفاء عامر, محمد رياض, مصطفى محرم, نجوم عرب

30 أغسطس 2013

ما الذي ميّز المسلسلات التي عُرِضت على شاشة رمضان هذا العام؟  بهذا السؤال توجّهت لها إلى النقّاد والفنّانين لتتبيّن أراءهم وتعليقاتهم وأبرز ما لفت أنظارهم.


القضايا الجادة

ترى الفنانة إلهام شاهين أن أبرز ما ميّز مسلسلات هذا العام «هو القضايا التي تناقشها هذه الأعمال، فالغالبية العظمى منها تضع يدها على أزمات حقيقية وموضوعات تستحق المناقشة والتناول، وهذا يزيد من قيمة العمل ويؤكّد أن الفن مرآة للواقع وليس مجرد وسيلة للترفيه، ومن بين القضايا التي ناقشناها في مسلسل «نظرية الجوافة» الاكتئاب العام الذي انتاب المصريين في السنوات الثلاث الأخيرة، والحاجة الى الطب النفسي وأهميته الحقيقية التي لم يعد من المقبول تجاهله أو اعتباره طبّاً للمجانين، وغيرها من الموضوعات التي تناولها العمل.

وقضية الحب والتقدير التي ناقشتها الفنانة يسرا في مسلسل «نكدب لو قلنا مابنحبش»، والتي وضعت يدها على أزمة كبيرة ومشكلة حساسة جداً، السيدة التي تظل تمنح وتعطي وتضحي من أجل أولادها وكل من حولها وتهمل نفسها، وتكون النتيجة هجر الزوج وزواجه بغيرها وأنانية الأبناء وإهمالهم لها. وقدم العمل نصائح غير مباشرة للمرأة لتحب نفسها وتقدّرها أولاً.

وأيضاً مسلسل «فرح ليلى» يتناول قضايا مهمة، ويكفي أنه قدّم توعية مباشرة من مرض السرطان وخطورته وقربه إذا لم يتم تجنبه والوقاية منه والفحص، وغيرها من الأمور الوقائية. ولا ننسى مسلسلَي «ذات» و»موجة حارة»، وكثير من الأعمال التي تقدم قضايا أخرى، وهذا دليل على قوة الدراما المصرية وتفوقها هذا العام رغم الظروف الصعبة التي مررنا بها».

 

الجرأة والمواهب الشابّة

يرصد الناقد طارق الشناوي أهم ملامح الدراما المصرية هذا العام قائلاً: «أعتبر الجرأة من أهم سمات الدراما الرمضانية هذا العام، من حيث الموضوعات والأفكار، مما جعل بعض المسلسلات أكثر جرأة من الأفلام السينمائية، فوجد المشاهدون في المنازل أنفسهم أمام أعمال تناقش أموراً غاية في الجرأة، منها مسلسل «موجة حارة» المأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي» للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، والذي تناول قضية الشذوذ الجنسي. وكتب السيناريو والحوار مريم ناعوم، وقام ببطولته رانيا يوسف وإياد نصار.

وكذلك الأمر بالنسبة الى مسلسل «حكاية حياة» الذي قامت ببطولته غادة عبد الرازق، فالجرأة كانت كبيرة في كل شيء، الدراما والمواقف والألفاظ وغيرها من المشاهد التي أثارت الجدل.

ومن الأمثلة التي تتجلى فيها الجرأة مسلسل «بدون ذكر أسماء» الذي كتبه الكاتب الكبير وحيد حامد، وقدّم خلاله خلطة من المجتمع المصري وما يتضمنه من نماذج مختلفة، من تجار الدين والبلطجية وأطفال الشوارع، إخراج تامر محسن وبطولة روبي وأحمد الفيشاوي وحورية فرغلي».

ويضيف: «أجد أن المواهب الشابة من أبرز ملامح مسلسلات رمضان هذا العام ومكاسبها، فقد تضمنت الأعمال الدرامية مجموعة كبيرة من الوجوه الجيدة، لكنها أصبحت إضافة كبيرة بكل المقاييس. وكان من المميز أيضاً توظيف هذه المواهب من قبل المخرجين وصناع المسلسلات في الأدوار المناسبة لهم، وليس مجرد امتلاء المسلسل بالوجوه الجديدة والمواهب الشابة. ومن هذه المواهب أحمد مجدي في مسلسل «الداعية»، وقام في الأحداث بدور بلطجي، واستطاع أن يبرز موهبته. وكذلك الفنانة الشابة سهر الصايغ، التي جسدت دور شقيقة الفنان أحمد الفيشاوي في مسلسل «بدون ذكر أسماء»، وغيرها من المواهب الكثيرة التي تستحق أن يتم تسليط الضوء عليها لتنعش الأعمال الفنية الفترات المقبلة، بدلاً من اقتصار كل الأدوار على عدد محدود جداً من الفنانين».

 

تفوّق المرأة

 الناقدة ماجدة خير الله قالت إن أبرز ما لفت نظرها في الدراما المصرية هذا العام هو تفوّق المرأة، وأضافت: «منذ اليوم الأول التف الجمهور حول مسلسلات الفنانات، ومع تطور الحلقات أثبتت النجمات أنهن الأقوى في السباق الرمضاني هذا العام، ليكون من أبرز سمات هذا الموسم نضج الكثير منهن، وهذا مؤشر إيجابي جداً، فقد عانت الفنانات في الفترات الماضية من أجل الحصول على فرصة لإثبات موهبتهن وقدرتهن على تحمّل مسؤولية البطولة في الدراما التلفزيونية، ومن ثَمَّ التسويق والتوزيع على القنوات الفضائية، وبالتالي جذب الإعلانات، وهو العنصر المحرّك لصناع الأعمال الفنية».

وتضيف: «استطاعت نجمات كثيرات أن يصنعن مصيراً مختلفاً، ومن بينهن نيللي كريم التي غيّرت الخريطة الرمضانية وحجزت مكانة متميزة، من خلال أولى تجاربها في البطولة في مسلسل «ذات» الذي نال إعجاب الكثيرين ويعتبر من أفضل الأعمال في دراما رمضان هذا العام.

كذلك الأمر بالنسبة إلى الفنانة غادة عبد الرازق التي حافظت على مكانتها في البطولة المطلقة والمشاهدة العالية من خلال مسلسلها «حكاية حياة»، ورغم وجود بعض الملاحظات إلا أنها حققت نجاحاً كبيراً وتفوّقت على كثير من الرجال من خلاله.

الفنانة منى زكي أيضاً حققت نجاحاً من خلال مسلسل «آسيا» الذي أعتقد أنه سوف يحقق نجاحاً كبيراً في العرض الثاني له، خاصة أنه خضع للعرض الحصري ولم يصل للجمهور بشكل كافٍ، وهذا يعد عودة قوية للفنانة منى زكي في شكل جديد بذلت فيه مجهوداً واضحاً جداً.

وأيضاً روبي حققت نقلة من خلال دورها في مسلسل «بدون ذكر أسماء» الذي كتبه وحيد حامد، فقد اختيرت لدور مهم، واستطاع المخرج أن يضعها على الطريق الصحيح، وتمكنت من العمل على موهبتها وتنميتها، ما جعلها تظهر في شكل مختلف وتفوّقت على الكثيرين من النجوم الشباب».

 

ديكورات

وقال الناقد رامي عبد الرازق إن «أبرز ما يميّز مسلسلات هذا العام هي الديكورات الرائعة والمتميزة، التي تجعل عين المشاهد تستمتع من خلال الديكورات التي تتكاتف مع كل عناصر العمل الفني، من سيناريو وجمل وموسيقى تصويرية وإخراج وأداء للفنانين، فالديكور هذا العام لعب دوراً كبيراً في تسليط الضوء على أعمال بعينها. وبالرغم من انتقاد ديكورات بعض المسلسلات، فإن هذا لا ينفي أن هناك طفرة في عالم ديكورات المسلسلات المصرية التي عانت كثيراً من إهمال عنصر الديكور فيها، إلى درجة أن العديد من الأعمال المتنافسة في الموسم كانت تصوّر وسط الديكورات نفسها، مما كان يؤثر بشكل سلبي على العمل كله، لأن الديكور من أهم عناصر العمل الدرامي.

ومن بين الأعمال التي لفتت ديكوراتها الأنظار مسلسل «حكاية حياة» لغادة عبد الرازق، وتميز بالمساهمة في إيصال الصورة التي تتناسب مع واقع هذه العائلة التي تنتمي إلى فئة راقية جداً في المجتمع وتتمتع بثراء كبير.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى مسلسل «الداعية» لهاني سلامة، فالديكور فيه صُمّم بشكل محترف جداً ليدل على حياة الداعية، ويعكس طريقة تفكيره. ومن جانب آخر فخامة هذه الديكورات مبررة، لأن هذا الداعية استطاع أن يحقق نجاحاً كبيراً، وبالتالي ثروة.

ويأتي أيضاً مسلسل «ذات» في القائمة نفسها، إذ تمكنت المخرجة كاملة أبو ذكري من توظيف الديكور ليدل على كل العصور والمراحل التي مرت بها أحداث المسلسل الذي يتناول مراحل تاريخية مختلفة من عمر مصر».

 

الإسقاطات السياسية

وتقول الفنانة وفاء عامر: «أبرز سمات دراما رمضان هذا العام هي الإسقاطات السياسية التي ملأت العديد من المسلسلات، وعبّرت عن تمرد كبير من صناع هذه الأعمال على أوضاع تم الصمت عنها من قبل، لكن قرر صناعها إعلان ثورة من خلال أعمالهم. ومن بين هذه الأعمال مسلسل «بدون ذكر أسماء» الذي كتبه السيناريست الكبير وحيد حامد، وتجلّت فيه كل العناصر التي تدل على التنوير للمشاهد، فمن يشاهده يعرف جيداً الذي وصلنا إليه، ولماذا؟ وكيف الخروج؟ وكعادته، الكاتب وحيد حامد هو سيّد الإسقاطات وصاحب الأعمال التي ترصد الواقع وتكشف طيور الظلام وأوكار الجهل. وأعتبر هذا العمل أرشيفاً درامياً وسياسياً. والمسلسل الثاني هو للزعيم الرائع دائماً عادل إمام، ففي «العراف» شملت كل جملة ومشهد مفاهيم ومعاني عالية جداً، وقدّم إسقاطاً على ما نحن فيه وطريقة تفكير الكثيرين حولنا.

والمسلسل الثالث «نظرية الجوافة» الذي قدّمته الفنانة إلهام شاهين، وتحدثت فيه عن حالنا والأيام التي عشنا فيها مع المدّعين والمتاجرين، وكان مليئاً بالمواقف المشابهة للواقع الذي نعيشه في الوقت الحالي، والمسلسل أيضاً الذي حمل إسقاطات كثيرة هو «تحت الأرض» الذي يقدم فيه الفنان أمير كرارة دور البطولة، فمن يشاهد هذه الأعمال يعرف الحال الذي وصلنا إليه. ولا يمكن أن ننكر جمال مسلسل «ذات»، وأهميته في تنوير المشاهد وتعريفه بالحقبات التي عاشتها مصر عبر مراحل مهمة من التاريخ».


نجوم عرب

ويقول الناقد محمود قاسم: «شهدت الدراما المصرية هذا العام وجوداً هائلاً للفنانين العرب في مختلف الأدوار، ورغم مشاركتهم في الأعمال المصرية في السنوات الماضية، فإن الوجود هذا العام يعتبر كثيفاً بشكل ملحوظ جداً، فقد شاركت الفنانة السورية رغدة في مسلسل «الشك» وذلك بعد غياب كبير جداً عن الدراما المصرية، هذا إلى جانب المشاركة الأولى للفنان السوري مكسيم خليل في المسلسل نفسه، وذلك بعد النجاح الذي تمكن من تحقيقة في المسلسل العربي «روبي» أمام سيرين عبد النور. وظهرت الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة في مسلسل «تحت الأرض»، في أول مشاركة لها في الدراما المصرية بعد مشاركتها في التمثيل في تجارب عربية سابقة. كما خاض الفنان الأردني منذر رياحنة أولى تجاربه في البطولة المطلقة المصرية، بعد أن وضعه أحمد السقا على أول الطريق من خلال منحه فرصة المشاركة في مسلسل «خطوط حمراء». وفي السياق نفسه شاركت الفنانة اللبنانية ورد الخال في بطولة مسلسل «نكدب لو قلنا ما بنحبش» أمام الفنانة يسرا، وذلك في أولى الفرص الحقيقية التي أبرزتها بالشكل المناسب في الدراما المصرية. والفنان السوري جمال سليمان يعتبر من الوجوه الدائمة على مائدة رمضان، وشاركته بطولة مسلسله «نقطة ضعف» الفنانة التونسية فريال يوسف التي أصبحت من الوجوه المألوفة أيضاً في الدراما المصرية. والفنان السوري تيم حسن شارك أيضاً بمسلسل «الصقر شاهين» الذي تعطّل تصويره وعرضه أكثر من مرة. وشاركت السورية كندة علوش في بطولة مسلسل «نيران صديقة» الذي يعتبر من الأعمال الدرامية الناجحة هذا العام. كما شاركت اللبنانية رزان مغربي في بطولة مسلسل «حكاية حياة» أمام الفنانة غادة عبد الرازق، ليكون من أبرز الأدوار التي قدّمتها في حياتها الفنية، ولم يقتصر الوجود العربي في الدراما المصرية على هذه الأسماء فقط، بل هناك آخرون، ولذلك أرى أن هذا الوجود العربي المكثف أبرز سمات الدراما المصرية هذا العام».


غياب الدراما الدينية

ويقول الفنان محمد رياض: «الملاحظ هذا العام غياب الدراما الدينية التي كان من المتوقع لدى البعض أنها سوف تكون موجودة هذا العام، ولا أقول بقوة، لكن على الأقل مجرد وجود يتناسب مع روحانيات الشهر الكريم، والأعمال التي لا بد أن تتناسب معه، والتي اعتدنا على أن نشاهد عدداً منها وتقدّم لنا نماذج من الدين الإسلامي الوسطي الذي من المفترض أن يتعلم الشباب والأجيال الجديدة كل أسسه ومبادئه، بدلاً من حالة التشدد التي سيطرت على المجتمع، وظهرت النماذج التي تتحدث باسم الدين وهي للأسف تسيء إليه وإلى المسلمين جميعاً. لكن في الوقت نفسه أشعر بسعادة كبيرة لأن مسلسلي «الإمام الغزالي»، الذي قدّمته في شهر رمضان الماضي، يعاد عرضه على القنوات الفضائية للعام الثاني على التوالي، ومازلت أحصل على ردود فعل عليه حتى الآن».


ألفاظ خادشة

أما السيناريست مصطفى محرم فيرى أن أغلب السيناريوهات التي اعتمدت عليها مسلسلات رمضان ليست بالمستوى المطلوب، فهناك الكثير من الأعمال التي خرجت مشوّهة لعدم الاهتمام بكتابة السيناريو كما ينبغي، وهذه الظاهرة أثّرت على كثير من  المسلسلات، لهذا لم تحقق النجاح المطلوب.

وأكد أن بعض صناع هذه الأعمال استخدموا الألفاظ الخادشة والشتائم المحظور استخدامها، ما جعله موسم الرواج للألفاظ الخادشة لحياء الأسر المصرية والعربية، «ولهذا فهو من أسوأ المواسم الدرامية».