مرض النسيان

هالة كوثراني,النسيان,عمر الشريف

هالة كوثراني 22 يوليو 2015

تتقلّص إنجازاتٌ وتختفي قصصٌ وتتشرّد ذكريات. أي ردّ فعل يولد أمام شخص بذاكرة ممحوة؟ لماذا كل هذه القسوة؟ كل هذه الخسارة؟ الشيخوخة نعمة والموت حقّ، خصوصاً أمام مرض النسيان الذي لا دواء له. في فيلم Still Alice الذي أدّت فيه دور البطولة الممثلة البارعة جوليان مور، تفقد أستاذة اللسانيات المفردات وتحاول أن تجهز نفسها للمراحل الأصعب. تقاوم، تحارب، تكافح ولا تستطيع أن توقف هذا الدمار الزاحف نحو ذاكرتها ووجودها وهويتها والاسم الذي بنته خلال أعوام وعلاقاتها بالمقرّبين منها وغير المقرّبين... أن يصيب مرض النسيان ذاكرة المبدع الراحل عمر الشريف حقيقة تمثّل سخرية الحياة منا، كأنّها تفصيل في فيلم سينمائي، تلك الذاكرة احتدمت فيها مشاهد أهمّ أفلامه وأحداث عاشها النجم بين شرق وغرب، بين الانتماء إلى هنا والانسجام مع هناك، بين علاقات جمعته بأجمل نساء الأرض وأشهرهن. والأقسى أن تضيع حكاية حزنه على رحيل بطلة قصّة الحبّ الأعمق في حياته وزوجته السابقة الممثلة فاتن حمامة، بين جملة ربما قيلت على لسانه وبين شهادة صديقه زاهي حواس الذي قال إن عمر الشريف لم يحزن على وفاة فاتن لأنه كان قد دخل مرحلة النسيان التام. لكن غيابه بعد أشهر على رحيلها جدّد «أسطورتهما»، قصة الحب التي تحدّت الأعراف الاجتماعية والأفكار السائدة. رحلا في العام نفسه وبقيت أفلامهما، ذاكرة مجتمع ومرحلة تاريخية وسياسية لا يمكن أن نقاوم الحنين إلى حماسة أبنائها وإن أسّست لسلسلة من الخيبات المستمرّة. بدت لمعاصريها مرحلة تأسيسية قبل انهيار خطوطها العريضة وأفكارها «الكبرى»، انطلقت واصطدمت بجدران نتخبّط فيها اليوم كيفما التفتنا.