عابد فهد: أحتاج إلى هدنة 'سينمائية' قبل موسم 2014

عابد فهد, سوريا, فنانون سوريّون, مسلسلات

08 سبتمبر 2013

عاش الفنان السوري عابد فهد عاماً كبيراً من حيث ارتباطه بتصوير ثلاثة أعمال مختلفة، عُرضت خلال الموسم الرمضاني الأخير، وهي «لعبة الموت» والجزء الثالث من مسلسل «الولادة من الخاصرة»، بالإضافة إلى مسلسل «سنعود بعد قليل»، على الرغم ان صاحب «الظاهر بيبرس» كان من أكثر الممثلين المؤيدين لفكرة الاكتفاء بعمل وحيد خلال العام.
«لها» التقت فهد أثناء زيارته لدبي، حيث تستقر أسرته الصغيرة بسبب ارتباط زوجته المذيعة زينة اليازجي بتصوير برنامجها الأسبوعي «الشارع العربي» على قناة دبي الفضائية، فتحدّث عن «مقص الرقيب» العربي، وحدود المسموح والممنوع، وأثر اقتراب الفنان من عوالم السياسة، وما إذا كان استقراره في القاهرة سيكون على حساب حضوره في الدراما السورية، وغيرها من القضايا...


- الحكم على المسلسلات التي تقدّم في رمضان، على أسس نقدية، يبقى أمراً بحاجة إلى إعادة نظر في ظل وجود عشرات الأعمال المتخمة بالنجوم، ومعظمها يُبثّ في مواعيد شبه متطابقة، ما تعليقك؟
إنتاج عدد كبير من المسلسلات، كلها ينافس للعرض في شهر وحيد، لا يخدم الدراما العربية، لذلك كنت أسعى بقدر المستطاع للاكتفاء بمسلسل وحيد من أجل عدم تشتيت المشاهد، وبغية تركيزي على الدور وتفرّغي لتفاصيله.
لكن ما حدث معي هذا العام أمر استثنائي سببه تمسكي بأداء أدوار حازت إعجابي بمجرد ترشيحي لها.


اختيار صعب

- وما هو الدور الأقرب إليك من بين الشخصيات المختلفة التي أدّيتها في المسلسلات الثلاثة: عاصم الزوج المتسلّط في «لعبة الموت»، أم رؤوف ضابط الأمن القاسي في «الولادة من الخاصرة»، أم سامي الرجل السياسي في «سنعود بعد قليل»؟
لو كانت هناك أفضلية لبعضها بهذه السهولة، لاستطعت أن أعتذر عن أحدها على الأقل، لكن الحقيقة انني تعايشت مع كل هذه الأدوار، لا سيما أن كل شخصية من الثلاث شخصيات لا تشبه الأخرى، وتقدّم عابد فهد بصورة مختلفة تماماً.
وأظن أن من تمكنوا من متابعة الأعمال الثلاثة، وهو أمر صعب بكل تأكيد في ظل هذا الزخم من الأعمال، يدركون ماذا أعني.

- البعض يربط بين وجود أجزاء ثلاثة لـ «الولادة من الخاصرة» باحتمال وجود جزء ثانٍ من «لعبة الموت»؟
ربط في غير موضعه تماماً، لأن لا مبررات درامية لمد خيوط الأحداث. والأمر بالنسبة إلى «الولادة من الخاصرة» مختلف كلياً. ومن دون شك فإن أي عمل درامي يتم الزج به في دائرة المسلسلات المتعدّدة الأجزاء، دون أن تحتمل القصة ذلك، يفشل.
وهنا تبدو هذه النوعية من المسلسلات سلاحاً ذا حدين، إما ان يحسَن استثماره للغوص في تفاصيل قضية بعينها، أو الوقوع في فخ التطويل التجاري المرفوض.


تجاوز المحنة

- بعد أن تجاوزت الدراما السورية هذا العام جزءاً من محنتها، رأى البعض في مشاركة ممثلين سوريين في أعمال سورية وأخرى مصرية مجرد ذرّ للرماد في العيون، أو بتعبير أدق إمساك للعصا من المنتصف.
الأعمال السورية على الأقل من حيث العدد تجاوزت جانباً من محنتها، لكنها لم تتعاف تماماً بعد. ومن يصف المشهد بانه «إمساك للعصا من المنتصف»، لا يعرف آلية انجاز الأعمال الدرامية، فالقرار بالنسبة إلى كل فنان يكون شخصياً تماماً، فماذا سيفعل الفنان في حال عدم وجود نص جيد، وماذا سيفعل النص الجيد في غياب المنتج، وهذا الأخير تحرّكه اعتبارات مرتبطة بعروض القنوات الفضائية، وتلك الأخيرة ايضاً غير منفصلة بكل تأكيد عن رغبة المعلن الذي يكاد يكون هو المتحكم الأساسي في وجهة الإنتاج وطبيعته.

- لا يمكن إلا أن نسأل صاحب «الطريق إلى كابول» الذي أوقف عرضه بعد بث الحلقات الأولى منه في أحد المواسم الرمضانية، عن رأيه في سياسات الرقيب العربي حيال الأعمال الدرامية؟
أعتقد أن الرقيب العربي يعيش فترة مأزومة ومشوّشة تعكس تردّي الواقع السياسي، فالكثير من الثوابت والمسلمات التي يعرفها تتغير بسرعة شديدة، لكن قوائم الممنوع من دون شك تبقى قائمة. والجديد أن تلك السياسات نجحت في خلق جيل من الكتاب يعرفون حدود سقف ما يعتبرونه حرية.


الفن والسياسة

- بعد أزمة مسلسل «أنا القدس» وإحجام معظم الفضائيات العربية عن شرائه، وجدناك تميل إلى أعمال لا تثير الإشكاليات السياسية نفسها؟
أنا لم أتخل عن قناعاتي الفكرية، لكن التحديات هي التي تغيرت، وأكثر ما يجذبني الأعمال التي فيها حوار مع حركة التاريخ.
لذلك كانت حماستي شديدة لمسلسل مثل «محمد الفاتح»، لأن تلك الشخصية ظلمت كثيراً في اسلوب تعامل المؤرخين معها. ومن خلال قراءة التاريخ نستطيع أن نستقي عبراً للواقع.

- إلى أي مدى على الفنان أن يكون قارئاً للواقع السياسي؟
ليس من شروط العمل الفني أن يكون الفنان مسيّساً، بل على العكس فإن المشهد السياسي يؤكد أن الأفضل ألا يكون الفنان متحزباً بالمعنى السياسي، وهذا بكل تأكيد لا يعني ألا تكون له قراءته الخاصة للواقع.
وفي كل الأحوال فإن الفن يجب ألا يعرف تصنيفاً على أساس قوائم بيضاء وأخرى سوداء.

- رغم أن ترددك على دبي جاء في فترة مبكرة ومتزامناً مع تأسيس مهرجان دبي السينمائي العام 2004، على عكس معظم الفنانين السوريين، غبت تقريباً عن أهم الأعمال التي صُوّرت هنا وأدارها مخرجون سوريون، وبعضها كانت بدوية وتمت الاستعانة فيها بعدد من الممثلين السوريين.
للأسف، الأعمال ذات الكلفة الإنتاجية الكبرى في ذلك الوقت كان يتم إسناد تنفيذها إلى شركات لديها حساباتها المادية الخاصة مع مجموعات بعينها، لذلك فإن تلك الفترة التي تميزت «بالشللية» في إنتاج الدراما السورية أهدرت فرصاً حقيقية كانت كفيلة بأن تدفع الدراما السورية وتنقلها إلى واقع أفضل مما كانت عليه وقتها.


تسويق الدراما

- أنت ممن يعترفون بالتصنيف التقليدي في الدراما العربية علىأساس بلد الإنتاج؟
أعتقد أن هذا التصنيف حالياً لا وجود قوياً له على أرض الواقع، فالكثير من الأعمال تجدها تجمع أطيافاً متنوعة في أسرتها بدءاً من الكاتب وصولاً إلى المخرج، ومروراً بالممثلين، بل والأطقم الفنية وجهة الإنتاج.
والكثير من الأعمال التي شاركت فيها أخيراً لا يمكن أن نحسبها على أنها إفراز قُطري، حسب المعنى الضيق للمصطلح. لكن من جهة أخرى، قد نتفق أننا امام مسلسل مصري، أو سوري، أو خليجي... لكن المسلسل يظل عربياً بامتياز ما دام يحمل الحس والهم العربيين.

- البعض ينظر إلى فكرة استيعاب ممثلين سوريين ولبنانيين وغيرهم في مسلسلات مصرية، على أنها فكرة تسويقية بالمقام الأول؟
لا يمكن ان تبنى خيارات المخرج وترشيحاته على أساس تسويقي، حتى لو كان هناك تنسيق تام مع الجهة المنتجة.
وبالنسبة إليّ في «لعبة الموت» الذي جمعني بالفنانة اللبنانية سيرين عبدالنور، لو لم يجذبني الدور والعمل في مجمله، لما قبلته بالأساس. ويبقى رغم ذلك من حق جهة الإنتاج أن تفكّر في حلول تسويقية، ومن حقي أيضاً أن يظل معياري فنياً كي أقبل عرضاً ما أو أرفضه.


فاصل سينمائي

- مَن يتابع مَن أكثر، المذيعة التلفزيونية ومقدمة برنامج «الشارع العربي»، هي الأكثر شغفاً بأعمال زوجها، ام ان الفنان عابد فهد هو من يضبط الريموت كونترول انتظاراً لبرنامج زينة اليازجي؟
أنا من متابعي «الشارع العربي»، وخصوصاً حين تلزمني طبيعة التصوير أن أكون بعيداً عن المنزل. وفي كل الأحوال فإن نقاشاً مفتوحاً وصحياً يبقى في كلا الاتجاهين بيننا، سواء حول طبيعة أدواري أو حول موضوعاتها الحوارية .

- أخيراً هل ثمة ارتباط فني قريب تبدأ به موسم ما بعد رمضان؟
أتوق لفترة راحة طويلة أتمكن فيها من معاودة الاعتناء بأسرتي التي أعترف بأني مقصّر كثيراً في حقها، لكن آمل في الوقت نفسه بأن أكسر تواتر التصوير للتلفزيون بعمل سينمائي جيد، يكون بمثابة الفاصل للعودة إلى التصوير التلفزيوني الذي أعشقه، وهو أمر يتوقّف دائماً على مدى توافر النص الجيد.