السعودية الأكثر تضرراً بفيروس كورونا

السعودية,فيروس كورونا,الشرق الأوسط,كورونا,الإجراءات الوقائية,وزارة الصحة العالمية,الأطفال,الأمراض المُعدية,المؤتمر,مكافحة,المنشآت الصحية,الإرشادات الصحية,الأدوية,الإرشادات,الأنفلونزا,الالتهابات التنفسية المعدية,الأمراض المزمنة,المنزل,العدوى

ميس حمّاد (جدة) 01 أغسطس 2015

تعد السعودية البلد الأكثر تضرراً من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية «كورونا» الذي تم التعرف عليه للمرة الأولى عام 2012 ، بعدما أصيب بهذا الفيروس 1047 شخصاً، 580 حالة تماثلت للشفاء وسجلت 460 حالة وفاة بحسب ما جاء على موقع وزارة الصحة السعودية.
في هذا التقرير، تستعرض «لها» مستجدات الوضع في ما يتعلق بكورونا، من خلال الإجراءات الوقائية والإحصاءات الحديثة والبيانات اليومية والحملات التوعوية، التي تقوم بها وزارة الصحة السعودية، وتنشر معلوماتها على موقعها، لتُبقي المواطنين على اطلاع دائم بالأمر... إضافة الى آراء أصحاب الاختصاص حول إمكانية إيجاد علاج متطور وازدياد نسبة الوعي في المجتمع...

               
ذكرت وزارة الصحة العالمية، أن الدراسات الأولية قد أشارت إلى أن المتعاملين مع الإبل هم الأكثر عرضة للإصابة بكورونا. وأبلغت الوزارة عن ظهور حالات جديدة في أنحاء السعودية، وأن نصف عدد الذين توفوا بالمرض هم  ما بين 70 و 80  سنة. ودعت منظمة الصحة العالمية العاملين مع الإبل إلى الاهتمام أكثر بنظافتهم الشخصية.


د. وليّ: إصابة الأطفال نادرة وبداية أمل للعلاج من طريق الأشخاص المصابين
قال استشاري الأمراض المعدية ومدير مكافحة العدوى في مستشفى الملك فيصل التخصصي، الدكتور غسان وليّ: «على عكس ما حدث العام الماضي، فأغلب الحالات التي ظهرت هذا العام تُسمى primary، أو ابتدائية، أي أنها حدثت في المجتمع وجاءت الى المستشفى، وبالتالي لم نشهد انتشاراً للعدوى بين الممارسين الطبيين.
وإن لم تُعلن وزارة الصحة عدد الإصابات بين الممارسين الصحيين، لكن عددهم قليل جداً مقارنة بالسابق. والسبب في ذلك يعود الى التدابير التي اتخذتها وزارة الصحة، من خلال وجود فريق متخصص يتوجه على الفور الى المستشفى، ما أحدث فارقاً عن العام الماضي.
فوزارة الصحة ممثلةً بمركز القيادة والتحكم بكل ما يتعلق بمرض كورونا، أي فريق التدخل السريع، تملك سلطة إغلاق المستشفيات التي تتفشى فيها الحالات، أو تفرض عقوبة على المستشفيات التي لا تعمل على مكافحة العدوى أو التبليغ عن الحالات فور وصولها. ومن المؤكد أن غالبية الإصابات تعود الى أشخاص يخالطون الأبل أو يحتكون بأٌناس  يتعاملون مباشرة معها».
وأشار إلى أنه «تم التحكم في عدد الحالات، من طريق مكافحة العدوى. ففي غالبية المستشفيات فرق وغرف للعزل، ويملك فريق التدخل السريع إمكانية نقل المريض بشكل مباشر وسريع، من المستشفى حيث تم تشخيص حالته، إلى المستشفى الذي حددته الوزارة. وبالنسبة الى جدة، هناك مستشفى الملك فهد الذي يستقبل حالات منوّمة وتتطلب عناية مركزة، ومستشفى مجمع الملك عبدالله في شمال جدة الذي يستقبل المرضى الذين يحتاجون إلى أيام قليلة ليتماثلوا الى الشفاء».
وأكد وليّ دور وزارة الصحة التي «تصدر بياناً يومياً، تُرسله  الى الأطباء والممارسين الصحيين ومعالجي الأمراض المعدية، توضح من خلاله نسبة الإصابات الجديدة، وعدد الوفيات، والمدن السعودية التي تأثرت، وتحدّد أماكن المرضى في المستشفيات».

تشخيص الحالات
«بين عامي 2014 و 2015، يوضح الولي، شُخّص عدد كبير من الحالات، بلغ 200 حالة في السعودية، تعددت أسبابها، وأهمها إجراء الاختبار والفحوص مرات عدة حتى للأشخاص الذين يعانون أعراضاً بسيطة. ورغم أننا لم نتمكن راهناً من تحديد المصدر الأساسي لهذا الفيروس، فقد استطعنا الحد من انتشاره الثانوي، ليبقى لنا الانتشار الأولي».

الإبل وفيروس كورونا
أشار وليّ إلى «أن الدراسات الحديثة التي أُجريت العام الماضي في السعودية بمساعدة من CDC، أو دراسات لمراقبة الحالة، لمعرفة السبب الرئيسي للفيروس، قد طُبّقت على الإبل والانسان معاً، وأُثبتت أن كورونا موجود في دم الإبل.
وهناك فارق بين حاضن المرض، وناقله. فحاضن الفيروس ليس بالضرورة أن يكون ناقلاً له، لأن هناك أمراضاً كثيرة مصدرها الحيوانات، ومجال دراستها خصب، فلكل كيان فيروساته، ككيان الحيوان وكيان الانسان... وعلى مراحل، يحدث كسر للحاجز، فينتقل الفيروس من الحيوان إلى الإنسان، كالإنفلونزا مثلاً. وكأي فيروس جديد قد يُصيب الانسان، وتكون مناعته صفراً، تأتي الضربة الأولى قاضية دائماً، ونسبة الوفيات عالية، إلى أن يبدأ الجسم بتكوين مناعته في محاربة الفيروس لإضعافه والقضاء عليه والإلقاء به خارج الجسم».

أعراض ما بعد كورونا
وفي ما يتعلق بالحالات التي تماثلت للشفاء من كورونا، قال وليّ إن «الأعراض التي ترافق المريض بعد الشفاء من كورونا، تختلف وفق سن الشخص ومناعته.
فهناك أشخاص يستمرون بعد الشفاء لأسابيع متتالية في حالة من الهُزال، والضعف الجسدي، وتُسمّى هذه الحالة بالضُعف ما بعد الالتهاب الفيروسي، وقد تستغرق بعض الوقت ليُشفى المريض كلياً. وهناك بعض الحالات التي شُفيت تماماً.
كما ان آثار ما بعد الشفاء، لا تشير إلى عدم شفاء المريض من الفيروس، بل تدل الى أن الفيروس خرج من جسده، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف درجة خطورة الفيروس من مريض الى آخر».

الأطفال والكورونا
ويضيف الولي: «إن نسبة إصابة الأطفال بفيروس كورونا، بسيطة جداً، أي أقل من خمسة في المئة، لسبب لم تثبته الدراسات العلمية بعد، فقد تكون هناك أجسام مضادة تورّثها الأم الى جنينها، وبالتالي تصبح لديه مقاومة ضد أنواع أخرى من الكورونا، وهي تبقى نظرية... لكن إصابة الأطفال بكورونا نادرة جداً».

المؤتمر العلمي للأمراض المُعدية
عن هذا المؤتمر، قال وليّ: «هو مؤتمر سنوي، يُقام في مدينة جدة، خصص اليوم الأول منه لفيروس كورونا، وبالاتفاق مع وزارة الصحة، بحيث تم احضار أطباء عالميين من CDC وWHO، وهم من الأطباء المشاركين في متابعة الفيروس وتفشيه..

توصيات المؤتمر
وحول النتائج والتوصيات التي خرج بها المؤتمر، ذكر وليّ: «لدينا اليوم إمكانات تفوق ما لدى وزارة الصحة: نمد الأطباء الممارسين بالمعلومات أولاً بأول، كما أصبح لدينا رقم موحّد 937، والفرق الميدانية تستطيع أن تُسعف أي مُصاب تم تشخيص حالته.
لقد تمكنا من معرفة طريقة انتقال المرض، وإثبات أن هذا الفيروس مصدره حيواني، لكن كيفية علاج الكورونا هي الجزء الوحيد الذي لم نثبته بعد... ورغم أن علاجات عدة جُرّبت في السعودية، من مضادات الفيروسات وغيرها، لكنها للأسف لم تأتِ ضمن دراسات موثّقة للخروج بإثباتات أكيدة. كما خرجنا بتوصية مهمة للوصول إلى علاج من طريق أخذ (مصل) الشخص المُصاب.
فالمريض الذي يُشفى من الكورونا، يعمل جسمه على تكوين أجسام مضادة، عندها نسحب عينات من دمه لاستخلاص هذه الأجسام المضادة، ونعمل على علاجها، ومن ثم حقنها في شخص أُصيب حديثاً، وهي الطريقة المعروفة في علم الفيروسات، وتُسمى العلاج بالأجسام المضادة المعالجة، وبنتيجتها خرجنا بتوصية أخرى، مفادها ان لا علاج للكورونا، بل بداية أمل للعلاج من طريق الأشخاص الذين أُصيبوا».

د. مرغلاني: وزارة الصحة تتابع مستجدات الكورونا من خلال موقعها الإلكتروني
قال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة المشرف العام على العلاقات والإعلام والتوعية الصحية الدكتور خالد مرغلاني إن «وزارة الصحة، بدأت هذا العام نشر بيانات أسبوعية من خلال موقع الوزارة الإلكتروني www.moh.gov.sa، تشير فيها إلى عدد الإصابات الجديدة، ونسبة الوفيات، والمدن السعودية التي تأثرت، وأماكن وجود المرضى في المستشفيات.
ورغبة من الوزارة في إطلاع الجميع على المزيد من المعلومات حول مستجدات فيروس كورونا، فقد أعلنت أن خلال الفترة الممتدة من اثنين إلى ثمانية جمادى الآخر ١٤٣٦هـ، تم تسجيل ثماني إصابات مؤكدة بكورونا، وتتراوح أعمارهم بين 20 و 65 سنة، منهم  ثلاث حالات في  الرياض، وحالة واحدة في كل من جدة ومكة المكرمة والطائف ونجران والحدود الشمالية من جنسيات مختلفة.
وأوضحت الوزارة أن فرق الاستجابة السريعة لمكافحة عدوى المنشآت الصحية، قامت بحوالى 16 زيارة ميدانية، ما بين زيارة مبدئية وأخرى إلحاقية خلال الأسبوع الماضي، كما زارت أطقم الطب الوقائي تسعة منازل، وحصرت 102 مخالط منزلي، وتعمل على متابعتهم حتى تنتهي فترة حضانة الفيروس. كما تلقينا من فرق وزارة الزراعة بلاغين عن متابعة حالات سابقة خالطت الإبل مباشرة، في كل من مكة المكرمة والطائف».
وأكد مرغلاني أن «مركز القيادة يواصل جهوده على مدار الساعة من خلال الترصد الوبائي، والتأكد من التزام كل المنشآت الصحية، الحكومية والخاصة، بتطبيق إجراءات مكافحة العدوى، وكذلك التنسيق مع القطاعات الحكومية، المعنية والمنظمات الصحية الدولية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، وبيوت الخبرة، لمتابعة كل ما يستجد في خصوص فيروس كورونا.
كما أن عدد الحالات الإجمالي معرض للتغيير بسبب إجراءات إعادة التصنيف والتحقيق، بأثر رجعي، وتجميع البيانات الخاصة بالحالات، والنتائج المخبرية، والمراقبة المعززة».​

الإرشادات الصحية
وعن كيفية التعامل مع المرض عند الإصابة به، ذكر مرغلاني: «بطبيعية الحال، لا يمكن أن يعرف المريض أنه مصاب بهذا الوباء تحديداً، إلا بعد تشخيصه في المنشآت الصحية. كما لا يوجد علاج نوعي لهذا المرض حتى الآن، إلا أنه بشكل عام، يتم التعامل معه مثل أي مرض تنفسي معدٍ كالأنفلونزا، حيث يجب على المريض اتباع الإرشادات الآتية:

  • تناول الأدوية الخافضة للحرارة والمسكّنات عند الحاجة.
  • الإكثار من السوائل وأخذ قسط كافٍ من الراحة والحفاظ على تناول الغذاء الصحي.
  • اتباع الإرشادات المتعلقة بالحد من انتقال العدوى التي من أهمها:
  • التخلص من مناديل العطس والسعال وجمع البلغم بطريقة آمنة ووضعها في أكياس نفايات مُحكمة الإغلاق.
  • غسل الأيدي جيداً بصفة دورية، وعدم مشاركة الآخرين في الأدوات الشخصية كالمناشف أو الأكواب والملاعق وغيرها.
  • عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.
  • في حال اشتداد أعراض المرض، يجب الاتصال بطبيبك مباشرة أو  بالخط المباشر 937.
  • يُنصح كبار السن والعاملون الصحيون، والمخالطون للإبل، والمصابون بالأمراض المزمنة أو تلك التي تؤثر في جهاز المناعة، بمراجعة المنشأة الصحية عند الشعور بأعراض المرض.
  • التقيد بالإرشادات الصحية، للحد من انتشار الأنفلونزا والالتهابات التنفسية المعدية.

 

وزارة الصحة وحملة «نقدر نوقفها»
عن هذه الحملة، ذكر مرغلاني أنه وتحت شعار «نقدر نوقفها»، أطلقت وزارة الصحة مرحلة جديدة من حملتها للتوعية الصحية بمرض فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كورونا  (MERS-COV)، استكمالاً لحملة التوعية الصحية بكورونا في مراحلها السابقة، والتي اشتملت على الكثير من الأنشطة والفعاليات، بهدف مشاركة أفراد المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه في مزيد من التعريف بالمرض، وتزويدهم بالمستجدات المتعلقة به، وطرق الوقاية من خلال وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر» و «فايسبوك».
وتضمنت هذه المرحلة إعداد مجموعة من الوسائل المتناغمة، من كتيّبات تعريفية بالمرض وطرق الوقاية منه، وأيضاً عُلقت لوحات إرشادية و «رول آب» في المنشآت الصحية ومواقع التجمعات، إضافة إلى نشر إعلانات توعوية في عدد من الصحف، ووسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي».

د. أبو زناده: ينقصنا تحديث المعلومات بطريقة علمية
أما استشارية التمريض ومؤسسة المجلس العلمي للتمريض ومشرفة حملة تنظيم التمريض السعودي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية الدكتورة صباح أبو زناده، فأوضحت «أن نسبة الإصابات تراجعت بسبب توافر المعدّات الوقائية اللازمة لمكافحة هذا الفيروس، رغم غياب الإحصاءات الدقيقة التي تفصل بين نسبة إصابة الممارسين الصحيين، وباقي الأشخاص العاديين في المجتمع.
كما أن نسبة الوعي زادت لدى وزارة الصحة، إذ باتت تسجل رسائل على الهواتف النقالة للممارسين الصحيين بهدف التوعية. وللحفاظ على سلامتهم، وفّرت لهم مختلف أدوات الوقاية، كالأقنعة والقفازات وزي التمريض (المريول)، وذلك تلافياً لملامسة أي مُخرجات من المريض، رذاذ أو دم... قد تنقل اليهم المرض. إضافة الى الاهتمام بغرف العزل وأقسام الطوارئ التي شهدت تحسناً عن الأعوام السابقة».
واختتمت أبو زنادة بالقول: «عودة كورونا من جديد لم تكن بقوة الذعر أو الخوف الذي أصاب المجتمع في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك الى ارتفاع نسبة الوعي لدى شرائح المجتمع، سواء أكانوا مواطنين أو ممارسين صحيين أو أطباء.
ولا ننس تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الجانب، كحملة «نقدر نوقفها» التي أُطلقت عبر «تويتر»، وساهمت كثيراً في نشر التوعية بمخاطر كورونا».

انتقال العدوى
وشرح وليّ كيفية انتقال العدوى من شخص مخالط للإبل الى آخر يسكن في المدينة بعيداً من الصحراء أو البادية، قائلاً: «ينتقل الفيروس من شخص خالط الإبل، ويكون قد ظهرت عليه أعراض بسيطة مثل أعراض الانفلونزا، فيصبح حاضناً للفيروس وينقله الى شخص آخر، وهذا ما نسمّيه بالنقل الثانوي. وهناك أيضاً نقل ثالثي، أي أن تنتقل العدوى من شخص إلى شخص إلى شخص، وهذا ما حدث في العام الماضي». 
وفي دراسة علمية، يشير الولي الى «أن الإبل هو مصدر العدوى. إذ هناك مريض منوّم في مستشفى الملك عبدالعزيز، حالته حرجة، وقد خالط الإبل مباشرة، فأرسل الفريق المعالج طاقماً طبياً خاصاً لأخذ عيّنات من الإبل، وكذلك من الشخص المُصاب.
وتأكد بطريقة علمية أن الإبل هو ناقل الفيروس، بسبب تكون أجسام مضادة للكورونا في دمه قبل أن يُصاب بها الشخص. ما أثبت علمياً أن الانتقال يتم من الإبل الى الإنسان وليس العكس... هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، فقد ثبت أيضاً أن العدوى لا تقتصر على الاختلاط بالإبل فقط، بل من أهم أسبابها شُرب حليب الإبل، والالتصاق الحميمي بها وملامسة سوائلها، كما يحدث مع بعض الرُعاة الذين يهتمون بتربيتها... وبعدما اقتربنا من تحديد مصدر العدوى، يبقى التعاون ضرورياً بين وزارتي الصحة والزراعة للقضاء على المرض».

CREDITS

تصوير : ياسر دندراوي