علي مصطفى سفيرنا إلى صناعة الأفلام

علي مصطفى,صانع أفلام,جائزة «أفضل فيلم إماراتي»,جائزة «أفضل صانع أفلام إماراتي»,مهرجان دبي الدولي للأفلام السينمائية,لندن,Burberry,Star Wars,دبي,القضايا الإنسانية,Oxfam,هوليوود

ليلى حمداوي (لندن) 08 أغسطس 2015

نجح علي مصطفى في إثبات مكانته كصانع أفلام إماراتي، ونال تقديرات عدة على ذلك، مثل جائزة «أفضل فيلم إماراتي» عام 2006، وجائزة «أفضل صانع أفلام إماراتي» عام 2007 من جانب مهرجان دبي الدولي للأفلام السينمائية. والواقع أن فيلمه «مدينة الحياة» كان تصويراً لواقع دبي من منظور مختلف، يتخطى مظهر ناطحات السحاب، والمشاهد الطبيعية الخيالية، والمنطقة المشمسة الجاذبة للسياح الذين يريدون فصل صيف طوال أيام السنة أو مقصداً للأعمال.

ولد علي في لندن من أم إنكليزية ووالد إماراتي. درس في طفولته في مدرسة الاتحاد في ممزر، وفي مدرسة الإمارات الدولية ومدرسة الاتحاد في الجميرة. شغفه بالأفلام والأعمال السينمائية منذ سن مبكرة هو الذي دفعه إلى التسجيل في كلية لندن للأفلام السينمائية عام 2003. هناك، رأى علي كيف ينظر الغرب إلى منطقتنا، وهذا ما ألهمه سرد القصص سينمائياً.

سررت كثيراً بلقاء هذا الشاب الموهوب، الذي يشبه النجم جوني ديب. أثناء وجوده في لندن لحضور عرض أزياء Burberry للرجال ولإنجاز أعمال أخرى، التقينا به والتقطنا له هذه الصور الحصرية الرائعة، وأجرينا مقابلة عن حاضره ومستقبله وتفاصيل أخرى...


-هل رغبت دوماً في أن تكون صانع أفلام؟ هل كانت هناك لحظة محددة في حياتك أتاحت لك هذا الاحتمال؟ ومن هم صانعو الأفلام والمخرجون الذين أثروا كثيراً في عملك؟
أنا «أصنع الأفلام» مذ كنت في التاسعة. كنت أطلب من أشقائي وأقاربي أداء الأدوار. وإذا لم يتواجدوا قربي، كنت أستخدم ألعابي لإعداد رسوم متحركة بتقنية stop-motion، استوحيتها من مشهد الهيكل العظمي في Jason and the Argonauts. حين شاهدت على جهاز الفيديو فيلم Star Wars للمرة الأولى، رغبت فعلاً في أن أصبح مخرجاً أو صانع أفلام. أردت أن أكون الرجل الذي يجعل ذلك يحصل. أثّر فيّ سبيلبرغ ولوكاس كثيراً خلال طفولتي.

-في «مدينة الحياة»، قدّمت دبي من منظور مختلف، وألقيت الضوء على جمال المدينة وكذلك على مشاكلها في فيلم حقيقي آسر. أي نوع من الارتدادات يتركها هذا الفيلم في منظورنا الإجمالي لدبي؟
أتمنى أن تكون الارتدادات إيجابية. يفترض أن يظهر الفيلم أننا واثقون من أصولنا ومن تطلعاتنا. أفرح كثيراً حين أسمع أن الأشخاص الذين يعيشون في دبي، وباتوا يعتبرون الآن دبي موطنهم الثاني، يرسلون الفيلم إلى عائلاتهم في الخارج ليظهروا لهم وجهاً مختلفاً للمدينة.

-في «مدينة الحياة»، ثمة راقصة باليه رومانية بين الشخصيات الرئيسية. هل الرقص من الفنون التي تحبها؟ وما هي أشكال الفن الأخرى التي تهتم بها، إضافة طبعاً إلى الأفلام؟
لا شك في أن الرقص هو شكل فني رائع للتعبير. لكنني أحب التصميم، وكذلك الرسوم المتحركة.

-أنجزت عدداً كبيراً من الإعلانات التجارية. هل العالم الخيالي الذي صوّر في الإعلانات التجارية يحضّك على ابتكار المزيد من الترجمات الحقيقية للعالم في أعمالك؟
طبعاً. لكن في الآونة الأخيرة، حدث تبدل كبير في الإعلانات التجارية التي أنجزتها، بحيث تسعى المواهب الإبداعية الآن لأن تكون أكثر واقعية وحقيقية. هذا مثير من دون شك، لكننا نعود دوماً بطريقة ما إلى عالم الإعلانات.

-والدك من دبي ووالدتك من لندن. كيف أثّر هذا المزيج الثقافي في حياتك؟ وعملك؟
لقد أثّر في حياتي في سن مبكرة عندما كنت طفلاً، لكن ذلك التأثير اختفى في سنوات المراهقة ليعود ويظهر مجدداً في سن الرشد حيث قمت بتمثيل العديد من الماركات البريطانية بصفتي إماراتياً. كنت مثلاً سفيراً لماركتيّ ألفريد دانهيل ولاند روفر. أصبحت صديقاً لدار Burberry، وسفيراً للنوايا الحسنة مع Visit Britain. على الصعيد العملي، لا شك في أن التأثير ظهر من خلال صناعة أفلام عربية بمفهوم غربي.

-بعدما تلقيت هذه التربية وأصبحت الآن أباً لعائلة، ما الذي ترغب في تعليمه لأولادك الثلاثة؟
أولادي أغنى مني في تنّوع خلفياتهم الثقافيّة، فأمهم بريطانية- مصرية ووالدهم بريطاني- إماراتي. سيكونون بارعين في أي عمل يختارونه، وأنا واثق من أنهم سيحققون أحلامهم. سنقف لدعمهم وتحفيزهم في كل خطوة من خطواتهم.

-تملك شغفاً كبيراً بالقضايا الإنسانية، وعملت مع Oxfam وأخذت دور سفير النوايا الحسنة مع Visit Britain. ما هي القضايا الأقرب إلى قلبك في الوقت الحاضر؟ وما هي التغييرات الواجب فعلها في العالم برأيك؟ وما هي أكبر المشاكل التي يواجهها المجتمع حالياً؟
أتشرّف كثيراً بالعمل الذي أنجزته مع Oxfam، بحيث زرت بعض أكثر الأماكن فقراً في العالم وألقيت الضوء على قضاياهم. ذات مرة، وجدت في مالي، في أفريقيا، صفيحة صغيرة جداً لجمعية Dubai Cares الخيرية في مدرسة لمحو الأمية وبئر لمياه الشرب، وفرحت كثيراً لرؤية ما تفعله دبي في أنحاء العالم... وبطريقة متواضعة أيضاً. ساعدنا في جمع الكثير من الأموال لـ Oxfam من خلال مهرجان دبي للأفلام السينمائية، وكان ذلك أمراً رائعاً. لكن على الصعيد المهني، الأفلام هي وسيلة مؤثرة في المساعدة في التعبير عن مجتمعاتنا، وهذا ما نحتاج إليه. قمت أخيراً بإنتاج برنامج وثائقي لأغنية صديقيّ بدر جعفر وكوينسي جونز، بعنوان «بكرا». إنها مبدئياً أغنية We are the World of Arabia ، لكن كل العائدات تخصص لدعم الموسيقى والفنون الداعمة للشباب المعوزين. والبرنامج الوثائقي يتابع الرحلة المهمة للأغنية.

-دعنا نتحدث عن فيلم From A to B. إنه فعلاً فيلم فريد ومبتكر. فاعتماد مثل هذا الأسلوب المختلف في شيء مألوف جداً مثل فيلم Road Movie هو فعلاً خطوة لافتة. لماذا اخترت تحديداً فكرة Road Movie لتكون ركيزة الفيلم؟
 لطالما أحببت هذا النوع من الأفلام. فالفيلم هو شكل من أشكال الهروب، وتعتبر أفلام Road Movie شكلاً أكبر من الهروب لأن المرء يرغب دوماً في تجربتها ولا يفعل أبداً، ولذلك يحب مشاهدة أشخاص آخرين يخوضون هذا التحدي. وكم ستكون الرحلة فريدة من أبو ظبي إلى بيروت مع التناقض في المشاهد الطبيعية والثقافة. أقول إنه التعبير المثالي عن فيلم يجمع بين الدراما والكوميديا.

-كانت شركة Image Nation مشاركة في فيلم From A to B. لكنك كشفت عن سيطرة إبداعية كاملة في فيلم City of Life. كيف أثرت تلك المشاركة في تجربتك؟
كان الأمر مروعاً في البداية، لا سيما فكرة وجود «رئيس استوديو» يراقب كل تحركاتك ويريد الموافقة على كل شيء. لكن الواقع لم يكن هكذا أبداً. فالشركة كانت معطاءة وبنّاءة جداً ووفرت دعماً كبيراً لفريق العمل. والواقع أننا نعمل معاً مجدداً!

-يساهم عملك بشكل بارز في صناعة الأفلام في الإمارات. هل هذا أمر تسعى إليه عمداً وتحرص على تعزيزه؟ والثقافة الإماراتية غير ممثلة جيداً في هوليوود... فهل تشعر بأن عملك يمكن أن يغيّر ذلك؟
أنا محظوظ جداً لأنني بدأت من حيث بدأت. فالثقافة العربية غير ممثلة جيداً في هوليوود بصورة عامة. ونعم، أشعر بأن صنّاع الأفلام العرب يستطيعون كسر تلك الصورة القاتمة عن عالمهم. إنها فقط مسألة وقت...

-هل تظن أن عملك المستقبلي سيركز على الثقافة الإماراتية؟ وهل نتوقع أن يظهر الجانب البريطاني من تربيتك في أي عمل مستقبلي؟
أعمل حالياً على فيلمي الثالث، الذي هو عربي مئة في المئة. الفيلم الأخير From A to B ، كان عربياً بنسبة 70 في المئة وإنكليزياً بنسبة 30 في المئة. أما فيلمي الأول City of Life ، فاشتمل على ثلاث لغات، العربية والإنكليزية والهندية. لا أعرف ما الذي قد أفعله لاحقاً، لكنني أرغب حتماً في صناعة فيلم بريطاني، لا بل أريد صناعة فيلم بوليوودي ذات يوم، ولمَ لا؟ فالتجربة هي كل شيء!

-في فيلمك القصير Under The Sun، تروي حكاية صبي عمره 13 عاماً في شهر رمضان. كم يؤثر إيمانك في عملك؟ وهل المناخ السياسي الحالي يلهمك لصناعة المزيد من الأفلام التي تصوّر الإيمان الإسلامي بطريقة إيجابية؟
نعم، أعتقد ذلك، لكن الفارق سيكون دقيقاً جداً الآن. فما من أحد يرغب الآن في رؤية الدين والسياسة مع بعضهما بعضاً. إذا كانت لديك «رسالة»، كن رقيقاً كفاية في إيصالها بحيث يحسم الناس قراراتهم بأنفسهم.

-هل من نصيحة لصناع الأفلام الشباب الآتين من مناطق مختلفة في العالم، حيث العمل في صناعة الأفلام لا يبدو أمراً ممكناً؟
كل ما يحتاج اليه المرء هو الشغف والصبر والمثابرة. آمن بحلمك بقوة كافية، فيتحقق. طُلب مني إهمال سيناريو City of Life، قبل عام واحد من صناعته، لأن إمكانية تحوله إلى حقيقة أمرٌ مستحيل قبل عشرة أعوام. لكن انظري أين أصبحنا الآن!

-أين ترى صناعة الأفلام الإماراتية في السنوات العشر المقبلة؟
مزدهرة! أؤمن فعلاً بأننا سنصبح المحور المركزي لصناعة الأفلام في العالم. تذكّري كلماتي!

-لو لم تكن في صناعة الأفلام، ماذا كنت ستفعل برأيك؟
أعمل ربما في التصميم. فقد افتتحتُ قسماً في شركة أمي قبل تخرجي في الثانوية، وكان ذلك القسم مخصصاً للتصميم والديكور الداخلي. وكان العمل جيداً فعلاً، إلى أن بدأت الدراسة في كلية لندن للأفلام السينمائية.

-كيف ترى تطور مهنتك خلال العقود القليلة المقبلة؟
إن شاء الله، سأقف على المسرح وأمثّل الإمارات حاملاً تمثالاً ذهبياً صغيراً في يدي!

-كان أول فيلمين لك مختلفين جداً عن بعضهما. ما الذي يمكن توقعه من الفيلم الأخير The Worthy؟
اعتمدنا الخيال مجدداً، لكنني عملت هذه المرة مع منتجين مخضرمين في هذا المجال. بيتر سافران، منتج فيلم The Conjuring، وستيفن شناير، منتج فيلم Paranormal Activity. ومثلما قلت قبلاً، فإن التجربة هي كل شيء ولذلك أنا مسرور جداً.

-بالإضافة إلى أفلامك الطويلة، أنجزت أيضاً بعض الأفلام القصيرة. هل التغيير في الوتيرة جميل بعد صناعة الأفلام القصيرة؟ وما الفارق في العملية الإبداعية بين الأفلام القصيرة والأفلام الطويلة؟
تكون الأفلام القصيرة جيدة جداً بحيث يصعب فعلاً إنجازها. أعتقد أنني أشعر بارتياح كبير حين يكون لديّ وقت أطول لإخبار القصة!

-ما هي مشاريعك المستقبلية التي يفترض أن ننتظرها؟
حسناً، سيتم إطلاق فيلم From A to B في دور السينما البريطانية هذا العام عبر Studio Canal، وهذا رائع فعلاً. احرصي، كونك تعيشين في بريطانيا، على دعم السينما العربية عند عرضه في الصالات! أما فيلم The Worthy فيفترض أن ينتهي العمل فيه قبل الصيف المقبل!

-نلت جائزة Esquire للرجل الأكثر أناقة عام 2011. هل فوجئت بهذه الجائزة؟ كيف تصف أسلوبك الشخصي؟ ما الذي يؤثر في أسلوبك؟ وما مدى أهمية الأناقة بالنسبة إليك؟
نعم، كان هذا جميلاً فعلاً. لا أملك بالضرورة أسلوباً شخصياً أو أيقونة موضة معينة. أعتقد أنه يجدر بالمرء أن يرتدي ما يجعله يشعر بالارتياح مع نفسه، بصرف النظر عن طبيعته. بذلة من ثلاث قطع، أو جينز ممزق وسترة جلدية. لكن أكثر ما أعجبني في Esquire هو أنهم منحوني جائزة رجل العام في الشرق الأوسط لعام 2014! يبدو أنني محط تقدير، ما رأيك؟

-هل من مصممين معينين تحبهم؟
 تعجبني في الوقت الحاضر تصاميم Burberry.

أكمل هذه العبارات...

-أفضل ساعة في اليوم: وقتي مع الأولاد.
-الفيلم الذي غيّر حياتك: حرب النجوم Star Wars و«الرسالة» للمخرج مصطفى العقاد.
-أفضل اكتشاف: زوجتي.
-مقصدك المفضل: لندن.
-جورج كلوني أو ليوناردو دي كابريو: الاثنان موهوبان جداً!
-أفضل نصيحة: من والدي: «الكبرياء يقتل الرجل».
-فيسبوك أو تويتر أو إنستغرام: لا أملك فيسبوك. أعيد نشر التغريدات الجيدة عبر تويتر. أنا شخص يحب الأمور البصرية، ولذلك أفضل إنستغرام.
-عندما تملك وقتاً حراً، فالاحتمال الكبير هو أن تكون: مع الأولاد.
-بعد عشر سنوات ستكون... (إن شاء الله): أصنع الفيلم التاريخي الذي ولدت لصناعته (إن شاء الله).

CREDITS

إعداد: كلير ريد Claire Read

تصوير : جون كاردويل Jon Cardwell (موقع التصوير: The Roost، لندن)

شعر: آساشي Asashi

شكر خاص : شكر خاص لفريق بوربوري في دبي.