خفّة

هالة كوثراني,سفر,الرقم سبعة,خفّة

هالة كوثراني 12 أغسطس 2015

قدّمت لنا مناسبة عائلية فرصة الحصول على إجازة أو أجبرتنا هذه المناسبة على السفر في رحلة غير مرتبطة بالعمل. بعد أسبوعين ينتهي زمن الإجازات، فلنستفد من الأيام الأخيرة، قلنا.
صحوت لأكتب افتتاحية العدد 777 هذه. تذكرت أنني خلال دراستي الجامعية كتبت بحثاً عن رمزية الرقم سبعة في اعتقادات الشعوب. لم يكن صباحي عادياً. صحوت والجبل قبالتي، خلف البناء بأحجاره المرقّعة بالأبيض والأسود وأدراجه التاريخية. ترمي الشمس خجلها وتتعالى أصوات الهمسات والثرثرات والضحكات اللطيفة. الحياة جميلة في هذه البلدة البعيدة، إيقاعها حيّ وطبيعي. لا يحيا السكان هنا وهم يتجنّبون الموت أو التفكير فيه أو القراءة عن غزوات القتل في مدن قريبة. الكلّ هنا يمشي متأملاً ما حوله. تعلو الرؤوس وتهبط وتتلفت، حيثما التفتنا ثمة ما يدهش ويمتع ويجذب.
كلّمني رجل عجوز بلغته التي لا أفهمها. استمعت إلى موسيقى كلماته، ولم أرد عليه مباشرة بلغة لا يفهمها. أعجبتني موسيقى كلماته وفكرة أن ليس من واجبي أن أفهم ما يقوله أحد هنا، قبل أن أبتسم وأحرّك رأسي شارحة بحركتي تلك أنني أجهل تفسير كلماته وبابتسامتي أنني سعيدة بجهلي. أغمض عينيّ لأستمتع بالأصوات. إنها إجازة من الأصوات الروتينية هناك، أصوات الحفر والنبش والبناء لأجل الهدم، هدم قصص المكان وفرص العيش المستقبلي فيه.
قبل أن ينقضي الصيف، لا بد من اختطاف أيام مجنونة يتغير خلالها روتين العمل وضغط الأيام المتشابهة. لا تفوتوا إذا استطعتم فرصة الهروب، فرصة السياحة الداخلية أو الخارجية، فرصة التسكّع هنا أو هناك حيث المشاهد مختلفة عن مشاهد الأيام العادية. يحقّ لنا بالتيه الجميل، أن نسلّم حواسنا ومخيلتنا وذاكرتنا لأصوات وألوان وروائح جديدة. المكان يعانقنا والبحر مضياف، أبوابه مفتوحة وأفقه باسم. لنسرق من القلق أياماً خفيفة.