شقة ستيفاني كوتاس في شارع تريموي: أناقة باريسية معاصرة!

شقة,ستيفاني كوتاس,شارع تريموي,أناقة باريسية

نجاة شحادة (باريس) 15 أغسطس 2015

في قلب حيّ من الأحياء الباريسيّة الراقية، وعلى بُعد خطوات من جادتي «مونتاني» و«جورج الخامس»، وقّعت مهندسة الديكور  ستيفاني كوتاس مشروعاً هندسياً فريداً من نوعه وذلك بتحويل شقّة قديمة من الطراز «الهوسماني» الى مساحة عيشٍ مدهشة، بصياغةٍ معاصرة حديثة مُشبعة بالأناقة والرفاهية...


بدأت حكاية هذا المشروع بلقاء بين نجمة السينما الأميركية، مالكة الشقّة، ومهندسة الديكور ستيفاني كوتاس وتفويضها بتجديد ملامح المكان وتأهيله بديكور جديد يشبه في طابعه مناخ الأجنحة الخاصّة في فنادق باريس الراقية، التي تعوّدت هذه الممثّلة الشهيرة على الإقامة فيها خلال زياراتها المتعدّدة الى العاصمة الفرنسية.

في الخطوة الأولى من التصميم، جدّدت كوتاس هيكلة مساحة المكان المنبسط فوق 215 متراً مربّعاً لتعيد تشكيل فضاءاته  وتوزيعها بطريقة تتماشى مع روح التصميم الجديد للشقّة، والذي انطلق من فكرة ابتكار جناح واسع داخل المكان، يضمّ أربع غرف فاخرة للنّوم مع حمّام خاص بكل غرفة، إضافةً الى مدخل واسع أنيق يؤدّي إلى الغرف والصالون وصالة الطّعام والمطبخ.

ولإعطاء التصميم الجديد بعداً هندسيّاً معاصراً، عملت كوتاس على تلطيف مظاهر الطراز «الهوسماني» القديم داخل الشقّة، مع الحفاظ على بعض ملامحه وهويّته الأصيلة. كما أعادت تنظيم مسارات الضوء في كامل الشقّة وتمويهها داخل الأفاريز التي تزيِّن السقف في فضاءات المكان المختلفة، مع تطوير نظام التشغيل، بشكل يُسهِّل التحكّم بكثافة النّور أو ضعفه، مما يتيح ابتكار أجواء متعدّدة في المكان تتماشى مع كلّ مناسبة أو رغبة.

وبالنسبة الى الأرضيّات فقد تمّ تلبيسها بنوع من خشب السنديان الفاتح اللّون لتعطي طابعاً موحّداً ودافئاً بين الصالات والغرف، بينما استُخِدم بلاط الرخام الأبيض لتلبيس أرضيّة الحمّامات الفاخرة وكذلك المدخل...

أمّا الجدران فتمّ التعامل معها بأشكال وموادّ مختلفة، استُخدِمت فيها مادّة من مسحوق الرخام الأبيض لطلاء جدران المدخل الرئيسيّ للجناح، بينما طُليت جدران الصّالات باللّون الرماديّ الفاتح المُكثّف بمسحة من اللّون الأزرق البارد، ممّا ساهم في انتشار الضوء الطبيعي في المكان برونق مدهش.

وفي غرف النّوم الفاخرة، زُينت الجدران بنوع من الجلد المصقول الناعم العاجيّ اللّون، بصياغة مُبتكرة على شكل خطوط عموديّة الشّكل في غرفة النّوم الرئيسية، ممّا ساهم في تحديد المساحة فيها  وإبراز جماليّة عناصر الديكور المختلفة في الغرفة، من سرير وقطع للأثاث مُبطّنة بقماش فاخر وسجّاد، وأكسسوارات مختلفة، تعكس في نهايات تنفيذها مهارة حِرفيّة باهرة.

كما استُعين بالجلد لتزيين جدران غرف النّوم الباقية بصياغات مختلفة وخطوط أفقيّة تتناغم مع طابع المساحات والأجواء الزخرفيّة في كلٍّ منها. وقد تصدّرت صور قديمة للممثلة الأميركية أودري هيبورن جدار إحدى الغرف، كنوع من التكريم لمهنة سيّدة المكان والعصر الذهبيّ لأفلام الأسود والأبيض...

تكريمٌ تناولته كوتاس أيضاً في صياغتها لأجواء المدخل حيث رصّعت بلاطه الرخاميّ بخطوط وأشكال هندسيّة رائعة مُستمدّة من روحية أجواء سنوات الثلاثينات من القرن الماضي والتي قدّمتها بصياغة معاصرة وتناغم ساحر بين اللونين الأسود والأبيض.

وعلى صعيد مُتصل بمواد قطع الأثاث والألوان، ذهبت كوتاس في تصميمها نحو خيارات مدهشة من المواد النبيلة من خشب ثمين، رخام، معادن، جلود مصقولة، ومربّعات من الموزاييك المصنوع من عجينة الزجاج الملّون... إضافةً الى مجموعة مميزة من الأقمشة الفاخرة التي استُخدِمت في صنع الستائر وتنجيد قطع الأثاث المُبتكرة التي ساهمت بدورها في تظهير خبرات الفنانين والحِرفييّن  ومهاراتهم في تنفيذ الأعمال المختلفة من قطع أثاث وعناصر زينة تخرج بكمال مظهرها عن المألوف وتُثري مشاهد الديكور بأجواء نادرة.

أما على صعيد عالم اللون، فقد تراوحت الألوان المُستخدمة في الديكور بين الرمليّ، العاجيّ والرمادي الناعم مع تناغمات مختلفة من الأزرق الحيّ والبارد الذي طرّز برونقه جلسات الصالون  وصالة الطعام، ورفدَ أجواءها المُزينة بالأعمال الفنيّة والمنحوتات وبعض الأكسسوارات الحرفية، بحيويّة خاصّة... جعلت من أجواء هذا الجناح الكبير مسرحاً لأناقة بخمس نجوم، يلتقي فيها الحلم مع الدهشة.