لا تكتفي بتألّق مهرجانات بيت الدين... نورا جنبلاط: المبدعون كثر والمستقبل واعد

نورا جنبلاط,مهرجانات بيت الدين,إبداع,مهرجانات إهدن,كاظم الساهر,الأوضاع السياسية,مبادرة الشوف الأصيل,وليد جنبلاط,جمعية «كياني»,مخيمات الاجئين السوريين

روزي الخوري 20 أغسطس 2015

لا تكتفي نورا جنبلاط بالتألّق في مهرجانات بيت الدين، ولا يشبعها نجاح موسم أو تميّز برنامج. الإبداع بالنسبة إليها يتخطى كلّ الحدود، ولا هوية محددة له. من خلال رئاستها لمهرجانات بيت الدين، تعمل باندفاع وحماسة كأن الحدث يُنظّم للمرة الأولى، وتعزو النجاح كل سنة إلى تنظيم اللجنة المتفانية في عملها، واضعةً نصب عينيها رسالة لبنان الثقافية. تسعى دائماً الى المزيد وتصبو الى تميّز مستمر، معوّلة في ذلك على تفاعل الجمهور وذائقته الفنية وحبّه للحياة. أما الجمهور، فلا يميّز بين تألق وآخر على مرّ السنين. التنظيم واحد والتقنيات واحدة، لكن النكهة هي التي تختلف بين سنة وأخرى، فتبدو كلّ مرة أكثر حلاوةً وانسياباً. والمهرجانات في موسمها الثلاثين هذه السنة، عينها على مواهب جديدة محلية وعالمية، «فالمبدعون كثرٌ والمستقبل واعد»، وفق رئيسة اللجنة.

-مهرجانات بيت الدين التي بدأت على نطاق مناطقي ضيق باتت اليوم تنافس مهرجانات عالمية؟ ما سرّ هذا النجاح؟
تفاني اللجنة المطلق في العمل الدؤوب، إيماناً منها برسالة لبنان الحضارية والثقافية التي حملناها إلى العالم، إضافةً إلى برمجة غنية وتقنيات عالية وثقة الجمهور ووفائه.

-أي مهرجان ينافس مهرجانات بيت الدين اليوم؟
لكل مهرجان نكهة خاصة ووقع إيجابي، ونرى المنافسة، مهما تكن، من الناحية الإيجابية، وهي حافز للتطور والامتياز.

-هل حقق المهرجان في العام الماضي النجاح المطلوب؟ وما هي الثغرات التي شكلت تحدياً لكم لتحسين البرنامج هذا العام؟
نعم، لقد كان مهرجاناً ناجحاً. صحيح أن لا مهرجان يخلو من الثغرات، ولكن تتم معالجتها فوراً. إذ لدينا دائماً رغبة في الوصول الى الأفضل، وخصوصاً من الناحيتين التقنية والتنظيمية، فالبرامج تختلف من عام إلى عام ومعها التحديات.

-مهرجانات إهدن تحتلّ عاماً بعد عام مكانة أقوى، هل تنافس اليوم بيت الدين؟ خصوصاً أن نجم مهرجاناتكم السنوي كاظم الساهر يحيي أيضاً مهرجانات إهدن؟
نحن وإهدن نستقبل كاظم الساهر كل عام، وهذا أصبح تقليداً وليس تنافساً.

-وما الذي يجعل مهرجانكم يتفرد ويتميّز لبنانياً وعربياً وعالمياً؟
مهرجانات بيت الدين لبنانية الهوية، غنية بجذورها العربية ومنفتحة على ثقافات العالم، وهذا ما يميّزها، فضلاً عن موقعها التراثي. فقصر بيت الدين تحفة معمارية أثرية تعود إلى حقبة إمارة جبل لبنان، وهو أيضاً المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية. إننا نسهر على تنظيم  المهرجان وسيره بدقة، بالإضافة إلى اعتماد أحدث التقنيات للصوت والإضاءة والمسرح... ولا نتراجع أمام أيّ تحدّ.

-وفق تقويمك السنوي للمهرجانات، أي عام كان الأنجح؟ وما الظروف التي أدت إلى ذلك؟
من أنجح السنين، تلك الممتدة من عام 1997 إلى عام 2004، إذ بدأنا استعمال الباحة الخارجية التي تستقبل جمهوراً يتعدى الخمسة آلاف شخص.
وفي عام  2004 أحيينا أيضاً حفلات في بيروت، وخصوصاً عندما استقبلنا سفينة الثقافة التي أبحرت من برشلونة إلى بيروت وعلى متنها عرض مذهل من صوت وإضاءة وفنانين قدم مجاناً في مرفأ وسط بيروت لنحو 35 ألف شخص. وبذلك وصل عدد جمهور المهرجان سنتها إلى ما يقارب الـ 70 ألف مشاهد.

-هل يتأثر برنامج المهرجان بالأوضاع السياسية والأمنية المحيطة بالبلد، أم انّ الجمهور يتخطى كلّ الاعتبارات؟
لا شك في أنه يتأثر. في بعض السنوات عانينا الكثير بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، ولا سيما عندما شنّت إسرائيل عدوانها على لبنان عام 2006. وفي السنة الماضية افتتحنا موسم  المهرجانات مع السيدة ماجدة الرومي في اليوم التالي لوقوع حادث أمني مؤسف، ومع ذلك حضر جمهور غفير متخطياً كل الاعتبارات والمخاوف الأمنية، وله كل التقدير.

-هل من السهل على مهرجاناتكم استقطاب أسماء عالمية؟
أصبح لدينا اسم ووجود في العالم الفني والثقافي، وقد استضافت بيت الدين ما يزيد على 5000 فنان من لبنان والعالم، مما يسهل اليوم استقطاب كبار المبدعين وأهمّ الفرق الفنية والعالمية.

-من هو الفنان المحلي أو العالمي الذي ترغب لجنة مهرجانات بيت الدين في استضافته ولم تسنح لها الظروف بعد؟
بالتأكيد هناك فنانون محليون وعالميون نتمنى استضافتهم، فالمبدعون كُثر والمستقبل واعد.

-مهرجانات بيت الدين تخطت حدود المهرجانات الفنية لتدخل باب الثقافة من خلال النشاطات التي تفرّعت منها. ماذا تخبريننا عنها اليوم؟
مهرجانات بيت الدين باتت حركة فنية ثقافية تساهم في إحياء منطقة الشوف التي عانت الكثير وما زالت تحتاج إلى العديد من المشاريع الإنمائية. لقد تم إنشاء فرع للمعهد الوطني العالي للموسيقى، إضافةً إلى أوركسترا شبابية ومركز للباليه الكلاسيكي وآخر للرقص المعاصر.
ولقد أطلقنا حديثاً مبادرة الشوف الأصيل «Authentic Shouf#» لتحفيز السياحة وتنشيط الحركة الاقتصادية لمنطقة الشوف من خلال إظهار جانبها الأصيل والإضاءة على العديد من المقومات الطبيعية والتاريخية الغنية، التي تبدأ بشواطئ ساحل الشوف مروراً بأهمّ المعالم التراثية والسياحية من قصور دير القمر وبيت الدين وبعقلين، حين كانت إمارة جبل لبنان قائمة تاريخياً، وصولاً إلى  محمية أرز الشوف التي تضم ثلاثين في المئة من غابات الأرز المتبقية في لبنان، جاعلة منه منارة سياحية لبنانية. وهذه المبادرة مشتركة بين الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز، ولجنة تجار الشوف، ومحمية أرز الشوف ومهرجانات بيت الدين.

-أيهما الأحب والأقرب إلى قلب نورا جنبلاط، الموسيقى الشرقية أم الغربية؟
الموسيقى لغة عالمية، ولكل منها رونقها وخصوصيتها، والمهرجانات أعطتني الفرصة لأتعرّف الى العديد من الأنماط الموسيقية في العالم، إذ يتخطى الإبداع كل الحدود.

-هل يشاركك وليد بك في تذوق أنواع الفنون؟
لدى وليد جنبلاط حسّ فني مرهف بشكل عام.

-وليد بك يحضر بعض حفلات بيت الدين، ما العرض الذي استهواه العام الماضي؟ وهل يبدي رأيه عادة في المهرجان؟
انشغالاته كثيرة، ولكن عندما تسنح له الفرصة، لا يتردد في حضور بعض الحفلات، وقد حضر أخيرا ليلة صوفية/ملاوية مميزة من إنتاج بيت الدين لجلال الدين فايس وفرقة الكندي ومؤذنين من تركيا، وشارك فيها أيضاً كورس بيزنطي إلى جانب عدد كبير من الموسيقيين والمنشدين.

-أنت من مؤسسي جمعية «كياني» التي تهتم بإنشاء مدارس في المخيمات للاجئين السوريين، ما أبرز إنجازاتكم حتى اليوم؟ وما هي التحديات التي تواجهونها؟
في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب السوري، يواجه لبنان كارثة حقيقية مع ارتفاع عدد النازحين السوريين إلى ما يقارب المليون ونصف مليون نازح، وهذا ما يوازي ثلث الشعب اللبناني. 78% من النازحين نساء وأطفال، وتقريباً خمسمئة ألف في سن التعلم وفقط مئة ألف منهم مسجلون في المدارس الرسمية، والدولة اللبنانية تبذل جهداً كبيراً لإيصال عددهم إلى مئتي ألف عام 2016، مما يعني أن هناك ما يقارب الثلاثمئة ألف خارج النظام التعليمي الرسمي يعتمدون على المنظمات الأهلية والدولية.
لقد أنشئت مؤسسة «كياني» بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والجامعة الأميركية في بيروت لإيصال العلم إلى الفئة الأكثر حاجة، ولقد وصل عدد مدارس «كياني» في المخيمات العشوائية في البقاع إلى أربع، إضافةً إلى ثلاث قيد الإنشاء، وحديثاً، جاءت الشابة ملالا يوسفزاي المناضلة في مجال حقوق الأطفال والشابات، وخصوصاً في التعليم، والحائزة  جائزة نوبل للسلام عام 2014 لافتتاح مدرسة جديدة لـ«كياني» تحمل اسمها، لتوفير العلم والمهارات للشابات السوريات النازحات.
ويبقى الطفل الضحية الأولى في هذه الحرب الضارية والظالمة، ومستقبله هو الثمن الذي يدفعه، ونحن اليوم في سورية أمام خطر فقدان جيل بأكمله.