كتاب «الاستبداد المفرح» لفجر يعقوب

كتاب,الاستبداد المفرح,فجر يعقوب

مايا الحاج 29 أغسطس 2015

 

جميل أن يخرج رجل الظلّ إلى الضوء. أن يصير صانع الأبطال بطلاً. أن يغدو راوي الحكايات هو الحكاية نفسها. ليست سهلة على من اعتاد التخفّي وراء الكواليس أن يواجه الآخرين.
وليس هيّناً انتقاء الكلمات على من اعتاد التعبير بالمشهد. ومع أنّه سبق أن جسدت شخصيات في أعمال درامية عدّة، ظلّ حاتم علي هو المخرج الذي يؤثر العمل وراء الكاميرا، لا أمامها. وفي كتاب «الاستبداد المفرح» (دار كنعان)، تمكّن الكاتب والمخرج الفلسطيني فجر يعقوب من أن يجرّ حاتم علي إلى دائرة الضوء ليكون هو الحكّاء بلغة الناس، لا لغة السينما أو التلفزيون، التي برع فيها.

الكتاب هو سلسلة حوارات أجراها الناقد والفنان فجر يعقوب مع المخرج والكاتب حاتم علي على مدار أربع سنوات. لكنّ الكتاب، كما جاء في مقدمة بشار ابراهيم، هو أكثر من مجرّد حوارات، بل هو «نبش في الذات والآخر، اشتغال على الذاكرة، ومسامرة في قواسمها العميقة، ما بين مبدع ومبدع، جمعهما حيّز زماني، وهما قد ولدا في وقت متقارب، وجمعهما حيّز مكاني، وقد عاشا في ظلال المخيّم ذاته».

يغوص فجر يعقوب عميقاً في ذات حاتم علي كما في أعماله. حوارات تتخللها نصوص يكتبها يعقوب متذكراً لقاءً هنا أو حادثة هناك. استجواب مدفوع بحب، بإعجاب، بتقدير لرجل تجاوز ضيق المكان الذي خرج منه ليصنع عالماً كبيراً بثقافة واسعة ومخيلة عبقرية.

هكذا يعود صاحب «ربيع قرطبة» إلى الزمن الأول. طفولته في «اليرموك» حيث كان يقصد سينما النجوم ليشاهد الأفلام السينمائية. هناك في ذلك المكان المهمش، اختار مساره ومصيره. أراد أن يكوّن له عالماً أوسع من المخيّم، وأجمل منه.
يعود علي بالذاكرة إلى أول مسلسل تأثّر به: «أسعد الوراق». يتذكر كيف كان يرى نفسه في شخصية البطل الذي «يتأتئ»، كحاله صغيراً.

يُعرّفنا فجر يعقوب بالجانب الحالم في شخصية حاتم علي الذي تجاوز الواقع بأعمال تاريخية مهمة تعكس شغفاً بالأحلام الكبيرة، فقدّم «الثلاثية الأندلسية» و«الملك فاروق» و«التغريبة الفلسطينية».

يحتوي الكتاب على صور ملونة لحاتم علي في مواقع التصوير، ولقطات من أبرز أعماله مثل: «عمر بن الخطّاب»، «ملوك الطوائف»، و«صراع على الرمال»...

ومما جاء في مقدّمة الكاتب: «فكرة الكتاب أهداني إيّاها الفنان الصديق جمال سليمان في مقهى الروضة الدمشقي، وهو أمر لم يعرف به الصديق حاتم علي حتى لحظة كتابة هذه السطور كمقدمة له... الاستبداد المفرح هو حوارات مع حاتم علي حول سلوكيات شهرزاد مطلع القرن الاتصالي الجديد.
لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه أحوال شهريار، حتى وإن بدا من حولنا أن طقس المشاهدة فيه جماعي، فسيظل يذكر به، كمتسلط ومتجبّر يرعى أحوال الجمهور بالسيف.
الكتابة عنه قد تُغني عن قراءة أحوال مجتمع. الكتابة عنه مرآة لما سيؤول إليه عالمنا مع انفجار الوفرة الفضائية الدرامية الكبرى. وليس هذا الكتاب إلا تلويناً في المرآة، بقصد إزالة الغبش عن حكايات هذا القرن المفعم بالتقلبات والقروح والمفاجآت الدامية».