منزل النحّات شارل روس في نيويورك: فضاءات معاصرة مدهشة... على مقاس الحلم!

النحّات,شارل روس,نيويورك,الديكور,الفولاذ,الرفاهية,الصّالة,الإضاءة,الأفلام,الألمينيوم,Bulthaup,الغرفة,خشب السّنديان

نجاة شحادة (باريس) 06 سبتمبر 2015

مكان استثنائيّ محاط بأجواء مُبهِجة في كلّ تفاصيلها ومساحاتها، أعاد الديكور رسمها من جديد بخطوط مدهشة وحالمة مُشبعة بالخصوصيّة، وفيّاضة بالتمُّيز، عكسته معالجات مُهندسَي الديكور  في مؤسسة «كازامانارا»، ديبلا بيرغر وبيرو مانارا اللذين عرفا من خلال رؤيتهما الهندسية البارعة كيف يحوِّلان هذا المحترف الفنّي الواقع في الطابق السادس من بناءٍ قديم في حيّ من أحياء «سوهو» النيويوركية، إلى «لوفت» فاخر بكلّ المعايير، خصوصاً أنّ هذا البناء كان في الماضي مصنعاً للأقمشة قبل أن يشتري شارل روس، أحد الفنّانين النحّاتين في بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي شقة فيه ليجعلها محترفاً خاصّاً به ومنزلاً للسكن.


لم يقم شارل روس خلال تلك المدة الزمنية الطويلة بأيّ تجديد في أجواء المكان أو تعديلٍ في نظام مساحاته الداخليّة التي حافظت على طابعها القديم وهيكلها وعواميدها المصنوعة من الفولاذ،  وتميُّز امتدادها مع طول المساحة وعرضها، مما يذكرنا بهوية المكان وطراز هندسته التي تعود إلى القرن التاسع عشر... كما بقيت النوافذ الزجاجيّة مصدراً للنور الطبيعي في تلك المساحات السخيّة المتداخلة... والتي حافظت عمليّات الترميم والتجديد عليها في إطار تعزيز أجواء المكان وتأكيد هويته الهندسيّة القديمة  والمميزة.

قدم مهندسا الديكور ديبلا بيرغر وبيرو مانارا تصوراً باهراً لخطة  ترميم الشقة وإعادة تصميمها، بنهج بديع يعمل على دمج الفضاءات الداخلية ومساحات السطوح الخارجية وإعادة تشكيلها، ليجعلا منها منزلاً مريحاً يفيض بكل معايير الرفاهية، كل ذلك على مساحة 2285 متراً مربعاً... تم تأهيلها بزخرفة بسيطة، أنيقة ومواد نبيلة وحسيّة، ناعمة الألوان، متجاوزَين في صياغاتهما كل القواعد المألوفة، لإنتاج رؤية معاصرة يعزّزها الانسجام بين العناصر المختلفة والألوان المختارة، بأسلوب مفرح يلامس الروح ويخاطب الحواسّ ويحاكي العواطف

من المدخل الواسع المؤدي الى الصالات المختلفة في الشقة، تتعدد السيناريوات الزخرفية وتتنوع مظاهرها التي تتصدّرها صالة المعيشة بجلساتها الوثيرة الفخمة المنسقة حول مدفأة مُلبّسة بالرخام المصقول الفاخر.

ويزيّن هذه الصّالة عدد من النوافذ الكبيرة المُطلّة على مناظر المدينة، والتي تشكّل إطاراً مثاليّاً لبعضها، مثل برج الحرية وغيره من الأبراج العالية في تلك المنطقة.

وتجاور هذا الركن صالة للطّعام مُشبعة بالأناقة والمظهر الجميل، تتوسّطها طاولة مبتكرة من الخشب، تحيط بها كراسٍ من الجلد والمعدن. وقد تدلّى فوقها عنصر مميز من عناصر الإضاءة.

تتواصل هذه الصّالة مع المساحات المجاورة لها، من صالات للتسلية ومكتبة وغيرها... بشكل مباشر وضمن مساحة أُلغيت منها الجدران الفاصلة والحواجز، ممّا منح المكان خصوصيّته وجاذبيته.

وهناك صالة لعرض الأفلام لا مثيل لها في سياق الفخامة، وهي تضمّ مقاعد وثيرة مريحة مُلبَّسة بجلد الغزال، تزيّنها وسائد جميلة، ويتميّز سقف هذه الصالة بارتفاع متدرج تتسلل منه خطوط من الضوء القابل لتعديل كثافته، بما يتناسب مع راحة الجالسين في الصّالة.

أمّا المطبخ فيشغل مساحة كبيرة من المنزل، وقد تمّت صياغته بأسلوب معاصر، وجرى تجهيزه بخزائن من الألمينيوم تحتضن الكثير من المعدّات الكهربائية والأجهزة الخاصة بالطهو... ويتمّيز هذا المطبخ بـ «كونتوار» واسع من الرّخام الأبيض مع مغسلة مصممة بقياس خاصّ لهذا المكان الذي يحمل توقيع ماركة Bulthaup.

أما جناح غرف النّوم فتحتله غرفة رئيسية مصاغة بلمسات ناعمة تفيض بالأناقة والطابع الفاخر. يتوسط هذه الغرفة سرير مُنفّذ بقياس خاصّ مزيّن بغطاء ووسائد تتناسق بألوانها مع عناصر الديكور في الغرفة، من الستائر والخزائن المصنوعة من خشب البلّوط باللونين الطبيعي والأبيض، وتغطي أرضية الغرفة سجادة كبيرة من الحرير بلون مُوشّى ناعم... يندمج مع الغرفة فضاء مُنسَّق بخزائن للملابس.
وهناك حمّام مميّز بسقف مُصاغ على شكل كوة زجاجية مثمّنة الأضلاع تسمح بدخول النّور إليه. وقد اكتست أرضية الحمّام بالرّخام البني، وذلك بتناغم وانسجام مع حوض الاستحمام الواسع المُغطّى بطبقة مزدوجة من العقيق الأبيض.

وتتوزع في باقي الجناح ثلاث غرف للنّوم فاخرة مع حمّاماتها، وتتكامل مساحات هذا الجناح مع ما يحيط به من صالات للتمارين الرياضية والتدليك وحمّام للبخار «سْبا»، مع صالة للعناية بالجسم بأنواع من خلاصة الزيوت الطبيعية، يتمّيز فضاؤها بنظام خاصّ من الإضاءة بالألياف البصريّة المندمجة في السقف المزخرف بمربّعات من الموزاييك.

وقد غُطِّيت الأرضيّات في المنزل بخشب السّنديان باللّون الباهت المؤكْسَد، بينما اكتست الجدران بطبقة من الجِصّ باللّون الأبيض الكريمي الناعم.

والجدير ذكره أنّ مهندسَي البناء عمدا إلى دمج أنظمة التكييف المتطوّرة، وتوزيع الإضاءة، والاتصال الداخلي والخارجي، ونظام التحكّم الالكتروني بكل الأجهزة في المنزل، ومنها شاشات المراقبة والحماية بالفيديو، كما عمدا إلى إخفائها داخل الجدران بأسلوب بارع، جعل هذا المنزل النادر في خصوصيته أكثر أماناً ورفاهية، تتيح لصاحبه الاستمتاع بكلّ ما تقدّمه المدينة من مناظر، ومن دون أن يغادر المكان.