جولي في مدن تحضن عوالم الأدب وتفتخر بأصحابه الذين عاشوا هنا

مدن,عوالم الأدب,باريس,مونتيسكيو,عوالم,سلسلة «ميلينيوم» Millennium,ستوكهولم,السويد,نيتشه,إيز Eze,الكوت دازور,غبريال غرسيا ماركيز,قرطاجين Carthagene,كولومبيا,عالم الأديبة,جين أوستين,كلارينس Clarens,سويسرا,رواية

ديانا حدّارة 13 سبتمبر 2015

من منّا لم تغمرها السعادة الممزوجة بالرهبة حين تدرك أنها تجول في بيت أحد عظماء الأدب أو التاريخ أو الموسيقى، تتلمّس أشياءه وتسير في كواليس حياته مدفوعة بفضول التعرّف إلى تفاصيل يومياته؟ إنه المقهى الذي اعتاد ارتياده هذا الأديب أو ذاك الشاعر، وهذا هو الرواق الذي تصفه سطور الرواية، وذاك هو القصر الذي عاشت فيه هذه الأديبة... أمكنة رحل عنها أصحابها وبقيت هي، حاضنة لأسرارهم، شاهدة على ولادة بنات أفكارهم وشخوصهم، تتكلّم بصمت على روائع أعمالهم.
ولتتعرفي إلى حياة أديب شغلت أعماله مخيلتك أو إلى شخصيات رواية عشت معها افتراضيًا، إليك مدن تحضن عوالمهم وتفتخر بأن هؤلاء المبدعين عاشوا هنا.


كلارينس Clarens في سويسرا وحكايات نُسجت ورائعة موسيقية كُتبت
هنا في كلارينس هذه القرية السويسرية الصغيرة المختبئة في حضن مقاطعة مونترو على ضفاف بحيرة جنيف، وعند أسفل جبال الألب، كتب تشايكوفسكي قطعته «فيولين كونشيرتو» Violin Concerto. الى هذا المنتجع السويسري لجأ الموسيقي الروسي لينعم بالسكينة بعدما أصابه الاكتئاب بسبب زواجه الكارثي بأنطونينا ميليوكوفا، فكانت البحيرة السويسرية ملهمة رائعة تشايكوفسكي الموسيقية.
ويبدو أن هذه البحيرة رغم جمالها الآسر، ألهمت الكاتبة الإنكليزية ماري تشيلي صاحبة رواية فرانكنشتاين. ربما كانت تشيللي تبحث عما يخفيه الجمال من رهبة! أما جان جاك روسو الأديب الفرنسي الذي ولد في مونترو في سويسرا فقد جعل أحداث روايته La Nouvelle Heloise  التي كان اسمها الاصلي Lettres de deux Amans، أو «رسائل بين حبيبين» تدور في كلارينس.
أما ليون تولستوي الأديب الروسي فكتب عام 1857 حين عاش في هذه البلدة رسالة الى والديه قال فيها: «لن أحاول وصف جمال هذه البلاد، خصوصًا في هذه اللحظة عندما يكون كل شيء مزهرًا.
جلّ ما يمكنني قوله إنني أمضي معظم وقتي في التأمل والإعجاب بجمال هذه المنطقة أثناء التنزّه أو النظر عبر  نافذة غرفتي». كل هذه الروائع جعلت من القرية الصغيرة مقصدًا للسياح الذين يبحثون عن الأماكن التي التقى فيها جولي وبرو بطلا روسو، فيجولون بين أروقتها الريفية الصغيرة، أو يبيتون في الفندق الذي نزلت فيه الكاتبة ماري تشيللي، أو الفندق الذي عاش فيه تشايكوفسكي.

جولي في عالم الأديبة جين أوستين في باث Bath في بريطانيا
كل قارئة شغوفة بروايات جين أوستين، لا يمكنها تفويت جولة في عالم هذه الأديبة الانكليزية التي عاشت في القرن الثامن عشر في باث، المدينة الشهيرة بجمال هندستها المعمارية. فهنا كتبت أوستين رواياتها التي تجسدت أفلامًا... Pride & prejudice من بطولة كيرا نايتلي وماثيو ماكفاديين أحدها. وبرعت الكاميرا الهوليوودية في نقل تفاصيل هذه المدينة الجميلة الواقعة جنوب إنكلترا حيث تبعد عن لندن العاصمة حوالى 90 ميلاً،  وفيلم Northanger Abbey بطولة موري فليسيتي وجون فيلد، وPersuasion من بطولة سالي هوكينز وروبرت برني جونز.
وإذا كانت سطور روايات أوستين تنقلنا إلى عالم عصر النهضة بثورته الهندسية والأدبية والاجتماعية، نسير بين سطور الرواية نتخيل وجوه أبطالها، ونحلم بأن نكون جزءًا من متاهة أحلامهم، فإن الأمكنة الواقعية التي تنقلت فيها أوستين وأبطال روايتها تضعنا مباشرة في حضرة هذه الأديبة التي كرّمتها مدينة باث، وتحديدًا مركز جين أوستين الثقافي، بمهرجان يحمل اسمها Jane Austen Festival ويقام بين 11 و20 أيلول/ سبتمبر من كل عام. فلمَ لا تدخلين في لعبة الزمن، وتشاركين في هذا المهرجان وأنت ترتدين أزياء نساء عصر النهضة، وتجولين في عالم أوستين الجميل؟
يقدّم مركز جين أوستين كل عطلة نهاية أسبوع، السبت والأحد، نزهة أدبية سيرًا على الأقدام. الانطلاقة عند الحادية عشرة ظهرًا، وسعر البطاقة 12 جنيهًا استرلينيًا و15 جنيهًا استرلينيًا.
للحجز: www.janeausten.co.uk

على خطى غبريال غرسيا ماركيز في قرطاجين Carthagene في كولومبيا
«الحب في زمن الكوليرا»، «خريف البطريرك»، «عن الحب وشياطين أخرى» و «مئة عام من العزلة»... هذه بعض من روائع غبريال غرسيا ماركيز الروائي الكولومبي، الذي أخذ ملايين القراء حول العالم إلى عالم روايته المشحونة بالواقعية الغريبة والحقيقة الصادمة فجعلها مرآة لكل إنسان.
في رواياته كانت قرطاجين حاضرة بين السطور والصور المتخيلة، رغم أنه أمضى معظم حياته في منزله في المكسيك. ربما لأن من هذه المدينة الساحلية انطلق ماركيز في عمله الصحافي ثم الأدبي، فبقيت معلّقة بين الواقع الذي حمله ماركيز في ذاكرته، وعالم الافتراض الذي تعمّد السكون إليه، كي لا يبدّد صور ذاكرة شبابه الأدبية.
رحل غبريال غرسيا ماركيز، وبقيت  قرطاجين في رواياته وفي الخريطة الجغرافية الكولومبية. تذهلك قرطاجين بهندستها المعمارية الكولونيالية. إنها مدينة وميناء بحري يمتد على الشاطئ الشمالي للبحر الكاريبي، وهي عاصمة إقليم بولفار بناها عام 1533 القائد الإسباني بدرو دي هيريديا، ونُسبت تسميتها إلى مدينة كارتاخينا الإسبانية.
وأصبحت ضمن لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي عام 1984، وتحديدًا المدينة المسوّرة القديمة والقلعة التي بُنيت لتكون مركز الوجود الإسباني في أميركا. كثر من السياح يجولون بين روائع هذه المدينة ذات النمط المعماري الكولونيالي، يمشون على خطى غارسيا ويبحثون في الأمكنة التي تنقّل بينها أبطال رواياته، ولا سيّما «الحب في زمن الكوليرا» الرواية التي انتقلت إلى الشاشة الفضية، وتحولت فيلمًا من بطولة خافيير بارديم وجيوفانا ميزوغيورنو، وقد صُوّر الفيلم في قرية كاريبية على نهر مغدولينا... و «عن الحب وشياطين أخرى» و «خريف البطريرك».
يوفر المكتب السياحي في قرطاجين جولة سياحية سمعية مهداة إلى «غابو» كما يحلو للكثير من الكولومبيين مناداة ماركيز، سعر البطاقة 45 ألف بيسوس، أي حوالى 13 دولارًا أميركيًا.

درب نيتشه في إيز  Eze في الكوت دازور في فرنسا
«لهذا الامتلاء الرائع للنور، أثر عجائبي فيّ». هكذا استحضر فريدريك نيتشه الفيلسوف الألماني أيامه في الريفييرا الفرنسية في قرية إيز، فخصّص جزءًا من كتابه «هكذا تكلّم زرادشت»، في تصوّر الممر الذي يربط شاطئ البحر وقرية إيز.
سيري على خطى الفيلسوف في هذا الممر الرائع وجولي بين شوارع القرية المرصوفة بالحجارة، واستمتعي ببيوتها الحجرية التي تتدلى من شرفاتها أصص الزهور، أو تتسلق جدرانها عرائش الورود،  لتدركي كلماته وتفهمي مقاصده، فهنا ضياء الشمس يتجدّد بلا هوادة، وكأنه يسلّط أشعته على المشاهد البانورامية الخلابة التي تغسل وجهها بنسائم المتوسط، وتجففه بدفء الشمس، وتستريح على سرير الغروب الأرجواني.
ينظم المكتب السياحي في إيز جولة على القدمين تستغرق ساعة و45 دقيقة.
للاستعلام والحجز: www.eze-tourisme.com

التجوال في عوالم سلسلة «ميلينيوم» Millennium الروائية في ستوكهولم عاصمة السويد
من منا تستطيع أن تقاوم إغراء قراءة الرواية البوليسية حتى الكلمة الأخيرة؟ أو متابعة الفيلم البوليسي ومحاولة تكهن النهاية؟ ولكن أن تقرئي الرواية أو تشاهدي الفيلم شيء، وأن تكوني في قلب الحدث الافتراضي تجولين في أماكنه الواقعية شيء آخر.
ولعلّ سلسلة «ميلينيوم» Millennium الروائية للكاتب السويدي ستيغ لارسون، التي شرّعت الأبواب أمام موجة من روايات الشمال الأوروبي البوليسية، إحدى أهم السلاسل الروائية التي كان من المفترض أن تضم 10 قصص بوليسية، غير أن الموت دهم حياة الكاتب، فكانت سلسلة ثلاثية القصص وأشهرها The Girl with The Dragon Tattoo التي تحوّلت فيلمًا عام 2011 من بطولة دانيال كريغ ورومي مارا.
عيشي أحداث الفيلم والقصة وأماكنهما الواقعية لا الافتراضية، في شوارع ستوكهولم عاصمة السويد، حيث النزهة فيها تدفعك للغوص في الأجواء المريبة للمؤامرات.
انطلقي من حي متفرّع من منطقة سودرمالم Sodermalm، وجولي في الأماكن الواقعية التي افترض ستيغ أن أبطال قصصه يرتادونها. فهذا هو منزل الشخصية الافتراضيّة مايكل بلومكيفست، الصحافي وناشر مجلة «ميلينيوم» ومالكها، وهنا المقهى المفضّل لديه. لمَ لا ترتشفين القهوة فيه وتتقمصين أفكار مايكل وهو يحاول فك اللغز؟ وهنا شقة القرصانة الإلكترونية الثائرة ليبيث سالاندر، وهذا هو صالون الوشم المفضل لديها.
معلومة مفيدة: تنظم جولة سياحية بقيادة مرشد سياحي كل أيام السبت بدءًا من الساعة الحادية عشرة والنصف، سعر البطاقة 130 كورونا سويدياً.
للحجز  www.stadsmuseet.stockholm.se

باريس مدينة الأنوار... هنا عاش مونتيسكيو وهنا تجوّل موليير
باريس مدينة الأنوار والأدباء، حيث ظِلُّ الأدب يُقرأ على جدران المباني وفي المتاحف وفي الأروقة. في باريس تقتفين آثار أدبائها وشعرائها وفلاسفتها.
في الدائرة الأولى في حي البلاط الملكي، جولي في شارع مونتيسكيو فيسلوف عصر الأنوار وصاحب مؤلف «روح الشرائع» The Spirit of the Laws. وفي الدائرة الثالثة، جولي في عالم موليير، وتعرّفي إلى أسراره حيث زقاق موليير أو Passage Moliere في شارع كينكامبوا Quincampoix 82 وشارع سان - مارتن157-159-161. والولوج في عالم موليير يبدأ من كينكامبوا.
وزقاق موليير وهو واحد من أقدم الأزقة في باريس، ليس زقاقًا مغطى وإنما مفتوح على السماء ما عدا مدخله ومخرجه حيث تعتليهما شرفتان على طول الزقاق المرصوف بالحجارة القليلة الانحناء نحو الوسط لتشكل مسربًا لمياه المطر.
وفي التاريخ أن بورسو مدير مسرح مارسيليا قد بنى مسرح موليير عام 1791 بعد سنتين على قيام الثورة الفرنسية (1789)، وقد افتتح هذا الزقاق ليكون المدخل الذي يعبر منه الممثلون. تم افتتاح المسرح في 4 حزيران/ يونيو عام 1791 برعاية موليير نفسه، وكانت مسرحية Misanthrope أول العروض التي قدّمت فيه. وانضم رواق موليير إلى لائحة المعالم التاريخية في باريس عام 1984.
سوف تجدين في زقاق موليير المقاهي الصغيرة والمطاعم مع شرفات جميلة، إنه مكان مثالي لتناول القهوة مع كريما في يوم مشمس. هنا تجدين الكتب القديمة الجميلة في المتاجر الصغيرة التي يفوح من جدرانها عطر عصر النهضة بكل ميوله، فيما تبدو المحلات غير عادية، إذ تعرض الأعمال الفنية والأشغال اليدوية، وفي الوقت نفسه تقدّم لك تجربة قوالب اليدين والقدمين. في زقاق موليير هناك الكثير لاكتشافه.
بانضمامك الى جولة تنظمها جمعية Lire et Partir سوف تغوصين في تاريخ حيّ ألهم كتّابًا تتبعين آثارهم.
للاستعلام: www.lireetpartir.wordpress.com