نحو المراهقة

هالة كوثراني,المراهقة

هالة كوثراني 14 أكتوبر 2015
يحدث أن تفاجئك تصرّفات ابنك الذي يركض نحو سنّ المراهقة. ما عادت الأولوية لمتابعة إنجازه الفروض المدرسية، المهمة الأصعب والأشد وضوحاً الآن هي متابعة التغيّرات التي تطرأ على شخصيته. وكنت قد قررت أن تخففي الحمل وأن تتنازلي عن بعض ما يثقل كاهلك. لكن تبدو لك المهمة الجديدة ملحّة وفي صلب واجباتك كأمّ في عالم فخاخ التواصل الاجتماعي. ما عادت شاشة التلفزيون سبب تشتّت انتباه الأولاد. وهم يعلنون بوضوح: «التلفزيون مملّ».
بين لحظة وأخرى تتسابق رسائل «الواتساب» لتشتيت انتباه الولد بعدما قرر أخيراً الانسجام مع كتبه. لن تستطيعي أن تحرميه الهاتف، عالمه البديل. وابنك من دون شك متأثر بك، بجو البيت، بالكتب على الرفوف، بالكلام الذي يُلفظ ويُسمع ويُوزّع هنا وهناك، بأصول التربية التي هي جزء من العلاقة بينك وبينه. أما العاطفة التي تغدقينها عليه وتتوقعينها منه، فغمرت وتغمر الأمكنة والأزمنة التي جمعتكما وستجمعكما. هو ابنك، لكنّه قبل المراهقة بقليل يبحث عن نفسه بعيداً عنك. تستائين، ليس لأنك تريدينه أن يتحرّك بتوجيهاتك بل لأنّ تحرّكاته في هذه السنّ يدفع إليها ضغط اجتماعي، ضغط الرائج بين الأصدقاء.
ستتركينه يحلّق في عالمه. يجب أن تتركيه وأن تراقبي تفاصيل عالمه إذا استطعت. هي الحياة تركض، وهو لا يتوقف، ينسج عالمه بعيداً عنك. وأنت تتذكرين نفسك في سنّه، مهمومة بفهم أسباب المعارك الأهلية التي ابتلعت طفولتك، هاربة من وجوه لم تختف بعد، وما زالت نفسها تهدّد مستقبل ابنك هنا، في بيروت.