1 -2- 3 .... العدّ التسلسلي الخطوة الأولى لتعليم الحساب

العدّ التسلسلي,طفل,تطوير الفكر الرياضي,الأصابع,الطفل,المسائل الحسابية,الأهل,الرياضيات والهندسة,الأرقام

17 أكتوبر 2015

«واحد، اثنان، ثلاثة، خمسة، ستة... سقط الرقم أربعة أين ذهب، تسأل أم جاد ابنها فيحاول العد مرة ثانية بالترتيب الصحيح.
بعد فترة، عندما أصبح جاد يجيد عدّ الأرقام بترتيبها الصحيح، بدأت والدته تُدخله عالم الحساب، لكن جاد مصرّ على العدّ فقط. فهل هو مستعد للخوض في عالم الرياضيات اللامتناهي؟


يرى اختصاصيو علم نفس الطفل أن الخوض في عالم الرياضيات هو بالنسبة إلى الطفل بمثابة الدخول في عالم غامض معقّد. ويكفي في البداية الدخول إلى عالم الأرقام والأعداد بطريقة اللعب كي يشعر بالمتعة، ويفهم فائدته في الحياة اليومية. لذا اخترع الاختصاصيون في هذا المجال ألعابًا تربوية جذّابة ومسلّية للصغار والكبار معًا.
وأكاديميًا يبدأ الطفل بتعلّم عدّ الأرقام وحلّ المسائل الرياضية عند دخوله الصف الأول الابتدائي. وفي المقابل ليس من السهل تعليم الطفل المنطق، وكيفية استخدامه في حلّ المسائل الرياضية، خصوصًا تلك التي تبدو سهلة للراشدين.

هناك مفهوم أن المهارة في الرياضيات مسألة وراثية. هل هذا صحيح؟
كل طفل قادر على أن يكون جيدًا في الرياضيات، وهذا لا علاقة له بالوراثة بل بالطريقة التي يتعلّم بها الرياضيات. في البداية، على الأم تجنب جعل طفل في موقف حرِج أو تشعره بأنه فشل، حين يخطئ في معرفة حاصل جمع 2+2 مثلاً، فتقول له ساخرةً: «ولكن هذا خطأ، حاصل الجمع هو أربعة وليس اثنين»، بل عليها أن تشجّعه على محاولته لإيجاد الجواب الصحيح، وتجعله يجد الحل بطريقة ملموسة عن طريق اللعب، فيمكنها أن تجلب له عددًا من المكعبات، وتطلب منه أن يختار مكعبين ويضعهما جانبًا ثم تقول له: لديك مربّعان كم مربعًا يلزمك ليكون لديك أربعة؟ وتطلب منه أن يحصي عدد مربعيه ثم يختار الثالث ثم الرابع من المربعات الباقية.
إلى أن تسأله بعد ذلك: «كان لديك مربعان ثم جلبت مربعين، فكم يكون معك إذا جمعناها معًا؟». سوف يعدّ ويستنتج بشكل ملموس أن 2+2 = 4. ومع تكرار هذا النوع من اللعب يتعزّز الفكر الرياضي عند الطفل.

متى يبدأ الطفل تعلّم عدّ الأرقام؟
في شهره الثامن عشر يميّز الطفل بين المفرد والجمع أي بين الرقمين واحد وإثنين، وعندما يقال له «اثنان» يفهم أنه كثرة. وإذا كانت الأم تفرح بالاستماع إليه وهو يعدّ سوف تسمعه يعدّ بفخر على هذا النحو «ا- 2- 5-7،...» وعليها ألا تصحح خطأه بشكل مباشر، فهو فهم ترتيب الأرقام وهذا تقدّم ملحوظ،  ولكن في إمكانها تنبيهه، وبطريقة غير مباشرة، إلى أنه أسقط أرقامًا عدّة قبل أن يصل إلى الرقم 7، كأن تقول: «له برفو، ولنعد مرّة ثانية 1-2-3-4-5-6-7»، ومع التكرار يفهم الترتيب المنطقي للأرقام.
وعلى الأم أن تنتظر حتى يبلغ طفلها الثالثة، حينها سوف يعدّ حتى رقم عشرة بشكل صحيح، وبعدها تبرز قدرته على العدّ حتى العشرين وما فوق.


ويمكن القول إن تعلّم العدّ والحساب يمرّ بمرحلتين.

المرحلة الأولى: اللعب بالأرقام والأعداد
يرى الاختصاصيون أنه قبل تعليم الطفل تداول العمليات الحسابية، يجب تعليمه الأرقام والأحرف، وهذا التعليم يحدث بشكل تدريجي ويبدأ عمومًا في السنة الثانية من خلال مواقف صغيرة تحصل في الحياة اليومية.
فالطفل يعدّ أغراضه، ودرجات السلم والسيارات التي تعبر...، فيدخل لعبة الأرقام تدريجيًا من دون أن يدري.
أصبح تعلم العد والحساب أسهل على الطفل من ذي قبل، خصوصًا مع وجود الألعاب التربوية الحديثة التي تعزّز ملكة الفكر الرياضي عند الطفل. فإضافة إلى الألعاب التربوية التقليدية التي تحفّز الطفل على تعلّم كتابة الأرقام، مثل دفاتر التلوين التي يجد الطفل فيها متعة، وهو يلوّن الرقم أو يرسمه أو يملأ الفراغ بين النقط حتى يحصل على الرقم الذي يظهر أمامه، هناك تطبيقات الألعاب الرقمية التي يمكن تحميلها على الآيباد، والتي تساهم في شكل كبير، وعن طريق اللعب، في تسهيل عملية تعلّم العدّ والحساب وبأسلوب ترفيهي تربوي، يثير فضول الطفل

المرحلة الثانية: تعلّم الرياضيات والهندسة عن طريق اللعب
عندما يصبح الطفل متمكّنًا من الأرقام، يمكن تشجيعه على الخوض في عالم العمليات الحسابية، الجمع والطرح والضرب أو القسمة، إذ في إمكان الأم أن تعلّم طفلها بدءًا من الثالثة العمليات الحسابية عن طريق اللعب.
فمثلاً يمكن أن تطلب منه أثناء اللعب معه بالليغو أن يجمع 7 مكعبات وتسأله كم لديه، فإذا كان لديه ثلاثة تسأله إلى كم يحتاج حتى يحصل على سبعة، وتطلب منه أن يعدّ على أصابعه حتى الرقم سبعة ثم تدّعي أنها أخذت منه ثلاثة ثم تطلب منه عدّ ما بقي معه، وتجعله يستنتج أنه في حاجة إلى أربعة مكعّبات ليحصل على العدد المطلوب منه، أي سبعة.
كما يمكنها أن توفّر له تطبيقات الألعاب الذهنية عن طريق تحميلها في الآيباد، شرط أن تكون مناسبة لسنه. وعمومًا تحدّد معظم تطبيقات الألعاب سنَّ الطفل الذي يمكنه استعمالها.


يسأل بعض الأهل ما الجدوى من تعلّم الحساب ذهنيًا مع وجود الآلة الحاسبة، خصوصًا أن نتائجها أسرع ومؤكدة؟
الحساب الذهني ملكة مهمة جدًا يجب تطويرها عند الطفل، ذلك أنها تسمح بتطوير الفكر المنطقي والتحليل.
وبحسب المعهد التربوي الفرنسي، فإنّ الحساب الذهني يساهم في ممارسة الرياضة العقلية، واكتساب عادات التحليل والتفكير، وتطوير التبصّر الفكري، والذاكرة، وينشّط الذكاء عن طريق إثارة فضول الطفل. وهذا ما لا تفعله الآلة الحاسبة، بل إنها تؤدي إلى الكسل الذهني، وبالتالي إلى تعويد الطفل على أن يكون متلقيًا لا فاعلاً، لأنه لا يستعمل ملكاته العقلية أي التفكير المنطقي والتحليل، مما يفقده ثقته بنفسه في المستقبل.
فالطفل لا يحتاج إلى التحليل المنطقي في العمليات الحسابية أو الرياضية وحسب بل في اللعب أيضًا، وفي معظم المواد المدرسية. أمّا في الحياة الاجتماعية فهو يساهم في اختيار الأصدقاء وأسلوب التواصل مع الآخرين.
مثلاً عندما يواجه الطفل مشكلة، وكان لديه مقدرة على التحليل، فإنّ في استطاعته تحليل المشكلة والتفكير فيها فلا يتسرّع وينزلق إلى رد فعل غير مناسب.

ماذا عن المسائل الحسابية الأخرى أي الطرح والقسمة والضرب؟
إذا أرادت الأم تعليم طفلها الطرح، يمكنها أن تسهّل عليه الأمر بتحويل الطرح إلى جمع، فبدل أن تسأله مثلاً ما هو حاصل 14- 8، يمكنها أن تسأله ما هو العدد الذي تجب إضافته إلى الرقم 8 حتى يكون الحاصل 14؟
تقلّ أخطاء الطفل ويصبح سريع البديهة في المسائل الحسابية، عندما يتمرن في شكل متواصل بهذه الطريقة. ولكن هذا لا ينفي إمكان وقوعه في أخطاء، خصوصًا أن الطفل يتعلّم كل يوم شيئًا جديدًاعن الرياضيات.
وقد يحدث أن يحلّ مسألة حسابية على خلاف ما تستوجبه، وهذا خطأ مألوف عند التلامذة الصغار، وهو مرتبط بما تعلّموه في المدرسة. المهم ألاّ تُظهر الأم استياءها عندما يُخطئ الطفل في تحليل مسألة ما. فإذا طلب منه، مثلاً، حل مسألة على الشكل التالي: «خسر أحمد 25 كرة، وبقي معه 18 كرة، فما عدد الكرات التي كانت معه في البداية؟»، وأجاب الطفل على الشكل الآتي: 25- 18، بدل أن يقول 18 + 25، يجب تركه يتابع حلّ هذه المسألة حتى النهاية.
وعندما ينتهي بإمكان الأم أن تعلّق بالقولبقي معك 7»! ثم تسأله لماذا اختار الطرح بدل الجمع. فمن الضروري أن يعرف الطفل الفارق بين الحساب الفوري، وبين المسألة الرياضية التي تحتاج إلى تحليل منطقي.


كيف يمكن مساعدة الطفل على إيجاد طريقة الحل الصحيحة؟
عن طريق تمرينه في شكل متواصل على كيفية حلّ المسائل الرياضية خطوةً خطوة قبل إعطاء الجواب النهائي.


تعليم العدّ على الأصابع
تعتبر أصابع اليد وسيلة طريفة يمكن الطفل من خلالها تعلّم العدّ، خصوصًا إذا استعملت الأم أصابعها أيضًا.
أمّا الطريقة فيمكن أن تكون على الشكل الآتي: إذا أرادت الأم أن تعلّمه مثلاً حاصل جمع 7+ 5 يمكن أن تطلب من طفلها أن يعدّ حتى الرقم سبعة على أصابعه وتعد هي بدورها على أصابعها حتى الرقم خمسة ومن ثم تقول له أولاً «إذا جمعنا خمس أصابع من يد الماما وخمس أصابع من يدك يكون المجموع 10، وإذا أضفنا إصبعين نحصل على 12 إصبعًا».
وتكرار تمرين الأصابع مفيد جدًا لجمع الأعداد الصغيرة وطرحها. وعندما يبرع الطفل في هذه الطريقة يصبح من السهل تعليمه كيفية استعمال عقله وإعطاء الإجابات شفهيًا.


طفلي والألوان والأرقام والأشكال

سؤال: ابني عمره سنة ونصف السنة، وأحاول أن أعلّمه الألوان والأرقام والأشكال لكنه لا يظهر أي اهتمام بذلك. ما هي الطريقة المثلى لتعليمه؟

جواب: طفلك لا يزال صغيرًا جدًا على هذه الأمور ويركّز على أشياء أخرى. فهو في هذه السن يحاول اكتشاف العالم من حوله وكيفية سير الأمور، ويتحرّى دوره كشخص مستقلّ عن الآخرين، كما يحاول تعلم الانفصال عمّن يحب شرط أن يبقى بأمان، واكتشاف قدراته في التواصل مع الآخرين من خلال الكلمات والأفعال.
ورغم ذلك يمكن أن توفري له الوسائل المناسبة لسنه كلعبة المكعّبات أو قراءة القصص أو الرسم أو التلوين على ورقة كبيرة أو الغناء أو ممارسة ألعاب تتطلب الحركة في المنزل أو خارجه. استخدمي هذه النشاطات لتعرّفي طفلك على الألوان والأرقام.
فمثلاً يمكنك أن تسأليه أثناء قيامه بالتلوين «أيّ لون تفضّل، اللون الأحمر أم الأخضر؟». كما توجد الكثير من المجسّمات التي تساعد الطفل على معرفة الأشكال. أمّا بالنسبة إلى العدّ فيمكنك تعليمه من خلال أمور عدة كأن تسأليه مثلاً: «كم حبّة عنب تريد أن تأكل؟»، وغيرها من الأمور التي يمكنك أن تنتهزيها فرصة لتنمّي كلّ قدراته.


إرشادات لتطوير الفكر الرياضي

عند طفلك

  • اسمحي لطفلك بأن يدفع ثمن الأغراض التي تشترينها من المتجر ويسترجع الباقي.
  • اطلبي من طفلك مساعدتك في تحضير الطعام، وأن يقرأ لك المقادير.
  • اشتري له ماسورة قياس واطلبي منه أن يدوّن طوله كل شهر على حائط غرفته.
  • اطلبي منه أن يحسب عدد الأميال التي تقطعها السيارة أثناء ذهابكما في رحلة ليعرف المسافة بين المنطقة التي تقطنون فيها وبين المنطقة التي تزورانها.
  • تحدّثي معه عن الوقت واسأليه عن المدة التي استغرقها الوصول إلى منزل صديق مثلاً.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة