في اليوم العالمي للوقاية من الانتحار: العامل الوراثي سبب غير مباشر

اليوم العالمي للوقاية من الانتحار, العامل الوراثي, الانتحار بين النساء

28 سبتمبر 2013

تختلف النظرة إلى الانتحار بين مجتمع وآخر بحسب المعتقدات الدينية والثقافية، أما من الناحية الطبية فيُعتبر الشخص الذي يملك أفكاراً انتحارية مريضاً يحتاج إلى معالجة دقيقة ومتابعة، وحالة لا يمكن إهمالها.
أياً كانت الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور الأفكار الانتحارية لدى المريض، لا بد من إعطاء الحالة أهمية قصوى لحماية المريض من نفسه ومنعه من وضع حد لحياته.
لمناسبة اليوم العالمي للوقاية من الانتحار، قابلت «لها» الطبيب اللبناني الاختصاصي في الأمراض النفسية فاضل شحيمي الذي أوضح الأسباب التي قد تدفع شخصاً إلى الانتحار وسبل الوقاية من هذا الفعل وحماية حياة هذا الشخص المريض، مشيراً إلى دور الأهل في ملاحظة العلامات التي قد تنذر بوجود خطر والتي تستدعي حكماً إحالة المريض على الطبيب الاختصاصي للمعالجة.

في الطب النفسي كيف يتم التعريف بفعل الانتحار؟
الانتحار هو الفعل الذي يؤدي بالشخص إلى التخلّص من حياته وإنهائها طوعاً وبكامل إرادته. وهذا ما يختلف فيه الانتحار عن حالات الموت الأخرى التي تكون قسرية.

ماذا عن محاولات الانتحار؟ في أي إطار يمكن وضعها؟
لا بد من التمييز بين فعل الانتحار ومحاولة الانتحار، ففي الاخيرة يقصد بالمحاولة ألا تؤدي إلى نتيجة. علماً أن الإحصاءات أظهرت أن نسبة محاولات الانتحار ترتفع أكثر لدى النساء. أما الرجال فترتفع لديهم أكثر نسبة التنفيذ الفعلي للانتحار فيما يحاولون بنسبة أقل.

هل من أسباب معينة فيزيولوجية، جينية أو نفسية قد تدفع بالشخص إلى الانتحار؟
أظهرت الدراسات الأميركية أنه يظهر لدى نسبة 95 في المئة ممن يحاولون الانتحار، انخفاض بارز في معدل هرمون Serotonin المسؤول عن المزاج.
ويعاني معظم الاشخاص الذين تصل بهم الأمور إلى الانتحار، في حياتهم، حالات اكتئاب حادة أو مزمنة أو حالة ذهانية. ويمر الشخص الذي ينتحر بمرحلة من الاكتئاب الشديد والحاد. إضافةً إلى اضطرابات اخرى قد تؤدي إلى ذلك، كالفصام والهلوسة التي تدعو إلى القتل أو الانتحار.

إذا كان الاكتئاب قد يؤدي بالشخص إلى الانتحار، هل يعتبر أي شخص عرضة للاكتئاب؟
قد يعيش بعض الأشخاص حالة اكتئاب على أثر وفاة شخص قريب مثلاً . لدى بعض الاشخاص يمكن الوقوع في حالة اكتئاب حاد تتطور مع الوقت، في حال عدم معالجتها، ويمكن أن تصل إلى حد الانتحار. ويعتبر الانتحار المضاعفة الأخطر للاكتئاب.

لكن هل يعتبر أي شخص عرضة للوصول إلى حد الانتحار؟
لدى كل منا رغبة مبطنة في الانتحار. وهذه الرغبة قد تكون عنيفة. لكن لدى الشخص الطبيعي هي لا تتعدى في وقتها الثواني أو الدقائق ولا تصل إلى حد التنفيذ.
أما لدى الأشخاص الذين يعانون مشكلة نفسية أو اكتئاب فتطول مدتها وتقوى مع الوقت وصولاً إلى التنفيذ الفعلي. علماً أن الشخص غير الاجتماعي يعتبر أكثر عرضة للإقدام على الانتحار. كذلك بالنسبة إلى الشخص المدمن الذي يعتبر أكثر عرضة.

يحكى في المجتمع عن أن الرغبة في الانتحار قد ترتبط بعامل جيني وراثي، إذ أنه في حال انتحار فرد في العائلة يُسأل عن حالات مماثلة في العائلة، ما مدى صحة ذلك؟
عندما يكون الانتحار نتيجة مرض نفسي، ثمة قابلية جينية وراثية. لذلك عند حصول حالة انتحار، يُسأل عن وجود حالات في العائلة.
وبالتالي يزيد العامل الوراثي نسبة حدوث الأمراض النفسية كحالات الفصام وغيرها. أي أن الاسباب الجينية لا تعتبر أبداً من الأسباب المباشرة للانتحار بل هي تلعب دوراً غير مباشر عبر الإصابة بأمراض نفسية عديدة مرتبطة بفعل الانتحار.

كيف تختلف محاولة الانتحار عن الانتحار الفعلي من مختلف الجوانب سواء من حيث الأسباب أو الطريقة أو النتائج؟
في محاولة الانتحار قد يتناول الشخص أدوية بجرعات معينة، وذلك بهدف لفت الانتباه. وغالباً ما تظهر محاولات الانتحار بين أشخاص مهمَلين في العائلة والمجتمع وذلك بهدف لفت الانتباه والحصول على الرعاية ولفت الأنظار عامةً من خلال هذا الفعل.
هذه المحاولة لا تكون جدية. لكن بالنسبة إلينا كأطباء، لا يمكن اعتبار محاولة انتحار يقوم بها شخص غير جدية. بل أي محاولة من هذا النوع تستدعي الانتباه وتتطلّب المراقبة. وبالتالي للمحاولة أهمية كالتنفيذ في نظر الطبيب.
فالشخص الذي يحاول الانتحار يحتاج حكماً إلى المعالجة والرعاية والمستشفى. ففي حال وجود أفكار انتحارية لدى الشخص، لا بد من أخذها على محمل الجد ولا يمكن التهاون في هذا الموضوع.

هل تساعد المعالجة النفسية على تخطّي الرغبة في الانتحار لدى من لديه مشكلات نفسية ورغبة قوية في ذلك؟
معظم المرضى الذين يقدمون على الانتحار لا يكونون تحت مراقبة ومعالجة طبيب نفسي. التقصير يكون من الاشخاص المحيطين لعدم تنبههم إلى بعض العلامات التي تنذر بالخطر كإهمال الذات والتقرب الزائد من الدين وكأن المريض يعرف مسبقاً انه سينتقل إلى عالم آخر. عادةً لا يحصل ذلك فجأة بل ثمة إنذارت مسبقة لكن أفراد العائلة قد لا يلاحظونها، وهنا يكون الخطر.

أي معالجة يحتاج مريض من هذا النوع؟
في حال وجود أفكار انتحارية من الضروري إدخال المريض إلى المستشفى . ويكون العلاج بالدواء الذي يعطى من خلال المصل، إلى جانب العلاج النفسي الذي يحدد طبيعته الطبيب المعالج وما إذا كان من الأفضل ان يكون جماعياً أو سلوكياً بحسب الحالة.

هل يحتاج المريض في هذه الحالة إلى مراقبة طبية دائمة؟
عند تحسن حالته النفسية يمكن أن يخرج المريض من المستشفى وتتم متابعته من خارج المستشفى بشكل منتظم.

هل يمكن شفاء حالات من هذا النوع بشكل تام بحيث لا يعود هناك من خطر على المريض؟
من المؤكد أنه يمكن شفاء مريض لديه أفكار انتحارية. فالحالة التي يعيشها تكون ردة فعل على حدث معين يمكن بالمعالجة وبإلغاء السبب أن يتحسن ويعود إلى حياته الطبيعية.

أي دور يمكن ان تلعب العائلة في الوقاية من الانتحار؟
الوقاية تكون بالعلاج المناسبة. والشيء الوحيد الذي يمكن أن تفعله العائلة هو أن تحوّل المريض إلى الطبيب المختص ليتولّى الحالة. فالعائلة نفسها لا يمكن أن تحسن التشخيص ولا يمكنها إلا أن تلاحظ تلك العلامات التي تنذر بوجود الخطر على حياة المريض لتحوله إلى طبيب.

كم تطول مدة العلاج في هذه الحالة؟
يمكث المريض في المستشفى حتى يتحسن. أما المعالجة فتستمر لمدة تراوح بين 9 أشهر وسنة عادةً.


ما ابرز العلامات التي قد تنذر بأن شخصاً قد يقدم على الانتحار؟
ثمة علامات رئيسية يمكن أن تسترعي انتباه العائلة وهي

  • الغاء خطط المستقبل بحيث يبدو أن المريض لا أمل له في الحياة ولا خطة للحياة.
  • إهمال الذات من مختلف النواحي، فمن حيث الشكل يظهر إهمال واضح في النظاقة وطول الشعر . كذلك لا يتواصل المريض مع الآخرين وتصبح الحياة الاجتماعية لديه معدومة ويمتنع عن الذهاب إلى العمل.
  • ·         الحديث عن الانتحار.
  • الاضطراب ذو القطبين، فالشخص الذي يعاني هذه الحالة يعتبر عرضة للإقدام على الانتحار فيمر بحالات معاكسة تماماً بحيث يبدو فرحاً جداً في بعض الأوقات ويكتئب بشكل بارز في اوقات أخرى. في هذه الحالة يحصل تغييراً مفاجئاً في السلوك والمزاج.
  • ·         الحديث المكتئب.
  • ·         عدم وجود رغبات وهوايات.