دريد لحام: لن أكتب مذكراتي وأرفض أن يقدم فنان قصة حياتي

دريد لحام,فنان,الجمهور,الممثل السوري,الوطن العربي,السينما,مواقع التواصل الاجتماعي,الفن,الوسط الفني,الاعتزال,مجال الفن,الفنانين السوريين,الأحداث السورية

نيرمين زكي (القاهرة) 01 نوفمبر 2015

رغم كل ما تمر به سورية وما يعانيه الفنانون السوريون، لكن الفنان الكبير دريد لحام يعلنها بكل جرأة: «الفن السوري صامد ولا لليأس».
هذا ما قاله لنا عندما التقيناه أثناء حضوره مهرجان الإسكندرية السينمائي الأخير، حيث خص «لها» بحوار تناول فيه بكل صراحة الأوضاع في بلده، كما كشف سبب رفضه أكثر من عرض للتمثيل في مصر، وتحدث عن سلاف فواخرجي وشيريهان ونور الشريف وجورج وسّوف، وقرار أبنائه الثلاثة الابتعاد عن الفن.


- شاركت في الدورة الـ31 من مهرجان الإسكندرية السينمائي، ما الذي حمسك للمشاركة فيها؟
أعشق مصر وشعبها، وأحب مدينة الإسكندرية كثيراً، ولم أتردد في قبول دعوة الحضور وسعدت بوجودي مع هذه النخبة الكبيرة من المبدعين والسينمائيين، وهذه الدورة من وجهة نظري رائعة جداً، وأكثر ما أعجبني فيها، تكريمها لكبار النجوم والنجوم الراحلين أيضاً، فأهم ما يُميز الشعب المصري صفة الوفاء، وهذه الدورة كانت تحمل شعار الوفاء لعدد كبير من النجوم، منهم محمود ياسين وسوسن بدر ونور الشريف وفاتن حمامة وعمر الشريف، والجمهور لم ينس هؤلاء النجوم رغم رحيل بعضهم وابتعاد البعض الآخر عن الساحة الفنية.

- هذه الدورة تحمل عنوان الفن في مواجهة الإرهاب، فهل تؤمّن بأن لدى السينما والدراما القدرة على مواجهة الإرهاب؟
بالطبع، لكن ليس من خلال نقل مشاهد الدم والعنف والانفجارات، بل من طريق تقديم أعمال فنية تحمل رسائل إنسانية، كالتسامح والحب، وأيضاً عبر أعمال تبحث عن أسباب الإرهاب. وفي رأيي، إن انتشار التنظيمات المتطرفة يعود إلى غياب العدالة الاجتماعية.

- لماذا لم تُفكر في ترك سورية والإقامة في أي بلد آخر، خاصةً أن الوضع الأمني غير مستقر والبلد في حالة حرب؟
فكرة ترك سورية لم تخطر في بالي إطلاقاً، ليس فقط لأنني أعشق بلدي، لكن لأن وجودي فيها، بين أهلي وجمهوري وأصدقائي، يجعل السوريين الباقين في سورية يشعرون بالاطمئنان والرغبة في البقاء فيها وعدم تركها، رغم أنني في كل مرة أترك فيها منزلي، أحرص على وداع زوجتي، لأنني لا أضمن ما إذا كنت سأعود إليها أم لا، ورغم ذلك لن أترك بلدي.

- بعد الأحداث المأسوية التي شهدتها سورية، أكد البعض أن الفن السوري تراجع بشدة، فهل تتفق مع هذه الآراء؟
بالطبع لا، فالشعب السوري والفنانون السوريون يمتلكون إرادة الحياة، ولا يُمكن اليأس أن يُسيطر عليهم. ورغم حالة الحرب التي نعيشها والظروف الأمنية الصعبة التي نمر بها والقنابل التي تسقط على أراضينا، لا يزال الفن السوري صامداً وقادراً على الحفاظ على مكانته في الدول العربية، وأكبر دليل على كلامي، إنتاج أكثر من ثلاثين مسلسلاً سورياً في دمشق في الفترة الماضية.
كما علمت أن أحد هذه المسلسلات قد تعرّض صُنّاعه خلال التصوير لقنبلة، ورغم سقوط بعض الجرحى لكنهم رفضوا الاستسلام وأبصر المسلسل النور، فالإصرار والرغبة في الحياة كانا سبباً في بقاء الفن السوري.

- في رأيك، ما الرسالة الفنية التي يجب أن يحملها الفن السوري حالياً؟
الفن يحمل رسائل هامة باستمرار، لكن تحقيق هذه الرسائل أي نتيجة يتوقف على مدى جدية المشاهد. وللأسف يتعامل المشاهدون مع الفن كوسيلة للتسلية فقط، وليس للاقتناع أو استيعاب الرسالة.
وأكبر دليل على ذلك، عشرات الأفلام التي قُدمت عن القضية الفلسطينية ولم تُحدث أي تغيير، لكنني أرى أن الأفلام والمسلسلات السورية المقبلة لا بد من أن تُركز على النماذج الإيجابية وتحمل رسالة تدعو إلى التسامح وعودة السلام.

- ما رأيك في المسلسلات التي تناولت الأحداث السورية؟
للأسف معظم هذه المسلسلات وثّقت الأحداث فقط، ولم أجد عملاً واحداً يتناول أسباب الإرهاب، وهذا هو الأهم من وجهة نظري، وأتمنى أن أرى مستقبلاً مسلسلاً يتطرق إلى أسباب انتشار الإرهاب في الوطن العربي، ومناقشة ما وصلنا إليه بشكل جذري وأكثر عُمقاً.

- هل يمكن الفن أن يقدم هذه الصورة الكاملة؟
هذا صعب، لأن الأفلام والمسلسلات تخضع قبل عرضها لأجهزة الرقابة التي تحذف الكثير من المشاهد، فالصورة الكاملة يصعب نقلها أيضاً من طريق الفن.

- شاهدت فيلم «الأم» الذي تُشارك سلاف فواخرجي في بطولته خلال عرضه في فعاليات مهرجان الإسكندرية، فما رأيك به؟
أكثر من رائع، فأنا شاهدت هذا الفيلم ثلاث مرات حتى اليوم، وكل مرة أشاهده فيها أزداد تعلقاً به. فيلم «الأم» يُناقش رسالة إنسانية ووطنية في غاية الأهمية، وهي الأم التي تُمثل الوطن في جمع أبنائها ولم شملهم مرة أخرى، ويحمل دعوة إلى التسامح، رغم أنه يُركز على النماذج الإيجابية فقط، لكن هذا ليس عيباً، فنحن نحتاج للعودة إلى إنسانيتنا مرة أخرى... كما أن صورة الفيلم وقصته وأداء سلاف وباقي الأبطال كلها أكثر من رائعة وسحرتني بجمالها.

- اتجه عدد كبير من الفنانين السوريين للعمل في مصر، فمن جذب انتباهك بينهم؟
جميعهم متفوقون، ولكل واحد منهم مكانة متميزة، وأتمنى لهم التوفيق وتحقيق المزيد من النجاح، لكنني لا أحب أن أذكر أسماء حتى لا أنسى أحداً.

- رغم الجماهيرية الضخمة التي تتمتع بها في مصر، لكنك لم تُشارك في أفلام ومسلسلات مصرية فما السبب؟
تلقيت عروضاً كثيرة خلال السنوات الماضية، إلا أنني اعتذرت عنها ورفضتها، والسبب يرجع إلى عدم رغبتي التحدّث باللهجة المصرية، إذ أريد أن أتحدث في جميع أعمالي باللهجة السورية التي أعتبرها جزءاً من شخصيتي وتكويني الفني، لكن الجمهور المصري والعربي مُتابع جيد لأعمالي، خاصة أن تكنولوجيا المعلومات وعصر الانفتاح سمحا للمشاهد بالاطلاع على أي عمل فني.

- لماذا ترفض دخول أبنائك مجال الفن؟
لم أرفض، كما لا يُمكنني التدخل في اختياراتهم أو التحكم في قراراتهم، وكل ما في الأمر أن أبنائي الثلاثة لا ميول فنية لديهم، وقرروا أن تكون اتجاهاتهم علمية بعيداً من التمثيل لشعورهم بأنهم لا يمتلكون الموهبة من الأساس.

- هل هناك شخصية تاريخية تتمنى تجسيدها؟
بصراحة لا، لأنني لا أميل إلى هذه النوعية من الأدوار، وأُفضّل تقديم الأدوار الواقعية المعاصرة التي نشاهدها في أيامنا العادية.

- هل توافق على تقديم قصة حياتك من خلال عمل فني؟
أرفض بشدة هذا الأمر، ولا أتمنى من أي فنان أن يُجسد قصة حياتي، فما من أحد يملك القدرة على تقديمها بشكل كامل.

- هل صحيح أنك بدأت في كتابة مذكراتك؟
لن أكتب مذكراتي، لكنني بدأت في تسجيل فيديو أتحدث خلاله عن حياتي كاملة، منذ الطفولة وحتى هذه اللحظة، وأتمنى أن ينال إعجاب جمهوري الغالي.

- وهل هناك أسرار ستُفجّرها من خلال هذا التسجيل؟
لا أسرار في حياتي، فأنا شخص صريح والجميع يعرف الكثير عن حياتي منذ بدأت مسيرتي الفنية.

- ما الصعوبات التي واجهتك في مشوارك الفني؟
صعوبات كثيرة للغاية لا يُمكن حصرها، لكنني شخص عنيد وصبور جداً، ومثل هذه الصفات جعلني أنجح في اجتياز الصعوبات والدخول في التحديات من دون خوف أو تردد، لكنني أتذكر جيداً الصعوبة الأولى التي واجهتني في حياتي، وكانت من خلال أولى خطواتي الفنية، وهي عبارة عن برنامج فني خضت من خلاله تجربة التقديم، وفوجئت بردود أفعال سلبية ومطالب بوقفه... لم أُحبط حينها ولم أجعل اليأس يُسيطر عليَّ، وكانت لديَّ رغبة في الاستمرار وحققت أحلامي في النهاية، رغم كل الصعوبات التي واجهتني.

- خضت تجربة التقديم التلفزيوني ثلاث مرات، ألا تفكر في إعادة التجربة؟
لا، فالتقديم التلفزيوني مرحلة انتهت ولا أعتقد أنني سأكررها، لرغبتي في التركيز على السينما والدراما التلفزيونية السورية.

- ألم تراودك فكرة الاعتزال يوماً؟
هذه الفكرة لم تخطر في بالي مطلقاً، لأنني ممثل ولست لاعب كرة قدم، فالرياضي من حقه الاعتزال، أما الممثل فما دامت لديه القدرة على العطاء ويمتلك الجماهيرية فمن حقه الاستمرار، والفنان جورج وسّوف رغم أنه يعاني مشاكل في الحبال الصوتية، إلا أن حفلاته الغنائية كاملة العدد باستمرار، وأيضاً لديه القدرة على العطاء، لكنني كنت مُعارضاً بشدة لظهور صباح في الإعلام في السنوات الأخيرة التي سبقت رحيلها عن عالمنا، حيث فقدت جمالها وأصبح الجمهور ينظر إليها بعين الشفقة وليس إعجاباً، وهذا الشيء لم يعجبني.

- ما المعايير التي تختار على أساسها اليوم الأدوار التي تُعرض عليك؟
أهم شيء بالنسبة إلي نقل الواقع بسلبياته وإيجابياته، والمساهمة في نقل الحقيقة والتحدث عن مشاكل السوريين وهمومهم.

- هل تمتلك صداقات داخل الوسط الفني في مصر؟
تربطني علاقة طيبة بجميع الفنانين، لكن عبدالحليم حافظ وسعاد حسني كانا من أقرب أصدقائي، كذلك تربطني علاقة صداقة قوية بالفنانة شيريهان، ولا أنسى إقامتها لمدة أسبوع كامل في منزلي، فأنا أعتز بصداقتها وأدعو الله أن يشفيها من مرضها.

- هل نصحتها بالعودة إلى الفن؟             
أتمنى أن تعود إلى التمثيل، لكنني أتفهم وجهة نظرها ورغبتها في الابتعاد، فالجمهور اعتاد رؤيتها في شكل معين، وهي لا تريد أن تتأثر الصورة التي انطبعت في أذهان الجمهور عنها.

- كيف استقبلت خبر وفاة الفنان نور الشريف؟
نور كان من الأصدقاء المقربين إلي، وما زال حاضراً بيننا بأعماله الفنية، سواء الدرامية أو السينمائية، فهو ترك بصمة قوية في الفن المصري ويمتلك تاريخاً ضخماً ومتميزاً.

- هل تمتلك أي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي؟
لا صلة لي بهذه المواقع التخريبية، وهذا هو وصفي الوحيد لها، لأنها تتيح لأشخاص أن ينتحلوا شخصيتك ويطلقوا الشائعات عنك.
وقد علمت أخيراً بوجود حساب مزيف لي على موقع «تويتر»، ينشر تصريحات فيها إهانة للشعوب العربية وهجوم على العديد من الشخصيات السياسية، في حين لا أعلم شيئاً عن هذه الحسابات وليست لي علاقة بهذه المواقع التخريبية، وأتمنى أن تُغلق هذه الحسابات المزيفة التي تحمل اسمي وتنتهي هذه المهزلة.

- ما سبب ابتعادك عن السينما طوال الفترة الماضية؟
تلقيت عروضاً كثيرة، لكنني اعتذرت عنها جميعاً، لأنني لا أرغب في المشاركة ببطولة فيلم يُقلل من مكانتي الفنية أو من النجاح والشهرة التي حققتها خلال السنوات الماضية.
أتمنى العودة إلى السينما، لكنني في انتظار النص المناسب، وأتمنى المشاركة في بطولة فيلم يقف على أسباب الإرهاب، ويحمل رسالة إنسانية تتحدث عن الخير والسلام والتسامح.

- من وجهة نظرك، ما الذي يُميز الممثل السوري عن فناني الوطن العربي؟
أنا سعيد بالمكانة التي وصل إليها الكثير من نجوم السوريين في الوطن العربي، وبنجاحهم في مصر وتحقيقهم الشهرة في الخليح ولبنان. وفي رأيي، أهم ما يُميز الممثل السوري، الدراسة، فهو لا يكتفي بالموهبة فقط، بل يحرص على دراسة الفن وتحصيل درجات علمية في مجال الفن.

- هل لديك موهبة لا يعرفها الجمهور عنك؟
العزف على الأورغ، أعشق هذه الآلة الموسيقية.

- ما هو اللقب الأقرب إلى قلبك؟
 الفنان وليس الممثل أو المشخصاتي، فلقب الفنان أكثر شمولية وعمقاً.