كمال داود في تصفية حساب مع «غريب» كامو

كمال داود,تصفية حساب,كامو

مايا الحاج 21 نوفمبر 2015

«مورسو»، بطل محفور في ذاكرة قرّاء الرواية العالمية. شخصية وسمت بعبثيتها وبطبعها اللامبالي الرواية الأشهر فرنسياً وعالمياً، «الغريب» L'Etranger لألبير كامو.

 

شغل «مورسو» بملامحه وسلوكه وتصرّفاته القرّاء والنقّاد والروائيين على مدى عشرات السنين، وكان سبباً في أن ينال مؤلفه الشاب حينذاك - ألبير كامو -  جائزة نوبل للآداب. غير أنّ الصحافي والكاتب الجزائري الفرنكوفوني كمال داود التفت إلى شخصية أخرى غير مورسو في رواية «الغريب».
إنّه «العربي» الذي لم يضع له كامو اسماً، قَتَله مورسو في لحظة عبثية، حين انعكس ضوء الشمس على سكينه الحاد في يوم حار جداً، ما ولّد في نفسه الرغبة في القتل ليرتكب من ثمّ جريمة على شاطئ البحر يروح ضحيتها «عربي» لا يُعرّف عنه سوى بـ«أل التعريف»، بكلّ ما تحمله من تعريفات ضمنية.

أشهر قتيل في تاريخ الرواية العالمية ألهم – بسلبيته - داود. تلك الجريمة الإشكالية والتائهة بين فعلي «العبثية» أو «العنصرية» أثارت أسئلة في ذهنه. من هو ذاك العربي؟ ما عمله؟ ماذا لو كانت له عائلة؟ من هنا، اختار داود أن يبني روايته على بحث يُعاكس فيه كامو في روايته «الغريب».
ومن هنا جاءت تسمية الرواية بالفرنسية «مورسو، تحقيق مضاد». وفي هذا السياق، صدرت الترجمة العربية للرواية عن دار «الجديد» بالتعاون مع دار «البرزخ»، بعنوان «معارضة الغريب» (ترجمها كلّ من ماريا الدويهي وجان الهاشم).

البناء المضاد للرواية يبدأ من السطر الأول «أمي اليوم ما زالت على قيد الحياة»، ما يُذكّرنا بمقدمة كامو الشهيرة: «اليوم ماتت أمي، أو ربما البارحة. لا أدري». هارون الجزائري هو الراوي. إنه شقيق موسى، العربي القتيل في رواية «الغريب».
تدور الأحداث بعد مرور نصف قرن على أحداث رواية كامو، حين يلتقي هارون (شقيق القتيل) بطالب فرنسي يُعدّ أطروحة عن «العربي»، قتيل مورسو.

يسرد هارون على الطالب قصته، لنكتشف من ثمّ أنها قصة القتيل والعائلة والوطن. يبدأ من والده الحارس الليلي حين هجر زوجته وأبناءه وغادر إلى مكان مجهول.
ومنه الى الوالدة الثكلى الساعية الى الثأر لدم ابنها موسى (العربي في رواية كامو)، ليستهدف أخيراً قصة الجزائر وثورتها والثأر العبثي وخيبات كثيرة أخرى.

وعن فكرة هذه الرواية ومدى الجرأة في معارضة «غريب» كامو، يُجيب داود بأنّ «المسألة بديهية، وما هو منطقي ألا يُفكر قارئ أو كاتب بهوية المقتول الشهير وخلفيته وشخصيته المعبّأة بالرموز والأبعاد.
فأنا جزائري ومن الطبيعي أن أسأل عن ذاك الجزائري الذي قتله الفرنسي في رواية كامو. هكذا تخيلت ماذا يمكن أن يجري لو أعطيناه اسماً وصفات وعائلة. فكانت الرواية».

إذاً، القتل بالقتل، والأدب بالأدب. هذا ما يراه كمال داود، الصحافي صاحب الافتتاحيات المثيرة للجدل، والذي تمكن من  الرواية الأولى من أن يحمل الأدب الجزائري الفرنكوفوني إلى لغات كثيرة، منها الانكليزية والفيتنامية والبولونية، وأخيراً العربية.
وقد جاء الكاتب إلى بيروت في إطار معرض الكتاب الفرنكوفوني السنوي حيث تُوّج فائزاً بعد اختيار روايته العام الماضي ضمن «غونكور/ خيار الشرق»، وهي الرواية التي وصلت إلى قائمة «غونكور» القصيرة وحازت جائزتها عن الرواية الأولى في اللائحة وليس بـ «غونكور» أفضل عمل روائي.