الخطوط الراقية تنسج جمالاً هندسياً نادراً

الخطوط الراقية,المهندس,غرفة الجلوس,الخشب,اللغة الفرنسية,الكريستال,هندسة المنزل,الخشب الطبيعي,الأثاث

روزي الخوري 12 ديسمبر 2015

في خضم الابتكارات الهندسية، تبقى للخطوط الواضحة والمحددة قيمة خاصة في إظهار جمالية أي عمل هندسي. هذا ما أظهره المهندس الشاب مارون جبور الذي رسم بأنامل موهوبة وحرفية عالية خطوط هذا المسكن العصري المتسم بالرقي والهدوء والعملية والراحة في أرجائه.


«ثورة بركانية» هو العنوان العريض الذي دارت حوله هندسة هذه الشقة في قلب مدينة بيروت. أراد المهندس جبور أن يحظى هذا المسكن بهويّة خاصة لم تسبق رؤيتها في أي عمل هندسي آخر. تمحورت هندسة الشقة حول لوحة زيتية للرسام العالمي شادي دكاش الذي تعرض لوحاته في ميامي ونيويورك وغيرهما من بلدان العالم. هذه اللوحة الكبيرة بطول ثلاثة أمتار، جسدت بألوانها الثورة البركانية، وطغت عليها الألوان الداكنة. ومن وحي البركان كثر استعمال المعادن التي تنجم عادة عن البراكين، كما أنّ عمل مالك المنزل هو في مجال المعادن.

«أردت أن يشعر قاطنو المنزل بالراحة والعملية والانسجام مع الذات، وأن يكون مألوفاً لنظرهم لينعموا بالإقامة في أرجائه، فاستعملت مواد معدنية في الأثاث من ماركات عالمية تناغمت مع البلاط الرخام باللون الرمادي».

الصالونات الأربعة وغرفة الطعام منسجمة لناحية الخطوط الواضحة التي ميّزت الهندسة، وهي من الطراز المعاصر، ومعظمها من ماركات إيطالية فاخرة.
الصالون الأوّل حيث اللوحة البركانية التي ارتكزت عليها الهندسة، عبارة عن مقعدين مستطيلين متشابهين من الجلد الأزرق الداكن. طاولة الوسط صناعة يدوية باللون الرمادي، منقوشة بكتابات باللون الأسود، غاية في الابتكار والتفرّد في التصمم. «هي إحدى القطع المميّزة في هذا المنزل صنعت  يدوياً، لذا يصعب أن يكون لها مثيل في أي منزل آخر».
في مقابل هذا الصالون الداكن، اتسم آخر بمقعد كبير من البيج الداكن، وأمامه مجموعة طاولات مستديرة بأحجام مختلفة من المعدن المشغول، وفي وسطها طاولة مستديرة أيضاً، ولكن بلون الخشب الطبيعي، مصمّمة على شكل برغي مسنّن.

ولتكتمل لعبة تناسق الألوان، جعل المهندس الحائط خلفه من القماش الداكن، تتخلله ثنيات، وقد علّقت عليه منحوتة فنية من تصميم النحات اللبناني الشهير أناشار بصبوص. هذه المنحوتة مصنوعة من قطع من الحديد امتدت على طول الجدار الواصل بين الصالون وغرفة الطعام باللونين الأسود والذهبي.
وهنا أيضاً، من خلال هذه المنحوتة، تحققت الفكرة الهندسية التي دارت حولها هندسة المنزل، بحيث إن المعدن ينجم عن البركان، واللون الذهبي الذي تكحّلت به المنحوتة يرمز إلى وهج النار البركانية. وقد لعبت هذه المنحوتة دوراً مزدوجاً، ورسمت باللغة اللاتينية الحرف الأول من عائلة مالكي المنزل.

هذا الحائط المنحوت امتد إلى غرفة الطعام التي اتسمت بهدوء وشفافية. طاولتها من الزجاج وحولها المقاعد الزاهية، وركائزها من الخشب بلونه الطبيعي. يقول المهندس: «هنا تعمدت وضع طاولة زجاجية شفافة لإظهار المساحة أكبر، واخترت الطراز العصري لإكمال النفحة الشبابية. أما الثريا فهي من الكريستال الباكارا الفاخر، وقد أرخت جواً فاخراً على هذه المساحة».

وبين الصالونات، احتلّ مقعد من الطراز الايطالي بلونه الأزرق ركناً خاصاً به تميّز بكتابات باللغة الفرنسية ترجمتها بالعربية: «الشجاعة هي الأساس. هناك كلمات تحيي الإنسان».

أما الصالون الثالث فمصمّم ليوضع فيه جهاز التلفزيون. من هنا الحائط الذي استحدثه المهندس لوضع جهاز التلفزيون في وسطه، مقاعده من الفستقي والبني الهافان. أما اللوحة الزيتية التي زيّنت الجدار فهي شبيهة بلوحة الصالون الأول، فيها ثورة بركانية مع لمسة باللون الفستقي، إضافة الى المقعدين الجانبيين.
هذا الصالون يطل على ممرّ الاستقبال بعد الباب الرئيسي، حيث مزيج من ورق الجدران الأسود الذي استخدم في الصالون وخشب الجوز بلونه الطبيعي.

إلى يسار ممر قاعة الاستقبال، قاعدتان من الخشب، على كلّ واحدة منهما قطعة من الكريستال المشغول الفاخر.
ولعلّ ما زاد المكان غنىً وفخامةً، أن السجاد الموزع بين الجلسات يحكي قصة عراقة خاصة، وهو موروث عن جدّة المالك التي ورثته بدورها عن جدّتها.

في جناح غرف النوم، البساطة والعصرية والعملية هي أساس التصاميم. غرفة الجلوس باللون البرونزي، بمقعدها ذي التصميم المميز وجدرانها، وقد ضمت مكتبة باللونين الرمادي والأبيض في داخلها مجموعة واسعة من الكتب. ولكلّ غرفة لون يميّزها، من الرمادي إلى الفستقي والخشب الجوزي.

ويختتم المهندس بالقول: «المسكن الممتد على مساحة 250 متراً مربعاً حافظ على كبر مساحته، بحيث استفدنا من كل زاوية مع الإبقاء على الطابع العملي والمريح».