حملة «ما نرضاها» تواجه التحرّش وتدعو إلى سنّ قانون رادع للمتحرشين

حملة «ما نرضاها»,تواجه التحرش,تدعو إلى سن قانون,رادع للمتحرشين

جدة - ميس حمّاد 26 ديسمبر 2015

 

 

{المحاكم السعودية نظرت في أكثر من ثلاثة آلاف قضية تحرش في العام الماضي {كشفت دراسة أجرتها المستشارة الدكتورة شيخة العودة،
أن طفلاً من بين كل أربعة أطفال يتعرض للتحرش في السعودية {لا قانون واضحاً ورادعاً في السعودية، بينما يعتبر التحرش في دول العالم جريمة
أطلق ستة إعلاميين سعوديين حملة توعوية ضد التحرش في السعودية، تحت شعار «ما نرضاها»، مما يدل على عدم رضا الفرد عن هذا الفعل لأخيه أو لأخته، فكيف يرضاه للآخرين. وتهدف الحملة إلى تقديم النصائح والإرشادات المهمة، لتوعية أفراد المجتمع وتثقيفهم، وتوفير بيئة تنبذ التحرش، فضلاً عن سن قانون رادع للمتحرشين، وتسليط الضوء على مشكلة التحرش عبر مختلف وسائل الإعلام. «لها» التقت مؤسسي حملة «ما نرضاها»، وهم: جهاد أبو هاشم، ليث الجاسر، بندر عطيف، صلاح الحربي، نواف الغضباني، وبسام السيد، الذين أطلعونا بدورهم على دور الحملة في مواجهة التحرش في السعودية والتصدي له.


كشفت إحصائية حديثة صادرة عن وزارة العدل السعودية أن المحاكم السعودية نظرت في  3416 قضية تحرش عام 2014، فيما كشفت دراسة أجرتها المستشارة الدكتورة شيخة العودة، أن طفلاً من بين كل أربعة أطفال يتعرض للتحرش في السعودية التي يبلغ عدد مواطنيها نحو 20 مليون نسمة، نصفهم تقريباً دون سن الـ 18 سنة. وفي تقرير يعود الى العام 2012، وصف التحرش بالأطفال بأنه فيروس ينتشر كالسرطان في المجتمع السعودي بسبب غفلة الأسر، وأن 22.7 في المئة من الأطفال السعوديين يتعرضون للتحرش الجنسي، والعمر الأكثر عرضة لسوء المعاملة الجنسية يراوح من 6 إلى 10 سنوات، وتلك الأرقام والاحصائيات تُنذر بوجود أفعال سلوكية غير سوية، تواجه المجتمع بكل أطيافه، فالمتحرش لا يفرق بين طفل وفتاة، أو بين صغير وكبير. 

أبو هاشم: المتحرش لا يُفرق بين طفل أو فتاة في سن الـ 20
يقول الإعلامي وأحد مؤسسي الحملة، جهاد أبو هاشم «إن المجتمع يحتاج الى التذكير بالتحرش، ولا بد من البت في هذه القضية الشائكة، لأن العقاب فيها غير محدد، ولا اتفاق معيناً على تعريف هذا الفعل، فكل التعريفات الموجودة تدخل في باب الاجتهاد. فقد نطلق على التحرش مصطلح «المضايقة»، أو «الفعل غير المرحب به»، أو «غير اللائق»، إذ يضايق المرأة أو الطفل، ويُشعرهما بعدم الأمان، سواء أكان لفظياً أم جنسياً. وهو يشمل مجموعة من الأفعال التي تبدأ بالانتهاكات البسيطة، مروراً بالمضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن ألفاظاً جنسية أو إباحية، وصولاً إلى اللمس الجسدي. كما يُعد التحرش شكلاً من أشكال التمييز العنصري غير الشرعي، والإيذاء الجسدي (الجنسي والنفسي)، والاستئساد على الآخر... هو أي صيغة من الكلام غير المرحّب به أو الأفعال ذات الطابع الجنسي، التي تنتهك جسد شخص ما، أو خصوصيته أو مشاعره، وتجعله يشعر بالخوف أو التهديد أو الترويع أو الإهانة أو الإساءة أو الترهيب أو الانتهاك، أو عدم الارتياح أو عدم الأمان أو عدم الاحترام، أو أنه مجرد جسد».
وعن الفكرة التي تتبنّاها الحملة، يذكر أبو هاشم: «فكرة التوعية بأخطار التحرش ومكافحته، هي فكرة منسجمة مع دوافع المجتمع، خصوصاً أنّ لا قانون واضحاً ورادعاً له في السعودية، بينما يعتبر التحرش في دول العالم جريمة، وليس حدثاً عادياً يمكن تجاهله. وتشدد الحملة على خطورة التحرش، وضرورة مناقشة المشكلة في العلن وبشكل موسّع، ومعالجتها بالإرشاد والتوعية، وإيصال صوت الحملة إلى صنّاع القرار، وأصحاب الرأي السديد، للتحفيز على سن قانون رادع للمتحرشين، وتشديد العقوبات كحل مقترح. كما يعتمد نجاحنا على ربط الإعلام التقليدي بالحديث، لكونهما يكملان بعضهما بعضاً في إيصال الأصوات، والتفاعل مع الأفكار والمقترحات والتجارب والنصائح». 

ويضيف: «لا نعتمد في حملتنا على التغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، وإنما نقوم باستشارة بعض المعلمين والمعلمات في اعتماد شكل الرسائل الموجهة الى الأطفال والفتيات، وقد اعتمدنا اللغة البسيطة، ووصلتنا بعض الرسائل بالتزامهم نصائحنا بشرح مبسط للأطفال في المدارس لتوعيتهم بخطورة التحرش، وكيفية التصرف حياله. كما بيّنا للأهل علامات التحرش في حال تعرض طفلهم له، كأن يصبح منطوياً على ذاته، منعزلاً أو مضطرباً وغيرها من العلامات... وأسدينا لهم النصح بضرورة متابعة طفلهم ومشاركته في الحوار وقراءة أفكاره ومعرفة رغباتهم لتوظيف ذلك كله في حمايته من التحرش. كما وضعنا أفكاراً تعلم الأطفال كيفية تجنب فعل التحرش، كالتفريق بين اللمس البريء ولمس التحرش، وعمّمنا نصائح في عدم التساهل مع السائق أو الخادمة، وعدم ارتداء الملابس المثيرة، وعدم إرسال الأطفال إلى البائع القريب في الحيّ، وعدم التهاون في نوم الاطفال في غرف الكبار، كما على الطفل أن يخبر والدته بما يحدث معه، وترك الحوار مفتوحاً بينهما، الى جانب تنشئته على مهارات الدفاع عن النفس وحُسن التصرف، وتزويده بأرقام الجهات الأمنية المختصة»... مؤكداً «أن المتحرش لا يُفرق بين طفل أو فتاة في سن الـ20».
وعن شعار الحملة، يوضح أبو هاشم «أن الوردة دليل على العفة أو الفتاة أو الطفل، ولا بد من المحافظة عليهم وحمايتهم من التحرش». لافتاً إلى أن حملة «ما نرضاها» تهدف إلى التوعية بخطورة هذه المشكلة، وضرورة الإرشاد والتثقيف، وتقديم النصح الى الفتيات والأطفال لتجنب التحرش.
الجاسر: التوعية شملت الأم والأب بإسداء النصح لهما وتعريفهما بعلامات التحرش في حال تعرض طفلهما له.
يذكر سكرتير تحرير الإعلام الجديد في جريدة «الجزيرة»، وطالب الماجستير، وأحد مؤسسي الحملة، الإعلامي ليث الجاسر «أن الحملة تقوم على التوعية ضد التحرش، ذلك أن هذا السلوك السلبي تكرر كثيراً في الأشهر الماضية، ولكنه لا يعد ظاهرة في السعودية، خاصة أننا في مجتمع محافظ، وما من أحد يشكو أنه قد تعرض لتحرش لفظي أو احتكاك جسدي. لذا ارتأينا أن نبدأ بالتوعية، لأن من أولى الخطوات وأهمها، التنبه لأي ظاهرة أو سلوك غريب في المجتمع، فاتجهت حملتنا الى نشر الوعي بخطورة التحرش بشكل عام، لكن خصصنا جزءاً منها للمرأة والطفل، لكون أغلب الحالات التي سمعنا عنها عبر الانترنت تعود الى هذه الفئات من المجتمع. كما شملت التوعية الأم والأب بتقديم النصح لهما وتعريفهما بعلامات التحرش في حال تعرض طفلهما له»... مؤكداً «اعتماد الحملة على الاعلام الحديث رغبةً منها في الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة في المجتمع، خاصة أن العالم أصبح بفضل الانترنت قرية كونية صغيرة، ناهيك عن تفضيل الشعب السعودي لموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الذي قد يساعد في تفعيل المجتمع للوصول إلى الجهات المعنية لسن قانون يُنزل العقوبات بالمتحرشين، ذلك أن العقوبات الحالية تُفرض وفق رؤية القاضي مع ما يرافق ذلك من تفاوت في درجة العقوبة».
وعن دوره في الحملة، يشير الجاسر إلى أنهم لم يوزعوا الأدوار فعلياً في ما بينهم، ذلك «أننا أطلقنا الحملة بشكل مجموعة نساعد بعضنا بعضاً، فهناك من يرسل الأخبار الى الصحف، وهناك من يتفاعل مع المغردين على «تويتر»، وما إلى ذلك من مهام داخل المجموعة الواحدة نعمل كأعضاء على إنجاح هذه الحملة».

عطيف: إذا لم نقف وقفة واحدة ضد التحرش فسنضطر إلى وضع لافتات مكتوب عليها «ممنوع التحرش»
أما طالب الماجستير في جامعة الملك سعود، والصحافي في جريدة «الجزيرة»، ومعد البرامج في قناة «الإخبارية»، وأحد مؤسسي الحملة  بندر عطيف فيقول «إن الحملة كانت في البداية مادة في رسالة الماجستير (الحملات الإعلامية في الإعلام الجديد)، وهذه المادة لا يتم تجاوزها إلا بعد تطبيق حملة إعلامية من خلال الإعلام الجديد. وهناك مجموعات كثيرة، والمجموعة التي أنتمي اليها مكونة من ستة أعضاء، فتقاسمنا المهمات، ووضع الخطط، والأهداف، وحددنا المدة الزمنية للحملة التي ستنتهي مع نهاية هذا العام، وسنستمر فيها إذا وجدنا من يموّلها، ولمسنا مدى تفاعل المجتمع معها». وعن أهداف الحملة، يذكر عطيف: «بالنسبة الى مجموعتي، فقد طرحنا موضوعين، الأول عن داء «كورونا»، والثاني عن «التحرش» بشكل عام، وبعدما حاز التحرش غالبية الأصوات، بدأنا بدراسة الموضوع من كل جوانبه، وجمعنا أبحاثاً عنه من شبكة الانترنت. ومن خلال ممارستي الإعلامية، وجدنا أن التحرش انتقل من البيئة التقليدية إلى البيئة الالكترونية في ظل غياب الرقابة من الأهل والمجتمع، وأصبح هذا السلوك يُشكل خطراً وهاجساً يؤرق المجتمع. فعلى سبيل المثال، بتنا نشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «تويتر» إغراقاً لأوسمة المواد الاباحية، ويتعرض المتابع لهذه المواد من دون عمد، إضافة إلى الألعاب الإلكترونية التي يُقبل عليها الأطفال وتغرس فيهم بالتالي الصفات السيئة بعيداً من مراقبة من الأهل. ولعل أكثر الرسائل التي نركز عليها، خاصة في الإعلام الجديد، أن هناك تحرشاً إلكترونياً، والمتحرشون انتقلوا من البيئة التقليدية إلى البيئة الإلكترونية التي تفتح أمامهم أبواباً واسعة لإشباع غرائزهم واصطياد ضعاف النفوس».
ويلفت عطيف إلى أنهم اعتمدوا على أسس علمية في الحملات الاعلامية، «ففي البداية أقمنا موقعاً للحملة، واخترنا مُعرفاً وهو موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، خاصة أن الإقبال السعودي عليه كبير جداً، كما أنشأنا قناة «يوتيوب»، وكان ينقصنا إنتاج الأفلام فقط، ولأن ليس لدينا راعٍ رسمي أو ممول، فقد تواصلنا مع أناس خاضوا تجارب سابقة مثل هوازن الزهراني من «الحماية والسلام»، والتي رحبت مشكورة بالتعاون مع الحملة، وتم عرض الفيديو على «تويتر» من خلال تغريدات عدة، وتم توثيقه على موقع الحملة. ورسالتنا واضحة بأنه إذا لم نقف وقفة واحدة ضد التحرش فسنضطر يوماً إلى وضع لافتات مكتوب عليها «ممنوع التحرش». وأظهرت دراسة أُجريت في جامعة الأمير نايف أخيراً، تفاوتاً في العقوبات بين المتحرشين، وعدم سن قوانين رادعة بعد، لأن ملف التحرش لا يزال لدى مجلس الشورى، وليس هناك قانون واضح يحدّد عقوبات المتحرشين، فهناك قاضٍ قد يعاقب متحرشاً بالسجن شهرين، وآخر يحكم عليه بخمس سنوات، وثالث...

الحربي: التشديد على خطورة التحرش أمر واجب على كل مواطن ومواطنة في السعودية

يقول طالب الدراسات العُليا وأحد مؤسسي الحملة، صلاح معتق الحربي «إن هذه الحملة تناهض التحرش بشكل عام، والفئة المستهدفة هي النساء، لكونهن الأكثر تعرضاً للتحرش. ويجب أن نشير في البداية إلى آثار التحرش النفسية والاجتماعية، سواء على الشخص المتعرض للتحرش، أو المجتمع بشكل عام. ولعل غياب الوعي، والخوف من التطرق الى هذا السلوك، وعدم إثباته، تجعل المتحرش يتمادى في غيّه، والضحية تصمت خاصة أننا نعيش في مجتمع محافظ. لذا قمنا بالتركيز على التوعية الاجتماعية، وقدمنا النصائح الى الأهل بضرورة الحرص على مراقبة تصرفات أبنائهم لضمان عدم تعرضهم للتحرش اللفظي أو الجسدي. كما أن التحرش قد يحدث في البيت من الأقرباء من الدرجة الأولى، وبسبب تركيبة المجتمع السعودي التي تقوم على مبدأ العيب والمحرم الحديث عنه، تلتزم ضحية التحرش الصمت».
ويشير الحربي إلى «أن التشديد على خطورة التحرش أمر واجب على كل مواطن ومواطنة، لكونه مشكلة اجتماعية منتشرة في السعودية. أطلقنا هذه الحملة وشاركنا المجتمع من خلال وسم (#ما نرضاها) على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، كما أنشأنا حساباً للحملة على «تويتر»، وأسسنا لها أيضاً موقعاً الكترونياً يحتوي على مقالات وصور وفيديوهات تتعلق بالتحرش، ونصائح توعوية للطفل والمرأة والأسرة، تجنّبهم التحرش».
وعن أشكال التحرش التي تسلط حملة «ما نرضاها» الضوء عليها، يوضح الحربي: «هناك أشكال عدة من ضمنها اللمس، أو التعبير بالوجه، التحديق والنظرات غير اللائقة الى الجسم ككل أو الى أجزاء معينة منه، النداءات والتعليقات، المطاردة والتتبع، المكالمات الهاتفية، وصولاً إلى التهديد بالابتزاز والترهيب والفضيحة، وهو أسلوب يتبعه بعض الشبان مع الفتيات لإرغامهن على التزام الصمت».
وفي ما يتعلق بالشخص المتحرِش، يقول الحربي: «يعاني المتحرِش بالتأكيد اضطراباً في شخصيته، ولا يقدّر العواقب. لذا يجب العمل على وضع قوانين واتخاذ إجراءات تثنيه عن ارتكاب المزيد من الفحش الاجتماعي، خاصة إن كان ضحاياه من القُصّر والأطفال، وللأسف لا يوجد في السعودية قانون واضح لمعاقبة المتحرشين، وهذا أحد الأسباب التي دفعتنا لإطلاق هذه المبادرة، كما لا توجد في مجتمعاتنا إلى الآن برامج علاجية متكاملة للمتحرش بعد انتهاء فترة عقوبته، حيث يجب إخضاعه الى برامج تأهيلية، ومتابعة دورية لئلا يكرر سلوكه السلبي. ولكي نتمكن من حماية المجتمع وحمايتهم من أنفسهم، عملنا على نشر التوعية وإسداء النصح وإظهار آثار التحرش، وصوره وأشكاله، وتوضيح الأضرار التي تهدم مجتمعاً بأكمله».

الغضباني:  التحرش لا يقتصر على السعودية فقط
من جهته، يقول طالب الماجستير والإعلامي وأحد مؤسسي الحملة نواف منصور الغضباني إن «الحديث عن التحرش في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي، ليس سهلاً  نظراً لأن البعض يصمت عند تعرضه له، ولا يتحدث عنه خوفاً من الفضيحة، أو من لوم الأهل والأقارب، ودورنا في هذه الحملة يتمثل في التوعية والتصدي قدر الإمكان لهذا التعرض، لأنه إذا استمر وتفشى تحت ستار الكتمان والصمت تكون عواقبه كارثية على المجتمع بكل فئاته، علماً أن أكثر من يتعرضون للتحرش في مجتمعنا هم الفئة الضعيفة من النساء والأطفال، لذلك يجب أن نعمل على التوعية من أجل الحفاظ عليهم».
وذكر الغضباني أن صدى الحملة وصل إلى «الخليج والدول العربية المجاورة، فقد تم نشر خبر في جريدة البيان الإماراتية وغيرها من الصحف الإلكترونية، ووصل صدى الحملة إلى أكثر من 60 صحيفة إلكترونية وورقية حول العالم، والسبب أن هذا الفعل لا يقتصر فقط على السعودية، بل إنه سلوك سلبي منتشر في جميع أنحاء العالم».
وعن دوره في الحملة، يقول الغضباني: «تصميم الرسائل والوسائط، والصور والأفلام المتعلقة بالتحرش بشكل عام، والتي يتم بثها في موقع الحملة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. وكلنا في المجموعة مبادرون، لكن لكل شخص مهمة معينة، وهذا لا يمنع من طرح الأفكار ومناقشتها فيما بيننا للوصول إلى أفضل الرسائل والنصائح لخدمة المجتمع وفئاته المختلفة».
ويشير إلى أن «نشاطنا من ضمن مقررات الحملات الإعلامية في مجاستير الإعلام في جامعة الملك سعود، والبداية الفعلية كانت منذ بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2015م ولله الحمد أنها لاقت أصداء واسعة وايجابية من المجتمع السعودي، لكن إلى الآن ليس هناك أي تفاعل من أي جهة حكومية مع الحملة. نأمل ذلك. كذلك وجّهنا رسائل لقادة الرأي والمشاهير عبر تويتر لدعم الحملة والتأكيد على ضرورة التوعية للتصدي للتحرش في السعودية». 

السيد: التفاعل ينقسم الى اتجاهين الجمهور الخجول والجمهور المتفاعل
أما طالب الماجستير في الإعلام الرقمي والباحث في مجال الإعلام الاجتماعي وأحد مؤسسي الحملة بسام بن أنور السيد، فقال إن دوره يقوم على تنفيذ مجموعة من التصاميم الخاصة بالحملة كالشعار والإنفوغرافيك، «التي نهدف من خلالها إلى نشر محتويات الحملة في الإعلام الاجتماعي لتغذيتها وتعزيزها بالمحتوى التوعوي والإرشادي».
وعن نوع النصائح التي توفرها حملة «ما نرضاها» يقول السيد إنها «نصائح دينية، واجتماعية، مشيراً إلى أن من مهماتهم نشر نتائج الدراسات السابقة التي أجرتها في مجال التحرش وزارة العدل السعودية ومختلف الدراسات الأخرى ذات الصلة، والاهتمام بلغة الصورة والوسائط المرئية، التي سرعان ما تؤثر في الشرائح المستهدفة، وإيصال الرسالة بأسلوب مبسط وسهل لأفراد المجتمع كافة».
أما تفاعل المجتمع مع حملة «ما نرضاها» وقضية التحرش عموماً، فينقسم بحسب السيد إلى «اتجاهين، الأول: الأول يرى النصيحة والتوجيه في هذا المجال من الأشياء المخجلة والمربكة، ويصعب طرحها أمام الأبناء وتحذيرهم. والثاني: جمهوره متفاعل، ونشط، يحذّر ويساهم في إيصال الرسالة التربوية، والتوعوية ويعمل على نشر كل مفيد وثري في موضوع الحملة».

إحصائيات عن التحرش في السعودية
كشفت دراسة أجراها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني عن أسباب تفشي ظاهرة التحرش بالفتيات داخل المجتمع السعودي، وشملت مختلف المناطق السعودية، حيث اختير عشوائياً 993 عنصراً سعودياً من الشبان والشابات من سن 18 سنة فما فوق. وأظهرت الدراسة أن 85.5 في المئة من العينة قالوا إن تعمّد إظهار المرأة زينتها هو ما يُغري الشبان بالتحرش بهن، فيما رأى ثمانية في المئة أن زينة المرأة ليس سبب التحرش، وآثر 6.5 في  المئة عدم الخوض في موضوع زينة الأنثى. وأفادت الدراسة  بأن 91.9 في المئة من العينة ترى أن ضعف الوازع الديني من أهم الأسباب، فيما أنكر 4.5 في المئة وجود هذا المسبب، ووقف على الحياد 3.9 في المئة.
وفي الدراسة أيضاً، رأى 79.9 في المئة من المستطلعين أن غياب أنظمة مكافحة التحرش هو السبب في انتشار هذه الآفة، بينما اعترض 14.3 في المئة على هذا الطرح، وستة في المئة على الحياد. وفي سؤال آخر، أجاب 80.8 في المئة أن الأنظمة موجودة ولكنها ليست مطبقة، وأظهر 14 في المئة عدم رضاهم عن هذه الأنظمة، و9.4 في المئة على الحياد.
وفيما أشار 76.6 في المئة إلى أن طول مدة تنفيذ الإجراءات العقابية يساهم بشكل أساسي في تفشي التحرش الجنسي، رأت 14 في المئة من العينة المشمولة بالدراسة عدم فاعلية هذا المسبب، و 9.4 في المئة لم يعلّقوا.

ووافق 73.3 في المئة على كون غياب الأنظمة الرادعة سبباً في ازدياد التحرش، فيما أنكر  16.2 في المئة ذلك و10.5 في المئة على الحياد.
وخلصت الدراسة أيضاً إلى أن 80.6 في المئة من العينة ألقت السبب على المسؤولية الاجتماعية وقلّل 10.6 في المئة من أهمية هذا السبب و8.8 في المئة على الحياد.
وأخيرا ادعى 75.2 في المئة أن انعدام التوعية في الأماكن العامة يساهم في جهل ظاهرة التحرش الجنسي، فيما رأى 14.3 في المئة أن لا علاقة للتوعية الاجتماعية في الأماكن العامة، بظاهرة التحرش، و10.5 في المئة لا جواب.

قصص عن التحرش نُشرت في الصحف المحلية السعودية العام الماضي
نشرت صحيفة «الوطن» السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014م عن خبراً إصابة فتاة برضوض وإصابات متوسطة، إثر قفزها من السيارة أثناء سيرها في أحد شوارع الدمام في المنطقة الشرقية في السعودية، جراء تحرش السائق بها لفظياً. وقالت الشرطة بأن الفتاة أبلغت مركز شركة شمال الدمام عن تعرضها للتحرش اللفظي من سائق سيارة أجرة أثناء إيصالها إلى أحد المواقع، ما اضطرها إلى مغادرة سيارة الأجرة وهي في وضع السير للهرب منه. وباشر المختصون في شرطة الدمام اتخاذ الإجراءات اللازمة، وعمل فريق العمل المختص على تحديد هوية السائق والقبض عليه، إذ تبين أنه مقيم في الثلاثينيات من عمره، وهو من جنسية آسيوية، وأحيل مع ملف الواقعة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بحكم الاختصاص.
وفي قصة أخرى نشرها موقع  MBC.نت  في تشرين الثاني/نوفمبر 2014 عن اعتداء وافد عربي على طفلة تبلغ ثماني سنوات،  حيث تمكنت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة الرياض من القبض على سائق باص أقدم على التحرش بفتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات، والاعتداء عليها جنسياً مستغلاً توصيله لطالبات المدارس «بصورة غير نظامية».  وكان السائق قد دأب على التحرش بالطالبة، والاعتداء عليها جنسيّاً، وهددها بالقتل في حال فضحه. وتم ضبطه متلبساً وسيحال على التحقيق. وفي التفاصيل، أن والدة الفتاة تقدمت بشكوى إلى مركز الهيئة الذي اتخذ الإجراءات اللازمة للقبض على الجاني، وأحيلت القضية بعد ذلك على الجهات المختصة لاستكمال الخطوات المتبعة في مثل هذه الحالة حتى إصدار الحكم الشرعي فيها.