كتاب حاز جائزة إبن بطوطة عن أدب الرحلات «جنائن الشرق الملتهبة» كما يراها سعيد خطيبي

كتاب: «جنائن الشرق الملتهبة»,سعيد خطيبي

مايا الحاج 16 يناير 2016

يطوف سعيد خطيبي العواصم والدول والبلدان بنَفَس سندبادي مغامر. أخذ ينتقل من مكان إلى آخر ليدوّن ما رآه في رحلاته في كتب رحلات، تسمح للقارئ القابع في مكانه بأن يكتشف تفاصيل جديدة عن دول وشعوب من شرق الأرض إلى غربها. وفي كتابه «جنائن الشرق الملتهبة: رحلة في بلاد الصقالبة» الصادر عن «دار ارتياد الآفاق» الذي حاز عنه «جائزة إبن بطوطة 2014- 2015»، يخطو الرحّالة المعاصر عبر ليوبليانا، غراد، زغرب، سراييفو، سربرنيتسا، بلغراد، كييف وينقل صوراً وانطباعات وملاحظات التقطها بالعين والفكر والحواس معاً. وهو يصف رحلاته هذه بالقول: «من بحيرات سلوفينيا  إلى سهول كرواتيا، ومن أزقة البوسنة والهرسك العتيقة إلى ساحات صربيا، تجولت بالسيارة برّاً في أرض الصقالبة (الملقّبون بالسُّلاف)، وعبرت الحدود بحثاً عن الملامح الحقيقية لدول تجمع بينها الجغرافيا، وتُفرّقها الصدامات الدينية والإثنية، ثمّ طرت إلى أوكرانيا، أيّام ثورة الميدان، وعشت، من الداخل، يوميات متقلبة، حيث التاريخ لا يملّ من تكرار نفسه، وبالطرق نفسها: بالنار والدم. عدّة سفري كانت جدّاً بسيطة: حقيبة ظهر صغيرة، وضعت فيها بعض الملابس الضرورية، كاميرا رقميّة، دفتر ملاحظات، خرائط حديثة للطرقات ومواقع محطات البنزين، وقواميس جيب للمحادثة السريعة بلغات الدول التي زرتها، والتي وجدت لاحقاً أنها تشترك بعضها مع بعض في كثير من المصطلحات». وفي ما يتصلّ بالعدّة المعرفية التي تسلّح بها ليقوم برحلته في أرض الصقالبة، يقول الخطيبي: «عدّتي المعنوية كانت أثقل من المادية قليلاً، خصوصاً القراءات التي قمت بها، قبل وأثناء وبعد الرحلة، لأهم كتّاب البلقان وأوكرانيا، المترجمين إلى الفرنسية، مع الاطلاع على بعض ما كتبه فرنسيون وعرب عن منطقة السّلاف. وكان لا بدّ لي من العودة إلى رسالة ابن فضلان (كتبها عام 921) التي يذكر فيها أنّ المسلمين كانوا يجلبون كثيراً من السلع من جنوبي روسيا والبلاد الأوروبية الشمالية...»، ثمّ يتوقف عند الميزات المشتركة التي تجمع بلاد العرب وبلاد الصقالبة، على ضوء ما لاحظه خلال رحلته.
ووصفت لجنة التحكيم كتاب خطيبي في المقدمة بأنّه مكتوب «بلغة رائقة، يتصّف وصفه وملاحظاته بالدقة والذكاء، وتحمل لغته ملامح من ميول الرحّالة القدماء، لكنها أبداً تظلّ أمينة لانفعالات اللحظة وتحاول أن تُعيد صياغة الأسئلة بوحي من التوق إلى استكشاف عوالم البشر في أمكنتهم، وتتبّع الأحوال والمصائر الإنسانية من جوانب ظليلة وبعيدة عن المسلّم به من الأشياء، بما يُضيف إلى معارفنا وإلى الجمال الأدبي. وهذا ما جعله يفوز بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة المعاصرة في دورتها الحادية والعشرين عن جدارة واستحقاق».