قيس الشيخ نجيب: النجومية في الوطن العربي آنية

قيس الشيخ نجيب,النجومية,الوطن العربي,الممثل,النجم,المعجبات,الإعلام,المسرح السوري,الدراما السورية,الدراما,أعمال

أمين حمادة (بيروت) 23 يناير 2016

يكاد يكون الفنان قيس الشيخ نجيب النجم والممثل الذي تخلّى عن كل امتياز. لم يتحّول كونُه ابن عائلة فنية إلى جواز عبور مهني، بل هي مسؤولية أبعدته طويلاً عن عدسة أبيه المخرج الراحل محمد الشيخ نجيب، وحمّلته وزر المحافظة على الرصيد الذي حصّله في مسيرة بدأها ربما قبل أن يولد، إذ كانت والدته الفنّانة خديجة العبد حاملاً به خلال مشاركتها في مسرحية «غربة». «لها» التقت الشيخ نجيب في حوار مع الفنّان والأب والزوج والمواطن السوري...


- هل من المنصف تقديم أعمال كـ«أهل الغرام» في ظل الأزمة الراهنة؟
هناك أعمال تحكي عن الأزمة، وهي مستمرة، لكن لا يمكن أن تكون الدراما كلها بهذا الاتجاه. المشاهد بحاجة على الأقل إلى ساعة تلفزيونية مريحة وراقية بعيداً عن الحرب. نحن نحكي عن الحب بطريقة راقية، لا استهلاكية أو مغرية أو مبتذلة، ونقدّم رسالة سامية بطريقة أو بأخرى.
الجيل الجديد لا يعرف مثلاً كيف كانوا يحبّون قديماً... هناك خماسية «امرأة كالقمر» التي تتحدث عن «حب الأربعين» مثلاً. ومن مميزات «أهل الغرام» أنه أعاد لمّ شمل العديد من أهل المهنة.فادي صبيح صديق، وعملنا معاً كثيراً من قبل، لكننا لم نجتمع في أي عمل منذ أربع سنوات، وها نحن معاً في الخماسية. أيقظ فينا العمل حالة من الحنين، وإذ بنا نشعر بأننا نقدم فناً حقيقياً. وعندما اجتمعنا مع المخرجين والكتّاب شعرنا بأننا لم نجتمع منذ سنوات، وكنا نحنّ إلى ذلك ونحتاج إليه.

- برأيك ما هو واجب الدراما خلال الأزمة؟
لا طاقة للدراما بتحمّل عبء الدم والحرب. ثمّة حرب عالمية تدور على أرض سورية، وليس بوسع الدراما أن تفعل شيئاً. بالعكس لقد وضعت يدها على كثير من الأوجاع في المجتمع قبل الحرب، لكن خلال الحرب التحليل والتنظير لا معنى لهما لأن الدم يسيل.
نحن بحاجة إلى أعمال تجمع ولا تفرّق، ومع الحل السلمي. أعمال تحكي الواقع كما هو وتقرّب ما بين وجهات النظر، وتحاول ترميم ما تهدّم من بنيان المجتمع. في الدراما تعقيدات كثيرة، كما هي أوضاعنا، وفي مقدورها معالجة الأحداث الدرامية التي نعيشها.

- كيف تتطلع إلى لقائك الدرامي مع سلافة معمار خاصة وقد اجتمعتما معاً في أعمال كثيرة؟
قدمت مع سلافة معمار أكثر من عمل، أولها «ما ملكت أيمانكم»، وكان هناك قصة حب بيننا في العمل، على عكس «بنت الشهبندر» و«امرأة كالقمر» حيث قصة الحب فاشلة.
سلافة ممثلة من الطراز الرفيع، ممثلة تعطي الشخصية حقها، وفي المعهد لم نكن في الدفعة ذاتها إذ كنت أنا في الدفعة السابقة لدفعتها.

- ما رأيك باستقطاب عمل بيئي شامي كـ«خاتون» لممثلين لبنانيين؟
في «خاتون»، النص عن فترة الاحتلال الفرنسي،  لذلك استعانوا بممثلين لبنانيين أو تونسيين أو جزائريين لإتقانهم اللغة الفرنسية وللتشبّه في الشكل، طبعاً لن يُحضروا ممثلاً تونسياً ليؤدي دور شخصية شامية! حاول بعض الممثلين غير السوريين لكنهم لم ينجحوا من الناحية البيئية، حتى الممثلون غير الدمشقيين وجدوا صعوبة كبيرة في البداية. ليس من السهل عليّ إتقان لهجة محلية مختلفة عن لهجتي ولها مفرداتها والحس الخاص بها.
طوني عيسى في «بنت الشهبندر»، كان من بيئة لبنانية فنجح في تجسيد دور شخصية لبنانية. وسيلعب دور ضابط فرنسي في «خاتون» فلا مشكلة في الموضوع. الأعمال في سورية لم تتوقف في سنوات الأزمة، والدراما اللبنانية تستقطب الفنان السوري، واليوم تتكافأ كفّتا الميزان قليلاً، من خلال استقبال الدراما السورية للفنان اللبناني.

- كيف تنظر إلى الدراما السورية اليوم بعد خمس سنوات من الأزمة؟
الدراما السورية موجودة حتى الآن بالرغم من الحرب التي تتعرض لها سورية، وهذا الوجود دليل على أن صنّاع الدراما هم سبب ازدهارها.
هناك مجموعة من المبدعين همّهم الدراما السورية الناجحة والتي يحبها الجمهور. من الناحية السلبية، كمّ الأعمال قلّ، والأعمال المهمة إنتاجياً في السنة هي عمل أو عملان فقط.
في النهاية أعمالنا تعرض على محطات تمتلك خطة لتسويق مسلسلاتها. كان العمل السوري سابقاً يفرض نفسه مهما كان موضوعه. الانطلاق من المحلية في الفن يأخذك نحو العالمية، على هذا الأساس كانت مشاريعنا في سورية، اليوم بدأ الزمن والمجتمع يتغيّران، الأساس لم يعد كما كان، فالدراما السورية ذهبت باتجاه ما يطلبه الجمهور وما تطلبه المحطات.
المبدع السوري أينما يكون هو من يدفع الثمن، صناعة الدراما كلها دفعت الثمن، لكن الممثل يبقى في الواجهة وهو الذي يرسخ في الذاكرة، لذلك هو يدفع الثمن الأكبر. نقدم أحياناً بعض الأعمال فقط لنبقى موجودين في هذه الظروف.

- هل أنت نادم على عمل قدّمته سابقاً؟
أنا لا أندم على أي عمل، أتأنّى في خياراتي وأعتذر عن الكثير من الأعمال، وأختار العمل المناسب لي والذي أحبه وأقتنع به، إضافة إلى أنني أقدّم الشخصية بعد تعب وجهد حقيقيين، وأعطي من قلبي في كل تجربة أؤديها. أتدخّل في الشخصية وفي النص إذا شعرت بأن هناك حاجة الى بعض التغيير حذفاً أو تعديلاً للوصول إلى الأفضل، فلماذا الندم؟
في «الإخوة» حاولنا تقديم أفضل ما لدينا، ومهما قيل من أنه مكسيكي أو فيه تكرار، العمل نجح ولا يزال يعرض ويشاهد حتى الآن.

- كيف تنظر إلى وضع المسرح السوري اليوم؟ وهل سنراك على خشبته قريباً؟
كلنا ابتعدنا عن المسرح اليوم، هذا ما أشعر به حالياً. هناك مشروع أحاول المضيّ فيه، مسرحية من شخصيتين، لم تكن الظروف مناسبة، وبعد كل مسلسل أشارك فيه أشعر بالحاجة إلى تقديم مسرحية وإلى التماس والتواصل المباشر مع الجمهور، التلفزيون يسرقنا بطريقة أو بأخرى. حتى عالمياً المسرح يتراجع مع المؤثرات البصرية الضخمة أمام السينما والتلفزيون، وفي الوطن العربي ثقافة المسرح ليست متداولة كثيراً، ولكن هذا لا يمنع من تقديم أعمال. اليوم أرغب في تقديم مسرحية وهناك نص في بالي، لكن الموضوع بحاجة إلى تفرغ لأشهر.

- كيف كانت علاقتك مع والدك رحمه الله من جهة التمثيل كما الأبوّة؟ وماذا تعلمت منه؟
أبي كان في فرقة «تشرين»، ثم عمل في التمثيل، وأخيراً درس الإخراج، فهو ابن هذه المهنة وأنا تربيت على ذلك، كذلك أمي، وكانا معاً في فرقة تشرين و«كاسك يا وطن». ووالدتي كانت حاملاً بي في مسرحية «غربة»، كنت على المسرح وأنا في بطن أمي، تعاطيّ مع الجمهور كان من قبل أن أولد.
عندما قررت أن أصبح ممثلاً، كان ذلك بوجود والدي رحمه الله. كان هناك احترام تام للخصوصية وكنا في المنزل أباً وابناً بكل ما للكلمة من معنى.
بعد تخرجي في الـ1998 قدّمنا معاً ثلاثة أعمال، ثم صرت أتجنب ذلك لفترة طويلة لئلا تلاحقني فكرة أنني أصبحت ممثلاً بالوراثة، فالموهبة لا تورّث، كما أن الفن لا يورّث بل يأتي وينمو بالجهد والتعب والتضحية.
ولما شعرت بأنني صرت أستحق تسمية ممثل ولي مكاني ووجودي على الخريطة، وقفت مع والدي في بعض أعماله.

- ما سبب ابتعاد ابنك جود عن الإعلام؟
أحاول تجنيب ابني حياة الشهرة وفرضها عليه في هذه المرحلة من العمر، وأريد له أن يعيش طفولته. مرة واحدة أخذته إلى التصوير وكانت استثنائية.

- كيف تصف العلاقة مع زوجتك اليوم؟
زوجتي من أهل المهنة، والعمل جزء يومي من حياتنا، هي كاتبة وأنا ممثل. كل شيء قدَر ونصيب... والحياة كلها تجارب. الملاذ الآمن أو الاسترخاء والخروج من ضغط العمل هو المنزل، وتعلمت من والديّ الحفاظ على استقرار البيت والأسرة.

- وبالنسبة إلى المعجبات، هل تتقبل زوجتك الأمر أم تغار كثيراً؟
هي معتادة على فكرة المعجبات، ونعرف بعضنا جيداً قبل الزواج، وهناك مواقف كثيرة تقترب فيها المعجبات مني وتلتقط زوجتي لنا الصور المشتركة، فهي لا تعارض ولا تمانع ولا تغار، لأنها تدرك أن ذلك مجرد إعجاب وسيبقى إعجاباً.

- هل تساعدها في أعمال المنزل؟
طبعاً أساعدها، خصوصاً بعدما صرت أباً، أقضي جزءاً كبيراً من وقتي مع جود، فأهلها ليسوا إلى جانبها لمساعدتها بسبب الظروف، أستمتع كثيراً مع جود وأعدّ له الحليب والطعام وأغيّر له ملابسه. وأطبخ أحياناً الفتّة الشامية مثلاً، والمعكرونة وما شابه ذلك... أكثر من ذلك صعب!

- اعتدنا أن نراك باللحية خلال السنوات الأخيرة، ما السبب؟
أخفف اللحية وأُطيلها بعد التشذيب. جود أيضاً معتاد عليّ باللحية، وهي تناسب الأدوار التي أؤديها.

- من الأهم: الممثل أم النجم؟
النجم ساطع دائماً، وما دامت هناك سماء فهناك نجوم. لكن يمكن أن تحجبه الغيوم فيختفي عن الأنظار. غير أن الممثل الجيد إذا عرف كيف يحافظ على نفسه ومستواه ويجدد ويتطور فهو مستمر وله تاريخ وإرث. النجومية في الوطن العربي ليست دائمة، فالكثيرون يظهرون ثم سرعان ما يخمدون. الممثل النجم هو الذي يستمر فقط ويبقى في الذاكرة.

- برأيك، من هي الأسماء الشبابية الأولى في الدراما اليوم؟
تستطيع أن تعدّ: قصي خولي وباسل خياط وأنا. على كل حال لست أنا من يحدد إذا كنا الأوائل في هذا الجيل، هناك تيم حسن ومكسيم خليل أيضاً، أمّا باسل خياط فممثل ممتاز جداً وصنع لنفسه «كاراكتير» خاصاً