اللون الأبيض يحوّل المساحات صفحات بيضاء لمفردات زخرفية ملوّنة

فخامة المساحات, زخرفة, اللون الأبيض, الديكور, الأثاث, ملوّنة, التواصل, غرفة الأولاد, غرفة الطعام, قاعة /صالة / غرفة نوم, قاعة /صالة / غرفة جلوس, قاعة /صالة / غرفة طعام, قاعة /صالة / غرفة الحمام

19 أكتوبر 2013

متميّز بإشراقته المشبّعة بالرموز والدلالات، ليس لأنه يجمع كل الألوان، ولكن لأنه بخصائصه الفريدة يحفظ لكل الألوان خصائصها.
ربما من أجل ذلك احتفظ اللون الأبيض، بشبابه الدائم على مرّ العصور والحقب. وربما أيضاً من أجل ذلك بقي الأبيض صديق كل الأمكنة والمساحات، يرفدها بالنقاء والوضوح، وينثر في فضاءاتها التفاؤل والفرح.


إمكاناته الجمالية تنبع من قدرته على الحضور والغياب في الوقت نفسه، فهو هنا في عالم الديكور يلعب دور البطولة المطلقة، من خلال قدرته الفائقة على توفير الفرصة المفتوحة لكل العناصر المشاركة في المشهد الزخرفي لكي تحتفظ ليس فقط بهويتها، وإنما أيضاً بمواصفاتها ووظيفتها.
يتكامل مع كل الأشكال والأبعاد والخطوط والألوان، ولكنه ايضاً يتلاءم مع كل الطرز والأساليب والتيارات، و ينسجم مع كل الميول والرغبات.

كُتب عنه الكثير ولكن يبقى حضوره هو الأكثر أهمية، فهو يتجاوز واقع العناصر، ليتحوّل في لحظة واحدة إلى قيمة تتصل بالحواس وأعماق النفس، من دون أن يفقد القدرة على بث الهدوء والسكينة في روح الأمكنة والمساحات.

هو مع لمسة من اللون الأزرق يستدعي الصفاء والنعومة، بينما يستحضر مع اللون الأخضر الناعم أجواء الإنتعاش والنضارة، أما مع الأسود ومشتقاته من الظلال الرمادية اللؤلؤية والداكنة فيعيد رسم أناقة المكان بمواجهات زخرفية صادمة أو بالغة النعومة.

والتعامل مع اللون الأبيض ليس سهلاً، بل يحتاج إلى حساسية فائقة. فهو ليس حليفاً سهل الإنقياد، وليس مطواعاً دون شروط، فالمبالغة في نشره والذهاب بعيداً في استحضاره، يولّدان في الأمكنة إحساسا بالرتابة والملل والفراغ اللانهائي.

لذلك يتم استخدامه في التصاميم بنسب ولمسات مدروسة، فيها الكثير من الاتزان، وذلك لتحقيق تناغم جميل بينها وبين عناصر الديكور الأخرى.

سيناريوهات كثيرة وأساليب ومعالجات جسورة تنشط حول هذا الظل البهي لإيجاد تواصل أنيق بينه وبين كل العناصر المحيطة به والتي تعزز أناقة حضورها من خلال حضوره.

فكيف يمكن التعامل مع الأبيض دون أن نقع في فخ المبالغة؟

الجواب هو طبعاً أن كل الأجواء مفتوحة لهذا الظل الجميل الذي لم ولن يبطل استثماره فيها، لما يحمله إلى الأماكن من نضارة وأناقة، رغم أن اختياره يتطلّب معرفة ودراية بفن الألوان وطرق اللعب على تناغم تركيباتها المتداخلة في الجو الزخرفي، إضافة إلى تناسقها مع المواد وملامسها المختلفة، بتجانس متنوع وجميل يتراوح بين البساطة والأجواء الشاعرية الناعمة أو الباروكية والحديثة المعاصرة أو المتكلفة.


تطعيم وتدرّجات

من غير المستحسن اعتماد اللون الأبيض في المساحات الكبيرة الواسعة والأماكن الأكثر ازدحاما في المنزل، دون تطعيم المكان بنغمات متدرّجة أو إيقاعات مائية ناعسة، أو غيرها من الألوان الأكثر سطوعاً، وذلك للحد من هيمنة الأبيض وتحديد خريطة انتشاره.

في المطبخ والحمامات، يحقق الأبيض حضوراً رمزياً للدلالة على النظافة والنقاء، مع تجنب نشره بشكل كلّي في المكان، وضرورة تطعيمه بألوان أخرى تتجسد بالطلاء والأثاث والأكسسوارات المختلفة الملونة، أو إيجاد مواجهات جميلة بينه وبين بعض المواد الطبيعية، من خشب خام أو جلد أو خزف أو معدن مؤكسد أو سجاد من «الجوت».

يتناسق اللون الأبيض أيضاً مع الألوان المحايدة مثل الرمادي الداكن، الكريم، وهو يصنع في تناغمه معها أجواء زخرفية ناعمة سهلة التزيين.

كل الألوان تبدو جميلة متجانسة مع الأبيض الذي يعدّل في حضوره من كثافة ألوانها ويفرض وتيرة من التغيير في مناخات الأماكن، كما يسلّط الضوء على مكامن الجمال فيها ويحدد بأناقة خطوط قطع الأثاث والعناصر المكملة للزينة وأشكالها، والطابع المطلوب لكل فضاء من الفضاءات وفقاً لوظيفته وموقعه في المنزل.

فالإبتكار بجو نضر ومنعش يتيح المزاوجة بين الأبيض والأخضر بظلاله المختلفة، بتناسق مع أرضية شقراء فاتحة. أما الأجواء الحديثة فتستدعي ابتكار مواجهة بين الأبيض والألوان التي تولّد التناقض، مثل الأسود والرمادي مع إضافة لمسة زاهية من الأكسسوارات الملونة.

اللون الأبيض البالغ النقاء يشكّل عائقاً أحياناً في التأسيس لأجواء حديثة جميلة، عند المبالغة في استخدامه وبشكل غير محدود، لأنه يجعل البيئة الزخرفية أقرب الى أجواء المختبرات الطبية.
لذا لا بد من التنبه الى بعض المعايير التي ينبغي الأخذ بها عند توزيع الألوان في كل جو زخرفي على خلفية بيضاء، بشكل ينسجم مع مساحة المكان وطابعه الهندسي.


ولتوفير أجواء زخرفية ناجحة، يفضَّل:

أولاً: اختصار الألوان بثلاثة ظلال في الفضاء الواحد يمكن توزيعها بين الجدران والأثاث وأكسسوارات الزينة، مما يخفف من تأثير الألوان ويضفي نوعاً من التوازن والتناغم على المشهد الزخرفي.

ثانياً: توزيع المساحات اللونية بنسب مدروسة يحتلّ فيها اللون الأساسي في الديكور نسبة 85 في المئة، بينما يأخذ اللون الثاني نسبة 10 في المئة، ويترك ما تبقى من نسب لعناصر الزينة والأكسسوارات الزخرفية.
فهذه القاعدة الثلاثية هي وصفة النجاح لكل مشروع زخرفي يعتمد على الأبيض كلون أساسي في الديكور، يمكن مواءمته مع ألوان أخرى كثيرة بينها الرمادي والوردي.

إذاً، المطلوب وقبل كل شيء إيجاد صيغة من التناغم بين الظلال المستخدمة، فالقاعدة في توزيع الألوان في الديكور تعمل في المبدأ على تحقيق تناغم أو تباين بين الألوان ولكن بأسلوب يستوجب أن يكمل طيف كل لون منها الآخر.

من حيث المبدأ فإن فرز لون من الظلال، الأحمر، الأصفر، الأخضر، أو الأزرق، لابد أن يكون ثانوياً ومكملاً للون الأبيض المشرق، أو يمكن استبدالها بألوان أخرى حيادية تراوح بين الإشراق وبعض النغمات الداكنة، بحيث يعمل التصميم على تفعيل هذه الألوان مع الأبيض في إطار التناغم والإنسجام، أو بإيجاد مواجهات جميلة صادمة مع تجنب الألوان النافرة.

هنا يمكن اللعب على تناقضات-البيج والرمادي الداكن والبني الفاتح مع الأبيض- أو استبدالها بألوان اليانسون والزهري، والزهري الضارب الى الحمرة والأزرق الفاتح والفيروزي. وتصبح النتيجة أكثر ديناميكية مع تجنب التوتال لوك والألوان البراقة الساطعة.


خط التواصل

لا بد دائماً من إيجاد خط للتواصل بين الخيارات من فضاء إلى آخر، عبر المواد والأكسسوارات الملحقة بالألوان الثانوية، من أشكال ومواد، مما يضمن استمرارية وحضوراً جميلاً في الفضاء الزخرفي على اختلاف اتساع أحجامه أو ضيقها.

فاذا كانت الشقة صغيرة المساحة، لا بد من تجنّب الألوان الداكنة، فهذه الألوان تكرّس الشعور بضيق المكان، بل تجعله يبدو خانقاً.

وفي غرفة الجلوس، ينبغي تلافي هيمنة الألوان الداكنة، وإذا ما كانت الضرورة تقتضي ذلك فإنه يستخدم معها أكسسوارات ومنسوجات ملونة وبيبلوهات أنيقة للزينة.

 في أي حال، فإنه من المفضّل اختيار الألوان المشرقة أو الفاتحة التي توحي باتساع المساحات في الفضاءات الصغيرة، وكذلك في المطبخ مما يعطي انطباعاً بالأناقة والنظافة والوضوح، فيستخدم الأبيض المخفف والبيج الى جانب ألوان ثانوية متناسقة مع الطابع العام للديكور.

أما تجنب الأبيض النقي في بعض أجواء الديكور فإنه يصبح ضرورة حين يتحول إلى حليف مزيّف.

كما أن الأبيض الناصع وخلافاً للاعتقاد السائد، لا يثمّن دائماً المواد وأكسسوارات الديكور، بل يساهم في سحقها إذا كان بالغ الإشراق والأبهار.

ولكي يكون الأبيض جميلاً، يجب مواءمته بمواد طبيعية نبيلة مثل الحرير والجلود والبورسلين، وذلك في معالجات رشيقة، لا تنتهي في آخر المطاف بديكور رخيص أو مبتذل.

أما الألوان ذات الطابع الحميم، فإن استخدامها مع الأبيض يصبح مسألة ذوق خصوصاً أن الألوان تخاطب حواسنا وعواطفنا. ولذلك يجب اختيارها بما يتماشى مع مزاج كل فرد، مع مراعاة تأثير كل لون في تحالفه مع الأبيض.