كتاب من قلب سحر طه إلى عمالقة الفن

الكتاب: «من القلب إليهم - ومضات من حياة الفنانين,سحر طه

مايا الحاج 06 فبراير 2016

فيروز، أسمهان، فايزة أحمد، زكي ناصيف، توفيق الباشا، لور دكّاش، عبود عبد العال، سليم فليفل، نهاوند... أسماء كبيرة اجتمعت معاً في كتاب سحر طه الجديد «من القلب اليهم- ومضات من حياة فنانين» (الدار العربية للعلوم ناشرون)، الذي قدّمت فيه الفنانة والكاتبة العراقية لمحات من سير فنانين شكّلوا مدماكاً أساسياً في تاريخ الفنّ العربي.
ليس الكتاب علمياً توثيقياً بمقدار ما هو حميمي ذو طابع صحافي- تكريمي ينسجم والعنوان الذي اختارته طه «من القلب اليهم». وهو مع ذلك يُقدّم معلومات جديدة استقتها الكاتبة من أقرباء هذه الشخصيات، كما في سيرة فايزة أحمد التي رسمت ملامحها من خلال لقائها مع ابن شقيقها عدنان الروّاس، الذي التقته في مسقط رأس فايزة لتقطع الشك باليقين حول هويتها التائهة بين كونها سورية أو لبنانية، ليؤكد قريبها أنها لبنانية، وهي ابنة أحمد الروّاس، من العائلات الصيداوية المعروفة.
واستعادت سيَرَ بعضهم الآخر مما عرفته منهم شخصياً، تماماً كما حدث مع الفنانة نهاوند صاحبة «يا فجر لمّا تطلّ»، التي التقتها صدفة أواخر التسعينات من القرن الماضي في منطقة كفرشيما، حينما كانت على موعد مع الراحل روبير الصفدي، صاحب أكبر مكتبة موسيقية عربية.
ولم تخفِ الكاتبة في المقابل اعتمادها في ما كتبته على بعض مقالات من الصحف الورقية والمواقع الالكترونية، إضافة إلى كتب مهمة في هذا المجال مثل «السبعة الكبار» للباحث المعروف فيكتور سحّاب. لكنّ طه في نصوصها أو مقالاتها عن هؤلاء الكبار، أدخلت شيئاً من ذاتها وذكرياتها وخبرتها وتجربتها في الفنّ والموسيقى، فمرّرت انطباعات شخصية تجلّت في السيرة الأولى عن فيروز التي تستعيدها بعيني الطفلة التي كانتها في العراق، حيث كان النهار يبدأ هناك مع صوت فيروز المنساب بعذوبة وجمال عبر أثير إذاعة بغداد كلّ صباح. وتذكر كيف كان ذلك الصوت الذي اعتقدته فلسطينياً- حين غنّى للقدس وأزقّتها وأجراسها وقضيتها- سبباً في مشاركتها للمرة الأولى في حياتها في تظاهرة ضد وعد بلفور في يوم الذكرى المشؤومة للوعد الظالم. وتُشير من ثمّ إلى أنّ اعتقادها بفلسطينية فيروز طفلةً كان محقاً، معتمدةً على ما نقله الباحث فواز طرابلسي من مقالة للشاعر محمود درويش يقول فيها: «لقد أشهر الفلسطيني هويته الجمالية بالأغنية الرحبانية العربية، حتى صارت هي إطار قلوبنا المرجعي، هي الوطن المستعاد، وحافز السير على طريق القوافل الطويل».
تُقدّم سحر طه كتابها على أنّه الجزء الأول من سلسلة كتب تقتفي فيها لمحات من سير فنانين تركوا آثاراً جميلة وأعمالاً لن يطويها النسيان. وهي إذ اختارت أن يكون الجزء الأوّل مخصصاً لفنانين لبنانيين، ما عدا الفنانة السورية الأصل أسمهان، فإنها ستعمل في الجزء أو ربما الأجزاء اللاحقة على تقديم ومضات أخرى من حياة فنانين عرب سكنوا وجداننا بأعمال لا تُنسى.