صداع الشقيقة والهرمونات

صداع الشقيقة,الهرمونات,سن اليأس,عطلات,الحمل,سن البلوغ,دورة الطمث

جولي صليبا 06 فبراير 2016

من سن البلوغ حتى سن اليأس، تعاني امرأة واحدة بين كل ست نساء من صداع الشقيقة... كيف السبيل لمعالجة هذه المشكلة المرتبطة عن كثب بالهرمونات؟ إليك آراء الاختصاصيين في هذا المجال.
«عاصفة في رأسي»... هذا ما تعاني منه ملايين النساء حول العالم، والمؤسف أن قرابة 60 في المئة منهنّ لا يتلقين العلاج اللازم.
الأعوام تمرّ، والصداع يستمر... فصداع الشقيقة مرتبط عن كثب بالهرمونات، ولاسيما الهرمونات النسائية. ما هي الاستراتيجيات المناسبة لكل عمر لجعل الحياة هادئة وخالية من الصداع؟


دورة الطمث
تعاني 20 في المئة تقريباً من النساء من صداع الشقيقة قبيل حصول دورة الطمث. يظهر الصداع عموماً في اليوم الأول لدورة الطمث، أو قبل يومين إلى ثلاثة أيام، ويستمر لمدة 72 ساعة تقريباً. يكون الألم قوياً جداً لدرجة تضطر المرأة أحياناً لعزل نفسها في مكان معتم تماماً.
لماذا؟ لأنه في هذه المرحلة من الدورة الشهرية، يحصل انخفاض كبير في معدلات الاستروجين نسبة إلى معدلات البروجسترون، مما يوقع خللاً هرمونياً يؤدي إلى إفراز هرمونات البروستغلاندين الالتهابية. تقوم هذه الهرمونات بدورها بتحفيز مستقبلات عصبية معينة موجودة في قلب العضلات المالسة المحيطة بشرايين الدماغ. تنقبض العضلات. وينشأ صداع الشقيقة.
للوقاية من هذا النوع من الصداع، يمكن استعمال هلام أو رقعة مرتكزة على الاستروجينات لمعالجة الخلل الهرموني الحاصل. وفور ظهور أولى أعراض نوبة الصداع، لا بد من تناول مضادات البروستغلاندين، أي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (AINS).
ولتخفيف كثافة النوبات ومدتها وتواترها، يستطيع الطبيب وصف معطل ألفا Alpha Blockers أو معطل بيتاBeta Blockers ، مضاداً للسيروتونين أو مضاداً للصرع يؤثر أيضاً في نشوء النوبات على مستوى الألياف العصبية. والجيد أن جرعات خفيفة جداً من تلك الأدوية كافية لمعالجة المشكلة، من دون أية تأثيرات سلبية، ولاسيما ثقل الساقين.

سن البلوغ
ثمة فتيات يعانين من صداع الشقيقة فور الوصول إلى سن البلوغ وبداية دورة الطمث. يعزى ذلك بلا شك إلى عوامل وراثية. فقد تم تحديد ستة جينات مسؤولة عن 60 في المئة من صداعات الشقيقة العائلية. وتترافق العوامل الوراثية مع تلك الفترة من الفوضى الهرمونية التي تسبق الأنوثة الراشدة.
السبب في ذلك أن صداع الشقيقة يحصل غالباً خلال فترة الإباضة، حين يكون البروجسترون في الذروة، وكذلك خلال دورة الطمث.
وحين تتبع الفتاة المراهقة حمية غذائية معينة، يضعف جسمها من دون أن تدرك ذلك. فانخفاض مستوى السكر في الدم الناجم عن الحمية الغذائية يؤثر سلباً في الدماغ ويحفز بالتالي نشوء نوبات صداع الشقيقة عند 50 في المئة من الفتيات. يصحّ ذلك أيضاً على الأيام التي تستيقظ فيها الفتاة في وقت متأخر من النهار ولا تتناول الفطور.
لمعالجة هذا النوع من الصداع، يتم غالباً وصف مسكنات ألم قوية مع كوب من الصودا، بحيث يساعد الكافين المقلص للأوعية الدموية على تعزيز محاربة الألم.
كما يصف الأطباء جرعات خفيفة من معطّل بيتا، على أن تترافق مع رياضة السباحة لإرخاء العضلات المثبتة لجذع الدماغ. ثمة أطباء يصفون أيضاً حبوب منع الحمل المشتملة على البروجسترون لوحده أو على الاستروجين والبروجسترون معاً. تبين أن هذه الحبوب مفيدة عند 10 في المئة فقط من النساء.

فترة الحمل
عند 80 في المئة من النساء الحوامل، تختفي نوبات صداع الشقيقة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، فيما تستمر هذه النوبات للأسف طوال أشهر الحمل عند 20 في المئة من النساء.
لماذا؟ لأن أغلبية النساء الحوامل يستفدن من استقرار في تركيزات الهرمونات في الدم ومن غياب دورات الطمث. لكن الأطباء لم يفهموا بعد سبب استمرار النوبات عند 20 في المئة من النساء الحوامل.
وبما أن فترة الحمل دقيقة، يجب توخي الانتباه لناحية تناول الأدوية. في حال المعاناة من نوبة قوية من صداع الشقيقة، يمكن تناول غرامين من الباراسيتامول لمرة واحدة فقط، ولا بد بعدها من استشارة الطبيب فوراً.
كما يمكن وضع كمادات باردة على الجبين والصدغين. فمن شأن ذلك تضييق الأوعية الدموية المتوسعة أثناء نوبة الصداع. أو يمكن الضغط على وريد الصدغين بواسطة راحتيّ اليدين.

عطلات نهاية الأسبوع
«عذراً لكني أعاني من وجع في رأسي»... كم مرة سمعنا هذه العبارة أيام العطلات واعتقدنا أنه مجرد كلام للتهرب من أمر ما. لكن الحقيقة أن وجع الرأس الشديد في عطلة نهاية الأسبوع يكون حقيقياً ويصيب غالباً الأشخاص النشيطين بإفراط.
فالانقطاع المفاجئ عن الإيقاع الاعتيادي لأيام الأسبوع يسبب انخفاضاً مفاجئاً في إفرازات الكورتيزول والأدرينالين، أي هرمونات التوتر، ويخفض ضغط الدم ونبض القلب وحرارة الجسم.
يضاف إلى ذلك انخفاض الكافين في الدم، الناجم عن امتصاص أقل في فترة الراحة. لكن بفضل تأثيره المقلص للأوعية الدموية، يوفر ذلك درعاً واقياً. هكذا، يتم إطلاق البروستغلاندينات، وتتوسع الأوعية الدموية مما يسبب صداعاً مؤلماً جداً.
الحل الطبي يكمن في التريبتانات، فئة من الجزيئات التي تؤثر بسرعة وقوة. وبفضل هذه التريبتانات، تهدأ قرابة 75 في المئة من نوبات الصداع خلال أقل من ساعتين.
وللحصول على فاعلية أكبر، يستحسن الابتعاد عن الأجبان المخمّرة (مثل الروكفور والبري...)، والشوكولا. فهذه الأطعمة توسّع الأوعية الدموية وتزيد من صداع الشقيقة. في المقابل، يمكنك اللجوء إلى القهوة.

سن اليأس
تتلاعب معدلات الهرمونات في الجسم بشكل مذهل بدءاً من عمر 45 عاماً، وتتداخل أيضاً هرمونات الغدة الدرقية. النتيجة: تفاقم مؤقت لنوبات صداع الشقيقة، وإنما يسبق غالباً هدوءاً طويل الأمد.
فقرابة سن اليأس، يتعطل إنتاج الهرمونات النسائية ويتوقف بالتالي الخلل الهرموني المسؤول عن نوبات صداع الشقيقة. لكن عند 25 في المئة من النساء المصابات بصداع الشقيقة، تستمر النوبات من دون أن يجد الأطباء مبرراً لذلك.
ينصح الأطباء بتناول مضاد للالتهاب غير ستيريودي، لمدة ثمانية أيام في الشهر. ولا بد من توخي الحذر للحؤول دون ظهور الاعتلال المفصلي (Arthrose) في العنق لأن هذا يفاقم صداع الشقيقة بسبب قمع الأعصاب المنطلقة من الجهة الخلفية للرأس.