ابنة إدوارد سعيد تكتب مذكرات عائلية حميمة

الكتاب: «البحث عن فلسطين»

الكاتبة: نجلا إدوارد سعيد

ليس سهلاً أن تعيش ابنة مفكّر عربي كبير في بلد مثل الولايات المتحدّة، أو لنقل في مدينة مثل منهاتن وفي مدرسة يرتادها أبناء الأثرياء وفي شارع تسكنه أبرز الشخصيات ومن بينها جاكلين كينيدي، وأن يظلّ مطلوباً منها حفظ إرثها وعاداتها وقضية شعبها المحروم من أبسط حقوقه في العيش.
بين اللغة العربية واللغة الإنكليزية، بين الرفاهية والنضال، بين العصرية والموروث نشأت نجلا إدوارد سعيد لتجد نفسها ممزقة بين عالمين متباعدين لا يلتقيان إلاّ في منزلها. عن هذه الحياة التي عاشتها في كنف والدها المفكر الفلسطيني المعروف إدوارد سعيد وأمّها اللبنانية مريم قرطاس، تكتب المسرحية الفلسطينية- الأميركية نجلا سعيد (39 سنة) مذكرّاتها بعنوان «البحث عن فلسطين». تنطلق نجلا في كتابها بأسلوب ذكي ومباشر: «أنا امرأة فلسطينية- لبنانية- أميركية- مسيحية. بدأت حياتي كأنغلو-ساكسون، بروتستانتية، أي من النخبة».

تعرض نجلا أجزاء من حياتها، فتختار أن تحكي عن الطريقة التي حاول أن يعتمدها والداها في تربيتها. فهما منذ أن شعرا بأنّ ابنتهما تملك من الحياء والخجل ما يجعلها منطوية على نفسها، اختارا أن يُسجلاّها في «المسرح» لتتعلّم طرق التعبير عن الذات، أمام الناس والجمهور.
وما كانا يعلمان أنّهما يرسمان في ذلك، مسار حياتها المستقبلية. فابنة إدوارد سعيد هي ممثلة وكاتبة ومخرجة مسرحية معروفة في أميركا وبريطانيا، أسّست قبل سنوات فرقتها الخاصة من مجموعة شباب فلسطينيين وأميركيين، أطلقت عليها اسم «نبرة» بالعربية.

وتروي في كتابها صدمتها الثقافية الأولى، إذ شعرت وهي في الخامسة من العمر أنّ حياتها في المدرسة الخاصة للبنات في الجانب الشرقي العلوي لمنهاتن، حيث كانت تسكن نخبة تختلف اختلافاً جذرياً عن حياتها في منزل والدها الممتلئ بالكتب والأقلام والسجائر، والسجاد العجمي والشرقي والضيوف الفلسطينيين واللبنانيين... وبعد فترة، ازداد وعي الإبنة بحقيقة هذه التناقضات التي تعيشها.
وظلّت تعيش متخبطة في أزمة هويتها وانتمائها، إلى أن بدأت معالم الإضطراب تبرز عندها، فأصيبت بمرض الأنوركسيا. وتكشف نجلا في كتاب مذكراتها تفاصيل هذه الأزمة التي نتجت عن عدم تمكنّها من استيعاب ثقافتها الأصلية.
وهي لم تتجاوز مشكلتها إلاّ بعد اقتناعها بأنّ التوازن يتأتّى من قبولها فكرة اكتسابها أكثر من هويّة

وبعد صعود وهبوط ومشادات عاشتها مع نفسها، وجدت سعيد أنّ وجودها لا يتحقّق إلاّ من خلال التنوّع، بدلاً من أن تعيش كأميركية فقط، أو عربية فقط.

مقالات ذات صلة

عمرو سعد يثير قلق جمهور شقيقه أحمد بعد تعرُّض الأخير لحادث مروّع

أحمد سعد يوجّه رسالة حادّة لناقدة فنية... وهذا ما وصفها به

نجلا إدوارد سعيد كاتبة فلسطين