«آني فيلا» في سريلانكا... لؤلؤة نادرة على صدر المحيط

فيلا,سريلانكا,المحيط,طبيعة خلابة,جزيرة سريلانكا,سماء صافية,التفاصيل الزخرفية,لؤلؤة,المواد الطبيعية المحلية,الرفاهية

نجاة شحادة (باريس) 28 مايو 2016

فوق مساحة 2700 متر مربع وسط طبيعة خلابة، في منطقة «ديكويلا» في الجنوب الغربي من جزيرة سريلانكا في المحيط الهندي،تتمدد هذه الفيلا الفريدة بكل ما فيها... من مشهد عام حيث تتربع بين مزارع تتوزع فوق تلال تنحدر بشدة لتلاقي رمال الشاطىء، وترخي مداها الذي يعانق زرقة بحرلا متناهٍ وسماء صافية بلا غيوم،وصولاً الى أدق التفاصيل الزخرفية التي تجعل من هذه الفيلا بحق لؤلؤة على صدر المحيط.


هكذا لعبت الطبيعة دوراً كبيراً في صياغة التصور الذي أراده المهندس الفرنسي «رضا آمالو» تصميماً فريداً يجمع بين الفن الزخرفي والعمارة... إنه نموذج يتكيف بطابعه الأكزوتيكي مع الأجواء المحلية للمكان ومناخها المداري.

إن البراعة في استثمار كل ما توفره تلك المنطقة، بدءاً بأجوائها المميزة، وانتهاء بالمواد الطبيعية المحلية، أنتجت تصميماً بسيطاً في إطاره العام، ومبهراً في الرفاهية التي يقدمها لساكنيه... فهو في جانب منه ينحو باتجاه أجواء الـ«زن»، ولكن من دون أن تُستبعد التفاصيل الإثنية التي تبدو واضحة في خيارات الأثاث ومواده النبيلة.

ولكي تتناغم الى أقصى الدرجات مع موقعها وطبيعته، جاء تصميمها على شكل أجنحة منفصلة ومتصلة في آن واحد... تتواصل في ما بينها بممرات معلّقة أو أرضية مبلّطة، من دون أن تهمل السلالم والمدرّجات الحجرية المدعومة بجدران من الحجارة المحلية البديعة الألوان، والتي تتوافر بكثرة في تلك المنطقة... على أن حضور الماء في أقنية وبرك وأحواض سباحة أو منزلقات مائية موزعة بين الأجنحة يزيد من سحر المكان وجاذبيته.
غير أن الأكثر إثارة في هذا التصميم هو الانسجام بين الداخل والخارج، والذي جاء وكأنه فعل طبيعي لطبيعة المكان. لذا فإن من الصعوبة بمكان الفصل بينهما، ليس فقط من حيث انتمائهما الى قيم جمالية واحدة، ولكن أيضاً من حيث الوظائف المشتركة التي تجعل منهما دائرة واحدة لإنتاج الرفاهية والأناقة والأداء المميز.

وكما يشكل الخارج والداخل هنا، وحدة متكاملة، كذلك فإن الوحدات التي يتشكل منها الداخل، على تنوعها من غرف نوم وصالونات أو صالات طعام وأركان استرخاء وراحة وتأمل... تشكل بدورها وحدة متكاملة، ليس فقط في انسجامها الشكلي واللوني، ولكن أيضاً في الإيقاعات التي ينتظم تنسيقها. فنحن في هذه المساحات نقف على أرضية واحدة متماسكة ومتوازنة، ولا شيء في غير مكانه المرغوب.

لقد حافظ «رضا آمالو» على الطابع المحلي للبناء، معتمداً في تنفيذه على هياكل خشبية، تدعم فكرة المزج بين الداخل والخارج، وتتيح للساكنين التمتع بالضوء الطبيعي والهواء النقي المتجدد، وأيضاً توفر الظلال اللازمة لترطيب الأجواء الاستوائية، فلا الجدران تشكل عوائق لنشر الانتعاش، ولا النوافذ تشكل ممرات لتسرب القيظ... بل نجد، كما في العمارة التقليدية المحلية، أن الجدران والنوافذ تتوحّد في أهدافها وخطوطها، في قيمها ووظائفها، من أجل ضخ المزيد من الرفاهية والراحة.
فالمبدأ الذي تقوم عليه تلك النوافذ والجدران، بأخشابها المتناسقة، المتعامدة أو الأفقية، يسمح للطبيعة – بظلالها وأضوائها - بالتواجد الدائم في كل الأركان والزوايا، ويضيف لمسات جمالية لا تخطئها العين. ومن هذه الزاوية لا يمكننا الحديث عن الإضاءة إلا في الفترة الليلية، حيث عناصر الإضاءة تشارك بقية الأكسسوارات وقطع الأثاث في حضورها المزدوج: الجمالي والوظيفي الى أقصى حدودهما.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن مفعول هذه العناصر لا يبعدها كثيراً عن مفعول الإضاءة الطبيعية في النهار، حيث معدلاتها تضيف الى جو المكان توازناً يمكن تلمسه بالشعور، نظراً الى ما يضفيه من هدوء وسكينة على الجو العام.  

الفيلا تتوزع مساحاتها في جناح فسيح للاستقبال، هو نفسه تتوزعه أركان متعددة، تتوافر فيها كل متطلبات الراحة والرفاهية على مدار ساعات اليوم. وهي بأثاثها الأنيق والذي يبدو وكأنه مدمج في هيكلها الهندسي وامتداداتها البصرية نحو الخارج، تقدم فرصة استثنائية لقضاء أوقات ممتعة لا يمكن مقارنتها بأي مكان آخر.
ولا تختلف صالة الطعام الكبيرة بحيث تم تنسيقها بشكل ينسجم تماماً مع الفكرة العامة للتصميم، فتوزعتها طاولات طعام خشبية مستديرة، تستطيع كل طاولة استقبال أكثر من عشرة أشخاص، على كراسي «لانكا» الشهيرة والمصممة بإتقان بالغ لكي توفر أفضل فرص الراحة والرفاهية. وتضاف الى هذه الميزات المساحات الرحبة التي تحيط بها، وإشرافها على باحات خارجية منسّقة، تشكل امتداداً لصالة الطعام، بحيث يصعب التمييز بين الداخل والخارج.
إضافة الى أجنحة الاستقبال والطعام، هناك غرف النوم البديعة، والتي تشكل بحد ذاتها ملاذاً ملائماً للنوم والراحة، وأيضاً للأحلام الجميلة. فهي على بساطة أثاثها والفراغات المحيطة به، تشكل حالة نادرة في عالم الزخرفة ومفهوم الرفاهية، النفسية والجسدية. وينطبق هذا أيضاً على صالات الحمام الملحقة بها، بكل تفاصيلها المدهشة.
وربما تجدر الإشارة هنا الى أن كل قطع الأثاث التي تم تزويد الفيلا بها، هي من تصميم «رضا آمالو»، وقد تم تنفيذها بحرفية أصيلة، وبمواد محلية نبيلة، يتصدرها الخشب، والفخار والرخام والحجارة والأقمشة القطنية الطبيعية الفاخرة. وهذه كلها عناصر – في الداخل والخارج - عملت على تعزيز هوية المكان وأبرزت جمالياته وقيمه.

أما المساحات الخارجية للفيلا، فقد تميزت بتعدد المستويات والأسطح التي تم تجهيزها بأحجار محلية وغرانيت ناعم الملمس. كما أضافت الى هذا الخارج برك المياه ومنزلقاتها، حيويةً شكلت داعماً ذكياً لصفاء الطبيعة المحيطة.
وقد شكل حوضا السباحة امتداداً رائعاً للمدى الرحب الذي يرسمه المحيط، ولكي يُستثمر هذا الخارج الطبيعي الى مداه الأقصى، تم نشر تعريشات خشبية «بارغولا» تؤمّن الظل والضوء، وتم تجهيزها بأثاث خاص مناسب يتيح للجالسين التمتع بما حولهم والسفر بمخيلاتهم فوق المحيط الساحر.