«تكتيك»

تكتيك,هالة كوثراني,أقلام لها

هالة كوثراني 01 يونيو 2016

ما الذي أؤجّله؟ الأسئلة؟ لقد تسطّحت. أهذا هو النضج؟ أن نؤجّل الوجع الجميل، وجع التفكير في وجودنا؟ أن نفرّ من التفكير الذي «لا يقدّم ولا يؤخّر»؟ أن نستسلم للحياة لأننا تعبنا من ترتيبها؟ ليس الفراغ نضجاً بل هو غياب الإلهام. مدننا تطفئ الإلهام. مَن يصدّق؟ نقول إن المآسي حولنا أصعب من أن تُكتب. نعود مجدداً إلى السؤال عن جدوى الكتابة، ثم نرفع الصوت ونتحدّث عن الإرادة والمواجهة بالكلمات وأهمية تدوين التفاصيل التي تطمسها رواية المسيطرين، من أجل كتابة رواية المنكوبين والمهمّشين والمبعدين الباحثين عن بقعة سلام على هذه الأرض. هل الفراغ «تكتيك» أناني لحماية الذات من الأهوال؟ كأنّني بين عالمين، قديم أشعر فيه بالرضا عن نفسي وأجد فيه ما أضعته لكن لا أستطيع أن أطيل المكوث فيه، وجديد أحتاج إليه لأعمل وأدّعي أنني أفهم مفاتيحه وأسراره. هو عالم الطواف على سطوح المعاني. لم أجد هذا العالم في ملصقات ضخمة لأعداد قديمة من صحيفة «الحياة» (من معرض بعنوان «كامل مروة الذكرى الخمسون: حياته في صور» أقيم في وسط بيروت في الذكرى الخمسين لاغتيال مؤسس جريدة «الحياة»). لامست الصور بحنان وأنا أقرأ العناوين، يعلن بعضها ما بُنيت عليه نكباتنا ومآسينا. تصدّرت الصفحات وجوه أبطال الزمن الذي عرفناه من قصص الأهل وحماستهم التي فقدناها. «ذاك الزمن كان أجمل»، عبارة تقال دوماً. النوستالجيا رد فعل طبيعي للإنسان على عجزه عن التحكّم بمرور الزمن. كان ذاك الوقت نابضاً بالمعاني العميقة والقضايا الكبرى. كان الكذب أجمل حينها، وكانت الأوهام لا تزال وعوداً.