ليست فروض العطلة وحدها تفعّل المعرفة...

العطلة,فروض مدرسية,الاستراحة,العطلة الصيفية,تفعيل المعرفة,المطبخ,الاستمتاع,يوميات العطلة الصيفية,المواهب,الشاشة,طولة الشيف الأمهر

17 يوليو 2016

أبناؤك يمضون شهرين من دون دروس، وفروض مدرسية، يستمتعون ببعض الفوضى «البنّاءة» التي يحتاجون إليها بعد عام مدرسي مشحون بالواجبات، والأنظمة الصارمة في ما يتعلق بساعات المدرسة، والفروض والنوم واللعب... ولكن يمكنك الاستفادة من هذه الفوضى وفترة الاستراحة بأن تقترحي عليهم وسائل جديدة للتعلم، بأسلوب ترفيهي. 

فروض العطلة الصيفية: مع أم ضد؟
من الصعب تجاهل فروض العطلة الصيفية، فبمجرد الانتهاء من العام المدرسي ترسل إدارة المدرسة قائمة بالكتب، ودفاتر تمارين العطلة الصيفية التي يبدو بعضها يعتمد أسلوبًا ترفيهيًا في التعلم، والهدف مراجعة المفاهيم التي تعلّمها التلامذة خلال الفصل المدرسي. وتسأل الأمهات عن جدوى هذه الدفاتر، وما إذا كان من المستحسن أن يحصل التلميذ على فترة انقطاع عن كل ما يتعلّق بعالم المدرسة.
يختلف اختصاصيو التربية حول أهمية فروض العطلة الصيفية من عدمها. فبعضهم يرى أنها لا تؤدي إلى استدراك الثغرات التعليمية، ولكنها تساعد التلميذ في الحفاظ على العادة المدرسية، وهي الجلوس إلى الطاولة، والتفكير في إيجاد حلول للمسائل التي أمامه.
فيما يرى آخرون أن هدف هذه الفروض وأهميتها، يختلفان باختلاف الأداء الأكاديمي للتلميذ خلال الفصل المدرسي. فهناك التلميذ الجيد الذي لا يواجه أي صعوبة أكاديمية. لذا ليس من المهم أن ينجز فروضًا أكاديمية بحتة، كالقواعد اللغوية أو الرياضيات... بل المهم بالنسبة إليه الحفاظ على العادات المدرسية. وهناك التلميذ ذو المستوى الأكاديمي المتوسط ويواجه صعوبة في بعض المواد المدرسية، والفروض الصيفية بالنسبة إليه ضرورية وواجبة.
وهناك التلميذ الذي يواجه صعوبة في كل المواد المدرسية، وهو يحتاج إلى فروض صيفية هدفها تقوية مستواه الأكاديمي، وتنشيط ذاكرته في آن. لذا فمن الضروري معرفة أسباب المشكلة التي قد لا تكون ضعفًا في الرياضيات أو اللغة، بل تكون عدم قدرة الطفل على الفهم أو اتباع التعليمات أو عدم معرفة تنظيم أموره.
لذا من الأفضل للأهل أن يتعاونوا مع المدرسة ليضعوا برنامجًا محددًا يهدف إلى تقوية الطفل في المواد المدرسية التي واجه فيها صعوبة خلال الفصل المدرسي.
وفي كل الأحوال يمكن الأهل ابتكار نشاطات تؤدى دورًا تعليميًا ولكن بأسلوب ترفيهي. فالترفيه التعليمي حاضر في أي مكان تقصده العائلة، في البيت، على الشاطئ، في الجبل، فهناك نشاطات متعدّدة يمكن أن تكون مصدرًا لتعليم الحساب والتعبير الشفوي، ولكن التحدي يتمثل في ألا يكون النشاط توجيهيًا، لأجل منح  الأبناء هامشًا للتفكير والقرار، لذا يمكن الأهل طرح الأسئلة، شرط ألاّ يجيبوا بدلاً منهم.


وفي ما يلي بعض الطرق لحشد وتفعيل المعرفة من العام الدراسي، بطريقة ترفيهية 

1   في المطبخ... نعم يمكن المطبخ أن يكون مصدرًا للتعلّم. كيف؟
إعداد الكاتو والحلوى من النشاطات السارّة التي يسعد الأطفال بالقيام بها، ولا سيّما إذا كانوا بين 6 و10 سنوات. غالبًا لا ترتاح الأم إلى هذه الفكرة نظرًا إلى الفوضى التي تحدث، ولكن يمكنها التغاضي عن هذه المسألة ولو مرة في الأسبوع، وتشجيع أطفالها على مساعدتها في تحضير الحلوى المفضلة لديهم. فأثناء الإعداد سيتعرّف الطفل وبشكل ملموس على المقادير، والكسور، ... مثلاً استخدام كوب القياس، والطلب من الطفل أن يعدّ ثلث أو ربع ليتر من الماء، أو 500 غرام من الحليب أو الدقيق لحمله على احتساب المقادير، إذ في المطبخ يتعلم الطفل بشكل ترفيهي الحساب.  كما يمكن التكلم بالإنكليزية أثناء قراءة المكوّنات.

2   الاستمتاع بالوقت، وتعلم معناه. كيف؟
من المعلوم أن العام المدرسي مؤطّر بشكل جيد، ويعتمد خلاله التلامذة الصغار على تعليمات المعلم، أو متابعة والديهم. بينما في الصيف، تبدأ التحدّيات الصغيرة أو الألعاب والتي يمكن من خلالها أن يدرك الطفل معنى الوقت بشكل ملموس. مثلاً يمكن الأم أن تلعب معه لعبة ارتباط الوقت باللعب والعمل.
فمثلاً يمكن الأم أن تسرد عليه مجموعة أمور تحصل خلال اليوم، كأن تقول له: غسيل السيارة، انتظار إشارة المرور، الطرق على الباب، السفر إلى دبي، التسوّق، قص الشعر، اللعب بالكرة والسباحة في الحوض... ثم تسأل طفلها كم من الوقت يستغرق إنجاز كل واحد من هذه الأعمال. ثم يمكن الأم أن تقترح على أبنائها تنظيم سباق ركض مع أصدقائهم أو أبناء الجيران، يقوم أحدهم باحتساب الوقت من خلال مؤشر الوقت، فبهذه الطريقة يمكنهم  أن يميزوا بين الثواني والدقائق والساعات.

3   كتابة يوميات العطلة الصيفية 
بعد العودة من الشاطئ أو زيارة منزل الجدّة أو مشاهدة فيلم سينمائي أو مسرحية، من المهم إجراء محادثات مع الأبناء حول يومهم، كيف يقيّمون مثلاً نهارهم، كيف يصفون شعورهم بزيارة الجدّة، ما الذي أعجبهم في الفيلم، ما هي الفكرة التي راقت لهم، والطلب من كل طفل توضيح ما فهمه من المسرحية. فهذا النوع من النقاشات يساهم في إثراء مفرداتهم ويساعدهم على تحديد المعلومات الأساسية.
ولمنع المواجهات بين الأطفال، يمكن الطلب من كل واحد أن يكون لديه دفتر يوميات يكتب فيه كل ما شعر به خلال اليوم، والحدث المهم بالنسبة إليه، وتعليمه كيف يدوّن تاريخ اليوم والساعة، أي تطبيق جميع المفاهيم المتعلقة بالزمان والمكان. 

4   الألعاب الاجتماعية والنزهات الثقافية                                   
خلال العطلة الصيفية يمكن الأهل اكتشاف المواهب الكامنة في أبنائهم، فبدل السماح لهم بالجلوس إلى الشاشة على مختلف أنواعها وأشكالها، وتبديد العطلة أمامها، يمكن الأهل اقتراح نزهة ثقافية جميلة، وذلك بتنظيم زيارة إلى متحف أو معلم تاريخي، أو المشاركة في رياضة مشي جبلية، أو حضور معرض فني أو معرض تكنولوجي... فيما يمضون المساء في الذهاب لحضور عرض مسرحي أو فلكلوري أو سينمائي. كما يمكن تنظيم ألعاب اجتماعية ودعوة الأقارب أو الأصدقاء إلى البيت للمشاركة في لعبة الدومينو أو الشطرنج. فهذه النشاطات من شأنها أن تعزّز المهارات الاجتماعية والتواصل، فضلاً عن أنها تثري معلومات الأبناء.

اختبار الكشف عن المواهب الكامنة في الأبناء
تسمح العطلة الصيفية لكل ابن من الأبناء ببعض الفوضى، الاستيقاظ والنوم كما يشاء، وكل واحد يعيش وفق إيقاعه بين الكسل والنزهات وواجبات الأسرة، ولكن في الوقت نفسه تتيح العطلة الصيفية الطويلة للجميع فرصة اكتشاف مواهبهم الخفية. فأثناء يومهم الطويل يمكن الأم ابتكار نشاطات لأبنائها وتشجيعهم على القيام بالأمور التي يحبونها، مثلاً التلوين بالأصابع أو الرسم بألوان مائية، أو الخياطة، وصنع المجوهرات، والحرف، وزيارة الحدائق العامة، الكروشيه، والحياكة... فالأبناء بمختلف أعمارهم يحبون هذا النوع من النشاطات. وإذا لاحظت الأم أن أحد أبنائها موهوب بإحدى هذه النشاطات، يمكنها أن تقترح عليه التسجيل في دورة فنون من شأنها أن تسمح للإبن ببلورة موهبته.

6 أبناؤك المراهقون متسمّرون أمام الشاشة، أو لا يتواصلون مع أشقائهم الأصغر سنًا!
يميل المراهقون إلى الانسحاب والجلوس في غرفتهم والخروج مع أصدقائهم، فهم لا يجدون قاسمًا مشتركًا بينهم وبين إخوتهم الصغار، بل يتذمرون أحيانًا منهم. وغالبًا ينشب الشجار بينهم وبين إخوتهم الصغار، فكيف بالحال خلال يوم العطلة الصيفية  الطويل.
لذا يمكن الأهل انتهاز إجازة العطلة الصيفية، وتوطيد العلاقة بين المراهقين وإخوتهم الصغار، وأفضل طريقة هي القيام بمشروع جماعي يشارك فيه جميع أفراد الأسرة ويؤدي إلى تعزيز التماسك. مثلاً تجديد طلاء غرفة، إعادة رسم الأثاث، حضور سوق البرغوث، تمضية عطلة أسبوع خارج المدينة... جميع الأفكار جيدة، فعندما توزع المهام بين الأبناء وفي الوقت نفسه يتعاونون لأجل إنجاز المشروع الذي ينفذونه، فهذا يجعلهم يتقرّبون من بعضهم بعضًا... وهم يتبادلون الأفكار ويشاركون في تصويبها أو تحقيقها، فإن وتيرة العلاقة بين الإخوة سوف تتحسن وتصبح متينة، خصوصًا إذا كان الأولاد من جنس واحد. فالبنات سوف يتبادلن الأسرار، ويتبادل الصبيان مكتشفاتهم والأحداث المثيرة التي تحصل معهم. تعتبر المراهقة فرصة ممتازة لإعادة تنشيط علاقة الأخوّة بين الأبناء. وهذا النوع من المشاريع يقدّره الأبناء ويقوي الأواصر في ما بينهم.

7 أبناؤك  يأكلون بشكل سيئ: تنظيم بطولة الشيف الأمهر
إعداد الطعام عمل روتيني تقوم به الأم يوميًا، ولكن أحيانًا تشعر بالأسى عندما يمتنع الأبناء عن تناول الوجبة التي أمضت وقتًا طويلاً في إعدادها ويفضلون الوجبات السريعة الجاهزة التي يؤكد معظم اختصاصيي التغذية أنها غير صحية وتسبّب البدانة.
فلماذا لا تستفيد الأم من العطلة الصيفية، وتبدأ بتعليم أبنائها العادات الغذائية الصحية، من خلال تشجيعهم على الدخول إلى المطبخ ومساعدتها في إعداد الطعام، كأن تطلب من أحدهم أن يضع رشة ملح في القدر، ومن آخر سلخ قرون اللوبياء الخضراء أو تقطيع البقول... فمساهمتهم في الطبخ تشعرهم بالفخر وتفتح شهيّتهم وتدفعهم إلى تذوّق ما ساعدوا في تحضيره.
كما يمكن الأم اصطحابهم إلى سوق المأكولات والسماح لهم برؤية ولمس وشم ما سيأكلونه عند الغداء أو العشاء، كما يمكنها انتهاز فرصة وجود معارض الأغذية التي تعرض ما لذ وطاب من أنواع الطعام المحلي والعالمي وتسمح للزائرين بتذوّق منتجاتها واصطحاب أبنائهم إليها، فهذا الأمر يعزّز عندهم الرغبة في تناول طعام صحي. وإذا كان الأبناء من مشجعي برنامج من نوع «توب شيف» أو «ماستر شيف»، فلا تتردّد الأم في أن تقترح عليهم تنظيم مباراة طهو في المنزل، والاستعداد لهذه المباراة بشكل جدي ومرح في آن، كأن يذهبوا إلى السوق، ويختاروا الأدوات التي يحتاجونها للمباراة.
ثم يمكن الاختيار معًا الوصفات التي يرون أن في إمكانهم تحضيرها وحدهم من الألف إلى الياء من دون مساعدة أحد. وعلى الأم أن تكون بدورها مستعدة لتقبّل بعض الفوضى التي ستحدث في المطبخ، ولكن مع الوقت وتحت إشرافها سوف يتعوّدون التنظيم.
ولكي تسهل عملهم، يمكن الأم إحضار كتب طبخ تحتوي على وصفات سهلة التحضير وقد تشكل ثروة من الأفكار البسيطة. وهكذا يعتاد الأبناء على المكوّنات الغذائية الصحية، خصوصًا أنهم أثناء تحضير وصفاتهم سوف يتذوقونها ويتلذذون بما صنعت أيديهم... وبعد فترة سوف تفاجأ الأم بإقبال أبنائها على الطعام الصحي.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة