المخيم الصيفي للتعليم بين الترفيه والتوتر خيط رفيع

المخيم الصيفي,الترفيه,التوتر,خيط رفيع,المخيمات,الأهل,الطفل,المنافسات الرياضية,المخيم التقليدي,النشاط الفكري,الآونة الأخيرة,مخيم صيفي,الاختصاصية

ديانا حدّارة 24 يوليو 2016

درجت في الآونة الأخيرة المخيمات الصيفية التي يغلب عليها الطابع التعليمي، والتي تتسابق على وضع برامج تربوية علمية، فيكون موضوعها مثلاً مخيم الرياضيات الذهنية، أو مخيم تعليم صنع الروبوتات . وفي المقابل تجذب البرامج التي توفرها هذه المخيمات الأهل، وتحفزهم على تسجيل أبنائهم فيها، ليحوزوا الترفيه والتعليم في آن .
ولكن هل هذا النوع من المخيمات مفيد فعلاً للتلميذ؟ وهل يجوز للأهل أن يفرضوا على أبنائهم الاشتراك فيها؟ وهل تؤثر برامج هذه المخيمات التربوية في أدائهم المدرسي؟
عن هذه الأسئلة أجابت الاختصاصية في علم نفس الطفل كالين عازار .


هل من الضروري إرسال الطفل إلى مخيم صيفي؟
ما من شك في أن المخيم الصيفي صار ضرورة بالنسبة إلى الأبناء، خصوصًا إذا كان الوالدان موظفين، يمضيان يومهما خارج المنزل، وبالتالي فإن الطفل سوف يشعر بالملل، أو أنه يمضي يومه في مشاهدة التلفزيون أو ممارسة الألعاب الرقمية، وبالتالي تصبح حركته الجسدية محدودة.
في الماضي كان في إمكان الأطفال اللعب في الباحة الخارجية للمنزل، وغالبًا يمضون يومهم في الخارج، وكانت الأم قادرة على مراقبة أطفالها، فيما اليوم غالبًا الوالدان يعملان، فضلاً عن أن معظم الأهل المعاصرين لا يسمحون لأطفالهم بهذا النوع من الترفيه، ويفضلون إرسالهم إلى مخيم صيفي بدل الجلوس إلى التلفزيون أو الانترنت. إذًا، المخيم الصيفي نشاط لا بد منه، خصوصًا إذا لم يكن لدى الطفل بديل آخر.

ولكن أليس الذهاب إلى مخيم صيفي هو إلى هذا الحد أو ذاك يُشعر الطفل بأنه ذاهب الى مدرسة صيفية؟
السلبية في المخيم هو أن دوامه يشبه دوام المدرسة، فالتلميذ يشعر بأنه ما كاد ينتهي من قوانين المدرسة، ولا سيما الاستيقاظ الباكر، حتى يجد نفسه ملزمًا أيضًا في الإجازة الصيفية الاستيقاظ باكرًا للتوجه إلى المخيم.
بينما يشعر بأنه في حاجة إلى بعض الفوضى، ويرغب في الراحة والاستمتاع بفترة قبل الظهر. لذا من المهم أن يكون هناك فترة راحة أو كسل بين نهاية الفصل المدرسي الأخير وبدء المخيم الصيفي.

درجت في الآونة الأخيرة مخيّمات تربوية تضع إعلانات جذابة مثل حوّليه مهندسًا صغيرًا . فما هي إيجابيات هذا النوع من المخيمات وما هي سلبياتها؟
هذا النوع من المخيمات يمكن القول إنه صار موضة. وفي المقابل لدى الأهل المعاصرين رغبة في أن يكون أطفالهم مواكبين للعلوم الحديثة والتكنولوجيا، إضافة الى أنهم يظنون أن أطفالهم، من طريق الترفيه، يتعلّمون مسائل تساعدهم في المدرسة، وبالتالي تفسّر ظاهرة الإقبال على هذا النوع من المخيّمات التي من حيث المبدأ لست ضدّها، ولكن على الأهل أن يدركوا أن الطفل خصوصًا بين السادسة والعاشرة في حاجة إلى الترويح عن نفسه، فضلاً عن أنه في حاجة إلى نشاط جسدي، ليُخرج كل التوتر الذي تراكم خلال عام مدرسي طويل نسبيًا.
وغالبًا النشاطات المتوافرة في المخيمات العلمية أو التربوية فيها اختبارات لطاقة التلميذ، وهذه مسألة إيجابية. ولكن إذا لم يكن البرنامج مرنًا ولا يتيح للطفل فرصة اختيار ما يحبه، بل يفرض عليه التقيد به بشكل صارم، وإذا كان لفترة طويلة، فإن هذا يجعل الطفل يشعر بالتوتر والقلق، فيما الهدف من المخيم هو الترفيه والترويح عن النفس، أي أن يشعر الطفل بالحرية.

لماذا يمكن هذا النوع من المخيمات أن يسبب توترًا وقلقًا للطفل طالما أن الهدف هو التعليم بأسلوب ترفيهي؟
إذا شارك طفل في مخيم يخضعه لبرنامج يحتاج إلى الكثير من التركيز والمهارة، ويضعه في منافسة مع أشخاص ربما كانوا أبرع منه، فيما هذا الطفل غير مستعد لهذا النوع من البرامج التعلمية الترفيهية، ربما قد يشعر بالعجز وخيبة أمل لأنه لا يستطيع اللحاق بأطفال آخرين هم ربما موهوبون في هذا النوع من النشاطات العلمية التي يقدّمها لهم المخيم، وبالتالي يطوّرون قدراتهم وملكاتهم الذهنية.
فضلاً عن أنه ربما لا يوجد مراقب مباشر أو مسؤول، خصوصًا إذا كان العدد كبيرًا جدًا. وفي المقابل عندما يصرّ الأهل على أن يكون ابنهم متفوقًا، ويستغل وقته بحسب رأيهم في أمور تعلمية، فهم يبعثون برسالة أنه لا يحق له الراحة، وأنه لا يجوز أن يكون لديه وقت فراغ، مما يجعل الطفل في قلق دائم، هل هو على قدر توقعات أهله! في حين أن المخيم يجب أن يكون للترفيه فقط، ولا ضير من الفائدة العلمية، ولكن لا يجوز أن تكون هي الهدف الوحيد.
وهناك مسألة أخرى تجدر الإشارة اليها، وهي أن هذا النوع من المخيّمات يطالب الطفل برفع مستواه في كل مرة يصل إلى الهدف المنشود، وهذا يقلقه ويوتره. لذا كاختصاصية نفسية، أفضّل إرسال الطفل إلى مخيم صيفي تقليدي ترفيهي.

هل يمكن النشاط الفكري أو العلمي الذي يقوم به الطفل في المخيمات العلمية أن يؤثر في أدائه المدرسي؟
لا شيء مؤكدًا، وإنما ربما الطريقة التي يتعلم فيها في المخيم تشعره بالضياع، أي حين تكون طريقة تعليم الحساب مثلاً مختلفة عن تلك التي تعتمدها المدرسة، والطفل قد لا يستطيع التمييز بينهما، وبالتالي تؤثر سلبًا في أدائه.

ماذا تعني بالمخيم التقليدي؟
الذي يوفر نشاطات كثيرة في الهواء الطلق، وألعابًا تطوّر حركة الجسد التي هي مهمة للتطوير الحركي- نفسي عند الأطفال. فاللعب ضمن فريق، أي كل ما يتعلق باللعب الذي يطوّره على مستوى التواصل الاجتماعي، يمكّن الطفل من تكوين صداقات جديدة خارج إطار المدرسة أو الصف، ويتيح له فرصة التعرف إلى أشخاص جدد، مثلاً إذا كان يتعرض للتنمر من تلميذ في صفه، ففي المخيم ولا سيما إذا لم يكن تابعًا للمدرسة سوف يتعرف إلى أناس يعزّزون ثقته بنفسه.

ولكن يشهد هذا النوع من المخيمات منافسة أيضًا، ولا سيما المنافسات الرياضية؟
صحيح ولكن يبقى طابعها ترفيهيًا وتعلّم الطفل تقبّل الخسارة بروح رياضية، هذا فضلاً عن أنها ألعاب ضمن فريق، فيما تبقى النشاطات العلمية التي تتطلب من الطفل إعمال عقله وتفكيره مسألة ذاتية، فهو إذا لم يكن على المستوى ذاته للبقية فإنه سيشعر بالنقص، وهذا ما يجعله متوترًا.

ماذا عن المخيمات التي تنظمها المدرسة التي يرتادها الطفل؟
شخصيًا أشجع الأهل على تسجيل أبنائهم في مخيم غير تابع للمدرسة. وإذا كانوا يفضلون هذا المخيم نظرًا إلى أنهم يعرفون الأشخاص المسؤولين، فغالبًا ما يكون أساتذة التربية الرياضية هم المسؤولين، وعليهم أن يطلبوا أن يكون طفلهم ضمن مجموعة مختلفة عن رفاق الصف، إذ الهدف توسيع آفاقه وتطوير أدائه الاجتماعي... أن يكون في مكان يعلّمه معنى التأقلم مع أوضاع وأشخاص جدد، وهذا يكون إيجابيًا.

ما النصيحة التي تسدينها إلى الأهل في اختيارهم للمخيّم الصيفي الذي يرسلون أطفالهم إليه؟
من المهم ألا يقلدوا الآخرين في اختيارهم، وعليهم أن يدركوا أن المخيّم يجب أن يكون خيار الطفل، لذا عليهم أن يعرفوا ميول ابنهم والنشاطات التي يرغب القيام بها، فقد يرغب في نشاط التنزه في الطبيعة والاسكتشاف، أو ربما يحب زيارة المتاحف. ما أريد قوله، المخيم يجب أن يكون خيار الطفل ليستمتع به.