منزل للمصممة «هارييت ماكسويل ماكدونالد»: ديكور يظهر حُسنه الضد!

منزل,هارييت ماكسويل ماكدونالد,الديكور,المنزل,الداخل,البساطة المطلقة,المظهر البوهيمي,الأكواخ الخشبية الإسكندنافية,المنزل البسيط,واجهات زجاجية,أخشاب الجدران,الإضاءة,الألوان,الترّاسات

23 يوليو 2016

«الديكور ضد الديكور»، عبارة تبدو للوهلة الأولى غامضة، طريفة، مجانية وربما غير منطقية... ولكنها في الواقع الزخرفي تعكس ميولاً مميزةً قلّما حظيت بالحديث عنها.


بالطبع سيكون من غير الممكن أن نتصور مهندساً للديكور يعمل من أجل مناهضة مهنته، وبمعنى آخر سيصعب تصور عمل ديكور يهدف الى القضاء على الديكور.
في جميع الأحوال، سيكون من الأكثر صعوبة الاستمرار في كتابة مثل هذه العبارات التي لن تفضي الى الوضوح، من دون أن ندخل في فضاء هذا المنزل البديع في جزيرة «شيلتر» الأميركية. ففي هذا المنزل الذي تخيّم على أجوائه البساطة بكل شروطها، تبزغ من جوانبه معايير متقدمة للرفاهية والراحة وتأكيد الأناقة الموصوفة.

جزيرة «شيلتر» لا توفر بهدوئها فقط النقيض المرتجى لصخب نيويورك وضجيجها، ولكنها أيضاً تؤمّن مروحة جذابة من مناظر البحر والطبيعة الخلابة، وتوفر ملاذاً مؤكداً لقضاء أجمل الإجازات القصيرة والطويلة.
وربما من أجل ذلك وجدت «هارييت ماكسويل ماكدونالد» ضالتها في هذا المنزل الذي يعود بناؤه الى عام 1979، والذي يبعد مسافة ساعتين عن منزلها في مانهاتن.

ترميم المنزل وإعادة صياغة أجوائه في الداخل والخارج، كانا مسألة ضرورية من أجل تأمين كل شروط الراحة والرفاهية.
على أن المسألة لم تكن لتتوقف عند الترميم فقط، ذلك أن الهدف الأول من هذا المنزل هو تحويله الى مكان خاص وفريد، ومساحة مميزة جديرة بأجمل الأوقات وأكثرها حميمية... ومثل هذا الأمر لا يمكن تحقيقه من دون تبني أفكار طليعية في مجال الديكور.
أفكار ليست وليدة طبيعة المكان نفسه وحسب، ولكنها أيضاً وليدة الرغبات الكامنة وراء الاستحواذ على مكان مناقض للحياة المتكلفة، بل والمعقدة التي تفرضها أجواء مانهاتن بكل ألقها وأضوائها.

ومن هنا بزغت فكرة البساطة المطلقة، والتي ستفضي في ما بعد الى فكرة القضاء على الديكور من أجل ديكور أكثر تناغماً مع محيطه، وبغية تأكيد المفارقات بين طبائع الأمكنة.
وهكذا كان على المصممة، لكي تؤمّن الخطوط البسيطة والجذابة لفكرتها، أن تستعين ببعض قطع الأثاث والأكسسوارات التي تحمل توقيعها، مما أعطى المكان ملامحه الآسرة والتي تقترب من أجواء الـ«زن» من دون أن تهمل المظهر البوهيمي المطلوب لتفكيك التكلف، ومن دون أن تتخلى عن الأجواء الراقية والأصيلة كمطلب حتمي.

ينفتح المنزل بهندسته البسيطة، على أجمل مناظر جزيرة «شيلتر»... واحدة من جزر هامبتونز المميزة بطبيعتها البكر، وهي من المحميات الطبيعية.
تم تصميم المنزل في الأساس على غرار الأكواخ الخشبية الإسكندنافية التي تنتشر عند الشواطئ، بجدران وسقوف وأرضيات من خشب الصنوبر، بألوان تقترب من الباستيل، تحيط به «تراسات» واسعة مظللة، تم تنسيقها بجلسات مريحة مغطاة بقماش من الكتان  الطبيعي.

 لقد وجدت «هارييت» في هذا المكان مصدراً جديداً للوحي والإلهام من أجل ابتكار تصاميم جذابة تحمل روح أسلوبها، والذي تعبر من خلاله عن أجواء ودية حميمة ومضيافة مصاغة بمواد طبيعية نبيلة كالخشب والمعدن والزجاج والجلود وكذلك الأحجار.
مواد نجدها داخل هذا المنزل بتصاميم جميلة وملامس متنوعة ترسم بخصوصياتها ملامح المكان بلمسات بسيطة... فالأجواء في هذا المنزل البسيط تجافي فكرة الديكور المتكلف وصخب الألوان المثيرة.
في الداخل تتوزع الفضاءات بين صالة للجلوس وأخرى للطعام وأركان أخرى، إضافة الى المكتب وغرف النوم.
وتقسيمات هذا المنزل الذي يتألف من طبقتين، تؤمّن حرية حركة مرغوبة في فضاء يقترب من «اللوفت» مع احتفاظه بكل ملامحه التقليدية.

في الصالون تم تنسيق سلسلة من الكنبات المتصلة على شكل قطاع دائري، حول طاولة منخفضة من المعدن والزجاج، مثلثة بزوايا مستديرة - من مجموعة «أوكر» - تتناغم تماماً مع الكنبة، مما يتيح التمتع بالمناظر الخارجية عبر واجهات زجاجية كبيرة، من دون أي موانع.
كل ذلك أمام مدفأة معدنية – كانت موجودة في المنزل عند تملكه - صغيرة وأنيقة، ويكتمل المشهد بعرض أخشابها في خزائن مفتوحة، تشجع على الاقتصاد في استخدام الأكسسوارات ومشتقاتها.
خلف الكنبة مقعد «ميريديان» في منتهى البساطة بقماشه الكتان، ومجموعة من الوسائد تبدو في أماكنها المناسبة. بينما في الركن الآخر المقابل لجلسة الصالون، نجد «بيانو» كبيراً، تمت معالجة خشبه بألوان فاتحة تتناغم مع لون أخشاب الجدران المحيطة.
وفي ركن مقابل نجد طاولة مستديرة لوجبة خفيفة أو لجلسة عابرة، مما يضيف أناقة آسرة الى المشهد الذي تكتمل جاذبيته بذلك البساط البسيط، البالغ النعومة، والذي يبدو وكأنه على اتصال «فطري» بالأرضيات وما فوقها.

في صالة الطعام طاولة مستطيلة الشكل، بمسطح من خشب الزان المعالج بلون أبيض نصف شفاف، وقاعدة من المعدن تحيط بها مجموعة من الكراسي الخشبية، وهي تتميز بمظهر أنيق وجذاب من تصميم الدنماركي «هانز ويغنر».
ويلفت في هذه الصالة عنصر الإضاءة الذي يتدلى من السقف  فوق المائدة، وستائر الكتان الداكن في كل المنزل، والتي تزين الواجهات والأبواب الزجاجية. المطبخ لا يقل بتصميمه بساطة وجاذبية عن باقي غرف المنزل، إذ نُسق بخزائن تندمج معها خيارات مميزة من أدوات الطهي ورفوف خشبية تصطف فوقها بعض الأواني الخزفية بألوان ناعمة، بينها الأبيض الأنيق.

صالة المكتب تتلاءم تماماً مع أجواء المنزل حيث تحتلها طاولة من الخشب الأبيض ومكتب خشبي للعمل، يزينه عنصر للإضاءة يحمل طابع الريترو، وقد زودت هذه الغرفة بمقاعد مستعادة من الخشب والجلد.
غرف النوم – بما فيها الرئيسة - تسبح في محيط من الأناقة والهدوء، وبساطة التصميم. تتشارك في ما بينها في خيارات من قطع الأثاث وتوابعها المتواضعة من مناضد تجاور الأسرّة، او ستائر ومفارش من الكتان الطبيعي وعناصر الإضاءة الريترو.

غرف الأطفال لا تختلف كثيراً عن غرف البالغين من حيث خيارات المواد والألوان، ولكن ما يميزها هو الأسرّة الخاصة والتي تعكس حيوية الطفولة ومزاجها. وقد خلت الغرف من أي بذخ ومن كل مظاهر اللهو، ربما لتأكيد أن الإقامة هنا تتعلق بالإجازات، وأن النوم ينبغي أن يكون في معزل عن أي شيء آخر.
صالات الحمام تتميز بطابع خاص، من خلال جدران ملبّسة بالبلاط الأحادي اللون مع أرضية من البلاط المزخرف باللونين الأبيض والأزرق، والمغاطس من البورسلين الأبيض. جو هذه الصالات يؤكد حضور الطبيعة بكل مفرداتها في كل زاوية من زوايا هذا المنزل البديع.

في الدور السفلي، غرفة استراحة ولعب للأطفال، يقود اليها سلّم أنيق، بحواف زجاجية مؤطرة بالخشب، يعلوه عنصرا إضاءة من «أوكر».  
ولعل الأكثر جاذبية وتميزاً هو «التراسات» التي تحيط بالمنزل، والتي تم تأثيثها بأسلوب بدا في منتهى البساطة والأناقة، بالإضافة الى كونه يوفر فرصة نادرة للراحة والسهر والنوم ووجبات الهواء الطلق، ولن ننسى أيضاً المسبح المطل على البحر، والذي يسمح للسابحين بأن يطلّوا على الماء من الماء.