السرّ

السر,هالة كوثراني,أقلام لها

هالة كوثراني 17 أغسطس 2016

أي شغف يدفع إلى الانطلاق في مغامرة شائكة وممتعة، وهي مغامرة تعلّم لغة جديدة بعيدة تماماً عن اللغة الأم؟ أي فضول يدفع إلى الانفتاح على تاريخ غريب لا علاقة مباشرة لنا به؟ كانوا كلّهم في أول شبابهم، هؤلاء «الأجانب» الذين تسنّى لي التعرّف إليهم لأنّهم مثلي وقعوا في غرام اللغة العربية. أنا ومعظم زملائي السابقين (في دائرة اللغة العربية)، أبناء هذه اللغة، أبناء حضارتها والبقع الجغرافية التي ينطق أهلها بها. أما ماريا اليونانية، والتي كانت زميلتي في صف العَروض، فما الذي جذبها إلى لغة غريبة؟ وما الذي دفعها إلى مغادرة أثينا، حيث كانت تتابع دراستها الجامعية، لتمضي عاماً أكاديمياً كاملاً في بيروت؟ أذكر أيضاً «ميمي» الفرنسية سريعة البديهة وساندرا الألمانية التي عشقت بيروت، وزميل الدراسة الجامعية الياباني الذي كان يتحدّث بلغة عربية كلاسيكية صحيحة، وكثراً غيرهم عبّروا عن تعلّقهم بموسيقى اللغة، وعن تحدّي فهم بؤس حاضرنا مقارنة بماضٍ كان في مرحلة ما عظيماً. السياسة سبب كافٍ لدراسة اللغة العربية، خصوصاً بالنسبة إلى مَن يدرسون سياسات بلدانهم الخارجية والعلاقات الدولية. وهناك مَن سحرهم الشعر العربي الذي قرؤوه مترجماً، وسعوا إلى تفكيك معانيه في لغته الأصلية مكتشفين جمالياتها وثراءها وأسرارها. أردنا في تحقيق موسّع أن نفهم أسباب افتتان طلاب العلم الأجانب باللغة العربية، أن نغوص في أسباب تعلّقهم بسحر لغة تهرب منها أجيال عربية. ليس أجمل من موسيقى كلمات وفيّة لمعانيها الواضحة.