هاتف الطبيبة أنقد زوجها من تهمة قتلها

هاتف الطبيبة,أنقذ زوجها,تهمة قتلها,إثارة الغضب,نفوس الجميع,توجيه,الاتهامات,الحقيقة,خلافاته,الضحية,عبير محمد أبو شعيشع,المتهم,عبدالرحمن فتحي درويش,الذكريات,المتهم الحقيقي

نسرين محمد - (القاهرة) 10 سبتمبر 2016

صدمة لم يتوقعها أحد كانت كفيلة بإثارة الغضب في نفوس الجميع، الذين سارعوا إلى توجيه الاتهامات من دون الاستناد الى الحقيقة، فكان الضحية طبيباً وجد نفسه متهماً بقتل زوجته، بعدما اتخذوا من خلافاته الزوجية معها ذريعة لذلك، إلا أن هاتف الضحية كان كفيلاً بإظهار الحقيقة قبل أن يضيع كل شيء.


معمل تحاليل طبية في إحدى المناطق شبه الريفية تمتلكه طبيبة شابة في بداية حياتها الزوجية، خلا من الجميع باستثناء صاحبته التي كانت ممددة على ظهرها في مشهد مأسوي يُدمي القلوب.

الضحية
عبير محمد أبو شعيشع، 25 سنة، عروس لم تمض على زواجها أشهر عدة، كانت بطلة الحكاية الحزينة بعدما مزقتها طعنات الغدر في مقر عملها، ولم يتركها الجاني إلا بعد خنقها بمنديل ليتأكد من وفاتها. من قتل الطبيبة الشابة؟ من حرمها من الحياة؟ من زرع الحزن في نفوس كل من يعرفها؟ من هو الشخص الذي أراد الانتقام منها بكل هذه البشاعة؟... أسئلة كثيرة حيّرت الجميع قبل أن تحيّر رجال الشرطة، الذين جاؤوا للكشف على هذه الجريمة الصادمة. لم يتوقع أحد أن تأتي الإجابة على لسان والد القتيلة، الذي خرجت كلماته مثل الطلقات تكيل الاتهامات الى طبيب شاب هو زوج ابنته، إذ قال بصراحة: «القاتل هو زوج ابنتي، هو الوحيد الذي فعل بها هذا، هو من قال لها ستندمين على كل شيء، هو من هددها ونفذ وعيده».

المتهم
عبدالرحمن فتحي درويش، 28 سنة، طبيب جرّاح في أحد مستشفيات محافظة كفر الشيخ، الواقعة وسط الدلتا في مصر، يمتلك سمعة طيبة، إلا أن خلافاته مع زوجته كانت كفيلة بأن تفسد كل شيء. لم تكن الخلافات بين الزوجين في الواقع ترقى إلى هذا الحد، فالأمر لا يتعدى المشاكل التي تنشأ بين أي اثنين في بداية حياتهما الزوجية، بسبب الاختلاف في الطباع والعادات، لكن سرعان ما يزول كل هذا ويتلاشى. كل هذا لم يشفع للطبيب الشاب في نفي الاتهام عنه، فكلمات الأب باتت بمثابة أدلة دامغة في حقه، وعلى رجال المباحث أن يسرعوا في اللحاق به قبل أن يتمكن من الهرب إذا علم أن أمره قد انكشف.

حادث عمل
في المستشفى كان الزوج الطبيب يرقد على سرير المرض، بعدما تعرض لحادث تسبب في كسر ذراعه عندما اقتحم المستشفى أقارب إحدى المريضات وهو ثائر في حالة غضب، فكان الضحية الزوج الطبيب. ورغم أن الحادث جرى في حضور الجميع، إلا أن خبر وفاة الزوجة الشابة واتهام والدها له بقتلها قلبا كل الموازين، حتى أن البعض شكك في أن ما حدث لم يكن إلا تمثيلية متفقاً عليها لإبعاد الشبهة الجنائية عنه. حالة من الانهيار التام سيطرت على الزوج، الذي صدمه ما حدث، بل إن الخبر نفسه جعله لا يسمع ما يقال عنه وأنه المتهم بقتلها... لم يستوعب أنه مطلوب، كل ما يدركه أن زوجته رحلت من دون أن يبلغها أنه يحبها، يعلم أنه ضايقها كثيراً فأراد لو تبقى قليلاً علّها تقبل اعتذاره.

 الذكريات
وجد عبدالرحمن نفسه في قسم الشرطة متهماً بقتل زوجته، بأن سدد لها ثلاث طعنات في الصدر والرقبة ثم خنقها بمنديل وُجد ملتفاً حول رقبتها، وفقاً لما أظهره تقرير الطب الشرعي. تقرير الطب الشرعي جاء ليثبت الاتهام في حق الطبيب الشاب، بعدما أظهر أن الجريمة وقعت قبل تعرّضه للإصابة، مما جعل الجميع يؤكدون أنه ارتكب جريمته ثم ذهب الى المستشفى وافتعل تلك المشاجرة لإبعاد الشبهة عنه.

سيناريوات الجريمة
صدّق الجميع أن الطبيب تحول إلى قاتل، وأخذ يؤلف سيناريوات الجريمة، وقالوا: «ليته طلّقها ولم يفعل ما فعله، ليته تركها تعود إلى منزل أهلها»، بدأوا في نسج الروايات عن تفاصيل الخلاف بينهما، وقالوا كل ما يمكن أن يقال لتصبح الجريمة ثابتة في حقه. في الجانب الآخر، لم يقتنع رجال الشرطة بالرواية، رغم أنهم يواجهون جريمة مكتملة الأركان، لكن تفاصيل صغيرة لم يلاحظها الآخرون جعلتهم يبحثون عن الحقيقة الضائعة، فكل المبررات التي ساقها أهل المجني عليها لم تكن كافية لإقناعهم بأن عبدالرحمن هو القاتل. بحث رجال المباحث عن أي خيط، فذهبوا إلى مسرح الجريمة من جديد، المعمل خالٍ من أي أموال رغم أنه يوم عمل، مما يشير إلى أن إيراده قد اختفى، أيضاً هاتف المغدورة اختفى تماماً، ليبدأ دور التقنيات الفنية في إظهار الحقيقة. المكالمات التي أُجريت من الهاتف كانت وسيلة رجال الشرطة للوصول إلى أي معلومة، بعدما تبين أن شخصاً قد استخدم هاتف القتيلة الطبيبة وأجرى اتصالاً قبل أن يغلق الهاتف تماماً.

المتهم الحقيقي
صلاح السيد إبراهيم، 43 سنة، عاطل ومسجل خطر سرقات، هو الشخص الذي رصد رجال المباحث استخدامه الهاتف، لتشير المعلومات الأولية إلى أن الجريمة ربما تكون وقعت بدافع السرقة، بل من المؤكد أن هذا هو الهدف منها، خاصة بعدما أعيد استجواب والد الضحية محمد أبو شعيشع، 51 سنة، تاجر ملابس، عما إذا كان هناك شيء قد اختفى غير الهاتف. تمالك الأب نفسه من الصدمة، وتذكّر أن ابنته كانت تتزين بكمية كبيرة من المشغولات الذهبية وقد اختفت بعد الحادث، لتتأكد شكوك رجال المباحث ويتم ضبط المتهم الحقيقي، الذي أنكر في البداية الواقعة، لكن جملة قالها أحد الضباط بأن المعمل مجهّز بكاميرات مراقبة وقد ظهر وهو يرتكب جريمته، جعلته ينهار ويعترف بكل شيء. اعترف بأنه اتصل بالضحية وأبلغها أنه مريض ويريد إجراء تحاليل سريعة والمعمل مغلق، بعدما كان قد نصب لها الفخ في ساعة مبكرة قبل موعد افتتاحها المركز، فاتخذت قرارها على الفور بالذهاب اليه. صدّقت الطبيبة خداعه وسحبت العينة المطلوبة وشرعت في تحليلها، بعدما أبلغته أن النتائج ستكون جاهزة في غضون ساعة، فأوهمها بالرحيل على أن يعود في الموعد المتفق عليه، لكنه لم يلبث خمس دقائق حتى باغتها، وأشهر السكين في وجهها وطالبها بخلع المشغولات الذهبية التي تتحلّى بها... حاولت الاستغاثة، فطعنها بالسكين واستولى على كل شيء. أثناء هربه، شعر بأنها لا تزال على قيد الحياة، فانتزع منديل الرأس الخاص بها ولفّه حول عنقها، ليتأكد من وفاتها وفر هارباً، إلا أن قدره العاثر جعله يُجري مكالمة من هاتفها كانت كفيلة بكشف الحقيقة.