في «غراس» ولدت نسخة جديدة من العطر الأيقوني No 5 L'Eau من Chanel الماء شفاف ولا غنى عنه!

بلدة غراس الساحلية,العطور,مدينة كان,جنوب فرنسا,Chanel No5,Olivier Polge,أوليفييه بولج,العطر,العطر الأيقوني

لها- غراس 10 سبتمبر 2016

أيّ منظر أجمل من حقل من الورود؟ تحت شمس لطيفة وصلنا إلى بلدة غراس الساحلية، عاصمة العطور القريبة من مدينة كان في جنوب فرنسا. الجو مثالي في مايو بين البحر وهوائه المنعش والجبال القريبة. استقبلنا منطاد أبيض مطبوع عليه الرقم السحري، رقم 5، رقم المصممة العبقرية غبريال شانيل المفضّل. بدا منطاد شانيل الأنيق رائعاً في المساحة الممتدة قبالتها حقولُ الورود والياسمين والسوسن. هنا ولد العطر الأشهر، عطر شانيل No 5 عام 1921 بعد زيارة غبريال شانيل البلدة للقاء صانع العطور إرنست بو. كانت شانيل أول مصممة تمنح اسمها لعطر تطرحه جامعة بين إبداع الأزياء وإبداع العطور. 

سحر البساطة

السكون مريح مثل رائحة تهدئ الحواس وتنعشها. كنا في «بيغوماس» التي تبعد مسافة 7 كيلومتر عن غراس، حيث حقول عائلة «مول» Mul التي تتعاون معها دار شانيل منذ عام 1987. مشينا في حقول ورد مايو ودُعينا إلى القطاف لنفهم التجربة الممتعة. هذه الورود (Centifolia) تُقطف خلال ثلاثة أسابيع في شهر مايو، الشهر الخامس في السنة! تعلّمنا أن 350 وردة مقطوفة تساوي كيلوغراماً من ورد مايو وأننا نحتاج إلى 400 كيلوغرام من الورد للحصول على كيلوغرام واحد من الخام العطري الصلب الذي يمنح سبعمئة غرام من روح الورد Absolu de Rose. ثم زرنا مصانع استخراج الزيوت العطرية أو العطور «الصلبة» التي منها تُصنع العطور أو تركّب. تنثر محتويات أكياس ضخمة من بتلات الورود المقطوفة منذ أقل من ساعتين ونصف الساعة في مستوعبات التقطير لتنطلق عملية استخراج جواهر العطور. عالم جميل فُتحت أبوابه لنا قبل أن تُفتح أبواب «دارة» شانيل بالقرب من غراس، وهي رائعة ببساطتها وبالأبيض المسيطر على أرضها وجدرانها وأثاثها. هناك التقينا أوليفييه بولج صانع العطر الجديد No5 L’Eau. بولج الابن، والده جاك بولج كان عطّار دار شانيل خلال أعوام طويلة، طرح نسخة جديدة من حكاية العطر الأشهر في العالم Chanel No5 الذي عُرف بتميّزه وثرائه وبساطة زجاجته. هذا العطر الجديد  يمثّل نسخة حيوية وأشد بساطة وأكثر انتعاشاً من العطر الأصلي. وكنا قد تعرّفنا على الزجاجة الشفافة كزجاجة العطر الأول، لكن في داخلها عطر بلا لون، كالماء. تظهر الزجاجة بشفافية الماء النقي. فما من مركّب أو تقنية أو جوهر يعكّر مظهرها. وهنا، مرة أخرى، تسود البساطة. فكرة الماء تزيد العطر حداثة وتعكس تمسّك الدار بإرث غبريال شانيل الطليعي مع مواكبة الزمن الراهن.

جواهر العطور

 شرح لنا أوليفييه بولج Olivier Polge التركيبة الأصلية، الناجحة بما أن Chanel No5 هو العطر الأكثر مبيعاً في العالم، لفهم دور كل عنصر ساهم في التوصّل إلى التركيبة الجديدة للعطر الجديد. أعطى أوليفييه الأفضلية للألدهيدات مع رائحة قشور البرتقال، وتخلّى عن الروائح ذات النفحات المعدنية. كما زاد من حيوية قشور الحمضيات وأزال البودرة من قاعدة العطر، وجعل الروائح الخشبية أكثر ديناميكية وأضاف النفحات الخضراء إلى الإيلنغ. وجعل «بولج» عبير الياسمين خفيفًا كالنسيم وقام بتقليل الفانيليا. إحدى أهمّ العلامات في العطر الجديد مستخرجة من ورود مايو التي تملأ حقول غراس منذ عام 1921. هذه الورود تتفتّح خلال أسبوعين أو ثلاثة في شهر مايو، وما إن تقطف يجب نقلها إلى المصنع خلال ساعتين ونصف الساعة كي لا تفقد قوة عطرها. 

بين مكوّنات العطر الأول نفسها الورد والياسمين والإيلنغ والأدلاهيد (المركّب)، برز في العطر الجديد الأدلاهيد الطبيعي المستخرج من الليمون واليوسفي والبرتقال. واختلط الورد مع الياسمين ومع نفحة بسيطة جديدة من الإيلنغ ليولد عبير أكثر حداثة. أما الحيوية في رائحته المنعشة فيبثّها نجيل الهند والأرز ونفحات ناعمة من المسك.

خلال عام كامل طوّر بولج العطر الجديد No5 L'Eau الذي يرى قصته خاصة و«صعبة» لأنه، كما شرح، «انطلق من التركيبة الموجودة محافظاً على جوهرها مقدّماً علامات جديدة، خصوصاً أن عطر No5 L’Eau برغم أنه أول عطر في عالم شانيل لا يزال عطرَ مَن تبحث عن التميّز. ولأننا نؤمن به نقدم عطراً جديداً، نسخة حديثة منه. ونحن منذ البداية نصنع عطورنا كجزء من هويتنا ومن إبداعنا. هذه الحقول نعرفها جيداً». ففي عام 1924، بعد ثلاث سنوات فقط على ابتكار العطر الأول Chanel No5، قام إرنست بو بتصميم نسخة ماء التواليت منه. وفي عام 1986، ابتكر جاك بولج نسخة ماء العطر بحلّة جديدة. بعد اثنتين وعشرين سنة، بثّ حياة جديدة في التركيبة الأيقونية عبر ابتكار «أو برميير» Eau Première. اليوم، في عام 2016، جاء دور أوليفييه بولج ليعكس روح عصره من خلال ابتكاره الجديد.

كل نسخة جديدة من العطر هي ابتكار عطري بحد ذاته. No5 «لو» هو عطر No5 الخاص بعصرنا هذا، وهو تركيبة تندرج تحت خانة الحداثة التي يهيمن عليها شعار الانتعاش. لو «L’EAU» (الماء بالفرنسية)، لأنّ الماء ضروري لا غنى عنه. «لو» L’EAU، هو تمجيد للبساطة.