انضمي الينا في رحلة استثنائية الى المصنع وتعرفي الى الحرف النادرة لدى Jaeger-LeCoultre

Jaeger-LeCoultre,أنطوان لوكولتر,ساعة,ساعات

رولا الخوري طبّال (سويسرا) 10 سبتمبر 2016

كل بداية مغامرة. وأنطوان لوكولتر حدد تاريخ مغامرته عام 1833 حيث قام بتأسيس محترفه الخاص. كبر المحترف الصغير بسرعة هائلة وتحوّل الى مصنع رأت فيه النور آلاف الابتكارات. يقع المصنع على ارتفاع 1000 متر تحيطه الجبال الخضراء صيفاً والتي تكتسي بالثلوج شتاء. في منطقة فالي دو جو في جبال الجورا السويسرية المناخ قاس جداً، وهذا ما حفز سكانها على الابداع، هم الذين يملكون العناد والصبر وروح المثابرة للبقاء في تلك الظروف المناخية الصعبة والعمل في أدق الحرف الساعاتية.

 

الهدوء يخيّم على أجواء المصنع. تنقّلنا من قسم الى آخر والمشهد تقريباً هو نفسه. حرفيون ينظرون عبر مكبّراتهم وكأن العالم بالنسبة إليهم اختُصر في القطعة البالغة الصغر التي يعملون عليها... من بهو الاستقبال الغارق باللون الأبيض الى شرح مبسط من أحد التقنيين المخضرمين في الدار لفهم آلية التعقيدات الكبرى. فالساعة ذات التعقيدات بحاجة إلى 1400 مكون، ويستغرق صنعها حوالى تسعة أشهر. أما الساعة البسيطة فهي تحتوي على 120 قطعة فقط وتُجهّز خلال ساعتين. بالإضافة الى شرح مطول عن ساعة Girotourbillon وكيف تطورت مع الوقت... بعدها بدأت الجولة في الأقسام المختلفة لمحترف الدار.

في وسط المحترف، اختارت Jaeger-LeCoultre وضع طاولة خشبية، أنيقة وإنما ضخمة، لمحاكاة المقاعد الخشبية المجاورة. إنها العنصر الأساسي الذي يمنح تجربة مهيبة، وجديرة حتماً بالتذكر. فوق الطاولة، تم تركيب مسلاط ضوئي موصول بكاميرات مثبتة في مختلف أرجاء مكان العمل. وبعد أن يوافق الحرفي على تصويره، تتحوّل الطاولة إلى «شاشة مسطحة» بحيث تنقل مباشرة العمل الذي يتم إنجازه، بعد تكبيره 40 مرة. في غضون ذلك، توفر الألواح الزجاجية فرصة لمراقبة الحرفيين في العمل، وبالتالي الاطلاع عن كثب على دقتهم اللامتناهية.

في هذا المكان، تجتمع المهارات مع هوية الماركة: الطلاء بالمينا، الحفر، ترصيع المجوهرات، وعمل الضفائر. تطغى على هذا المحترف أجواء التركيز، والمشاركة الطبيعية والإلهام اللامتناهي، بحيث يتم تكريس مهارات عدة لابتكار موديلات مميزة. يضجّ هذا المحترف بمفهوم الحميمية. فثمة ألواح زجاجية تفصل بين 30 حرفياً يبدعون في أعمالهم على مقاعدهم الخشبية. بملابسهم الناصعة البياض يبدون جميعاً غارقين في عالمهم الخاص، مركزين على عملهم، وغافلين عن العالم المحيط بهم. لقد عملوا قبلاً في طوابق مختلفة وفق اختصاصهم في الطلاء بالمينا، أو الحفر أو الترصيع بالحجارة، وها هم يشعّون الآن طاقة معدية من خلال حضورهم المشترك.

 

الترصيع  Gemsetting  

الترصيع الذي برعت به الدار زيّن ساعاتها منذ البداية، إنما منسوب التفنن ازداد والتقنيات أصبحت أكثر تطوراً. بعد انتقاء المجوهرات، يبدأ الحرفيون بالعمل التحضيري، أي أنهم يحضرون القواعد التي ستستقبل الحجارة ويحددون الوسائل التي ستثبتها. تتوافر تقنيات عدة، منها الترصيع التقليدي الذي يُعتمد مع الحجارة ذات الأحجام المماثلة والتي يتم تثبيتها بأربع خرزات، إضافة إلى ترصيع بالباغيت أو الإزميل. لقد ابتكرت Jaeger-LeCoultre تقنية فريدة في صناعة الساعات تُعرف بالترصيع الثلجي الذي يرتكز على تقنية رصف ماسات متعددة الأشكال والأحجام على قطعة واحدة بحيث تبدو متوهجة ومتكاملة، مع ضمان ملمس ناعم على السطح، خالٍ من أي حواف خشنة.

 

الرسم Enamelling

 أما المتعة الحقيقية فتكمن في زيارة قسم الرسم على مينا الساعات أو متنها. تركيز الطلاء بالمينا هو انتصار اللون على الوقت. اختارت Jaeger- LeCoultre التقنية الدقيقة المعروفة باسم Grand Feu Enamelling. يعمل الحرفيون بعلبة حديدية فيها موضع منعزل مغلف بثلاث طبقات من المينا البيضاء. يتم تصميم الشكل باستعمال شظايا المينا الملونة بأوكسيد المعدن الذي يُسحق ليصبح بودرة ومن ثم يخلط مع الزيت. يُصار بعدها الى إدخال المادة إلى فرن حرارته 800 درجة مئوية. تتيح هذه التقنية منح الموديلات نقاوة استثنائية وعمراً طويلاً. يتم بعدها تطبيق ست إلى عشر طبقات من المينا الواقية الشفافة على القرص الذي يصقل بعناية للحصول على مظهر لامع وجذاب. يتم إدخال كل قطعة إلى النار بين 17 و22 مرة، خلال عملية التزجيج، وفي كل مرة، يمكن أن تتصدع المينا وتذهب سدى ساعات طويلة من العمل. لكن على الرغم من هذه المخاطر، لا يسأم الحرفيون أبداً من التجربة... تركيز على التفاصيل ودقة لا متناهية في الرسم على مساحات فائقة الصغر. وقد سنحت لنا فرصة التجربة فكشفنا عن مواهبنا، اذ حاولنا خلال ساعة ونصف الساعة أن ننقل رسماً اخترناه بين رسوم عدة عرضت علينا، وننسخه على مساحة صغيرة لنشعر فعلياً بقيمة العمل المبهر الذي تنتجه تلك الأيادي البارعة.

 

التشبيك  Guilloche

تُنجز هذه التقنية بطريقة دائرية أو مستقيمة، من خلال تحريك الجزء المراد زخرفته عبر أداة حادة تبقى ثابتة. وبفعل الضغط القوي لإبهام الحرفي، يتم استئصال الشظايا المعدنية على التوالي للكشف عن شكل لامع. ويبدو لافتاً جداً التناقض الكبير بين المحرك الضخم، القديم الطراز، والخطوط المستقيمة والمنحنيات المتشابكة. يكمن سرّ فن التشبيك في فهم «الآلة» التي هي بمثابة أداة يدوية. تعرفنا الى المسؤولة عن هذا القسم فشرحت بشغف طريقة عمل هذه الآلات وأعطتنا درساً موجزاً في فن التشبيك.

 

الحفر  Engraving 

قد تحتاج عملية الحفر إلى ساعتين تقريباً إذا انطوت فقط على أحرف أولى، وقد تمتد إلى أكثر من أسبوع كامل إذا تمثلت في محاكاة وجه أو ذراعين مرسومتين يدوياً. يكشف حرفيو الحفر عن براعتهم الهائلة حين يتوجب عليهم حفر سلسلة صغيرة من الحركات. لذا، يجعلون عملهم مرتكزاً على خطط الحركة، ويلتزمون جيداً بالتصميم الذي يتيح لهم الحفاظ على كل الأجزاء اللازمة لسير العمل كما يجب.

ولا تكتمل الزيارة من دون التعرّف على المتحف الخاص بالدار ورؤية الإرث الثمين لـلساعات الأيقونية عبر الأعوام الـ 180 الماضية، بالاضافة الى المحترف الصغير الأول لأنطوان لوكولتر مؤسس الدار. بعد زيارة كهذه، لن ينظر المرء إلى ساعات Jaeger-LeCoultre بالطريقة نفسها.