الدكتور أحمد الشيمي مترجم أعمال الفائزة بجائزة نوبل للآداب: في مكتبتي قصص لأليس مونرو أتمنى ترجمتها

مكتبتي,أحمد الشيمي,قصص,أتمنى ترجمتها

القاهرة (لها) 25 سبتمبر 2016

عندما يقع الإنسان في عشق الورق تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة، ولا يُمكن لأحد أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه، الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية، ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة أحد «عشاّق الكتب» الخاصّة، الدكتور أحمد الشيمي، أستاذ الأدب الإنكليزي في آداب بني سويف، والمترجم الذي ترجم إلى العربية المجموعة القصصية لأليس مونرو، الفائزة بجائزة نوبل للآداب لهذا العام، وجئنا بالاعترافات الآتية:


كيف تكوّنت مكتبتك؟
تكوّنت مكتبتي عبر سنين طويلة، منذ المرحلة الثانوية وأنا أشتري الكتب والمجلات، كنا في مرحلة الشباب الأول نشتري كتب سلسلة «اقرأ»، ومجلة «العربي» ومجلة «الهلال»، ومضت السنون فبدأنا نتعرف على أدب الكبار: طه حسن، العقاد، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، وكتب التراث مثل الجاحظ، وابن عربي، والغزالي وغيرهم. ثم تنبهت لأهمية الترجمة حين قرأت ترجمة الجزء الأول من «الفردوس المفقود» للدكتور محمد عناني، وهو الجزء الذي صدر في أوائل الثمانينات، ثم قرأت ترجمة الدكتور سامي الدروبي لرواية «جسر على نهر درينا»، وترجمة الدكتور محمد مندور لرواية «مدام بوفاري»، وترجمة الدكتور لويس عوض لرواية «رأس إيلاس».

كيف تعرفت على أدب أليس مونرو الفائزة بجائزة نوبل؟
عندما كنت في بعثة لدراسة الدكتوراه في جامعة وليام مارش رايس في هيوستن - تكساس، تعرفت على كُتّاب القصة القصيرة الكبار في أميركا، من خلال المجلات المتخصصة في نشر القصة القصيرة، وهي متعددة في أميركا: مثل النيويوركر، والقصة، وأطلانطا الشهرية، وغيرها، وأيضًا من خلال الكتاب السنوي الذي يصدر عن دار هوتن مفلن للنشر، والذي يضم أفضل القصص الأميركية القصيرة كل عام. ونادرًا ما كان يخلو هذا الكتاب السنوي من قصة لأليس مونرو التي لفت نظري أسلوبها الأخاذ وتواضعها وبساطتها وتطور أسلوبها السردي، رغم عدم تأثرها بموجات ما بعد الحداثة التي سعى بعض الكُتّاب إلى مسايرتها كأنها الموضة. 

ما القصص التي ترجمتها لأليس للعربية؟
ترجمت لها قصة في إطار المجموعة القصصية التي صدرت عن هيئة قصور الثقافة «نساء مفقودات»، وكانت بعنوان «صديقة شبابي»، ثم ترجمت لها عام 2010 مجموعة قصصية بعنوان «العاشق المسافر».

كيف استقبلت خبر فوزها؟
لم أفاجأ، بل كنت أستغرب عدم فوزها بجائزة نوبل قبل عشر سنوات مثلًا، وفرحت جدًا لهذا الفوز، رغم أن الجائزة تأخرت عنها كثيرًا، وسبب سعادتي هو أنها تستحقها عن جدارة، فهي أهم وأفضل من كثيرين حصلوا على الجائزة قبلها.

أرى في مكتبتك قصصاً أخرى للفائزة بنوبل هل تفكر في ترجمتها حالياً؟
بعد فوز أليس مونرو بجائزة نوبل، أعيد حالياً قراءة أعمالها، لعلِّي أختار مجموعة أخرى من قصصها وأنقلها إلى العربية. فلديَّ قصتها الطويلة «حياة بنات ونساء»، وقصصها المختارة، ومجموعة «صديقة شبابي»، وغيرها... أتمنى تأكيد التعريف بفن هذه العملاقة المدهش، وتقديمها إلى القارئ العربي، ولا سيما الباحث العربي الذي سيجد في قصصها مساحات تشابه كثيرة مع الكثير مما كتبه كُتّابنا، وأن حياة شخصياتها تشبه إلى حد كبير الشخصيات التي تعيش بيننا. فمن ناحية قراءة أعمال مونرو متعة على المستوى الشخصي، ومن ناحية أخرى عدم نقلها إلى العربية تقصير كبير.

ما أهم القضايا التي تطرحها أليس مونرو في إبداعاتها؟
أستطيع أن أقول بيسر إن أدب مونرو قريب من القارئ العربي، لأن المشكلات التي تناقشها في أعمالها أشبه بمشكلاتنا، وعالم قصصها قريب الشبه بعالمنا، ثم إنها غير متكلفة في السرد، وغير معقدة، ويستطيع القارئ العربي أن يألفها بسرعة، فهي أستاذة كبيرة في استخدام أدوات السرد التقليدية، ورغم عبقريتها فإنها لم تعمد إلى استخدام الابتكارات الحداثية التي استخدمها الآخرون، ونجحوا على مستوى النقد، ولكنهم أخفقوا في الوصول إلى قلوب القراء. فقصص أليس مونرو مليئة بالانعطافات السردية التي لا يشعر بها القارئ ولا تشغله.

هل تقتصر مكتبتك على الكتب التي تخدم تخصصك؟
أغلب كتب مكتبتي في الأدب الإنكليزي بحكم تخصصي، لكنَّ جزءًا كبيرًا منها باللغة العربية أيضًا، فقد رحت منذ وقت مبكر أستعد لترجمة الأدب المكتوب بالإنكليزية إلى اللغة العربية والعكس، وهذا عمل من شروطه معرفة اللغتين، وتأمل موضوع اللغة في الثقافتين.

هل القراءة في مختلف التخصصات مهمة للمترجم؟
قد يُدهش كثيرون بأن المترجم في حاجة ماسة إلى قراءة كتب التراث العربي، بدءًا من امرئ القيس حتى طه حسين ونجيب محفوظ لأن القراءة في الأدب العربي تمنح الباحث والمترجم بصفة خاصة فرصة لاستلهام لغة هذا الأدب، والاستفادة منها في ما ينتجه من ترجمة وإبداع. كما تضم مكتبتي كتبًا في الفلسفة والتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وكلها تصب في مصلحة التخصص العام وهو الأدب، وتصب أيضًا في صالح الموضوعات التي يتصدى المترجم لنقلها إلى العربية. وقد ترجمت كتبًا في النقد والتاريخ والاجتماع بفضل استلهام لغة هذه العلوم، فأنا أحرص على أن تكون لغتي التي أترجم بها طبيعية بحيث لا يعرف القارئ أنها مترجمة من أول صفحة.