هوازن الزهراني: لديّ إصرار على زرع الأمل في مستقبل أفضل لأطفال العالم العربي

هوازن الزهراني,مستشارة,برامج الأعمال,الإنسانية,والتطوعية,في المنظمة العربية,للهلال الأحمر,والصليب الأحمر,إصرار,زرع الأمل,مستقبل أفضل,أطفال العالم العربي,توعية,أخطار,تربية,المساحة القائمة,الواقع,بناء جيل,الانخراط,الأسس,التعليم,كيانهم المستقبلي,الإغاثات,الدولية,المساعدات,ظل الحروب,النكبات,المؤثرات,نسبة الطلاق,الضرب,القتل,الدكتور صالح بن حمد السحيباني

آمنة بدرالدين الحلبي - (جدة) 01 أكتوبر 2016

هوازن الزهراني، بين طفلها الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وبين عشقها لأطفال العالم، تعمل جاهدة من أجل توعية الأطفال من مختلف الأعمار، وتنبيههم إلى ما يمكن أن يتعرَّضوا له من أخطار. وانطلاقاً من إيمانها بحقّهم في تربية مُستدامة، تعمل على تثقيفهم، وتوجيههم إلى الطريق الصحيح. إنها تعمل في تلك المساحة القائمة بين الواقع والمأمول. وتسعى جاهدة في سبيل بناء جيل من الأطفال يؤسس لجيل من الشباب الأسوياء، والقادرين على الانخراط في المجتمع والمساهمة الفعَّالة في بناء حاضره ومستقبله.


- بما أن هوازن أصبحت مستشارة في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، ما الاستراتيجية الأساسية المتبعة لحماية الطفل؟

بدأتْ اهتماماتي بالطفل السعودي، وتطورت نظرتي حتى ضمّت الطفل الخليجي، وتوسّعت مسؤولياتي لأكون مستشارة في إحدى المنظمات العربية المهتمة بالشؤون المحلية والدولية، وأهم المسؤوليات التي توليتها في المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر الدوليين مستشارة البرامج والأعمال الإنسانية والتطوعية في المنظمة العربية للهلال الأحمر، بعدما أصبح الطفل العربي شغلي الشاغل في ظل الحروب والنكبات، وكيفية توفير الحياة الكريمة له من غذاء ودواء وتعليم أكاديمي وقيمي ونفسي.

-  ما الأسس التي يُبنى عليها التعليم القيَمي؟
غرس الثقة في نفوس الأطفال، وزرع الصدق والأمانة، للحفاظ على كيانهم المستقبلي، مهما تبدلت الظروف الحياتية، وتغيرت المشاكل.

- ماذا عن المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر؟
أسّسها الملك فيصل منذ أربعين عاماً لتضافر الجهود العربية والإغاثات الدولية والمساعدات الإنسانية، في ظل الحروب والنكبات في العالم العربي.

- ما زالت هوازن في الثلاثينات تتحد مع قضية كبيرة ـ الطفولة ـ في مجتمع ذكوري... ألم تواجهي التحديات والصعوبات؟
قبل عشر سنوات، واجهت صعوبات كثيرة واعترضت طريقي التحديات حين كنت أتكلم عن الأمور الحساسة في مجتمع ذكوري وكيفية حماية الطفل من الإيذاء الجنسي، لكن بعد صك العقوبات وسن القوانين المحلية والدولية تغيّر الواقع، وعلى رغم كل الصعوبات يبقى الطفل ومشاكله همي الأكبر، أسير قدماً في سبيل حمايته لتكبر سعادتي ويتّسع لدي مدى الحياة في التنمية المستدامة.

- في أي عمر تبدأ هوازن تدريب الطفل؟
في عمر الثلاث سنوات، أبدأ بتدريب الطفل لكونه اللَّبِنة الأولى في المجتمع، ليكبر في كنَفِ التأهيل والتدريب السوي من أجل مجتمع سليم، وحين نشكّل تلك العجينة على طريق الحق يكبر الطفل بعقل سليم وجسد معافى، ولا يخضع لمؤثرات خارجية، أو أجندات سياسية تقودها أطراف متناحرة ليصبح وقوداً لها.

- ما المؤثرات التي دفعت بمعظم أطفال العالم العربي ومراهقيه إلى الانحراف؟
وسائل التواصل الاجتماعي برمّتها سلاح ذو حدين، والألعاب الترفيهية من خلال «الشات» التي يندس فيها الشرر الأول لانحرافهم وتجنيدهم في الحروب، بعملية غسيل دماغ، فيصبح الطفل مطواعاً لتلك الجهة التي لعبت على مشاعره، وجعلته عجينة ليّنة جاهزة للانخراط فيها.

- ما الذي يدفع الطفل ليكبر في ظل تربية مستدامة؟
درست علم نفس طفولة، وأصبحت أماً لطفل كبرت معه وشاركني كل إنجازاتي ووصل إلى الثانية عشرة من عمره، وأتمنى أن يكبر وينمو على الفضيلة في ظل قيم إنسانية عالية ليصبح رجلاً فاعلاً ومؤثراً في المجتمع، وكذلك أطفال المجتمعات أتمنى أن ينموا وينشأوا على القيم والأخلاق. وكلما أسسنا تأسيساً صحيحاً، وجدنا أمهات وآباء وتربويين في استطاعتهم تربية طفل سليم معافى، وتنشئته في طريق الصواب، حتى تصبح مجتمعاتنا سليمة تقودها أجيال مدربة على القيم الإنسانية واحترام الآخر، وقبول الرأي الآخر.

- من خلال العمل التطوعي، ما الذي يلفت نظرك أثناء التدريب؟
الأطفال، في غالبيتهم، لديهم تشوّه فكري، ويعانون غياب القيم الإنسانية، وانعدام المعرفة بأهمية الصدق والأمانة، وفقدان الثقة بالنفس، ومن شبَّ على شيء شاب عليه. وهناك شباب يواجهون البطالة ولا أهداف لهم في الحياة، لذلك حين نربي ونوجه وندرب منذ نعومة الأظفار، نكوّن جيلاً قوياً قادراً على بناء مجتمع سليم وصالح لا تهزه ريح خارجية.

- ما السؤال الأول الذي توجهينه الى الطفل؟
ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟ وحين أفاجأ بغالبية الأطفال فاقدين ذاك الطموح، أُصاب بخيبة أمل، فأين أمه التي زرعت فيه الطموح ليكبر ويصبح رجلاً سوياً في المجتمع؟ أين أمه لتزرع في نفسه الثقة؟ ذاك السؤال أطرحه في كل برنامج أقدمه للأطفال والمراهقين والشباب.

- كيف تقسمين المراحل؟
من 3 ـ 10 سنوات مرحلة الطفولة.
من 10 ـ 16 سنة مرحلة مراهقة وإثبات الذات.
من 16 ـ 18 سنة مرحلة اتخاذ القرارات. وهنا تكمن المشكلة، إذ يكون قد وصل إلى تلك المرحلة وهو فاقد كل القيم الإنسانية، خالي الوفاض من الطموح، والمفروض أن تكون هناك مراكز للتنمية المستدامة وتطوير المواهب لتأهيلهم لحياة أفضل.

- من خلال موقعك، هل هناك تأسيس لمراكز تدريب مستدام؟
بعدما حصلنا على رخصة للعمل التطوعي المستمر في المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر، والتي تعتبر من أهم المشاريع، وأصبحت باكورة الأعمال مدى الحياة، فتحنا باب التطوع واستقبلنا ما يقارب من 200 شاب متطوع من أنحاء العالم العربي، ويختلف العمل من شخص الى آخر، كل وفق تخصصه يقدم تدريباته واستشاراته، فهناك العمل الإنساني الذي أقوم به مصطحبة ابني ليتعلم، والتعليم الذي يقوده استشاريون، وتنمية المواهب الفنية، والعديد من الأعمال التي تشكل شخصية قوية متماسكة من خلال تقديم الاستشارات لكل المراحل العمرية، لأن العمل التطوعي تدريبي تطويري مدى الحياة.

- ماذا عن المشروع الذي أطلقته المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر، وما استراتيجيته؟
«مشروع سلام» مخصّص للأزمات والكوارث سواء محلياً أو دولياً، ونعمل عليه في جميع أنحاء الوطن العربي مقسماً إلى لجان في المجال النفسي والصحي والتعليمي والقيمي.

- لماذا أطلقتم عليه «سلام»؟
«سلام» لصناعة البسمة، حرف السين يعني سلامة الأطفال ورعايتهم نفسياً ومعنوياً وصحياً وفكرياً، وحرف «اللام» جاء لغرس القيم السامية وتعزيزها في نفوس الأطفال، أما حرف «الألف» فهو إكساب الأطفال مهارات التعليم والتطور الفكري، و«الميم» عبارة عن منهج علاج وقائي وإنمائي وتعديل سلوك الطفل.

- كيف خرج هذا المشروع؟
فكرة اعتلت ذهني وطرحتها ولاقت استحساناً على أرض الواقع، ووجدت دعماً كبيراً من استشاريين واختصاصيين وأساتذة لإطلاق هذا المشروع.

- إذا تحقق السلام للثامنة عشرة تحقق على مدى العمر؟
حين نصل بالطفل إلى عمر الثامنة عشرة رجلاً مستقيماً، نكون قد قطعنا مشواراً كبيراً ويبقى بعض الاستشارات لاختيار متابعة الدراسة والتخصص، والوظيفة واختيار الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة.

- ألا ترين أن نسبة الطلاق ارتفعت كثيراً؟
هذا مؤلم لأنه يخلّف وراءه مشاكل كثيرة، وأنا كتبت مقالاً في هذا الصدد بعنوان «أطفال ما بعد الطلاق» يتمحور حول كيفية  متابعتهم متابعة كاملة حتى لا يقعون في المحظور، ناهيك عن أنهم يتعرضون للتحرش والإيذاء النفسي، وهذا يعيدنا إلى المربع الأول، وقبل الإقدام على خطوة الزواج أنصح بالاختيار المناسب لكلا الجنسين.

- كيف نعلّم الطفل الحفاظ على جسده؟
نعلّم طفلنا أن جسدك ملكك وليس ملك أحد ليلمسه، ونزرع فيه الحب وتعزيز الثقة بالنفس، وغرس الصدق وتعليم الصراحة ليصادق أمه في كل صغيرة وكبيرة، لأن أكثر تلك المشاكل تحصل من الأقارب والأصدقاء.

- صدر كتابك «حماية وسلام» قبل سنوات، ماذا حقق هذا الكتاب على الصعيد العالمي؟
أوصت مؤسسة «كيد باور» العالمية التابعة لليونيسيف، والتي تُعنى بسلامة الأطفال وحمايتهم من الاعتداء، باعتماد الكتاب مرجعاً موثوقاً ومعتمداً في مجال سلامة الأطفال وحمايتهم، وأتى توجه المؤسسة العالمية تقديراً لخطوة التأليف القيمة في عالم الطفل الذي يتعرض للاعتداءات بكل أشكالها، وصدرت قوانين نافذة بقوة.

- مواقع التواصل الاجتماعي عجّت بحوادث الضرب والقتل، ما العمل لوقف تلك المشاهد؟
للأسف الشديد، هناك قلة وعي في المجتمعات العربية كأنه مرصود لمظاهر العنف، لو كل واحد منا توقف عن إعادة نشرها، لانتهت في مجملها، لأن الضرب ليس ظاهرة صحية في المجتمعات.

- زرت مخيمات اللاجئين، ما المخططات المستقبلية؟
آلمتني رؤية الأطفال في المخيمات وتمنيت لو أملك عصا سحرية لأنقذهم وأمسح الحزن من عينيهم، وعاينت التصحر الفكري والمعنوي الذي يعيشونه، إلا أنني أحمل أملاً بـ «مشروع سلام» بعد تخطيط طويل، أطلقنا المشروع وسنتابع لنعرف إلى أي مدى يتحقق نجاحه.

- نهاية المطاف؟
 حمّلتني زيارتي مخيمات اللاجئين مسؤولية كبيرة وزادتني إصراراً وعملاً على كيفية منح الطفل جزءاً بسيطاً من السعادة، وزرع الأمل بمستقبل أفضل.


مشروع «سلام» لصناعة البسمة يطلقه أمين عام منظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر  الدكتور صالح بن حمد السحيباني...


بعدما دشن الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، الدكتور صالح بن حمد السحيباني فاعليات اليوم العالمي للعمل الإنساني من مقر «مركز سمو الفكر للاستشارات» في جدة، اطلع على تفاصيل المراحل الأخيرة لإطلاق مشروع «سلام» للدعم النفسي لأطفال الكوارث والحروب، والذي يعد أكبر مشروع عربي تتبناه المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، ويهدف الى إعادة تأهيل الأطفال نفسياً وتعليمياً وصحياً وقيمياً، حيث بدأت مراحل صناعته منذ حوالى ستة أشهر على يد فريق نخبوي من المتخصصين، ومن أعضاء الفكر والتربية والخبرة، الذين تطوعوا من المملكة العربية السعودية ومن بعض دول الخليج، لبناء المشروع الأهم الذي تحتاج إليه ساحة العمل الإنساني.

وأعرب السحيباني عن «قلقه من ارتفاع أعداد الأطفال الأبرياء من ضحايا الكوارث والنزاعات المسلحة، التي لا دخل لهم بها»... مؤكداً «أن العمل يجري حالياً لتدشين هذا البرنامج النوعي المهم من خلال استراتيجية المنظمة التي تهدف إلى تنسيق الأعمال الإنسانية والجهود الإغاثية».
وفيما اعتبر أن هذا المشروع أحد المشاريع المهمة وفق معطيات الوضع الحالي وارتفاع أعداد الأطفال المتأثرين بتلك النزاعات، قدم السحيباني «شكره الجزيل وتقديره البالغ لفريق العمل الذي تكبّد الصعاب ومشقات السفر لعقد اللقاءات والاجتماعات المتتالية، وإطلاق ورش العمل على مستوى بعض دول الخليج، للخروج بهذا المشروع الذي ينتظر دعم الدول المانحة لتنفيذه عاجلاً». كما دعا إلى ضمان حماية جميع الموظفين والمتطوعين العاملين في مجال العمل الإنساني والإغاثي، والذين يسعون إلى تقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة ضحايا الكوارث والحروب في مناطق الصراع التي تعيش أوضاعاً صعبة، مؤكداً ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني واتفاقات حماية العاملين في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات.
أما مستشارة البرامج والمشاريع في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، وقائدة المشروع، هوازن الزهراني، فقد أكدت أهمية مشروع «سلام» لبناء شخصية معتدلة للطفل، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي، مشيرة إلى أن ما دعاها للتفكير في مثل هذا المشروع هو زيارتها ضمن وفد المنظمة الى عدد من مخيمات اللاجئين الأشقاء، ومشاهدتها عن قرب الأطفال المتضررين والذين اعتبرتهم أوفر حظاً لبناء شخصياتهم وإعادة تأهيلها في ظل ابتعادهم عن مناطق الصراع، وأيضاً في ظل الجهود الإغاثية التي تقدم لهم من الدول المانحة.
ولفتت الزهراني إلى أن «الانتقال القسري أو التهجير دفعا الأسر إلى ترك أوطانهم، ما جعل النساء والأطفال من أكثر المتضررين من نتائج هذه الصراعات التي أدت بهم إلى العزلة الاجتماعية، والرعب والخوف. كما أن تأمين الحاجات الأساسية للأطفال اللاجئين يُعتبر التدخّل الأهمّ لدعم صحتهم النفسية، ما يصنع منهم جيلاً واثقاً بمستقبله». لذا أصرّت الزهراني على أن «سلام هو المشروع الأهم الذي يجعلهم يتعايشون مع الواقع الحالي ويشعرون بالأمان، بعيداً عن الأفكار المتطرفة».