كتابان بالعربية عن دار الساقي ألبرتو مانغويل بين سرّ الكلمة وسحر الكاميرا

كتابان,بالعربية,دار الساقي,ألبرتو مانغويل,سرّ الكلمة,سحر الكاميرا,«عاشق مولع بالتفاصيل»,«مدينة الكلمات»

مايا الحاج 08 أكتوبر 2016

بعد ترجمة «تاريخ القراء»، «مع بورخيس»، «المكتبة في الليل»، «يوميات القراءة»، و«فن القراءة»، تصدر دار الساقي كتابي «عاشق مولع بالتفاصيل» و«مدينة الكلمات» لألبرتو مانغويل بترجمة عربية أنجزها يزن الحاج.


في «مدينة الكلمات»، يطرح مانغويل- عبر محاضرات ألقاها عام 2007 في تورنتو- مقاربة بين الحاضر والماضي من خلال العودة إلى قصص أسطورية وتاريخية وأدبية قديمة تُضيء على الواقع الإنساني الراهن، منها «دون كيشوت» و«ملحمة غلغامش» و«أليس في بلاد العجائب»، إضافة إلى قصائد وأفلام سينمائية... هكذا يُقدّم الكاتب متوازيات مهمة بين الحقائق الفردية والسياسية للعالم اليوم، وتلك التي تعود الى أزمان غابرة، أو الى أساطير وحكايات من الميثولوجيا القديمة.
يختار مانغويل، القارئ الشغوف وصاحب أكبر مكتبة شخصية في العالم، قصة غلغامش ليُعرّفنا إلى المعنى الحقيقي لكلمة الآخر، التي باتت مصدر قلق وريبة في زمننا الحاضر. يروي اللقاء مع  الآخر/ القرين، إنكيدو، ليوجز كيف يمكن أن يكون الآخر «رهيباً ومفيداً في آن». ويقترح مانغويل في هذا السياق قراءة كتب التاريخ والسِير وأدب الرحلات لفهم معنى الآخر وضرورته.
أمّا كتاب «عاشق مولع بالتفاصيل»، فهو عبارة عن سيرة روائية صغيرة كتبها الأرجنتيني- الكندي مانغويل عن أناتول فازانبيان، رجل فرنسي من أصل أرمني، عاش في منطقة بواتييه بين الحربين العالميتين. عمل في حمّام عمومي، فكشفت مهنته عن هوسه في «التلصّص» على الآخرين ومراقبة تفاصيلهم. وفي هذه البيوغرافيا، نتعرّف الى الشاب البسيط الذي تأسره الأجزاء الصغيرة حتى تكاد نظراته تبدو كفعل تفكيكي يمنح كلّ جزئية دقيقة أهميةً، ويُضفي عليها كينونة خاصة. «يراقب الأيادي التي تدفع النقود أو تأخذ منه المنشفة والصابون... يراقب أشكال الأصابع، بقفازات أو بدونها، نحيلة أو ثخينة، ناعمة أو مبقّعة، ويترك لمخيلته رسم ملامح صاحبها وعمره وجنسه».
هكذا يمنح مانغويل القارئ فرصة أن يتلصص على حياة المتلصص الأشهر في بواتييه. ذاك الذي تعرّف إلى صاحب مكتبة من أصل ياباني اكتشف موهبته وعلّمه استخدام الكاميرا ليتدرّب على رؤية العالم في أجزائه الأكثر أهمية. وقد وصل به الأمر أن وقع في غرام شخص لم يرَ منه سوى جزء من جسده أثناء الاستحمام فصار يلاحقه إلى أن افتُضح أمره حين استخدم مسكتي الباب كدعامتين وقف عليهما لمراقبة الحبيب وهو يتجول في منزله، قبل أن يضغط على زر الفلاش، ويصرخ الحبيب المجهول ويقع أناتول ليغدو شاغل الناس بقصته وينتهي به الأمر منفياً في مدينته، ثم منتحراً في غرفته.
ولعلّ انشغال مانغويل بهذه الشخصية نابع من اهتمامه بمدينة بواتييه نفسها، «التي لا تتجلّى بكليتها أمام زائرها، بل تراها تنكشف، طبقةً تلوَ أخرى، وجهاً تلو آخر، كي تُدهشنا بلا توقف». هذه المدينة الجميلة التي سكنها مانغويل منذ عام 2001، وشيّد في أحد قصورها القديمة مكتبته العملاقة، الأهم والأشهر بين المكتبات الشخصية في العالم.