قصص النساء

كريستينا لامب,قصص النساء,إيزيديات,هالة كوثراني,أقلام لها

هالة كوثراني 09 نوفمبر 2016

منذ أعوام طويلة أقرأ للكاتبة الصحافية البريطانية كريستينا لامب. منذ نحو أسبوعين قرأت ما كتبته عن إيزيديات استقبلتهن ألمانيا بعد نجاحهن في الهروب من جحيم داعش. عن هذه القصة كُتب على غلاف مجلة «ذي صنداي تايمز» بخط عريض: كريستينا لامب تغطي الحروب منذ 30 عاماً، هذا أقسى ما كتبته. من باكستان وأفغانستان إلى البرازيل وجنوب أفريقيا وزمبابوي والعراق كتبت كريستينا عن الضحايا، عن الأسماء المجهولة والوجوه التي تمحوها الأحداث التاريخية وهي تفرض نفسها علينا. تسنّى لي أخيراً أن أتعرّف إلى كريستينا في بيروت التي وصلت إليها بدعوة من معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية. كنت أعرف وجهها، لكنني فوجئت بالجسم الهزيل، بالخجل الغريب في عينيّ امرأة جريئة واجهت الموت مرات عديدة لتكتب عن المظلومين في مناطق الصراعات. مرّ الوقت جميلاً وهي تتحدّث بشغف عن مقابلتها الأولى مع السياسية الباكستانية بينظير بوتو التي أدت دوراً في انطلاق مسيرتها المهنية بعزم وحماسة، (ثم أصبحت أول رئيسة وزراء في بلد مسلم قبل أن تغتال)، وعن كتابات زملائها لتغطية حرب العراق والتي غيّبت النساء، فاندفعت هي إلى سرد قصصهن. «النساء في مناطق الحروب يقاتلن من أجل تعليم أولادهن»، قالت كريستينا. والرجال الذين يكتبون قصص الرجال في الحروب ما زالوا منذ انطلاق لامب في العمل الصحافي الميداني، أي منذ نحو ثلاثين عاماً، يسيطرون على الإعلام في بلدها بريطانيا. لهذا السبب تكتب كريستينا قصص النساء. لهذا السبب تحديداً اختارت أن تشارك في إصدار كتابين عن فتاتين إحداهما خرجت من دور الضحية إلى دور المناضلة في سبيل تعليم الفتيات والدفاع عن حقّ المعرفة، وهي الباكستانية ملالا يوسفزاي في كتاب: أنا ملالا، والثانية فتاة ذكية تتحدى قبح الحياة وتعانقها من على كرسيها المتحرّك، هي نوجين مصطفى التي سردت، بالتعاون مع لامب، رحلتها على الكرسي المتحرك من سوريا إلى ألمانيا (في كتاب بعنوان «نوجين»). كما التقت كريستينا الفتيات الهاربات من بوكو حرام اللواتي يرفض أهلهن استقبالهن لأنهن «دُنّسن». بالكلمات والصور تنقل كريستينا لامب صرخات المظلومات، تحاول أن ترسم وجوهاً للضحايا، أن تحكي قصصهن ليدرك «المحظوظون والمحظوظات» أنهن يشبهنهم. تريد كريستينا أن تحفظ كرامة مَن يغادرن بلدانهن للنجاة من أهوال الحروب والبحث عن العيش بكرامة، أن ترسم أصواتهن بالحروف والكلمات.