الدكتورة مها المنيف: التحدي الأكبر أن أكون صوت الاطفال

الدكتورة مها المنيف,التحدي,الأكبر,صوت الاطفال,مشاعر,إنسانية,جياشة,تحقيق الأمان,الأسري,حماية الطفل,العنف,الإيذاء,مواقف متعدد,دعم الأسرة,الأمن,الأمان,حقوق,شراسة,شهادة,بكالوريوس,الطب,الجراحة,السياسات,الإجراءات,القرارات,عقوبة,الجاني,الإعدام,التحرش,الجنسي,منطقة الخطر,دراسات,أهداف,الدفاع

أمنة بدرالدين الحلبي - (جدة) 19 نوفمبر 2016

طبيبة أطفال، تحمل في قلبها مشاعر إنسانية جياشة، همها تحقيق الأمان الأسري وحماية الطفل من العنف والإيذاء لها مواقف متعددة في دعم الأسرة لمنحها الأمن والأمان، وقد دافعت عن حقوق الطفل بشراسة حتى لُقِبّت بالمرأة الأكثر شجاعةً في العالم. حاصلة على شهادة بكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة الملك سعود في الرياض في هذا المجال.
«لها» التقت الدكتورة مها المنيف لتغوص في تفاصيل عملها الطبي والإنساني وكان هذا الحوار...


- ما هي السياسات الجديدة والإجراءات الإكلينيكية المتعلقة بالعنف ضد الأطفال والتي تم التوافق عليها لعام 2016 ؟
أصدرت الجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية في أيار/ مايو 2014 قرارًا وافقت عليه 186 دولة في العالم، وهو ينص على «تعزيز دور القطاع الصحي في التعامل مع حالات العنف والإيذاء للأطفال والنساء على حد سواء»، ذلك أن الأبحاث والتجارب العملية أثبتت أن هذه القضية ليست قضية اجتماعية أو أسرية، وإنما هي قضية صحة عامة، ولها تبِعات صحية بارزة على الضحايا، وبالتالي يجب أن يتعامل معها القطاع الصحي جديًا، من خلال تأسيس أقسام خاصة وتعيين فريق خاص ومدرب من أطباء ومهنيين للتعامل مع الضحايا.
وثمة قرار آخر يقضي باعتماد تخصص إيذاء الأطفال كتخصص دقيق للأطباء يتم التدريب عليه، لأن تشخيص إصابات الأطفال الناتجة من العنف، وعلاجها، هما علم بحد ذاته. 

- هل أُخذت هذه القرارات على محمل الجدّ في المملكة العربية السعودية وفي العالم؟
على مستوى المؤسسات نعمل منذ فترة طويلة من خلال القطاع الصحي على حالات العنف والإيذاء، وأنشأنا مراكز لحماية الطفل، ومراكز لحماية النساء في جميع المستشفيات في المملكة العربية السعودية للتعامل مع حالات العنف الأسري التي تَرِد الى القطاع الصحي. ويعمل في هذه المراكز فريق متعدد التخصصات من أطباء نفسانيين وممرضين ومعالجين اجتماعيين.
وعلى المستوى المجتمعي، صدر نظام «الحماية من الإيذاء» في آب/ أغسطس من عام 2013، ويُعتبر نظاماً صارماً ومتخصصاً للتعامل مع مختلف حالات العنف الأسري، سواء ضد المرأة أو الطفل.
وفي عام 2014 صدر نظام آخر متخصص بـ «حماية الطفل»، وهو يُعنى بحقوق الطفل وحمايته، وتنص لائحته على اعتبار عدد من الأفعال بمثابة إيذاء أو إهمال للطفل، ومن بينها بقاؤه من دون سند عائلي، وعدم استخراج وثائقه الثبوتية أو حجبها عنه أو عدم المحافظة عليها، وعدم استكمال لقاحاته الصحية الواجبة، وعدم تعليمه، وسوء معاملته، والتحرش به أو تعريضه للاستغلال، واستخدام الكلمات المسيئة التي تحط من كرامته أو تؤدي إلى تحقيره، والتمييز ضده لأي سبب عرقي أو اجتماعي أو اقتصادي، والسماح له بقيادة المركبة دون السن القانونية، وكل ما يهدد سلامته أو صحته الجسدية والنفسية.

- هل شُرِّع القانون رسمياً... وما عقوبة الجاني؟
نظام الحماية من الإيذاء يتضمن 17 مادة، وصدرت منه لائحته التنفيذية التي تطبّق حالياً، فهناك مواد خاصة مثل إلزامية التبليغ لجميع المهنيين المتعاملين مع أفراد الأسرة وخاصة الأطفال، وهناك آليات للتدخل والاستجابة لضحايا العنف من مختلف القطاعات، سواء القطاع الصحي أو الاجتماعي أو الأمني، كما لم يغفل النظام عقوبة مرتكبي العنف، فقد أُدرجت مادة خاصة بعقوبة مرتكبي العنف الأسري، وتتراوح من سجن مدته شهر إلى سنة مع غرامة مالية تبدأ من 5000 آلاف ريال سعودي وصولاً إلى 50.000 ألف ريال سعودي.

- هل تكفي لمرتكب العنف الشديد؟ وهل تُطبّق عليه عقوبة الإعدام؟
يجب ألا ننسى أن هناك نظاماً آخر، ألا وهو «نظام الإجراءات الجزائية»، وهو يطبّق في حال بلغت درجة العنف الأسري حد الجريمة. في الأعوام السابقة، شهدنا عقوبة إعدام في حق مرتكبي العنف ضد الأطفال، والذي أدى الى الوفاة، ونُفِّذت عقوبة السجن لمدة خمس سنوات في حق مرتكبي العنف الأسري الشديد الخطورة بصفة عامة.

- ماذا عن  التحرش الجنسي وتأثيره في الأطفال؟
 أتحفظ على كلمة التحرش الجنسي، فالتحرش قد يُقصد به التحرش اللفظي أو الجسدي، ونحن نفضّل استخدام مصطلح العنف الجنسي، وهو يشمل التحرش اللفظي، التحرش الجسدي (اللمس)، والاعتداء الجنسي الكامل (الاغتصاب)... الى جانب الاستغلال الجنسي للأطفال، من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

- هل هناك تقصير في التعامل مع حالات العنف الجنسي؟
أجل، وعلى مستويات عدة، منها الجوانب العلاجية، فالاعتداء يترك آثاراً نفسية على الطفل. وتختلف هذه الآثار باختلاف طبيعة الطفل، وشدّة الاعتداء عليه، ومدى تكراره، والظروف المحيطة به. وعند اكتشاف عملية الاعتداء الجنسي، يجب التركيز على الأمور التي تتعلق بالإصابات الجسدية المباشرة، وإثبات حدوث الاعتداء والجوانب القانونية لعملية الاعتداء، وبالتالي لا يتم المحافظة على حقوق الطفل المعتدى عليه بهدف حماية سمعة الأسرة، كما لا يخضع لعملية التأهيل النفسي والسلوكي لتجاوز التجربة من خلال برامج تأهيلية، وهذا يعود الى تقصير القائمين على رعاية الطفل في عدم إحضار الطفل ومتابعة جلساته العلاجية، أو الى عدم توافر الخدمات العلاجية في أقسام الصحة النفسية.

- ما السبب الرئيس ليكون الطفل دائماً في منطقة الخطر وخاصة من المقربين والأهل؟
هذا متعارف عليه عالمياً، وإحصاءاتنا لا تختلف عن الإحصاءات العالمية، وعادة ما يكون الاعتداء من مقدمي الرعاية كالوالدين... هذا إن تحدّثنا عن العنف الجسدي والذي تصل نسبته إلى 70%.
 أما العنف الجنسي فمن البدهي أن يكون من المقربين الى الطفل، والذين يثق بهم، مثل أفراد العائلة أو الأقرباء أو الأصدقاء... بحيث يسهل استدراج الطفل. وفي الحقيقة أن 90% من حالات العنف الجنسي يرتكبها شخص يعرفه الطفل عن كثب.

- هل من دراسات مسحية؟
أجرينا دراسة مسحية على الأطفال والمراهقين من سن 15 إلى 19 سنة وذلك بسؤالهم عن تجاربهم وعن العنف الذي تعرضوا له، سواء أكان عنفاً جنسياً أم جسدياً أم نتيجة إهمال... وكانت عينة الأطفال المراهقين كبيرة (أكثر من 17 ألف طفل) من مدارس المملكة العربية السعودية العامة والخاصة. وأثبتت النتائج أن العنف ضد الطفل منتشر، بحيث شغلت نسبة العنف الجنسي 16% من العينة التي أُجري عليها البحث، وبلغت نسبة التحرش اللفظي 60%، ونسبة الذين تعرضوا لاعتداء جنسي 26% (اللمس أو الاغتصاب). وأثبتت نتائج الدراسة أيضاً أن الأطفال الذكور أكثر عرضة للتحرش الجنسي من الفتيات، كما أنهم أكثر عرضة لحوادث الاعتداء الجنسي مقارنة بالفتيات. وقد أظهرت نتائج الدراسة أن غالبية المعتدين هم أشخاص بالغون تخطوا الـ18 عاماً، ومعروفون بالنسبة الى الطفل.

- متى أُنشئ برنامج الأمان الأسري الوطني الذي تعملون عليه؟
أُنشئ هذا البرنامج بناءً على الأمر السامي الرقم 11471/م ب الصادر في تاريخ 16 شوال 1426هـ الموافق 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2005 كبرنامج وطني يهدف الى حماية الأسرة من العنف، ونركز فيه على تعزيز الوقاية من العنف الأسري، وذلك من خلال التوعية وتدريب المهنيين للاستجابة الفعالة للضحايا، كما نعقد شراكات مع جهات حكومية وأهلية لتطبيق برامج وقائية تحمي من العنف ومبنية على البراهين.

- ما هي أهداف برنامج الأمان الأسري؟
يعمل برنامج الأمان الأسري الوطني على تفعيل دوره من خلال تعزيز دور المملكة في المجالات الإنسانية، والمساهمة في إعداد الأنظمة والسياسات الوطنية والاستراتيجيات والخطط المستقبلية لمكافحة العنف الأسري، الى جانب تدعيم الشراكة والتضامن مع القطاعات الحكومية والجمعيات الأهلية والخيرية المعنية من أجل توحيد الجهود الوطنية المشتركة، والعمل على تجاوز العقبات والازدواجية في الأهداف والأداء... مع رفع الوعي المجتمعي، أفراداً ومؤسسات، بأضرار العنف الأسري وتأثيراته السلبية في المجتمع على المدى البعيد، إضافة الى تأهيل وتدريب العاملين لدى مختلف الجهات المعنية للتعامل بفعالية مع قضايا العنف الأسري، ودعم الجهات التي تقدّم الرعاية لضحايا العنف الأسري.

- ماذا عن الشراكات المحلية والإقليمية التي تمت بين برنامج الأمان الأسري الوطني والكثير من المؤسسات المحلية والدولية؟
نعمل مع المؤسسات والشركات الأهلية والحكومية، على تنفيذ المشاريع في المملكة العربية السعودية مع شراكات محلية وعالمية، وعلى سبيل المثال ندرّب المهنيين بالتعاون مع الجمعية العالمية لحماية الطفل، وفي الوقت نفسه نعمل على توطين هذه الدورات التدريبية من خلال تدريب مدربين معتمدين من الوطن العربي والمملكة، ولنا تعاون مع منظمة اليونسيف، وجمعيات أخرى تشاركنا الخبرات العملية، مما ساعدنا في تنفيذ بعض البرامج الوقائية الشاملة والتي سعينا الى توطينها في المملكة.

- هل من برامج توعوية تثقيفية للأم حتى تستطيع حماية طفلها؟
أشكركم على هذا السؤال المهم، لأن البرامج الوالدية وتمكين الأم للقيام بعملها وتثقيف طفلها لاقت نجاحا كبيراً وأثبتت جدارتها وقيمتها في تحسين سلوك الأم، وتمكينها من تربية أطفالها وتغيير ثقافتها عالمياً، وقد تبنى البرنامج بالتعاون مع جمعية رعاية الطفولة في المملكة العربية السعودية برنامج «تثقيف الأم والطفل»، وهو من البرامج العالمية الرائدة في هذا المجال، لاعتبارها من أنجح البرامج الوقائية.

- المهم تعليم الطفل الدفاع عن نفسه من الاعتداء الجنسي؟
الجوانب الوقائية لا تختص بالأطفال المعتدى عليهم فقط، بل هي مقدمة لجميع الأطفال بشكل عام في كل المراحل العمرية بما يتناسب مع إدراك الطفل، ابتداء من المنزل ورقابة الوالدين، ودور المدرسة من خلال المؤسسة التعليمية في رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، سواء كانت هذه الجوانب الوقائية من خلال المناهج التعليمية أو من خلال ممارسة الرقابة الكافية على الأطفال، لأن معظم الاعتداءات الجنسية على الاطفال تحدث داخل المنزل أو في المدرسة، وأغلبها يكون من أشخاص معروفين لدى الطفل، ونادراً ما تحصل اعتداءات من خارج محيط الطفل.

- ما أهمية الحوار مع الطفل؟
يجب أن يكون الحوار مفتوحاً بين الطفل ووالديه من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، فتستطيع الأم أو الأب أن يستشعرا ما يحصل معه وما يدور حوله، وبالتالي في برنامج تثقيف الأم والطفل نعلّم الأم مهارات عدة، وكيف تتعامل مع كل مشكلة على حدة، وسبل معالجتها.

- نظراً لكونك عضواً في لجنة وضع السياسات والإجراءات الاكلينيكية للعنف ضد المرأة في منظمة الصحة العالمية، ما القاعدة الاستراتيجية التي تعملون عليها لحماية المرأة؟
العنف الأسري كمصطلح عام يعني العنف بين أفراد الأسرة، والمتضرر الأول منه المرأة، ومن ثم الطفل، ويأتي في الدرجة الثالثة المسنّ، سواء كان رجلاً أو امرأة. فالعنف ضد المرأة منتشر في جميع أنحاء العالم، والمملكة العربية السعودية ليست استثناءً من العالم، لكن العنف يكون بنسب متفاوتة ويختلف من دولة إلى أخرى.
 وهناك دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية على أكثر من 57 دولة في العالم يتراوح فيها العنف ضد المرأة من 10% إلى 70%، وسجلت المنطقة العربية معدلات وسطية لأن معظم الدراسات جاءت بين 30% و40%... مما يعني أن هناك 3 نساء من كل 10 قد تعرضن للعنف الأسري في حياتهن. وبما أن منظمة الصحة العالمية صنّفت قضية العنف الأسري، ومن ضمنها العنف ضد المرأة كقضية صحة عامة، وجُب علينا اتخاذ إجراءات إكلينيكية في القطاعات الصحية للتعامل معها والكشف عن حالات العنف ضد المرأة والاستجابة لها.

- كيف يتم استشعار المرأة المعرَّضة للعنف؟
المرأة بصفة عامة لا تبلّغ عن العنف الذي تتعرض له، ولكن تتكرر زياراتها الى القطاع الصحي بحجة مشاكل عضوية أو نفسية يكون العنف أساسها. وحتى إن بقيت صامتة، فإن بعض الإصابات تكون واضحة... لكن في الغالب يصعب تشخيص الحالات إذا لم تشعر المرأة بالحماية وجدّية المتعاملين معها من المهنيين الصحيين، لذلك عادة ما نلجأ الى البحث والتقصي، ونشجّع كل مستشفى على القيام بالإجراءات الإكلينيكية للكشف عن العنف ضد المرأة.

- هل المجتمع السعودي جاهز لتقبّل تلك الأسئلة؟
بعدما أصبحت قضية العنف ضد المرأة «قضية رأي عام» وتكلم عنها القاصي والداني، ومع ازدياد الوعي المعرفي والحقوقي، وتحسن استجابة الجهات المختصة وتعاملها مع الضحايا، أصبح المجتمع جاهزاً، وأعترف ببعض الاخفاقات من بعض المؤسسات الحكومية والأهلية لكون القضية شائكة ومتعددة التخصصات، وتخص كيان المجتمع وهو الأسرة. ونحن كمهنيين نقف بين نارين: حماية الضحية، وحماية الكيان الأسري ككل.

- كيف تقرئين خط سير المرأة السعودية وخاصة في العمل التطوعي لحماية الطفل؟
بعدما حققت المرأة السعودية القفزة الأولى في التعليم ووصلت إلى مستويات عالية، جاءت القفزة الثانية بدخولها مجال العمل والنجاح الذي حققته، واليوم نسعى الى تمكينها في الجوانب الحقوقية بعدما شاركت في بناء مشاريع كبيرة. وبعدما أشبعت رغباتها في التعليم والعمل، تأتي طموحاتها الكبيرة لتحقيق الذات الإنسانية من خلال العمل التطوعي والمشاركة الفعالة، فقد استطاعت تشكيل الرأي العام جنباً إلى جنب الرجل كنتيجة حتمية للاستقرار السياسي والاقتصادي، والمشاركة في بناء الدولة.-


الدكتوره مها المنيف حاصلة على البورد الأميركي في طب الأطفال، وعضو الجمعية الأميركية لطب الأطفال... وعلى البورد الأميركي في الأمراض المعدية والوبائية لدى الأطفال، وعضو الجمعية الأميركية للأمراض المعدية.
شغلت العديد من المناصب المحلية والدولية، وكان آخرها مستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى من 2009 حتى 2014... ومستشارة اقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية في مجال الوقاية من العنف والإصابات. وكذلك عضو مجلس الجمعية الدولية لحماية الطفل من الايذاء والإهمال. 
هي المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني، في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية والشؤون الصحية في وزارة الحرس الوطني من 2006 حتى اليوم.

- التحديات كبيرة أمام الدكتوره مها ليس كطبيبة وإنما كمدافعة عن حقوق الطفل... كيف واجهتِها؟
واجهت تحديات كبيرة ومتعددة الجوانب، أولها تحدّي التغيير الإيجابي، فالبداية تنطلق من تغيير ثقافة الفرد وقناعاته من خلال التعليم وتهيئة الشباب لأنهم قادة التغيير والتحول، ثم ننتقل الى مستوى المجتمع الذي نعيش فيه بوضع التشريعات والقوانين التي تحمي الأفراد.
 والتحدي الثاني هو أن قضية العنف الأسري مُدرجة تحت ثقافة العيب، فالمشكلة لا تكمن في العنف الأسري، بل بتجاهله أو عدم التعاطي معه أو تبريره، فالعنف الأسري موجود في كل العالم ونحن لسنا استثناء وعلينا التعاطي معه.
 أما التحدي الثالث، وعلى المستوى الشخصي، فهو كوني طبيبة مختصة في طب الأطفال وحاصلة على البورد الأميركي من جامعة «ييل» Yale الأميركية، وتحويل مساري من الأبحاث العلمية إلى ناشطة في قضية شائكة، ألا وهي حماية الأطفال من العنف الأسري. وفي الحقيقة، كان التحدي الأكبر حين قررتُ أن أكون صوت الأطفال، ووقفت مع الضحايا وعايشت تجاربهم الصعبة في المستشفيات ورأيت على أجسادهم آثار العنف فقررت أن أكون إلى جانبهم، وبدعم من حكومتنا ومن الأكاديميين ومن المؤسسات تمكنت من وضع بصمة التغيير الإيجابي في المجتمع.

- ماذا ينقص مدارس التعليم العام بكل مراحله؟
ينقصها تطوير الناحية التثقيفية، لذلك قمنا ببث برنامجيْن رائديْن من برامج الأمان الأسري.
 البرنامج الأول هو خط ساخن لمساندة الطفل  116/111 يعمل من الصباح ولغاية الساعة 11 ليلاً لتقديم الاستشارات والتبليغ عن حالات العنف والمشاكل التي يتعرض لها الطفل. وفي عام 2017 سيعمل هذا الخط على مدار 24 ساعة، وقد وزّعنا الرقم على كل أطفال المملكة من خلال وزارة التعليم لكونها شريكاً فاعلاً في المشروع.
أما البرنامج الثاني فانطلق رسمياً في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بالتعاون مع وزارة التعليم تحت عنوان «المشروع الوطني للحد من التنمّر»، ويُطلق عليه «عنف الأقران»، أي مجموعة طلاب يتنمّرون على طلاب متميزين أو مختلفين جسدياً أو متفوقين.
 وقد عملنا على تدريب المشرفين والمعلمين في الوزارة على تطبيق آليات الحد من التنمّر بجدية ومهنية، كما أثبتت نتائج الدراسات العالمية أن حالات التنمّر تؤدي إلى الانتحار بين طلاب المدارس، لكون التنمّر يترك آثاراً نفسية سلبية على الضحية، مثل ضعف الشخصية وتراجع التحصيل العلمي. وبالتالي فإن من تعرض للتنمّر قد يمارس الأسلوب نفسه على الآخرين في كبره.