الرابعة بعد الظهر
وصلنا إلى الشارع 3، شارع السلام عند صانع الأحذية Massaro

هنا، ينشط الجميع لوضع اللمسات النهائية على الصنادل والأحذية والجزمات التي سيتم عرضها بعد 24 ساعة في شارع كامبون خلال عرض أزياء باريس-بيزنطيا. إنه عمل حرفي بامتياز لأن كل قطعة مشغولة باليد، وكل الحجارة مرصعة على الكعاب الجواهر... ما من أحد في العالم، منذ نصف قرن مضى، يستطيع أن يضاهي رايمون ماسارو وابنه وحفيده من حيث الدقة، والابتكار، والكمال، سواء على المسرح أو الشاشة. وقد وجد هو نفسه في دار شانيل Chanel عائلة حنونة ومحبة عند الاندماج معها عام 2002. ينجز رايمون ماسارو موديلات الأحذية لعروض أزياء شانيل الراقية، ويعمل أيضاً مع أسماء أخرى كبيرة مثل كريستيان لاكروا، وجون غاليانو، وجيانفرانكو فيري، وأوليفييه لابيدوس، وتييري موغلر، وعزالدين علايا... والأهم من ذلك أنه ينجز العديد من الطلبات الخاصة.
رايمون ماسارو قريب، لا بل قريب جداً، من شانيل Chanel، وهو هكذا منذ العام 1957، عندما أنجز الصندل البيج الأسطوري مع رأس الساتين الأسود، الذي ابتكره مع الآنسة شانيل.

باريس 6 ديسمبر
زيارة محترفات تطريز Lesage وصانع الأحذية Massaro

الشارع 13، شارع غراند باتوليار في الدائرة التاسعة لباريس، يشتمل على محترفات تطريز Lesage. ففي هذا المبنى الباريسي القديم، تعمل ستون يداً صغيرة، مثلما يقال عنها، على إنجاز أجمل التطريزات للأزياء الراقية والأزياء الجاهزة الفخمة. ندخل إلى هذه المحترفات كما لو أنها مغارة علي بابا حقيقية: أدراج من بكرات خيوط الحرير، جدار من اللآلئ أو علب كرتونية تحتوي على كل أنواع التطريزات: أجمل عيّنات الأزياء الراقية موجودة هنا. ولم يؤثر فيها الزمن أبداً: من بواريه إلى مادلين فيونيه أو أيضاً إيلسا شياباريلي، كل الأسماء الكبيرة تعاونت مع Lesage، الدار التي اشتراها عام 1924 ألبير وماري لويز لوساج لألبير ميشونيه.
في العام 1949، عند وفاة والده، استلم فرانسوا لوساج إدارة المؤسسة. كان عمره 20 عاماً. طوال 50 عاماً، عرف كيف يجمع بامتياز بين البراعة التقليدية والمتطلبات الجديدة للجيل الجديد من مصممي الأزياء، مثل كريستيان ديور Christian Dior، وهوبير دو جيفنشي Hubert de Givenchy، وإيف سان لوران Yves Saint Laurent، وجان لوي شيرير Jean Louis Scherrer، وكريستيان لاكروا Christian Lacroix وجان بول غوتييه Jean Paul Gaultier. واليوم، ليس مستغرباً رؤية جون غاليانو يأتي لنبش أرشيف الدار لاستيحاء الأفكار...
اشترت دار شانيل Chanel المؤسسة عام 2002، لكن فرانسوا لوساج بقي المورّد لأكبر أسماء الموضة. فلكل مجموعة من الأزياء الراقية، يوفر فرانسوا لوساج، وفريق عمله المؤلف من رسامات وخبيرات في التطريز، مئة تطريز جديد تضاف إلى قرابة أربعين ألف تطريز تم ابتكارها منذ العام 1858 وهي اليوم بمثابة مصدر إلهام لعشاق "القديم". يتم تصنيف هذه التطريزات وفق المواسم أو أسماء المصممين، وهي تشكّل أكبر مجموعة تطريزات للأزياء الراقية في العالم. كما تضم الدار أكثر من ستين طناً من المفروشات والنماذج التي تعود إلى العام 1870، والكريستال القزحي، والحجارة الكريمة، والستراس، واللآلئ الزجاجية من السنوات المجنونة...